دخلت النيجر في حالة من عدم اليقين، بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم، وتهديدات دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، المعروفة اختصارا بـ”ايكواس”، بالتدخل عسكريا، إضافة إلى فرنسا التي تتابع الوضع، دون أن تتخذ موقفا صريحا بخصوص إمكانية تحريك جيشها إلى النيجر.
وتتزايد المخاوف بخصوص تنامي نشاط الجماعة الإرهابية والمتطرفة وعصابات الجريمة العابرة للحدود، في ظل التواترات والقلاقل التي تعرفها المنطقة، مما قد يجعلها ملاذا آمنا لهذه الجماعات.
وينذر الوضع بالنيجر بحدوث كارثة إنسانية في صفوف السكان، بسبب انعدام الغذاء والتطبيب، ونزوح المدنيين نحو الدول المجاورة بحثا عن مستقر آمن بعيدا عن الحرب وأزير الرصاص.
وتهدد التطورات الجديدة بتفجير الوضع في المنطقة، وامتداده لدول مجاورة، في منطقة الساحل الواسعة التي أصبحت مسرحا لعدة أطراف وحركات مسلحة، أضيفت إليهم مجموعة “فاغنر” الروسية، التي استدعتها مالي لمساندتها في السيطرة على إقليم أزواد.
يرى الخبير الأمني، محمد الطيار، أن انقلاب النيجر له تداعيات متعددة، أولها على مستوى الأمن الغذائي، إذ أن النيجر كان بها قبل الانقلاب حولي 3 ملايين يعانون من انعدام الأمن الغذائي حسب إحصائيات الأمم المتحدة، بحسبه.
وأضاف الطيار في تصريح لـ”الأيام24″، أن الانقلاب سيؤدي إلى تفاقم هذه الوضعية، من خلال توسع انعدام الأمن الغذائي وتدهور الوضعية الصحية، حيث أن هناك العديد من الأدوية وغيرها سوف تشهد نقصا كبيرا، فضلا على أن قطع الكهرباء أدى إلى تضرر العديد من المستشفيات.
وتابع: “على مستوى توسع انعدام الأمن بشكل عام، خاصة المتعلق بالجريمة المنظمة والتنظيمات الإرهابية، لا ننسى أن النيجر حالها كباقي حال دول منطقة الصحراء والساحل الافريقي تعاني من توسع الحركات الارهابية، خاصة تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى داعش وتنظيم نصرة الإسلام والمسلمين الذي يبايع تنظيم القاعدة”.
وأكد الخبير الأمني أن هذه التنظيمات تسيطر على مناطق شاسعة مابين بوركينا فاصو والنيجر، وتسيطر كذلك على المثلث الحدودي الذي يجمع مالي والنيجر وبوركينا فاصو، بل إن تنظيم داعش، يضيف المتحدث ذاته، يحاول السيطرة على الحدود المالية النيجيرية، وقد استغل الفراغ الأمني بعد الانقلاب، حيث أصبح يسيطر بشكل كبير على ولاية مينكا بشمال الشرقي لمالي، في أفق السيطرة على المدينة.
وسجل الطيار أن منطقة أخرى تشهد تدهورا أمنيا كبيرا جدا بعد الانقلاب، وهي منطقة ما يعرف بمثلث السالفادور، وهو المثلث الحدودي الذي يجمع ما بين النيجر والجزائر وليبيا، حيث أن هذا المثلث شهد توسع أنشطة الجريمة المنظمة ما بين النيجر والجزائر وما بين النيجر وليبيا، إذ ارتفع منسوب التهريب بشكل كبير، وقد استغل تنظيم داعش هذه الوضعية من أجل توطيد أقدامه في هذه المناطق.
وشدد المتحدث ذاته، أن إلغاء الاتفاقيات العسكرية ما بين النيجر وفرنسا، والوضعية التي تشهدها حاليا النيجر، جعلت الطائرات المسيرة الأمريكية والفرنسية توقف عمليات استهداف الجماعات الإرهابية، الأمر الذي استغلته حاليا هذه التنظيمات في التوسع بشكل كبير، ولعل ما يدل على ذلك هو قيام “داعش” باغتيال 17 جنديا من جيش النيجر في الحدود ما بين مالي والنيجر مؤخرا.
وتابع “لذلك فالمنطقة مرشحة لأن تعرف تدهورا أمنيا أكبر مما سبق، وسوف تعرف توسع لتنظيم داعش في الصحراء الكبرى، وفي المناطق الحدودية ما بين النيجر ومالي وبوركينافاصو، نفس الأمر فيما يخص تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين الذي أصبح بشكل كبير في منطقة أزواد، حيث أنه أصبح يحاصر بشكل كامل مدينة تامبكتو وقد توسع في هذه المنطقة.
وشدد الطيار على أن انقلاب النيجر له تداعيات خطيرة جدا على المنطقة، فضلا عن انسحاب البعثة الأممية من مالي، مشيرا إلى هذه التطورات تجعل المنطقة مهددة بمزيد من التدهور الأمني، وتوسعا أكثر للجماعات الارهابية ولعصابات المنظمة، كما ستتوسع بلاشك تجارة الأسلحة الخفيفة والكوكايين والاتجار في البشر والأعضاء البشرية وغيرها.
وأبرز الخبير الأمني أن المناطق الحدودية التي تجمع النيجر ونيجيريا من المتوقع أن تعرف توسع أنشطة “بوكو حرام”، وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا، في حالة توسع التدهور الأمني في النيجر، مؤكدا أنه “في حالة تفاقم الوضع الامني من المنتظر أن تشهد حدود النيجر مع الجزائر التي تقدر بحوالي 1000 كلم عمليات نزوح فضلا عن توسع أنشطة الجريمة المنظمة”.
