السوبرانو العالمية الدكتورة نيفين علوبة: بدأت الغناء فى عُمر 3 سنوات قدمت كل الألوان.. ووصلت لمرحلة الإشباع الفنى

السوبرانو المصرية الدكتورة نيفين علوبة، صوت مصرى أصيل استطاع أن يغزو أوروبا بجماله وعبقريته الخاصة، وقدراته على أداء مختلف الألوان الغنائية وأصعبها، وكان نتاج ذلك المجهود تتويجها بوسام الفارس من فرنسا، لتكون أول امرأة تحصل عليه.

وفى حوارها مع «الدستور»، قالت نيفين علوبة إنها تشعر بالتقدير بفضل التكريم الذى حصلت عليه من جمهورها فى المقام الأول، كما تشعر بالاعتزاز من أن الدولة الفرنسية تُقدر نجاحها، وتقدر ما تركته من أثر فى العالم العربى.

وأضافت أنها قدمت كل ألوان الفن ووصلت إلى مرحلة من الإشباع الفنى، وعملت مع أكبر نجوم الطرب مثل محمد عبدالوهاب، ومع أبرز رموز المسرح مثل سميحة أيوب ومحمود ياسين، وهو ما يشعرها بالفخر والتقدير.. وإلى نص الحوار:

■ ماذا يمثل لكِ حصولك على وسام الفنون والآداب بدرجة «فارس» من وزارة الثقافة الفرنسية؟

- أنا بالفعل أول مغنية أوبرا تحصل على مثل هذا الوسام من السيدات، وأشعر بالفخر والتقدير، وأشعر بأن الناس جميعهم يقدروننى وأن ما فعلته ذو قيمة كبيرة، خاصة أن النشاط الأوبرالى فى جيلى ليس كبيرًا، وفخورة بأن الدولة الفرنسية تُقدر نجاحى، وأشعر بأن ما تركته من أثر فى العالم العربى أمر جيد وعظيم بالنسبة لى.

■ دعينا نعود للطفولة وقصة شغفك بالفن.. حدثينا عن هذه الفترة؟

- وأنا صغيرة لم أكن أعلم ما هو المسرح الأوبرالى ولا ما هى الموسيقى، كل ما كنت أشاهده فى التليفزيون هو الأفلام الخاصة بالراحل عبدالحليم حافظ وشادية، وكنت أشعر بالسعادة وأحس بأننى أريد أن أدخل هذا المجال، خاصة أنه لم يكن مسموحًا بأن يمتهن أحد فى العائلة هذه المهنة، والدى كان يرفض فكرة إن ابنته تعمل فى مجال التمثيل، وكنا وقتها فى الستينيات.

والدى كان أكاديميًا وجراحًا ووالدتى كذلك، وأهلى كانوا ينمون لدىّ موهبة الغناء منذ أن كنت فى الحضانة، لأننى بدأت الغناء فى سن الـ٣ سنوات، وعندما وصلت إلى سن ١٣ سنة، لفتت مدربة البيانو الخاصة بى نظر عائلتى إلى صوتى وطلبت منها الاهتمام به.

ومن هنا بدأت الرعاية والاهتمام، وكان الجميع يتنبأ لى بأن صوتى سيكون أوبراليًا، وبيتنا كانت الموسيقى الغربية والكلاسيكية تشدو فيه دائمًا، وكانت الأسرة تحب الأوبرا.

وأى شخص صوته حلو من الممكن أن يتدرب ليصبح مغنيًا، سواء فى الأوبرا أو غيرها، والصوت لا بد أن تكون له نكهة خاصة، وأن يتحلى المرء بالأذن الموسيقية، وكل هذا كان متوافرًا لدىّ ولدى عائلتى، بجانب إجادة اللغات.

■ قيل أيضًا إن والدك رفض التحاقك بكلية الطب.. لماذا؟

- وأنا صغيرة كنت أتمنى أن أصبح طبيبة مثل والدى، وفى المرحلة الثانوية اخترت دراسة «العلمى» لكى أحقق هذا الحلم، لكن والدى رفض وقال لى وقتها «مفيش ستات تشتغل جراحة»، كما أنه رفض أن ألتحق بجامعة عين شمس التى كان يُدرس فيها، وقال لى «لو مصممة هتدخلى جامعة القاهرة بعيد عنى»، وأنا فكرت ووجدت أنه مجال متعب للسيدات، ففضلت عدم دخولى هذا المجال، وأنا كنت أحب الموسيقى، وتعلمت البيانو منذ سن الـ٨ سنوات، وقررت أن أقتحم وقتها عالم المزيكا.

■ نجلك الصغير أحب الموسيقى أيضًا وحصل على وسام فى العزف.. هل لك دور فى ذلك؟

- ابنى الصغير يحب البيانو، ويمكن أن يقال عليه «ابن الوز عوام»، وابنى الكبير كان يلعب على الكمان وهو فى سن صغيرة، ولكن فى المرحلة الثانوية رفض أن يكمل حياته فى الموسيقى، ورغب فى الاتجاه للعلوم، ودرس «البيولوجى»، وتخصص فى علوم غذاء الحيوانات، لكن فى الحقيقة ولداى الاثنان يحبان الموسيقى. 

■ كنتِ أول سوبرانو مصرية تغنى على خشبة المسرح الكبير عند افتتاح دار الأوبرا المصرية الجديدة عام ١٩٨٨.. احكِ لنا عن هذه التجربة؟

- كانت أعظم خطواتى، ووقتها كنت فى ألمانيا أغنى كمحترفة، والراحلة الدكتورة رتيبة الحفنى كانت رئيسة دار الأوبرا المصرية وقت الافتتاح، وهى أرادت أن تحضر الشباب ليشاركوا فى هذا الافتتاح، وكنت أنا من اختيارها، وكذلك الدكتور صبحى بدير والدكتور رضا الوكيل، وعدت إلى مصر لأشارك فى الاحتفالية.

كنت فخورة جدًا وسعيدة، وأجريت البروفات على المسرح الذى لم يدخله أحد قبلى، كنا ندخل دون أحذية، نرتدى فقط الشرابات، والبروفات كانت مع الدكتور مصطفى ناجى، والمايسترو أحمد الصعيدى، وغنيت وقتها فقرتين، سيمفونية بيتهوفن التاسعة، ونشيد الجهاد للموسيقار محمد عبدالوهاب، وكان تجربة جديدة، والموسيقار عبدالوهاب كان يأتى بنفسه ليحضر البروفات، ويشرح لنا كيف نؤدى جيدًا، وكان إضافة جميلة لنا.

■ ما أبرز نصائح «عبدالوهاب» لك حينها؟

- تعليماته كانت تتركز حول متى يرفع المغنى صوته، ومتى يخفضه، وحول الأداء نفسه أيضًا.

■ هل ترين أن الفن الأوبرالى فى مصر مهدور حقه؟

- فعلًا مهدور حقه، خاصة فى الفترة الماضية وتحديدًا فى آخر ١٠ سنوات، العروض ضعيفة، ولم تعد لدينا دعاية لها.

■ أسست فرقة «فابريكا» عام ٢٠١١.. ما دورها فى اكتشاف المواهب؟

- وجدت أننى أدرس منذ ٢٠ سنة، وفكرت ما مصير تلك المواد التى أدرسها، من سيستفيد منها فيما بعد، كيف أستغلها لتكوين خبرات مسرحية، لذا قررت أن أنشئ فرقة فابريكا، لتدعيم المسرح الموسيقى، ولدعم المواهب التى أدرس لها، حتى يستطيعوا أن يصعدوا على المسرح، ونقدم لهم عروضًا جيدة، ويكسبوا الخبرة اللازمة ليصبحوا محترفين، لأن الدراسة وحدها لا تكفى.

و«فابريكا» مقسمة لجزءين، «الباند»، و«الأكاديمية»، وأنشأت الأكاديمية التابعة للفرقة بعد طلبات من المتابعين والراغبين فى الدراسة.

■ ألا يوجد عائد مادى من ورائها؟

- لا، نحن ننفذ عروضًا مسرحية مهمة، وهى مَن تحتاج إلى الإنفاق عليها، ومع ذلك ننفذ عروضًا تجارية قابلة للشراء، لكن فى جميع الأحوال ننفق جيدًا على العروض الجادة الخاصة بنا.

■ لماذا أصبح المسرح الموسيقى فارغًا؟ هل عزف المنتجون عنه؟

- أين مسرح الدولة والمسرح القومى والطليعة، ومسرح الطفل، أنا نفذت مسرحية غنائية فى مسرح الطفل، لا يوجد أى نشاط الآن، وأنا أناشد الدكتورة نيفين الكيلانى، وزيرة الثقافة، التى ترعرعت فى الأوبرا بالنظر إلى النشاط الأوبرالى، كل المسارح فيها الكثير من المواهب، وكذلك هيئة قصور الثقافة، والآن لا يوجد منتج يريد أن يخوض تجربة الإنتاج المسرحى الموسيقى لأنه مكلف.

دورى هو تقديم الكثير من المواهب، ولدىّ الكثير من الأعمال الموسيقية، بجانب أننى أستطيع أن أدرب أى حد، وأنا درّبت الفنانة منة شلبى. 

■ من المعروف أن الألمان لديهم منظور مختلف فى العمل يعتمد على الصرامة بشكل أكبر.. كيف أثر وجودك فى هذه البيئة على عملك؟

- هى ليست صارمة ولكنها جادة، وهذا علمنى أشياء كثيرًا، من بينها الجدية فى الدراسة، وكل شىء وله ثمن، ومن المهم أن يرى الناس جديتك ونتائج عملك واحترامك لنفسك.

■ ما الثمن الذى دفعته لتصلى إلى هذه المكانة؟

- من المؤكد أن حياتى كانت مختلفة عن حياة أى إنسان، والتدريب والعمل أخذا كثيرًا من حياتى الاجتماعية، ليس لدىّ وقت للسمر أو الذهاب للنادى، لأن أغلب الوقت أستغله فى التدريب أو النوم، وكل هذا لم يؤثر بالسلب علىّ، بالعكس كنت فخورة وسعيدة.

■ ماذا عن الصعوبات التى واجهتك؟

- فى أول مسيرتى فى أوروبا، وكنت قد انتهيت من الدراسة وأريد أن أعمل، لكن لم يكن لدىّ وكيل أعمال، كنت أذهب للوكلاء وأغنى لكل واحد، ومنهم من قبلنى ومنهم من رفضنى، وكل هذا يحتاج إلى صبر وجلد، خاصة أن ألمانيا فيها ٥٦ دار أوبرا، وكنت أعانى التنقل والسفر والتحضير، وأيضًا الرفض الذى كنت أتلقاه، لكن كان لدىّ إيمان بأننى أملك موهبة وسيراها الناس، وفعلًا هذا ما حدث، وكنت فخورة بكل ما وصلت إليه، لدرجة أن محمد الموجى كتب لى أغنيتين. 

■ أليست لديك طقوس معينة قبل الصعود إلى المسرح؟

- الصمت التام، وألا أتحدث إلى أى شخص، وأذهب للمسرح من الساعة ١١ صباحًا حتى أستلهم من طاقة المكان، وأمُر على المسرح من أوله إلى آخره، وأجلس وأراجع، حتى أعطى العرض حقه.

■ عملتِ مع الفنانين سميحة أيوب ومحمود ياسين.. ماذا تعلمت منهما؟

- مثلت فى مسرحية «الخديوى» على مسرح البالون مع سميحة أيوب، وخضت بروفات لمدة ٤ أشهر، وعروضًا لمدة ٦ أشهر، وكنت سعيدة بالعمل مع سيدة المسرح العربى، وهى سيدة رائعة، وتحفظ المسرحية كاملة حتى فى الأدوار الأخرى بخلاف دورها، ومواعيدها منضبطة، وكانت تحترم المخرج كثيرًا، وتكون مثل الطالبة أمامه، ومحمود ياسين رجل مهذب إلى أبعد درجة، وكان يساعدنى، وكانت تجربة رائعة. 

■ من هو مثلك الأعلى؟

- والدى على المستوى الشخصى، وعلى مستوى الغناء ماريا كالاس، فهى أيقونة فى الغناء الأوبرالى.

■ لو لم تكونى سوبرانو.. ماذا كنت تودين أن تكونى؟

- طبيبة جراحة، لأنى بحب العلوم جدًا، والجراح فنان أيضًا.

■ هل تتذكرين أول أجر حصلتِ عليه؟

- ١٠٠ مارك، وأول شىء اشتريته كان «ميزان»، ووزنى وقتها كان ٥٧ كيلوجرامًا.

■ هل البنيان الجسدى يؤثر على قوة وأداء المغنى؟

- الأمر ليس بالنحافة أو البدانة، هو بالصحة، على عكس ما يتهيأ للناس أن المغنى الأوبرالى يجب أن يكون عريضًا وبدينًا، الحجم ليس مهمًا، والمهم الصحة.

■ لماذا رفضت تقديم دور «أم كلثوم»؟

- خفت من المسئولية، لا أستطيع أن أفعل ذلك، لأن هذه أم كلثوم وليست أى مغن، المسئولية كانت كبيرة جدًا.

■ اقتحم الـai حياتنا بقوة.. هل تنجح تجربة مطرب الذكاء الاصطناعى؟

أرى أن الفن لا بد أن يكون فيه تواصل بين المغنى والجمهور، ورسالة يجب إيصالها، والماكينة لا تستطيع أن توصل الإحساس بالمعانى، مثلما يفعل ذلك المغنى، ورأيى أنه لا يوجد غنى عن الإضافة الإنسانية فى أى شىء، ولا يمكن أن نسمى ما يحدث فنًا، بل إعادة صياغة لإنجاز الفنان.

■ وماذا عن أغانى المهرجانات؟

- هى تنفيس للإنسان، الموسيقى الصاخبة والكلمات باللغة الدارجة، مجرد تنفيس، ومن أجل ذلك نجحت، ولا بد أن تكون موجودة، لكن ليس بمفردها، لا بد أن يكون بجانبها أنواع أخرى من الفنون.

■ هل يتشابه المغنى بلاعب الكرة أو الرياضى عمومًا؟

- بالطبع، لأن الموهبتين تحتاجان إلى التدريب بشكل مستمر، والتطوير من مهاراتك فيها.

ماذا تتمنين بعد حصولكِ على الوسام الأخير؟

- فى هذه المرحلة العمرية يمكننى القول إننى شبعت من الفن، فعلت كل شىء، وحاليًا أتمنى وأسعى أن ينجح طلابى ويكملوا دراستهم، وأتمنى من الله أن يهبنى الصحة لأنها أهم شىء.

 

تاريخ الخبر: 2023-06-14 00:21:25
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 54%
الأهمية: 56%

آخر الأخبار حول العالم

تحديات الذكاء الإصطناعي.. وآليات التوجيه

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 18:25:37
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 56%

فرنسا.. قتيل وجريح في حادث إطلاق نار في تولوز

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-04 18:25:08
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 61%

جلالة الملك يوجه خطابا إلى القمة الـ 15 لمنظمة التعاون الإسلامي

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-04 18:25:03
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 60%

سمرقند تستضيف قرعة كأس العالم لكرة القدم داخل القاعة يوم 26 ماي

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-04 18:25:05
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 63%

تحديات الذكاء الإصطناعي.. وآليات التوجيه

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 18:25:45
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 50%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية