تواجه مصر تحديات كبيرة نتيجة التغيرات المناخية التي تؤثر على الأمن القومي والتنمية المستدامة والصحة العامة والموارد الطبيعية، لذا تولي الدولة اهتماماً كبيراً بمواجهة هذه التحديات والتكيف معها من خلال اتخاذ إجراءات ومبادرات على المستوى الوطني والمحلي.

وعلى المستوى الوطني، أطلقت مصر استراتيجية وطنية للتغيرات المناخية 2050، التي تحدد أهدافاً وسياسات وبرامج للتخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة والتكيف مع آثار التغيرات المناخية في القطاعات المختلفة، كما بدأت في إعداد قائمة من المشروعات في مجالي التكيف والتخفيف من تداعيات التغيرات المناخية، بالتعاون مع الشركاء الدوليين والإقليميين.

في التقرير التالي، نستعرض أهم مبادرات المحافظات لرفع الوعي بقضايا المناخ، ومساهمتها في دعم جهود الدولة في هذا المجال.

تحديات مناخية

ومن جانبه، يقول يحيى عبد الجليل، خبير التغيرات المناخية، إن تغير المناخ يعتبر أهم التحديات التي تواجه العالم في القرن الحادي والعشرين، كونه يهدد الأمن والسلام والتنمية والحقوق الإنسانية لملايين البشر، وتتأثر مصر بشكل خاص بآثار التغيرات المناخية، نظراً لموقعها الجغرافي والديمغرافي والاقتصادي، فهي تعاني من ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض مستوى المياه وزيادة التصحر وانتشار الأمراض وتدهور البنية التحتية والخدمات.

ويوضح "عبد الجليل" في حديثه لـ "الدستور"، أن مصر تبذل جهوداً كبيرة على المستوى الوطني والمحلي للتصدي لهذه التحديات والتكيف معها من خلال اتخاذ إجراءات ومبادرات في مجالات مختلفة مثل الطاقة والزراعة والمياه والسياحة والصحة، وتلعب المحافظات المصرية دوراً حاسماً في رفع الوعي بقضايا المناخ، وتشجيع المشاركة المجتمعية في حماية البيئة.

ويتابع: "المحافظات تنفذ المبادرات الوطنية، وتضيف مبادرات خاصة بها تناسب احتياجاتها وظروفها، ومن أبرزها استراتيجية وطنية للتغيرات المناخية 2050، والتي تحدد أهدافاً وسياسات وبرامج للتخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة والتكيف مع آثار التغيرات المناخية في قطاعات مختلفة مثل الزراعة والمياه والطاقة والسياحة".

مبادرات بيئية

ويشير "عبد الجليل" أيضًا إلى دور مبادرة "اتحضر للأخضر" في تحسين جودة الهواء وزراعة الأشجار في المدن والقرى، بمشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني والمواطنين، كما تستهدف المبادرة زراعة 10 ملايين شجرة في مختلف المحافظات، وتوفير فرص عمل ودخل للشباب والنساء والفئات الأكثر احتياجاً.
أما عن حملة "رجع الطبيعة لطبيعتها"، يقول إنها تهدف إلى نشر ثقافة إعادة التدوير والحد من استخدام الأكياس البلاستيكية، التي تعد من أخطر مهددات النظام البيئي البري والبحري وصحة الإنسان، وتشمل المبادرة توزيع أكياس قابلة للتحلل بديلاً عن الأكياس البلاستيكية، وتشجيع المواطنين على فصل القمامة وإعادة تدويرها، وتثقيفهم عن أضرار التلوث على البيئة والصحة.
ينوّه خبير التغيرات المناخية، إلى أهميى إطلاق الحوار الوطنى للتغيرات المناخية، والذي يسعى إلى تبادل الآراء والخبرات بين مختلف فئات المجتمع حول قضية التغيرات المناخية، والتعرف على التحديات والفرص والحلول الممكنة، كما يشارك في الحوار ممثلون عن الحكومة والبرلمان والأزهر والكنائس والأحزاب والنقابات والجامعات والمؤسسات البحثية والإعلامية والمجتمع المدني.

أدوار حاسمة
ويضيف: "مبادرة الأزهر الشريف "مناخنا حياتنا" أيضًا لها دور كبير، حيث تستند إلى التراث الإسلامي في حث المسلمين على التعامل مع البيئة بمسؤولية واحترام، وتشمل المبادرة إصدار فتاوى بشأن قضايا المناخ، وإطلاق حملات توعية بالمساجد والمدارس والجامعات، وإبرام شراكات مع مؤسسات دولية لتبادل الخبرات".

وعن إطلاق وثائق حماية البيئة للكنائس، يشرح: "هي وثائق ترتكز على التعاليم المسيحية في الحفاظ على خلق الله والتصرف بمسؤولية تجاه البيئة، وتشمل الوثائق توجيهات وتوصيات للكنائس والمؤمنين في مجالات مثل استهلاك المياه والطاقة والغذاء والنفايات والتنقل والتعليم والتوعية، فضلًا عن إطلاق مبادرات بيئية مختلفة، مثل زراعة الأشجار وإعادة التدوير وترشيد الطاقة".

وفي ختام الحديث، يؤكد "عبد الجليل" أن المحافظات المصرية تسعى إلى تشجيع المشاركة المجتمعية في حماية البيئة، بالتعاون مع مختلف الجهات والأشخاص العاملين في المجال البيئي، فالتغيرات المناخية تؤثر على كل جزء من أرض مصر، وتتطلب تضافر جهود كل فرد ومؤسسة وجهة في حماية مستقبل مصر وأجيالها.