تبدَّدت بشكل لافت للانتباه ثقة المغاربة في حكومة عزيز أخنوش، التي ستطفئ الشهر القادم شمعتها الثانية من ولايتها الحكومية الممتدة لخمس سنوات. ووفقا لنتائج دراسة حديثة أعدّها المعهد المغربي لتحليل السياسات بعنوان: “هل الثقة السياسية في المغرب في تراجع؟”، فإن الثقة في الجهاز التنفيذي تراحعت من 69 في المئة السنة الماضية، إلى 43 في المائة في عام 2023 الجاري، أي بفارق 26 نقطة دفعة واحدة، وهو ما يعني أن شريحة واسعة من المواطنين لا تنظر بعين الرضا لأداء حكومة رجل الأعمال أخنوش الذي منحته انتخابات “8 شتنبر 2021” مقاليد السلطة، بعدما تصدر حزبه التجمع الوطني للأحرار نتائجها.
وأعرب 18 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع، الذين يمثلون إجمالا عينة من 2000 شخص، عن ثقتهم تماما في الحكومة، مقابل 25 في المائة قالوا إنهم يثقون فيها إلى حد ما، في حين أجاب 9 في المائة بأنهم لا يثقون فيها كثيرا، و38 في المائة قالوا إنهم لا يثقون فيها مطلقا.
ومنذ تنصيبها بشكل رسمي في 13 أكتوبر 2021، واجهت أغلبية أخنوش التي رفعت شعار الدولة الاجتماعية ووعدت بتحسين أوضاع المغاربة بعد أزمة جائحة “كورونا”، اختبارات شعبية وضعت شرعيتها على المحك، جراء الارتفاع المهول الذي طاول أسعار المحروقات والمواد الاستهلاكية، متسببا في احتقان اجتماعي.
تراجع ثقة المغاربة في الحكومة المكونة من أحزاب التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة والاستقلال، تحكمه عوامل مختلفة، لكن رشيد أوراز الخبير الاقتصادي المؤسس المشارك للمعهد المغربي لتحليل السياسات، أجمل أبرزها في ثلاثة، ضمن قراءة قدمها لـ”الأيام24”.
العامل الأول، حسب أوراز الذي يعد من بين الباحثين الذين أشرفوا على إنجاز الدراسة، يهم تراجع رضى المواطنين المغاربة عن الوضع الاقتصادي، لافتا إلى أن هذا المعطى لامسه بمعية فريق البحث من خلال نتائج الاستطلاع المذكور، إذ عبر أكثر من 70 في المائة من المغاربة عن عدم رضاهم تماما عن التوجه الاقتصادي العام للبلاد.
ثاني عامل يرى الخبير في الاقتصاد السياسي عينه أنه ساهم في انخفاض الثقة في الحكومة، يتعلق بضعف تواصل الجهاز التنفيذي مع الرأي العام، مشددا على أن ذلك “يؤثر على ثقة المواطنين في عمل الحكومة، وهو ما أبانت عنه نتائج الاستطلاع بكشفها أن تواصل المسؤول العمومي بصفة عامة ضعيف جدا”.
أما المعطى الثالث والذي لا يقل أهمية، وفق تفسير أوراز، فيرتبط بتخليق الحياة العامة، موضحا أن “أغلب المغاربة يرون أن معدلات الرشوة والفساد مرتفعة، وفي الآن نفسه يقولون إن جهود الحكومة في محاربة الفساد ضعيفة جدا”.
وخلص المصرح لـ”الأيام 24″، إلى أنه بعد سنتين من تنصيب الحكومة، اكتشف المواطنون أن الوعود التي قدمت لهم خلال الحملة الانتخابية “كانت وعودا زائفة”، لذلك سحبوا ثقتهم منها بشكل وصفه بـ”الكبير”.
