الصرع في مصر.. مرض مزمن يحتاج إلى المزيد من الوعي والعلاج

مرض مزمن يصيب الدماغ ويتسبب في نوبات متكررة تؤثر على الحركة والإدراك والمزاج وغيرها من الوظائف العقلية، فهناك نحو 50 مليون شخص حول العالم يعاني من مرض الصرع، وهو ثاني أكثر الأمراض العصبية شيوعاً بعد الصداع.

في مصر، يقدر عدد المصابين بالصرع بنحو 1.5 مليون شخص، ولكن هذا الرقم قد يكون أقل من الحقيقة بسبب نقص التشخيص والإبلاغ، وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية.

وفي الأيام القليلة الماضية، أكدت وزارة الصحة والسكان، على ضرورة توفير كافة المستلزمات الطبية اللازمة لعلاج مرضى الأمراض العصبية، وذلك بالتعاون مع المؤسسات الصحية المعنية، بهدف إنشاء معهد قومي جديد لعلاج الأمراض العصبية في مصر، فضلًا عن الاستفادرة من خبرات الدول الأخرى في مكافحة مرض الصرع.

وصم اجتماعي

ومن جانبه، يوضح أمجد أبو اليزيد، استشاري الأمراض العصبية، أن الصرع يؤثر على جودة حياة المصابين به وأسرهم، فهو يزيد من خطر الإصابة بالحوادث والمضاعفات الطبية، كما يزيد من خطورة الوفاة المبكرة، فضلًا عن تعرض المصابين بالصرع للتمييز والوصم والحرمان من فرص التعليم والعمل والزواج، بالإضافة إلى معاناتهم من اضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب.

ويقول "أبو اليزيد" في حديثه لـ "الدستور"، إن مرض الصرع له أسباب مختلفة، منها الوراثية والتشوهات الخلقية والأورام والأمراض المعدية وغيرها، وتختلف حسب نوع ومدة وشدة وتواتر النوبات، والتي قد تشمل اختلاجات أو غفلات أو تشنجات أو هلوسة.

ويتابع: "بعض الأشخاص قد يعانون من نوبات قليلة جداً، بينما قد يعاني آخرون من نوبات عديدة في اليوم، فالصرع قابل للعلاج في معظم الحالات، إذ تشير التقديرات إلى أن نسبة تصل إلى 70% من المصابين بالصرع يمكنهم التحكم في نوباتهم بواسطة الأدوية المضادة للصرع، كما أن هناك خيارات علاجية أخرى، مثل جراحة الدماغ أو التحفيز الكهروضغطي أو الحمية الكيتونية أو غيرها".
 

فجوة العلاج

لسوء الحظ، فإن نحو ثلاثة أرباع المصابين بالصرع في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل لا يحصلون على العلاج المناسب، وهذا يسبِّب مشكلة كبيرة تُسمّى "فجوة علاج الصرع"، التي تُظهر اختلافًا كبيرًا بين عدد المصابين بالصرع وعدد المُستفِيديْن من العلاج.

وللتغلب على هذه المشكلة، يؤكد استشاري الأمراض العصبية، أن مصر تحتاج إلى تطبيق استجابة شاملة للتغلب على التحديات التي تُحول دون تقديم رعاية صحية جيدة للأشخاص المُصابين بالصرع، وهذه الاستجابة تشمل زيادة التثقيف والتوعية حول طبيعة وأسباب وأعراض وتشخيص علاج مرض الصرع؛ لكسر حائط الخجل والخوف والانزلاق.

أما عن أنواع الصرع، ينوّه "أبو اليزيد" إلى أنها تصنيفات تعتمد على نوع النوبات التي يحدثها المرض وموقعها في الدماغ،  فهناك نوعان رئيسيان من الصرع، أولهم الصرع المعمم وهو النوع الذي ينتج عن نبضات كهربائية غير طبيعية منتشرة في كامل الدماغ، ويشمل ستة أنواع فرعية (النوبة التوترية الرمحية، النوبة الصرعية المصحوبة بغيبوبة، النوبة الرمعية العضلية، النوبة التوترية، النوبة الارتخائية، والنوبة الرمحية.

ويستكمل: "أما الصرع الجزئي، فهو النوع الذي ينتج عن نبضات كهربائية تولد من جزء محدد أو صغير من الدماغ، ويسمى أيضاً بالصرع البؤري أو الموضعي، وينقسم هذا النوع إلى نوعين فرعيين هما نوبات بؤرية مع الاحتفاظ بالوعي، ونوبات بؤرية مع فقدان للوعي".

أسباب متعددة

وعن بعض الأسباب المحتملة للصرع، يوضح استشاري الأمراض العصبية، أن أبرزها هو العامل الجيني أو الوراثي، حيث يكونون بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بالصرع بسبب وجود جينات معينة تؤثر على نشاط الخلايا العصبية في الدماغ، بالإضافة إلى المشاكل الصحية التي تؤثر على الدماغ، مثل أورام الدماغ، السكتات الدماغية، أو بعض العدوى التي تسبب التهاب السحايا أو التهاب الدماغ.

ويستطرد: "قد يتعرض الجنين أيضًا لأضرار دماغية قبل الولادة بسبب إصابة الأم بالعدوى، أو سوء التغذية، أو نقص الأكسجين، وهذا قد يزيد من خطر الإصابة بالصرع أو الشلل الدماغي، بجانب اضطرابات النمو مثل التوحد أو الورم العصبي الليفي، التي قد تكون مرتبطة بالصرع في بعض الحالات".

"قد تحدث نوبات الصرع أيضًا نتيجة لإصابات في الرأس تسبب ضرراً للدماغ، مثل حوادث السيارات أو سقوط من ارتفاع، كما قد تأتي نوبات الصرع نتيجة للتعرض لمواد سامة، مثل الرصاص، أو أول أكسيد الكربون، أو المخدرات، أو جرعات زائدة من بعض الأدوية"، وفق حديث "أبو اليزيد".
 

العلاج الأنسب

"علاج الصرع يهدف إلى التحكم في النوبات وتقليل تأثيرها على جودة حياة المصاب"، يقول "أبو اليزيد" إن طرق العلاج المتاحة في الوقت الحالي، هي الأدوية المضادة للصرع، والتي تعد أكثر الطرق شيوعاً وفعالية في علاج الصرع، وتعمل على تنظيم نشاط الخلايا العصبية في الدماغ ومنع حدوث النوبات أو تخفيف شدتها، وهنا يجب استشارة الطبيب قبل استخدام أي دواء واتباع تعليماته بدقة.

ويضيف: "أما الجراحة فهي تستخدم في حالات نادرة عندما لا تكون الأدوية فعالة أو تسبب آثاراً جانبية خطيرة، وتهدف إلى إزالة جزء من الدماغ المسؤول عن حدوث النوبات، أو قطع بعض الروابط العصبية بين نصفي الدماغ، وهناك طريقة أخرى تسمى تحفيز العصب المبهم، والتي تستخدم جهازاً يزرع تحت الجلد في منطقة الصدر، ويتصل بالعصب المبهم في الرقبة، ويقوم بإرسال نبضات كهربائية إلى الدماغ للحد من حدوث النوبات.

وفي ختام الحديث، يوجه استشاري الأمراض العصبية، بضرورة اتباع النظام الغذائي المولد للكيتون، وهو نظام غذائي يحتوي على نسبة عالية من الدهون ونسبة منخفضة من الكربوهيدرات، ويهدف إلى تغيير مصادر الطاقة التي يستخدمها الدماغ، وتقليل نشاط الخلايا العصبية المسؤولة عن حدوث النوبات.

 

ومن بين مبادرات دعم المصابين بالصرع في مصر، يمكن ذكر الآتي:

 

مبادرة "الصرع.. حياة طبيعية"، التي أطلقتها وزارة الصحة والسكان في عام 2019، بهدف توفير الأدوية المضادة للصرع مجاناً لجميع المرضى في جميع المحافظات، وتدريب الأطباء والممرضين على تشخيص وعلاج الصرع، وتوعية المجتمع بطبيعة المرض وكيفية التعامل معه.

مبادرة "الصرع.. لا يوقف الحلم"، التي أطلقتها جمعية الصرع المصرية في عام 2018، بهدف تشجيع المصابين بالصرع على مواصلة تحقيق أحلامهم وطموحاتهم، وتقديم قصص نجاح لأشخاص مشهورين عانوا من الصرع، وتنظيم فعاليات تواصلية وتثقيفية للتخفيف من الوصم الاجتماعي.

مبادرة "الصرع… لا يقف حائلًا"، التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع وزارة الصحة والسكان في عام 2017، بهدف تقليل فجوة علاج الصرع في مصر، وتحسين نوعية حياة المصابين بالصرع، وزيادة التوافر والإمكانية المالية للأدوية المضادة للصرع، وتطوير خدمات رؤية صحية شاملة للصرع.

تاريخ الخبر: 2023-05-26 21:21:21
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 59%
الأهمية: 59%

آخر الأخبار حول العالم

الحوار الاجتماعي.. التفاصيل الكاملة لاتفاق الحكومة والنقابات

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:27:00
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 69%

السجن 4 سنوات لصاحبي أغنية “شر كبي أتاي”

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:26:50
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 52%

السجن 4 سنوات لصاحبي أغنية “شر كبي أتاي”

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:26:44
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 52%

الحوار الاجتماعي.. التفاصيل الكاملة لاتفاق الحكومة والنقابات

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:27:04
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 59%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية