اعترافات مدمن جنس عبر الإنترنت
اعترافات مدمن جنس عبر الإنترنت
كنت أقول لنفسي إنني استطيع أن أريح أعصابي من ضغط العمل والأسرة, في استراحة قصيرة مدتها عشر دقائق عبر الإنترنت. ثم تحولت العشر دقائق إلي ثلاثين, ثم ساعة, ثم ساعتين, ثم أربع, ثم طوال الليل. تتوه مني نفسي في زوبعة قوية من الألعاب ومقاطع الفيديو والبرامج التليفزيونية والأفلام ووسائل التواصل الاجتماعي والمواد الإباحية والبحث عبر الإنترنت والتسوق, وأي شيء وكل شيء يمكنني الحصول عليه, ثم أدخل في محادثات مع أشخاص مجهولين أو معلومين, ظنا مني أن الأمر سري للغاية, وتتحول الدردشات الكتابية إلي مكالمات, ثم بشر في حياتي يعبثون ويفسدون, هم أيضا هاربون مثلي من الواقع.
بدأ هذا النشاط يسيطر علي, فأستيقظ كل صباح علي مزيج قوي من ضوء الشمس القاسي والعار الذي لا يطاق. كان عقلي ضبابيا ومشاعري ميتة. كنت أعرف أنني يجب أن أفعل ما هو أفضل اليوم, لكنني في دوامة من الكذب والبؤس المشلول, ولا أفعل, إلي أن شعرت وكأنني سقطت من جبل عظيم, كنت مستلقيا محطما ووحيدا في القاع. اعتقدت أنه لا توجد طريقة لأخرج نفسي من حفرة الانكسار المظلمة التي شعرت بها. كان هناك شيء بداخلي يعرف أن بقائي يعتمد علي تسلق ذلك الجبل وسحب نفسي, لكن بقوة إرادتي لم أصدق أنني أستطيع حتي البدء. إذ يغمرني الخجل ويضربني بالعار, كنت أخفي عيني, وأغلق بصري وبصيرتي علي الشاشة, مكتئبا, قلقا, محبطا, ويائسا. لم أستطع سحب نفسي ولم أستطع الاستمرار علي هذا المنوال, إلي أن عرفت الطريق للشفاء عبر برنامج زمالة مدمني الجنس المجهولين. برنامج من 12 خطوة نحو الشفاء.
مهتزا ولكن علي قدمي تمكنت من الوقوف. تواصلت مع المتعافين, قالوا لي إن هناك طريقة للخروج من تلك البؤرة الملوثة في 12 خطوة. ما عليك سوي أن تأخذها واحدة تلو الأخري. أروني الحبال وقالوا لن تضطر إلي التسلق وحدك. إنها رحلة العودة من غياهب إدمان الجنس عبر الإنترنت, إلي النفس التي تاهت هذه الخطوات تستغرق تسعين يوما هي الأصعب في التعافي.
إنها تجربة حقيقية لواحد ضمن ملايين من الذين وقعوا فريسة هذا النوع من الإدمان, جميعهم يدورون في نفس الدائرة, والقليل منهم من يتمكن من الفرار, وبدء رحلة التعافي, عبر تلقي الدعم من شركاء خاضوا نفس التجارب, بناء علي ثلاث ركائز رئيسية الأولي هي: الاعتراف بالعجز والإدمان, وأن الانتكاسات ليست نهاية العالم, أما الثانية فهي الحصول علي راع والبدء في تنفيذ الخطوات, للتخلص من العلاقات السامة, أما الركن الثالث فهو نهج جديد للرصانة. الاحتياج للاعتدال, وعدم استخدام التكنولوجيا إلا عندما يكون ذلك ضروريا. حتي تصبح الحياة أكثر ثراء بعيدا عن الإنترنت والجنس المرتبط به.
أهم ما يحتوي عليه هذا البرنامج هو البقاء خاليا من السلوك الإدماني. وهي حدود غير قابلة للتفاوض لإبعاد الشخص عن الاستخدام الإدماني, منها الصلاة والتأمل والقراءة, والابتعاد عن الإنترنت إلا للضرورة, وعمل قوائم جرد يومي لعلاقة الشخص بالإنترنت, مع سجل زمني لوقت الاستخدام, وسببه, إزاله تطبيقات التواصل الاجتماعي من الهاتف الخاص, ممارسة الرياضة, والتحدث إلي النفس للوصول إلي السبب الحقيقي للإدمان الذي يعكس هروبا من الواقع المعاش, مع اللجوء لراع أو مشير واع, فالإدمان علي الجنس هو إكراه للنفس يعكس عدم اتزان, ومن غير المنطقي أن المدمن يقلع بلا مساعدة أمينة.
وأخيرا إن إدمان الجنس عبر الإنترنت قد يهدم أسرتك, ويفقدك وظيفتك أو يدفعك للمخاطرة بما هو أغلي من لذة وقتية, فما هو إلا نوع تخدير المشاعر, لذلك عليك أن تعلم من أجل أي ألم تبحث عن المخدر, حتي يمكنك الاستغناء عن الالتصاق بالشاشة والعودة لحياتك.