باحثون من عدة ولايات زاروا مزرعته بالوادي: فلاح يتحدى الصحراء وينجح في زراعة فاكهة «كعب الغزال»

حقق الفلاح يوسف زواري فرحات ببلدية الرباح في ولاية وادي سوف، نجاحا باهرا في زراعة فاكهة «كعب الغزال»، المعروفة محليا بـ “بوطبقاية”، في تجربة أو بالأحرى مغامرة، قام خلالها المنتِج بجلب شتلات من الجنوب التونسي وغراستها في مزرعته، لتجود أرض المنطقة بسخائها، حيث تمكن من تحصيل منتوج وفير من هذه الفاكهة صعبة النمو في بيئة صحراوية.

وكانت مزرعة الفلاح يوسف زواري فرحات، محل زيارات لعدة باحثين من عدة ولايات، مهتمين بدراسة نجاح غرس أصناف معينة من الأشجار في الصحراء، حيث أعطت النتائج مؤشرات إيجابية عن إمكانية الاستثمار في زراعتها وتحقيق مردود إنتاجي جيد وهو ما سمح كذلك بتجريب غراسة أشجار لأنواع أخرى من الفواكه والفواكه الجافة، مثل العنب، الإجاص واللوز.
قصة فاكهة انطلقت من تونس إلى الجزائر
ويزاول الفلاح «زواري فرحات يوسف» نشاطه منذ أزيد من 22 سنة جنوب بلدية الرباح في ولاية الوادي، وقد زارته «النصر» بمستثمرته الفلاحية و رغم عصامية التكوين، إلا أن قدم الأرض في إنتاج الخضر وصعوبة خدمة النخلة، أرشده إلى تجربة العديد من الفسائل وشتلات أشجار الفواكه، على غرار العنب، التفاح الإجاص وغيرها.
ويؤكد الفلاح أن فاكهة كعب الغزال المعروفة محليا بـ «بوطبقاية»، أكثر أشجار الفاكهة التي نجح إنتاجها بمزرعته من حيث قلة الأمراض ومقاومتها لعوامل المناخ وعلى رأسها برد الشتاء وحرارة الصيف، طبيعة التربية الرملية ونوعية المياه.
ويقول يوسف، أن قصته مع فاكهة كعب الغزال بدأت قبل 5 سنوات، حينما كان في زيارة للجنوب التونسي، أين لفت انتباهه أزيد من بستان لزراعة ذات الفاكهة وبها إنتاج وفير وهو ما جعله يتواصل بفلاحين هناك ويستفسر عن «بوطبقاية» ومدى نجاحها في بيئة تتناسب مع بيئة الوادي الشبيهة ببيئة الجنوب التونسي، جالبا معه شتلات قام بغرسها بمزرعته وتجربتها. وبعد نجاح التجربة، قام بغرس قرابة الهكتار منها بعد جلب شتلات من ولايات بشرق البلاد.
وذكر ذات المتحدث، أنه وبعد نحو 4 سنوات من نمو أشجار كعب الغزال، أصبح يعرف حاجيتها من حيث كمية المياه المطلوبة، الأسمدة العضوية والكيميائية، إلى جانب بعض الأمراض التي قد تصيبها رغم قلتها مقارنة بفواكه أخرى من ذات الجنس كالخوخ.
وثمن «يوسف زواري فرحات»، زيارة بعض الباحثين من خارج الولاية، المهتمين من الجزائر العاصمة، تيبازة وقسنطينة، الذين يدرسون مدى نجاح بعض الزراعات في البيئة الصحراوية، حيث استفاد منهم من بعض التقنيات، على غرار كيفية التقليم والعناية بالشجرة ما مكن هذا الموسم من الرفع من الكمية المنتجة وحجم حبة كعب الغزال.
ودعا ذات الفلاح، الباحثين من أبناء المنطقة، للتقرب منه قصد الاستفادة من تجربته في هذا النوع من الفواكه وتجارب أخرى والاستفادة منهم بما يقدمونه من دراسات وأبحاث، كونه عصامي في تجاربه في ميدان الفلاحة من زراعة الخضر وبعض المحاصيل الأخرى وصولا إلى اهتمامه بالشجرة.
وأضاف الفلاح، يوسف، أن هذا الموسم هو الموسم الرسمي الذي تأكد فيه من نجاح تجربة زراعته لهذه الفاكهة من حيث مردود الشجرة والنوعية الممتازة ذات المذاق الحلو جدا والذي أرجعه لتركها تنضج في غصنها عكس ما يقوم به منتجون بولايات سباقة لهذا المحصول، حيث يقومون بقطف الثمار وتركها تنضج في أماكن تخزينها قبل إدخالها للسوق.
كما سُجل هذا الموسم، يقول الفلاح، مردود مقبول مقارنة بعمر الأشجار المتواجدة ببستانه والمقدر بنحو 70 كلغ، مشيرا إلى زيادة إنتاجها كل سنة إذا وجدت رعاية كافية وتمت حمايتها من الحشرات والطيور التي تجذبها الثمار ذات المذاق الحلو والتي تؤثر على المحصول وتساهم في تساقط نسبة معينة من إنتاجها.
وذكر محدثنا أنه باع كميات من منتجه ذي الحجم والجودة بسوق الجملة للخضر الفواكه ولبعض المحلات بأسعار تراوحت ما بين 230 و 340 دج، مشيرا إلى أن كعب الغزال كان يدخل السوق في سنوات سابقة من الشقيقة تونس، أو من ولايات شمال البلاد وبأسعار تقدر بـ 500 دج عند بداية موسم جنيه، داعيا الفلاحين للاستثمار في زراعة الأشجار المثمرة بما فيها هذا المحصول، مؤكدا أن أبوابه مفتوحة لتبادل الخبرات.
تجارب ناجحة في العنب، الإجاص وحتى اللوز
ولاحظت النصر أثناء تجولها داخل المزرعة، تجربة أنواع أخرى من الفواكه، على غرار زراعة بعض من أصناف شجرة العنب ومتابعة أيها تقدم أكثر مردود ومقاومة للعوامل الطبيعية بمنطقة صحراوية كوادي سوف، ناهيك عن الإجاص وفواكه أخرى.
كما جلب الفلاح، قبل سنتين، عددا من أشجار اللوز التي لاحظت «النصر» بداية إنتاجها ونجاحها بمزرعته، من خلال بداية تشكل منتج المكسرات من ثمرة اللوز الذي يستورد من الخارج لتغطية حاجيات السوق، مشيرا إلى أنها من الأشجار التي يصل عمرها إلى نصف قرن من الإنتاج.
وعدد يوسف زواري فرحات، العديد من المشاكل التي يتلقاها ويحاول التغلب عليها وعلى رأسها المشكل الذي يطرحه جل الفلاحين ويتعلق بتسوية العقار الفلاحي التي تشجع المنتج على مواصلة نشاطه وتسهم في استفادته من الامتيازات التي تحتاج لأراض يحوز أصحابها على وثائق تثبت ملكيتها.
أما عن المشاكل التقنية في الميدان، فيحاول التغلب عليها رفقة من يشتغلون معه في المزرعة، على غرار ظاهرة الترمل التي تتسبب فيها الرياح الموسمية، بالتشجير والتثبيت الميكانيكي عن طريق مصدات الرياح المنجزة من جريد النخيل.
كما أشار يوسف إلى أهمية الدعم المعنوي للفلاح المتميز من قبل مسؤولين ومصالح محلية، من خلال زيارتهم إلى أماكن نشاط الفلاحين والاستماع المباشر لهم ورفع انشغالاتهم والتي كثيرا ما تحفزه كفلاح أكثر حتى من الدعم المادي.
* المهندس الفلاحي بوشول بوسلهام
التربة الرملية في الوادي مناسبة لزراعة الأشجار المثمرة

أكد المهندس الفلاحي «بوشول بوسلهام» بالوادي، أهمية أخذ عينات من التربة والمياه المقترحة للسقي وتحليلها لدى المخابر المتخصصة والتعرف على خصائصها، حتى يتسنى للمستثمر تحديد نوع الأشجار والنبات التي تصلح فيها ويكون لها إنتاج وفير بأقل تكلفة، بعيدا عن الجري وراء جلب مختلف المواد والأسمدة الكيماوية من أجل تحسين التربة وما لها من مخاطر إذا زادت عن حدها.  
وذكر المهندس بوشول أن التربة الرملية النفوذة في ولاية الوادي، من أفضل أنواع التربة، كون جل الأشجار المثمرة تحتاج لأرض نفوذة لتسهل عملية نمو جذورها، خاصة في بدايات غرس شتلاتها، على عكس التربة الطينية التي تتطلب عملية تهوية الجذور بالاستعانة ببعض الأسمدة التي تساهم في توسيع المسامات الطينية المتماسكة لتكوين جذورها بأريحية.
وأضاف ذات المهندس، أن مكونات التربة والمياه بعد التحاليل، تحدد لنا نوع الأشجار التي سنختارها ونستثمر فيها، مشيرا إلى العديد من أصناف الأشجار التي صلحت زراعتها بولاية الوادي، على غرار التين، العنب والإجاص و الليمون، لكن يبقى تحديد مكونات التربة والمياه، عاملا مهما للنجاح، كون أي شجرة تتميز بحاجتها لمادة أكثر من غيرها في التغذية.
ونوه «بوشول» إلى أهمية اختيار الوقت المناسب لعملية التسميد الخاصة بالأشجار والكمية التي تحتاجها الشجرة حسب العمر والحجم، بالإضافة إلى حسن اختيار الوقت المناسب لعملية التسميد، مؤكدا على ما يسمى بعملية التحويض أو بناء حوض للشجرة واختيار المكان المناسب لوضع الأسمدة العضوية بعيدا عن ساق الشجرة، لتجنب العديد من الأمراض الفطرية التي تصيب السيقان.
وشدد ذات المتحدث على الابتعاد عن المبالغة في عمليات التسميد الكيميائية حتى فوق حاجة الشجرة وهو ما ينعكس سلبا عليها وعلى نوعية محصولها، إضافة إلى مدى حاجتها للتسميد، فالشجرة إذا قدمت موسم إنتاج وفير فحتما بعد الجني ستكون في حالة إجهاد وتحتاج للأسمدة العضوية والكيميائية.
وتحدث المهندس عن تجربة زراعة «كعب الغزال» كإضافة للمحاصيل التي تم تجريبها بالمنطقة وأثبتت نجاحها، مشيرا إلى أن الموطن الأصلي لهذه الفاكهة هو الصين وجلبت عن طريق القوافل التجارية إلى تونس وهي شبيهة بالخوخ والنكتارين، كما ذكر المتحدث تجربة غرس أزيد من 2500 شجرة مثمرة أشرف عليها رفقة متخصصين آخرين بإقليم بلدية الحمراية، ما بين كرموس وتين والتي حققت نتائج مبهرة في متابعة المشاريع.
منصر البشير

تاريخ الخبر: 2023-06-11 00:24:24
المصدر: جريدة النصر - الجزائر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 58%

آخر الأخبار حول العالم

المفاوضات لإقرار هدنة في قطاع غزة "تشهد تقدما ملحوظا"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 15:26:01
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 57%

المفاوضات لإقرار هدنة في قطاع غزة "تشهد تقدما ملحوظا"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 15:26:05
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 63%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية