في أفواج مهيبة يردد الحجاج "لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك" وهم يتجهون إلى مشعر مِنى شمال شرقي المسجد الحرام.

في مِنى تبدأ أولى شعائر الحج في الثامن من ذي الحجة، ومن المتوقع أن يستقبل ما يقرب من مليوني حاج، وفق توقعات السلطات السعودية لأول مرة منذ جائحة كورونا.

المكانة الروحية والتاريخية

لمشعر مِنى مكانة تاريخية ودينية، في رمي نبي الله إبراهيم (عليه السلام) الجمار، وذبح فدي إسماعيل (عليه السلام)، وهو ما أكده نبي الإسلام محمد (صلى الله عليه وسلم) في حجة الوداع، وحلق، واستنَّ المسلمون بسنته يرمون الجمرات ويذبحون هديهم ويحلقون.

ويتميز المشعر بمعالمه التاريخية، وعلى رأسها الشواخص الثلاثة التي تُرمى فيها الجمرات، وفيه مسجد "الخيف" الذي اشتُقَّ اسمه نسبةً إلى ما انحدر عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، والواقع على السفح الجنوبي من جبل مِنى، وقريباً من الجمرة الصغرى.

يقع مشعر مِنى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بُعد 7 كيلومترات شمال شرقي المسجد الحرام (AFP)

وفي هذا المسجد صلى رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم) والأنبياء من قبله، وما زال المسجد قائماً، حيث جرى توسعته وترميمه عام 1987.

وشهد المشعر أحداثاً تاريخية في الإسلام، منها بيعتا العقبة الأولى والثانية عامي 12 و13 من الهجرة.

سبب التسمية

يقع مشعر مِنى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بُعد 7 كيلومترات شمال شرقي المسجد الحرام، وهو مشعر داخل حدود الحرم، وتحيط به الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يُسكَن إلا مدة الحج.

ويُرجع المؤرخون تسمية "مِنَى" إلى أنها أتت لما يراق فيها من الدماء المشروعة في الحج، وقيل لتمني أبو الأنبياء آدم فيها الجنة، ورأى آخرون أنها لاجتماع الناس بها، والعرب تقول لكل مكان يجتمع فيه الناس مِنَى.

يقع مشعر مِنى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بُعد 7 كيلومترات شمال شرقي المسجد الحرام (Others)

قلب المناسك

يقضي الحجاج في مِنَى يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، لتنطلق بعد ذلك المناسك، ويُستحب فيه المبيت تأسياً واتباعاً لسنة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم). وسمِّي اليوم بذلك لأن الناس كانوا يتروون فيه من الماء ويحملون ما يحتاجون إليه، قبل الوقوف بعرفة.

وفي هذا اليوم يذهب الحجيج إلى مِنَى، إذ يصلي الناس الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصراً دون جمع، ويعود الحجاج إلى مِنَى صبيحة اليوم العاشر من ذي الحجة (الأربعاء) بعد وقوفهم على صعيد عرفات الطاهر، يوم التاسع من شهر ذي الحجة (الثلاثاء) ومن ثم المبيت في مزدلفة، ثم يقضون في مِنَى أيام التشريق الثلاثة لرمي الجمرات.

مسجد الخيف (Others)

وكما جاء في القرآن الكريم: "وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ" والمقصود بها، وفق كثير من المفسرين، مِنَى المكان الذي يبيت فيه الحاج ليالي معلومة من ذي الحجة يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة بعده.

وسُميت هذه الأيام بأيام التشريق لأن العرب كانوا يُشرِّقون لحوم الأضاحي في الشمس، وهو تقطيع اللحم وتقديده ونشره.

أكبر مدينة خيام

وتقدر مساحة منى الشرعية بنحو 7.82 كيلومتر مربع، والمستغلة فعلاً 4.8 كيلومتر مربع، وتعد أكبر مدينة خيام في العالم، وتقدر مساحة إسكان الحجاج فيها بمليوني متر مربع، على مساحة 20% من مساحة مشعر مِنى.

وتوفر السلطات السعودية أكثر من 30 ألف رشاش لمكافحة الحرائق، وأكثر من 3 آلاف كاميرا مراقبة، وأكثر من 12 ألف سماعة للإرشاد والتنبيه، بالإضافة لأكثر من 15 ألف وحدة تكييف وتهوية.

وتحيط بجموع الحجيج في مشعر مِنى خدمات طبية وعلاجية تتضمن 97 مركزاً إسعافياً تابعاً لهيئة الهلال الأحمر السعودي بأسطول من 320 سيارة إسعاف، و6 طائرات إسعاف جوي، و4 عربات إمداد طبي، و16 عربة من الاستجابة النوعية، وسيارات خدمة لدعم العمل الإسعافي والإداري يباشرها 1288 كادراً طبياً.

مِنى.. كبرى مدن الخيام في العالم (AA Archive)

ويعد موسم 2023 أول حج يشهد عودة كاملة للحجاج منذ جائحة كورونا، ويتوقع أن "يَقدم أكثر من مليونَي حاج من 160 دولة".

وبلغ عدد الحجاج خلال الموسم الماضي 899 ألفاً و353 بينهم 779ألفاً و919 من خارج المملكة، فيما اقتصر موسم الحج لعام 2021 على مشاركة 60 ألفاً فقط من داخل المملكة، وشهد موسم عام 2020 نحو 10 آلاف من داخل السعودية فحسب، مقارنةً بنحو 2.5 مليون في 2019 من جميع أرجاء العالم.

TRT عربي - وكالات