اتحاد المغرب العربي.. حلم الشباب المغاربي الذي يعطله عناد الكابرانات


الدار/ تحليل

من الواضح أن التحولات المتسارعة من حولنا تنذر بظهور عالم جديد بقوى فاعلة جديدة وتكتلات مختلفة ومصالح غير مألوفة. ومن المؤكد أن الدول التي أدركت المخاض الجاري حاليا هي التي تعمل بسرعة على التأقلم مع هذه المتغيرات والبحث عن موطئ قدم ومكانة أفضل قبل أن يفوتها قطار التموقع الجيواستراتيجي السريع. ومع أننا في المغرب نمتلك عمقا مغاربيا يعد كنزا استراتيجيا لا يفنى، إلا أننا نواجه للأسف هذا العناد الانتحاري الجزائري الذي يريد أن يضحي بكل فرص التطور والنماء الهائلة فقط لاعتبارات نفسية وتاريخية بل وشخصية أحيانا. ما الذي كنا سنحتاج إليه أصلا خارج شمال إفريقيا لو كان اتحاد المغربي العربي اليوم حقيقة مفعلة؟
لا شيء، كل المقومات متوفرة فيه. هناك ثروة طاقية هائلة في ليبيا والجزائر، يمكنها أن تغطي احتياجات دول وشعوب الاتحاد. وهناك ثروة بشرية أكبر في البلدان الخمس، حيث تتعدى نسبة الشباب 50 في المائة من السكان. وهناك موقع جغرافي مميز يمتد على الساحل الجنوبي من البحر الأبيض المتوسط والساحل الشرقي من المحيط الأطلسي. زيادة على رقعة هائلة من الصحاري والجبال والأراضي الخصبة. ثم هناك هذا الإرث الحضاري والثقافي والتاريخي الذي تتشارك فيه البلدان الخمس، ويمثل في أغلبه محطات عاشتها شعوب المنطقة بالدماء والدموع وأحيانا بالأفراح والانتصارات في مواجهة الغزاة والحلفاء في الوقت نفسه.
اتحاد المغربي العربي، الذي يشكل بالمناسبة تكتلا حتميا، سيتحقق غدا إن لم يتحقق اليوم، وهو الجدار الوحيد المتبقي أمام دول المنطقة من أجل انتزاع حضور دبلوماسي مشترك في مواجهة الكثير من القوى الطامعة في المنطقة وثرواتها وأراضيها واستقرارها. إنه الهيئة الوحيدة التي نجحت حتى قبل أن تنفذ في تجميع شعوب المنطقة وتوحيد آمالها وأحلامها. الانتماء إلى المغرب العربي بالنسبة إلى الكثير من الشباب المغاربة والجزائريين والتونسيين على وجه التحديد تحقق نفسيا منذ عقود طويلة، ولا سيما مع جيل الثمانينيات والتسعينيات، الذي تقاسم موسيقى ناس الغيوان مثلما تقاسم أغاني الراي. وهذا ما يجعل هذه الأجيال ما تزال مؤمنة إلى اليوم بأن هذا المشروع الذي أجهضته للأسف النزعة الانفصالية التي تحكم قادة الجزائر، مشروع للشعوب وليس للحكومات.
طال الزمن أو قصُر سيدرك الكابرانات أنهم نجحوا فعلا في إجهاض حلم تقدم حقيقي. لو تم تفعيل هذا المشروع منذ نهاية الثمانينيات فعلا لجنينا ثماره اليوم على مستوى الرفاهية والنمو الاقتصادي الهائلين اللذين كانا سيتحققان بفضل الاندماج الاقتصادي. وكنا أيضا سنربح الكثير على مستوى الاستقرار والسلم في منطقة شمال إفريقيا. لربّما لم تكن تونس وليبيا لتتأثرا بسهولة بموجة الربيع العربي التي دمرتهما، وما كانت موريتانيا لتشهد سلسلة الانقلابات التي عاشتها، وما كانت الجزائر نفسها لتشهد عشريتها السوداء الدموية التي تحولت إلى جرح غائر في اللاوعي الجمعي للبلاد. لكن للأسف مع كل هذا الندم الذي يشعر به العقلاء فقط، ما يزال التاريخ يعيد نفسه.
عندما نشاهد شبانا جزائريين يفرون فرارا من بلادهم نحو المغرب ويعبرون الحدود نتساءل فعلا: هل كان ذلك سيحدث لو تحقق الاندماج المغاربي؟ طبعا لا. عندما يكون من حق المواطن الجزائري أن يستقل سيارته ويعبر الحدود نحو المغرب أو تونس دون حاجة إلى جواز سفر فما الداعي إلى هذا الفرار؟ ثم إن الاندماج الاقتصادي الذي تحدثنا عنه هو الضمانة الأساسية لهذا الرخاء الذي تستحقه شعوب المنطقة لتحصين شبابها على الخصوص من مخاطر الهجرة السرية والجريمة المنظمة والانحراف بكل أشكاله وألوانه. من الضروري إذاً أن يظل هذا الحلم المغاربي قائما على الرغم من كل الصعوبات والمكائد التي تقف وراءها القيادة الجزائرية، ولعلّ الأحزاب السياسية الناشطة في دول المنطقة تتحمل مسؤولية تاريخية في إحياء هذا الحلم والسعي إلى تنفيذه.

 

تاريخ الخبر: 2023-08-16 21:25:44
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 66%

آخر الأخبار حول العالم

البرهان: لا مفاوضات ولا سلام إلا بعد دحر “تمرد” الدعم السريع

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-09 12:25:22
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 57%

البرلمان المغربي يشارك في الدورة ال 29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-09 12:25:19
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية