تعد مؤشرا لقياس درجة التوافد: ساحة الثورة بوابة بونة السياحية المتفردة

 

   

تشهد ساحة الثورة القلب النابض لمدينة عنابة، ذروة الاستقطاب هذه الأيام فحركية المصطافين والسياح غير مسبوقة منذ بداية الموسم، حيث أصبحت الساحة نقطة رئيسية يتوقف عندها الزوار و بوابة للمدينة ينطلقون منها باتجاه باقي الوجهات السياحية ببونة، الزاخرة بمقومات طبيعية هائلة و مواقع تاريخية مهمة.
دخلنا الساحة في حدود الساعة الحادية عشرة والنصف صباحا، و رغم ارتفاع درجة الحرارة، كانت المقاهي عامرة و أغلب الجالسين زوار وسياح ومصطافون، أما رواد الساحة الدائمون من متقاعدين وغيرهم، فقد بدأوا في الانسحاب بعدما أنهوا فناجين القهوة و الشاي و جلسات الحديث عن مستجدات الساعة وقراءة الجرائد وغيرها من النشاطات الروتينية    و قد بدا لنا من خلال الحركية في المكان، بأن زوار المدينة كثير هذه السنة مقارنة بالسنوات القليلة الماضية، أما أكثر ما يمكن ملاحظته فهو التواجد الهام للمغتربين الذين زاد عددهم، مع زيادة عدد الرحلات الجوية والبحرية القادمة من دول وعواصم العالم، فضلا عن افتتاح المحطة البحرية بعنابة، وهو ما سمح باستقطاب إضافي وضع المدينة ضمن مخططات العطلة الصيفية للكثيرين.
إنزال على عنابة عبر الرحلات المنظمة
في حدود منتصف النهار، زادت الحركية بساحة الثورة على غير العادة بقدوم عدد كبير من الزوار قادمين عبر رحلات منظمة، وكالة سياحية واحدة أخضرت حافلتين من الحجم الكبير بتعداد يتجاوز 100 فرد، مما لفت انتباه الزوار والمصورين الذين يمارسون نشاطهم في الساحة، وقد سارعوا لاستقبال الوافدين و اقتراح خدماتهم.
تقربنا من منظم الرحلة فأوضح، بأن الأمر يتعلق بمجموعة سياحية قادمة من الجزائر العاصمة لقضاء الليلة والعودة في اليوم الموالي، و رغم العدد الكبير للزوار، نجح المرشدون في تسير الوفد، مع تقديم شروحات حول المكان، وقال محدثنا مصطفى، وهو مرشد سياحي : " هذه ثالث رحلة ننظمها إلى عنابة، فهناك طلب على المدينة التي تتوفر على مسار سياحي رائع لا يشمل الشواطئ وحدها، بل زيارة المدينة القديمة، وكنيسة القديس أوغستين، و الصعود إلى منطقة سرايدي، وهو برنامج ثري تحبه العائلات".


ملتقى النسوة وقبلة السياح الأجانب
يمكن للزائر الاستمتاع بأمسية أو صبيحة جميلة في ساحة الثورة، بأقل التكاليف، من خلال الجلوس تحت الأشجار العريقة بظلها الممتد على طول "الكور" المحاط بمبان  من الطراز المعماري الجميل، يتوفر المكان الذي يجاور الميناء البحري على أكشاك ومحلات لبيع المثلجات خاصة                      " الكربوني" الذي يشتهر بصناعته مقهى الدب القطبي  المعروف "برابح" وهو أشهر صانع مثلجات كربوني بعنابة، ورث صاحبه الوصفة مند عام 1963، واستمر في صناعتها وحافظ على سرها، فصارت زيارة عنابة مقترنة بتناول " الكربوني" بذات المقهى العتيق.
بعيدا عن المقاهي يمكن الجلوس على حواف الأماكن المهيأة حول جذوع الأشجار بكل أريحية، فالفضاء عمومي مفتوح للجميع، و يمكن الاستمتاع بجماله دون الحاجة إلى دخول مقهى أو استهلاك أي مشروب، وهو ما يضاعف الاستقطاب، وتعد المنطقة أيضا عنوانا للقاءات و المواعيد وهي نقطة تجمع لمن ينطلقون في رحلات جماعية، كما أنها أول قبلة لزوار عنابة، بالنظر إلى عدد الفنادق المتواجدة في محيطها.
تحدثنا خلال جولتنا، مع بعض الزوار واتضح من خلال الدردشة بأن الغالبية مصطافون من ولايات شرقية، علمنا منهم بأن المدينة تشتهر بجمال شواطئها و حركية شوارعها ليلا ولذلك يفضلونها، ناهيك عن توفرها على الكثير من الخدمات التي تتناسب مع مستويات الدخل المتفاوتة فهي مدينة الغني و الفقير حسبهم.
خلال تواجدنا في الساحة لساعات، وفقنا على مدى التوافد الكبير على عنابة، فالحركية هناك تعد مؤشرا جيدا للقياس و أخذ الانطباعات وحصر النقائص والإيجابيات.
الأسعار تصنع الجدل
ورغم الإقبال الكبير على الساحة، إلا أن أسعار المطاعم والمقاهي تطرح كنقطة سوداء حقيقية حسب زوار، ناهيك عن توقف المتعاملين عن بيع القهوة والشاي  و المشروبات الساخنة عموما، و اقتصار الخدمات على  المثلجات والعصائر و التحليات التي تبدأ أسعارها من 150 إلى غاية 500 دج.
مع ذلك فإن الحركية لا تتوقف طوال اليوم، و للكور خصوصية هامة مساء، فالساحة تعتبر قبلة للعنابيات في هذا الوقت، أين يمكنهن الجلوس دون مضايقات أو تحرش بفضل توفر الأمن والمعاملة الجيدة التي يحظين بها من أصحاب المحلات، و الفضاء محطة مهمة للقاءات العائلية النسوية الخالصة أين يتجاذبن أطراف الحديث حول طاولات المثلجات والمرطبات والطيبات قالت سيدة " إن  الكور هو الفضاء العمومي الوحيد الذي يسهل الوصول إليه دون الحاجة لاستخدام وسائل النقل لتموقع الساحة في وسط المدينة فضلا عن توفرها على جميع المتطلبات سواء الأمن أو ألعاب الأطفال  إلى جانب الخصوصية الطبيعية والعمرانية للموقع، وقربه من جميع المرافق، كما أنه فضاء عائلي بامتياز، لا توجد أية عقدة تجاه فكرة جلوس المرأة فيه"، وأضافت أخرى " إن الجلوس في الكور  يوفر راحة نفسية كبيرة بفضل الموقع".
لاحظنا تواجدا ملفتا لسياح ليبيين بساحة الثورة، فعنابة من أبرز المدن التي يزورنها باعتبارها أول مدينة ذات طابع معماري أصيل يصادفونها بعد العبور على الحدود التونسية، وهو ما يبرز من خلال لوحات ترقيم سيارتهم التي تنتشر على طول الشوارع الخلفية، كما تستقبل المدينة أعدادا معتبرة من السياح التونسيين الذين يشكلون نسبة كبيرة من زوار الساحة إلى جانب المغتربين، وقد علمنا من بعض السياح بأن زيارة عنابة تهدف للتسوق و السياحة على حد سواء.
قال سائح ليبي : " فاجأني كرم الجزائريين مع الليبيين، لم أكن أتوقع هذا الكم من الترحيب، عندما وصلنا إلى الحدود التونسية كانت الوكالات السياحية تغرينا للبقاء ولكننا أردنا اكتشاف الجزائر هذه السنة، خاصة بعد الترويج الكبير الذي قام ويقوم به


 الرحالة ومدونو السفر".
جولة  تاريخية في قلب المدينة
دخلت ساحة الثورة ضمن المسار السياحي، الذي أسسه عدد من النشطاء الثقافيين وكذا جمعيات تعنى بالسياحة والآثار بعنابة، فأصبحت الوفود السياحية الوطنية والأجنبية، تتوقف فيها عند كل زيارة، أين تقدم لزوار شروحات ومعلومات حول الخصوصية العمرانية والطبيعية للساحة التي تعد جزءا من المدينة العتيقة " بلاص دارم"، وقد نجح نشطاء في ترميم أزقة وفتح فضاءات لاستقبال السياح والمهتمين بالتاريخ، يعرضون فيها تحفا تروي قصصا عن عراقة المدينة التي أسسها الفنيقيين تم الأتراك ليترك فيها الاحتلال الفرنسي بصمته عبر طمس العمران القديم، وتشييد الساحة و إحاطتها بعمران كولونيالي الطراز، و كلها محطات تاريخية يسردها المرشدون على مسامع الزوار .    
للتذكير، فإن تاريخ إنجاز الساحة، يعود لسنة 1800، أطلق عليها اسم "الساحة الوطنية" بداية من شهر أفريل 1907، تم تحولت إلى ساحة "برتقنا" إلى غاية عام 1962، وذلك نسبة لاسم رئيس بلدية عنابة "بون" سابقا " جوروم برتقنا "، وبعد الاستقلال أصبحت تسمى ساحة الثورة إلى يومنا هذا، لأنها شهدت أحداثا كثيرة إبان الثورة التحريرية و عرفت تنفيذ عمليات ضد المستعمر حسب رواية كتاب ومؤرخين.


 وقد دخلت المواقع الأثرية بشكل ملفت إلى قائمة اهتمامات زوار المدينة حيث تشهد هذه الأيام استقطابا كبيرا خاصة خلال الفترة المسائية، مع توفر مرشدين سياحيين، ينطلقون من ساحة الثورة باتجاه كنيسة القديس أوغستين، القريبة أين يحظى السياح بجولة شاملة في قلب عنابة.
حسين دريدح

تاريخ الخبر: 2023-08-21 15:24:55
المصدر: جريدة النصر - الجزائر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 52%
الأهمية: 70%

آخر الأخبار حول العالم

الأمير مقرن بن عبدالعزيز يرعى حفل خريجي جامعة الأمير مقرن السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-10 03:23:26
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 60%

وزير النقل: 7700 رحلة جوية و27000 حافلة لتسهيل تنقل الحجاج - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-10 03:23:21
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 69%

«مراسلون بلا حدود».. منظمة مشبوهة ومصداقيتها تتآكل - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-10 03:23:23
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 59%

أجنّة «مجمدة» ! - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-10 03:23:24
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 58%

حين يتحوّل الدواء إلى داء ! - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-10 03:23:25
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 64%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية