السعودية.. زيارة سريعة وقراءة للمستقبل


لم أذهب إلى المملكة العربية السعودية منذ سنوات وإن كنت أعرف الكثير عنها وأتابع ما يجرى فيها من أحداث .. فقد احتفظت بعلاقات وصداقات طيبة مع عدد كبير من رموزها فى الأسرة الحاكمة وكوكبة المثقفين والكتاب وأصحاب الرؤى.. ذهبت أخيرا بدعوة لإقامة أمسية شعرية فى مركز الملك عبدالعزيز الثقافى العالمى وهو أكبر المراكز الثقافية السعودية ومقره فى المنطقة الشرقية فى الدمام والظهران والخبر .. وقد أقامته شركة أرامكو كبرى شركات البترول فى العالم هدية للشعب السعودى.

ـــــ أعترف أنى استمتعت كثيرا بالأمسية الشعرية وحشود الشباب من عشاق الشعر والمسرح المبهر الذى أقيمت فيه والفرقة الموسيقية التى رافقتنى.. وكانت الأمسية ضمن برنامج حافل عن تشجيع القراءة فى الدول العربية وشارك فيه عدد كبير من المثقفين العرب كان فى مقدمتهم الشاعر الكبير أدونيس وهى المرة الثانية التى زار فيها السعودية فى أقل من شهر .. ورغم قصر الزيارة إلا أننى رأيت السعودية الجديدة التى اختلفت كثيرا عن ماضيها القريب والبعيد..

مادة اعلانية

> اولاً : هناك تغير كبير فى الشارع السعودي، الناس تغيرت سلوكا وحضورا كان من أهم الظواهر الجديدة هذه الأعداد من الفتيات والسيدات التى تعمل فى كل المجالات دون حساسيات أو تهميش أو وصاية.. فى مواقع كثيرة أصبحت المرأة السعودية تتصدر المشهد دون رفض أو تعنت وفى تقديرى أن المرأة السعودية هى التى ستقود مسيرة التقدم والتغيير لأننى أؤمن دائما أن المرأة هى مقياس النجاح والتقدم.. إن القضية ليست قيادة السيارة أو ارتداء الحجاب ولكنها قضية الوعى وكان تعليم المرأة السعودية فى الداخل والخارج أهم إنجازات المجتمع السعودى.. تستطيع أن تجد الآن نماذج كثيرة مشرفة من المرأة السعودية.

> ثانياً: أتابع مشروع ولى العهد الأمير محمد بن سلمان وإن كنت أشفق عليه من ضخامة طموحاته والتحديات التى يواجهها ما بين تحديات المجتمع وبرامج التنمية الاقتصادية والسياسة العالمية .. على المستوى الاجتماعى فإن أمامه تراثا ثقيلا يبدأ بقضايا الانفتاح وتوابعه والإصلاح الدينى وضروراته وبعد ذلك كله تحويل اعتماد الدولة السعودية من منتج للبترول إلى دولة تنتج كل شيء وتخلق موارد جديدة وتحرير اقتصاد الدولة من سطوة الاعتماد على البترول إلى آفاق جديدة فى الإنتاج الزراعى والصناعى والسياحى وخلق فرص جديدة للشباب عملا وإنتاجا وإبداعا .. فى آخر التحديات طموحه إلى تحرير قراره من كل تراث التبعية السياسية والأمنية.. هذه التحديات والطموحات تجعل ولى العهد السعودى أكثر عزما على المضى قدما فى تنفيذ مشروعه الإصلاحى.

> ثالثاً: فى تقديرى إن الأمير محمد بن سلمان استفاد من الخبرات السياسية الواسعة لوالده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان خاصة فى ظل تجربته الواسعة فى الحكم وهى تجربة خصبة فى سراديب السياسة والعلاقات الدولية، وقد تولى الملك سلمان مناصب كثيرة اقترب فيها من سلطة القرار وكان شريكا فاعلا فيها وفى سنوات عمله أميرا للرياض كانت مفاتيح السياسة السعودية تعبر من خلاله قرارا ومتابعة ودورا..

> رابعاً: إن قضية التغيير فى السعودية تلقى تأييدا واسعا.. إن الشباب السعودى يقف خلف ولى العهد والشباب قوة لا يستهان بها فى مسيرة التقدم, ويبدو أن خلف الأمير محمد فريقا من المستشارين فى تخصصات كثيرة ومن أعمار مختلفة..

> خامساً: إن حالة الانفتاح التى يعيشها المجتمع السعودى فتحت مجالا للحوار وهذا أمر مطلوب لأن المجتمعات قادرة على ترشيد مسارها مع الوقت والتجربة.. وما يحدث فى السعودية يثير الإعجاب.. فى ظل محافظة المجتمع على ثوابته ومقوماته كبيت للمسلمين.

> سادسا: إن العالم يترقب مستقبل التجربة السعودية الدولة الأغنى والأكبر والأهم فى تاريخ وحياة ملايين المسلمين فى العالم..

ـــــ تبقى تجربة السعودية الأسرة والشعب والمملكة والبلد الأغنى والأكبر والأهم قدسية ومكانة محلا لأنظار العالم فى انتظار ما تأتى به الأحداث فى البلد الأقدس دينا والأغنى بترولا والأوسع أرضا لأن السعودية ليست مثل كل الأوطان إنها مهبط الإسلام ومزار خير خلق الله والكعبة الشريفة وآيات قرآننا الكريم.. وأمام برامج تسعى للتقدم والانفتاح والتغيير وأمام تحديات ضخمة, توازن السعودية فى ذات الوقت بين التحديث والحفاظ على ثوابتها الدينية والتاريخية. السعودية ليست ملكها وحدها, فالملايين من كل بلاد الدنيا يحجون إليها ويسعون إلى مقدساتها ويجدون فيها الأمن والأمان..

ــــــ كانت زيارتى للسعودية زيارة قصيرة ولأننى كثيرا ما أحب قراءة الأحداث من بعيد وإن كان الوصول إلى تفاصيل الأشياء أفضل .. نحن أمام تجربة فارقة فى الحكم فى بلد عربى غاية فى الخصوصية حكما ودورا وأهمية وما يحدث فى السعودية لا يخصها وحدها ولكن العالم العربى كله أرضا ودينا وتاريخا سوف يتأثر يما يجرى هناك وكل عربى وكل مسلم يتمنى أن تعبر السفينة بكل الأمان والحكمة.

* نقلا عن "الأهرام"

تاريخ الخبر: 2023-06-02 21:18:20
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 77%
الأهمية: 96%

آخر الأخبار حول العالم

ما خسائر قطاع النقل والمواصلات نتيجة الحرب في غزة؟

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-29 06:22:07
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 62%

تعليق الدارسة وتأجيل الاختبارات في جامعة جدة - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 06:23:55
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 62%

إبادة جماعية على الطريقة اليهودية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 06:06:57
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 92%

يعيش في قلق وضغط.. هل تُصدر المحكمة الجنائية مذكرة باعتقال ن

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-29 06:22:01
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 70%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية