مدهشةُ الأبعاد الدينية الغالبة فى طقوس تتويج الملك تشارلز بالنسبة إلى من يظنون أن الدين مرفوعُ من الخدمة فى بلاد الغرب، أو أنها أرضُ الملاحدة والكفاَّر. وتفاعل أغلبيةٍ كبيرةٍ من البريطانيين مع هذه الطقوس يثيرُ سؤالاً تختلفُ الإجابات عنه. ليس كلُ هؤلاء بروتستانتيين بالتأكيد، ولكن من لا يؤمنون بالبروتستانتية يحترمونها بوصفها مكونًا رئيسيًا فى تراثهم0 كما يفخرُ بعضُهم بها، ويعتبرونها أحد عوامل التقدم تأسيسًا على نظرية ماكس فيبر فى كتابه المرجعى الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية الصادر عام 1904.
كما أن غير قليلٍ ممن لا يقبلون بالبروتستانتية، أو أى دينٍ أو مذهبٍ دينى، يؤمنون فى الوقت نفسه بوجود خالقٍ عظيمٍ صنع هذا الكون، ويُطلقُ عليهم لا دينيون أو تأليهيون نسبةً إلى ما تُسمى التأليهية Deism. وبين هؤلاء من قد لا تستطيعُ تمييزهم عن المؤمنين بالأديان، وهم من يؤمنون باليوم الآخر وبالعناية الإلهية، إلا إذا جهروا برفض هذا الكتاب المقدس أو ذاك. ولكن ليس كلُ اللادينيين كذلك. بينهم من يعتقدون أن الله تعالى خلق الكون ثم رفع يده عنه.
ولكن أهم ما يجمعُ اللادينيين عمومًا أن وجدانهم خاضعُ لعقولهم، وليس مستقلاً عنها فيما يتعلقُ بعالم الغيب. استقلالُ الوجدان فى هذه المساحة ضرورى للفصل بين الدين والعلم، وبالتالى قبول الغيب الذى لا يمكن إثباته أو نفيه علميًا. اللادينى يتخذُ موقفه تجاه الأديان اعتمادًا على مقاييس العقل والمنطق، ولا يستطيعُ الاقتناع بكل ما فى هذا الكتاب المقدس أو ذاك، وقبول ما لم يثبت من قصصٍ تاريخيةٍ فيه.
ولهذا يعتمدُ على عقله فى إدراك وجود الله. ويجدُ إجاباتٍ عن أسئلةٍ عقليةٍ تدورُ حول الوجود00 وجودُ الكون وما فيه، ومن ثم وجود الله. ومن أهمها السؤالُ المتعلقُ بوجود هذا الكون البديع المُنظَّم بدقة. وجوابُه أن خالقًا عظيمًا هو من خلق الكون على هذه الصورة.
ومن الطبيعى أن يختلف المؤمنون بالأديان فى نظرتهم إلى اللادينى. وأيًا يكن هذا الاختلافُ، فالإيمانُ الحقُ يقضى بعدم التدخل فى شأنٍ خاص بالعلاقة بين الله والبشر.
نقلاً عن الأهرام
