يُصرّ الإخوان على إغراق الجميع فى مجادلة لا نهاية لها مستهدفين ابتسار القضية الكبرى فى بند واحد خلافى، حول أن نجاح حكمهم أو فشله هو مسألة تقديرية تختلف فيها الآراء! ويقولون إنه إذا كان معارضوهم يرونهم فاشلين فهم يرون أنفسهم ناجحين! وبرغم تهافت منطقهم، وقصرهم لمن يرفضونهم على من يقولون إنهم معارضوهم، بتعمد حصر القضية بين فئات محدودة، أى بتجاهل موقف عشرات الملايين الذين خرجوا ضدهم بشعار (يسقط حكم المرشد)، بل إنهم يعتبرون هذه التظاهرات التاريخية مشاهد مُزوَّرة بالفوتوشوب! برغم كل هذا، فإن هناك ما لا يمكن الاختلاف عليه بين كل الفئات سواهم، ففى نوفمبر 2012، أى بعد أقل من 5 أشهر على فوز ممثلهم رسمياً بالرئاسة، انتهك هذا الرئيس الدستور الذى أقسم على حمايته، فألغى منه بنوداً وأضاف بنوداً أخرى، واعتدى على استقلال السلطة القضائية بعزل النائب العام وتعيين نائب عام إخوانى! وكان هذا الانتهاك الدستورى وحده كافياً لعزله ومحاكمته حتى لو كان الانتهاك صدر من قيادته فى المقطم الذين لا صفة رسمية لهم لإصدار أى قرار، ما دام أنه وافق على إعلانه باسمه كرئيس للجمهورية.
إلا أن ممثلى الأحزاب والتيارات السياسية والعاملين فى العمل العام، من غير الإخوان، لم يطالبوا آنذاك بعزل مرسى ومحاكمته بتهمة انتهاك الدستور، وإنما كان طلبهم متواضعاً بانتخابات رئاسية مبكرة، ولم يحرمه أحد من الترشح مجدداً فيها، إلا أن الإخوان، مرة أخرى بلسان مرسى، رفضوا فكرة الانتخابات المبكرة، ودفعوا بالأمور دفعاً إلى صدام كبير، صاروا فيه وحدهم، بعد أن خسروا فى أشهر قليلة كل من وافق على مبدأ التعاون معهم، أو من قرروا أن يصمتوا ويراقبوا!
الغريب أن الإخوان لم يتوقفوا، طواعية ودون إجبار من أحد، عن تقديم الأدلة الداعمة للموقف الشعبى المطالب بالإطاحة بهم، والذى انتصر بفضل تأييد القوات المسلحة، ومن هذا، أن أحد قادتهم أعلن، متحدثاً إلى كاميرات الصحافة والتليفزيون، قبل إحدى جلسات محاكمتهم بعد عزلهم، بأنها كانت فرصة لهم فى الحبس أن يراجعوا كل تصرفاتهم وقراراتهم طوال العام الذى حكموا فيه، ليعرفوا الأخطاء التى وقعوا فيها، وفاجأ الجميع بأنهم بالإجماع وجدوا أنهم لم يقترفوا خطأ واحداً!!
نقلا عن "الأهرام"
