هل نفرح بعودة سوريا إلى مكانها الطبيعى فى الجامعة العربية؟.. هل نفرح بدعوة رئيس سوريا إلى القمة العربية المقبلة فى الرياض؟.. الإجابة: بالقطع: نعم.. هذا شىء مفرح، لكننا توقعناه بعد «الزلزال» الطبيعى الذى هز سوريا وتركيا معا، وخلّف آلاف الضحايا، ومئات آلاف المنازل المهدمة منذ شهور قليلة، وشعرنا خلالها بعجزنا حتى عن المساعدة الإنسانية، وإيصال المساعدات للمنكوبين، الذين وقعوا ضحية الهزة الأرضية المفجعة، تلك الهزة التى حركت الإنسانية من جديد تعاطفا مع نزوح السوريين العنيف من داخل بلدهم إلى خارجه مهاجرين، ولاجئين فى كل بقاع الأرض، والذين كان عددهم بالملايين، ولم تتهدم منازلهم فقط بل مدن كاملة خلّفتها الكارثة، بالإضافة إلى نزوحهم واغترابهم فى الداخل السورى، ووقتها تساءلنا: هل هذه هى الأزمة العربية الكبرى الثانية، بعد أزمة فلسطين، والنزوح الكبير الذى أعقب دخول إسرائيل فلسطين فى أربعينيات القرن الماضى؟!
إن أزمة سوريا تحتاج إلى ما هو أكثر من عودتها إلى الجامعة العربية.. سوريا تحتاج إلى عودة السوريين اللاجئين، وليكن أولا المهاجرون فى الداخل، كما أن الحساسيات الطائفية المُوجِعة التى خلّفتها الحرب تحتاج إلى معالجة حتى يعود الانسجام والوئام بين الطوائف السورية.
يجب على الحكومة السورية معالجة ما خلّفته الحرب من أوجاع، ومشكلات لدى السوريين، بحل مشكلات الأكراد، والطائفة السنية، وبقية الطوائف التى شعرت خلال الحرب بالتهميش، وعدم التمثيل.. نريد أن نرى الإصلاحات السياسية التى بدأ بها الرئيس بشار الأسد حكمه تعود من جديد، وتشمل كل السوريين بحياد كامل، وروح جديدة تحتضن الجميع، حتى تنتصر سوريا على الحرب، وعلى دواعيها، وأن يشعر كل سورى ببلاده، فلن يحل أزمة سوريا إلا السوريون أنفسهم، وأن يساعدهم العرب، وأن تقف كل دول الجوار موقف المعين، والمحايد، حتى يتذكرهم العرب بعد ذلك بكل خير، وأنهم لم يحاولوا أن يستأسدوا على السوريين فى أزمتهم.
أعتقد أن أمام سوريا فرصة كبيرة للعودة الحقيقية إلى نفسها، وإلى منطقتها، وإلى عالمها، فلينتهزها الجميع، ولنساعدها كلنا.
نقلاً عن الأهرام
