هل هناك سعر عادل للنفط؟


تعيش أسواق النفط وأسعاره مرحلة مهمة من المقاومة للوصول إلى حالة التوازن بعد عام ونصف العام من تأثير تشديد السياسات النقدية على السوق من جهة، ومن محاولة استيعاب تبعات تباطؤ اقتصادات المستهلكين الكبار من جهة أخرى، مما يجعل القوى المسؤولة عن استقرار السوق وتوازنه (market forces)، تميل إلى عوامل الإمدادات وليس الى عوامل الاستهلاك (أي قوة العرض وليس قوة الطلب). هناك حاجة، تاليا، الى مزيد من تدخل تحالف منتجي "أوبك بلس" في إدارة الإمدادات في ظل استمرار حالة الضبابية وعدم اليقين في بيانات الطلب إلى حين توازن قوى العرض والطلب واتضاح الرؤية.

في خضم الجهود التي يبذلها التحالف لهذا الغرض، صدر أخيرا تصريح يدعو إلى الاستغراب من أحد تنفيذيي شركات النفط الوطنية للدول الأعضاء المؤسسين لمنظمة "أوبك"، بأن "سعر النفط الذي يتراوح بين 80 و90 دولارا يعتبر هو 'السعر العادل' في سوق النفط اليوم في ظل تأثير الوضع السياسي على الأسعار".

مادة اعلانية

يثير هذا التصريح العديد من التساؤلات عن توقيته وأهدافه:

لماذا لم يصدر تصريح كهذا عندما انخفضت أسعار النفط لتصبح سلبية أثناء أزمة جائحة كوفيد-19؟ ولماذا غاب عندما كانت أسعار النفط عند مستويات متدنية ومجحفة، مقارنة بأسعار المشتقات البترولية؟ وما الذي يفسر تأخر صدوره بعد عام ونصف العام من تأثير تشديد السياسات النقدية على أسواق النفط العالمية والأسعار؟

أضف إلى ذلك حصول أكبر عمليات سحب من المخزونات الاستراتيجية الأميركية في السنوات المنصرمة للضغط على الأسعار نزولا، وتنفيذ العمليات الإرهابية على مرافق النفط السعودية التي احتوتها المملكة بسرعة منعا من أن تقفز الأسعار الى مستويات فلكية، والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين التي استخدمت للضغط على الأسعار، كونها تفضي إلى ركود عالمي وتباطؤ الطلب على النفط.

تصريح يدعو إلى الاستغراب من أحد تنفيذيي شركات النفط الوطنية للدول الأعضاء المؤسسين لمنظمة "أوبك"، بأن "سعر النفط الذي يتراوح بين 80 و90 دولارا يعتبر هو 'السعر العادل' في سوق النفط اليوم.

هل أخذ التصريح في الحسبان أن النفط مادة ثمينة وتنضب، وأن المادة الناضبة لا حد أو سقف لقيمتها بل ترتفع قيمتها كلما اقتربت من النضوب؟

من المستغرب أن تصريح تحديد سعر النفط العادل بين 80 و90 دولارا صدر عندما استقر سعر خام برنت فوق حاجز الـ 90 دولارا للمرة الأولى منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022، والذي لم يكن على إثر إعلان المملكة العربية السعودية وروسيا تمديد الخفض الطوعي للإمدادات حتى نهاية عام 2023، ولكن لأسباب عدة منها ارتفاع أسعار المنتجات البترولية خاصة وقود الديزل، وعودة عمليات المضاربة بقوة بعد الزخم الصعودي للأسعار التي وصلت إلى نطاق أرضية الـ 90 دولارا وسقف الـ 100 دولار.

من المؤكد أن بعض التصريحات قد توجد نوعا من التضارب في تلمس مسار أسواق النفط، وتزيد حالة الضبابية وعدم اليقين، مما قد يُقوّض جهود تحالف منتجي "أوبك بلس"، في وقت من المفترض أن تعكس تصريحات شركات النفط الوطنية في الخليج العربي سياسات الطاقة الصلبة والثابتة للتحالف، حتى لا تُفهم بشكل سلبي يؤثر على مسار السوق وتوازنه واستقراره.

من المهم التركيز على الاستدامة بدلاً من التركيز على السعر العادل. على أسواق النفط أن تركز على "السعر التمكيني" للنفط بدلاً من "السعر العادل"، وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان.

ليس هناك من شرح يُفنّد ما هو "السعر العادل" للنفط أفضل مما ذكره وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان في شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 2019 حين قال "من المهم التركيز على الاستدامة بدلاً من التركيز على السعر العادل"، حيث يمكّن السعر المستدام من تعزيز النمو الاقتصادي ويسمح للموازنات بأن تكون أكثر شفافية ووضوحا. فيجب على أسواق النفط أن تركز على "السعر التمكيني" للنفط بدلاً من "السعر العادل".

وشدد على أنه لا يوجد مصطلح اسمه "السعر العادل"، بل الأفضل، إضافة إلى ما تقدم، أن يكون السعر ممكنا لاستدامة الاستثمارات لتلبية الطلب المتنامي على الطاقة، وهذا يتطلب أن تكون أسعار النفط، وأسعار الطاقة عموما، مستقرة وتعزز ثقة المستثمرين.

*نقلا عن "المجلة".

تاريخ الخبر: 2023-09-20 12:11:00
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 84%
الأهمية: 86%

آخر الأخبار حول العالم

العربية للطيران ترفع عدد رحلاتها بين مدينتي أكادير والرباط

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 03:25:12
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 68%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية