مع مرور الساعات تتكشف مدى فداحة الكارثة التي ضربت مدينة درنة الليبية وتركت وراءها خسائر ثقيلة في الأرواح وأضرار جسيمة في المباني، جراء انهيار سدين في ضواحي المدينة لعجزهما عن احتواء الأمطار الطوفانية التي حملها إعصار دانيال بداية الأسبوع.

ولا يزال عدد القتلى الذين جرفتهم السيول الآتية من السدين في ارتفاع. فحتى مساء الخميس تجاوز عددهم 5300 شخص في حين تفيد تقديرات الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر بأن عدد المفقودين فاق 10 آلاف شخص.

وتعد هذه الأعداد أولية فقط في الوقت الذي تتوالى فيه جهود فرق الإنقاذ المحلية والدولية في درنة التي نجحت حتى الآن في إنقاذ 510 أشخاص من تحت الأنقاض، هذا عدا عدد من المناطق المنكوبة شرق البلاد مثل سوسة والبيضاء وشحات وغيرها التي لا تزال تنتظر وصول تدخل فرق الإنقاذ.

وتواجه فرق الإنقاذ في درنة صعوبات كبيرة في الانتقال بين أحياء المدينة بعد أن اختفت الشوارع وحلّت محلها بقايا الأشجار المقتلعة والأوحال وركام المباني المدمرة المجاورة للوادي والتي بات جزء كبير منها مجرد أنقاض طمرت جثث الضحايا. وتبلغ المساحة المنكوبة في المدينة 3 ملايين متر مربع، شملت شبكة طرق بطول 30 كيلومترا، و5 جسور منهارة تربط بين شرق المدينة وغربها.

ويزداد الوضع سوء عند مداخل المدينة السبعة. فلم يعد بالإمكان استخدام سوى اثنين للولوج إلى الأحياء المنكوبة. غير أنهما يشهدان اكتظاظا بقوافل شاحنات وعربات محملة بالمساعدات تنتظر دخول درنة التي انقطع عنها التيار الكهربائي وتعطلت فيها شبكة الاتصالات.

وتواجه السلطات الليبية تحديات كبيرة في كل الاتجاهات، إذ يتعين على فرق الإنقاذ انتشال الجثث المتناثرة في الشوارع وعلى شواطئ المدينة ودفنها بأسرع وقت ممكن تفاديا لتحللها وتشكيل خطر بيئي آخر على صحة من تبقى من السكان، خصوصا وأن مؤشرات على انتشار أمراض بدأت في الظهور في بعض المناطق المنكوبة. كما أن مستشفيات المدينة لم تعد قادرة على استيعاب أعداد المصابين في وقت سُجل فيه نقص كبير في كميات الأدوية المتاحة لديها.

في هذه الأثناء استجابت 12 دولة على الأقل لمناشدات الليبيين تقديم المساعدة في مواجهة تداعيات هذه الكارثة. وشهد مطار بنغازي وصول فرق بحث وإنقاذ ومساعدات إغاثية لوجيستية وكميات كبيرة من الأدوية آتية من كل من الأردن ومصر وقطر وتركيا فيما أعربت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وتونس وإيطاليا وفرنسا والأمم المتحدة عن استعدادها لتقديم المساعدة.

وفيما تمضي جهود الإنقاذ في درنة تتناسل الأسئلة حول أسباب انهيار السدين وعدم اتخاذ السلطات في شرق البلاد الاحتياطات اللازمة لتفادي سقوط هذه الأعداد من الضحايا. وقال رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إنه كان على السلطات المحلية الاعتماد على نظام التحذير المسبق للسكان وإصدار إنذارات لهم وتنسيق جهود إجلائهم لتفادي الخسائر الفادحة في الأرواح. وأضاف أن الفوضى السياسية التي تعم ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي ومن صراع على السلطة حالت دون الالتفات إلى ترميم البنى التحتية في البلاد وبينها صيانة السدين.

وفي تصريحات لبي بي سي قالت آية برويلة الخبيرة في التخطيط الحضري لمدينة بنغازي إن انعدام الصيانة والمراقبة ورداءة البنية التحتية ونقص الاستثمار في شرق ليبيا مشكلة قائمة منذ عهد القذافي تفاقمت حدتها بفعل انقسام الحكومة الليبية.

وكان خبراء قد حذروا من احتمال تعرض السدين الليبيين لخطر الانهيار منذ عام 2011، إلا أن الصراع على السلطة شغل ذوي النفوذ في البلاد على ما يبدو عن اتخاذ خطوات فعالة في هذا الصدد. وقد طلب رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي من النائب العام فتح تحقيق شامل في وقائع الفيضانات التي اجتاحت درنة، ومحاسبة كل من كان له ضلع في انهيار سدي مدينة درنة.

وإلى أن يبدأ التحقيق ويكتمل وتجري مساءلة المسؤولين عن انهيار السدين سينشغل أهل الحل والعقد في شرق البلاد وغربها مؤقتا بلملمة جراح المكلومين والمصابين والأيتام والمشردين إلى أن تنجلي غمامة الكارثة قبل العودة إلى صراعهم المحموم على الحكم.

برأيكم

•هل تكشفت أبعاد الكارثة في درنة المنكوبة؟

•أين وصلت جهود الإغاثة والإنقاذ؟

•هل المدينة على شفا كارثة صحية؟

•كيف تتعامل السلطات مع ارتفاع عدد الموتى؟

سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الجمعة 15 سبتمبر/ أيلول

خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.

إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk

يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message

كما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها:https://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC

أو عبر منصة إكس X على الوسمnuqtat_hewar@

كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب