فارون من حرب الخرطوم بينهم من فقد أحد أفراد أسرته وقضى عيد الفطر المنصرم يعتصره الألم، ومنهم من وضعت مولودها داخل المعسكر الكائن بمدرسة شقدي الثانوية بحي جزيرة الفيل شرق مدينة ود مدني وسط السودان.
التغيير:مدني: عبدالله برير
ويشرف دار الإيواء على ثلاثمائة فردا بينهم 155 طفلا، فيما وزع خمسون شخصا على دور فرعية تتبع للمدرسة.
ويعمل في معسكر شقدي شباب متطوعون من الحي لا يتبعون لأي منظمة وفق ما ذكر مشرف المعسكر للتغيير، ويوفر المركز ثلاث وجبات في اليوم للنازحين.
ويمثل أهل حي جزيرة الفيل الداعم الأساسي لاحتياجات دار الإيواء اليومية وتوفر المزارع القريبة من المركز الخضروات للطبخ مما ساعد في تنوع الوجبات.
ووفر أهالي الحي الأسرة وحافظات المياه وأواني الطعام بالإضافة إلى الإنارة وتوفير مياه الشرب.
وذكر مشرفو الدار ان هنالك جهات ساعدت في المواد التموينية منها الجالية السودانية في بريطانيا وبرنامج الغذاء العالمي ومبادرة جامعة الجزيرة وديوان الزكاة بالإضافة إلى منظمة خيرية تابعة لمقيمين بالولايات المتحدة تكفلت بصيانة الحمامات وإقامة يوم صحي.
وبدأت فكرة المعسكر بمبادرة من دكتورة امنية وخالد الباك وهما من المتطوعين الذين اتصلوا بإدارة المدرسة لاستيعاب النازحين في فصلين فقط ليتوسع المشروع .
وصل عدد المتطوعين إلى اثني عشر شابا وشابة بداوا في ثاني أيام العيد في استقبال النازحين من الميناء البري بود مدني وكان غالبيتهم من الإثيوبيين الذين زادت اعدادهم ليتم إلحاقهم بالمدرسة الإنجيلية بالمدينة للإقامة بمعسكرها.
امتدت فكرة المعسكر لتشمل استيعاب تلاميذ الصف السادس الذين يستعدون لامتحان الشهادة الابتدائية بإكمال إجراءاتهم بولاية الجزيرة وعمل جدول حصص منتظم لهم بالمدرسة.
ونجح مشرفو المعسكر في توفير الرعاية الصحية للمرضى لدى اختصاصيين متطوعين، كما طالبت بعض السيدات بتوفير عمل لهن لإعالة انفسهن ونجح فريق الدار في التنسيق للامر.
مأساة نازح
وفي حديثه للتغيير كشف مصطفى باش النمر بانه نزح لود مدني من منطقة مايو جنوب الخرطوم وأرسل أسرته في البداية هربا من اوضاع سيئة.
وأضاف: لم تكن هنالك اشتباكات قريبة ولكن القذائف الطائشة كانت تصلنا، إحدى جاراتنا توفي ابنها بقذيفة واصيب الاخر وخضع للعلاج.
وتابع مصطفي: منزلنا لم يتعرض للتدمير او النهب، كلما ذهبنا للمقابر لندفن شهيدا تسقط القذائف بالقرب منا، مناظر الجثث وأصوات الموت خلفت فينا أوضاعا نفسية سيئة.
ونبه باش إلى ان جيرانه في الحي ترك كل منهم شخصا واحدا ليحرس المنزل ويجتمع الكل بصعوبة ليحصلوا علي وجبة واحدة، بعض الأسر لم تجد المال الكافي للسفر واضطرت للمكوث.
وقال مصطفي ان اسرته مكونة من 10 اشخاص بينهم والديه وزوجته وأبنائه، مشيرا إلى انهم أثناء رحلة سفرهم لمدني قابلوا ارتكازات للدعم السريع تفننت في استفزازهم لكن الامر مر بسلام.
شهيد ومصاب
اما السيدة نانا عبدالرحمن وهي من مايو أيضا فكشفت انها وصلت لود مدني في اليوم الرابع للاشتباكات بعد ان أصيب ابنها وتوفي نجلها الاخر.
وحكت نانا مأساة إصابة ابنها بعد ان توفي ابنها الاخر امام عينيها، وقالت: ذهبنا لممستشفى بشائر وكان مغلقا ثم اتجهنا إلى مستشفي إبراهيم مالك تحت زخات الرصاص ووجدنا امامنا ثمانية مصابين.
كنا نتنقل بين المستشفيات لتوفير المستلزمات الطبية ونمر بالجثث المتراكمة والتفتيش التعسفي ونحن في حالة سباق مع الزمن لإنقاذ ابني الذي ساهمت في اسعافه لانني ممرضة، وعند الثانية صباحا غادر الاطباء بعد ان سمعوا ان قوات الدعم السريع ستحتل المشفى لنتجه إلى المستشفى الكويتي ليتقرر اخضاع ابني لعملية ومكثنا هنالك لثلاثة ايام لنكمل العلاج بعد ذلك في ود مدني.
قصة مولود
السيدة نجلاء قالت في حديثها للتغيير انها نزحت من الخرطوم ووضعت مولودها في مدني في دار الإيواء.
وأضافت نجلاء: في بادئ الامر نزحنا لنستضاف عند اهل زوجي في مدني غير اننا وجدنا ان اوضاعهم سيئة فقررنا الرجوع للخرطوم.
وتابعت: بعد تزايد الاشتباكات عدنا هنا مرة اخرى لاننا كنا قرب منطقة المدينة الرياضية ورغم انني كنت حبلى في أيامي الأخيرة إلا أنني توكلت علي الله وقررت المغادرة وسط اجواء الحرب والخطر المحيط بنا.
ونبهت إلى انها تشجعت لفكرة السفر لتوفر المستشفيات في ود مدني، وقالت: لم استطع الاطمئنان علي صحتي وطفلي في الخرطوم بسبب اوضاع المشافي ولم اوفق حتى في عمل موجات صوتية.
وختمت بالقول: لم اكن اتخيل ان أضع مولودي في مكان اخر غير منزلي ولكن الظروف فرضت ذلك، اطلقت علي ابني اسم اشرف وسط فرحة النازحين معي وكأننا أسرة واحدة.
