خسائر قطاع غزة فقط 16.5 مليار دولار

“لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم. ولما كان تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني، وكان غاية ما يرنو إليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة.

ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم. ظهر التعاون بين شعوب الأمم المتحدة التي اتفقت على ميثاق لحقوق الإنسان الأساسية وكرامته.”

كان هذا الميثاق هو الاعلان العالمي لحقوق الانسان، السطور السابقة جزء من الديباجة الاساسية لذلك الاعلان الذي تلتزم الدول الاعضاء في الأمم المتحدة ببنوده، لضمان الاعتراف بهذه الحقوق ومراعاتها بصورة عالمية فعالة بين الدول الأعضاء ذاتها وشعوب البقاع الخاضعة لسلطانها.

ويوافق هذا العام اليوبيل الماسي لانطلاق الاعلان الذي اعتمدته الأمم المتحدة في 10 ديسمبر من عام 1948.

وقد شكّل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أول وثيقة قانونية تحدد حقوق الإنسان الأساسية التي يجب حمايتها عالميًا. وتكمن قوة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الأفكار القادرة على تغيير العالم. إنه الملهم لمواصلة العمل وضمان تمتّع جميع الشعوب بالحرية والمساواة والكرامة.

ولا يزال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.، وحقوق الإنسان لا تقتصر على الحقوق السياسية كما يروج البعض ولكنها تمتد للحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، والحريات الشخصية، هي حقوق يتمتّع بها جميع البشر، مهما كانت جنسيتهم، أو نوعهم الاجتماعي، أو أصلهم الوطني أو العرقي أو لونهم، أو دينهم، أو لغتهم، أو أي وضع آخر. وهي متنوّعة وتتراوح بين الحق الأكثر جوهرية، وهو الحقّ في الحياة، والحقوق التي تجعل الحياة جديرة بأن تُعاش، مثل الحق في الغذاء والتعليم والعمل والصحة والحرية.

يعقد المجلس ثلاث دورات على الاقل سنويا، في فبراير- مارس ومايو- يونيو، وسبتمبر- اكتوبر، وتناولت جلسات الدورة الرابعة والخمسين للمجلس عدد من القضايا التي تخص الدول الاعضاء، حيث يتم ما يعرف بالاستعراض الدوري الشامل، يعرض ممثل حكومة كل دولة من الأعضاء تقرير الحكومة عن حالة حقوق الانسان في بلده ومدى تنفيذ التوصيات التي تمت في الدورة السابقة من جانب أعضاء المجلس، والمجتمع المدني، وكانت اهم القضايا المشتركة بين عدد من الدول والتي تم عرضها هذه الدورة هي التصدي للكراهية وخطابها، والقضاء على الاتجار بالبشر، ومكافحة التمييز على اساس الهوية الجنسية.

لذلك اهتمت الدورة الرابعة والخمسين لمجلس حقوق الانسان والمنعقدة حالياً بجنيف في سويسرا، والدورة 74 للجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية بعدد من القضايا أهمها حقوق الشعب الفلسطيني، وناقشت دولة فلسطين تقريرها أمام اللجنة الاممية المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بجنيف، حيث ناقش الفريق الوطني لدولة فلسطين الذي تم تشكيله بقرار من الرئيس محمود عباس، برئاسة السفير دكتور عمر عوض الله مساعد وزير الخارجية والمغتربين وبعضوية الوزارات المختلفة، التقرير الاولي حول تنفيذ العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والذي تم اعداده في معرض استجابة دولة فلسطين لالتزاماتها ووفاءً لواجباتها الواردة في العهد.

وأكد السفير عوض الله في كلمته أمام اللجنة على التزام دولة فلسطين بتنفيذ الأحكام المُدرجة في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وذلك رغم الصعوبات والمعيقات التي يفرضها الاحتلال الاسرائيلي الاستعماري طويل الأمد للأرض الفلسطينية وانتهاكاته وجرائمه المستمرة، والذي يعتبر السبب الرئيس في إعاقة ممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه القانونية غير القابلة للتصرف وعلى رأسها حقه في تقرير المصير، الحق الذي اعتبراه العهدين الدوليين في المادة (1) المشتركة، ركيزة أساسية للشعوب لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

وأكد عوض الله: ” خلال هذا العام يحيي المجتمع الدولي الذكرى الخامسة والسبعين للاعلان العالمي لحقوق الانسان، الا انه في نفس العام تعرض الشعب الفلسطيني لابشع عملية تطهير عرقي” النكبة” وتحول الشعب الفلسطيني إلى لاجئين وواجه أكبر مشروع استعماري يستنكر وجوده، في حين ان الاعلان يكفل للجميع الحق في الحياة والحياة الكريمة، وتابع عوض الله: ندرك تماما ان الاحتلال والحقوق امران متناقضان لا يمكن استمراراهما.

وتابع عوض الله: العام 2023 الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين منذ عام 2005 الموافق تسجيل في الاممم المتحدة، فقد قتلت وحرمت حق الحياة ل 209 فلسطيني بينهم 47 طفلا و570 هجوما من المستوطنين، اي بمعدل 95 هجوما شهريا، واعتقلت قوة الاحتلال أكثر من 3800 بينهم 560 طفل، هذا بخلاف اجبار الفلسطين على ترك بيوتهم في القدس كذلك منع وصول الخدمات لأبناء الشعب الفلسطيني، حيث تصل نسبة المحرومين من الزراعة الى 37% من القرى التي تعتمد أساسا على الزراعة، لكن بسبب مرور الجدار العازل بها حرمت من هذا الحق.

أيضا أضاف عوض الله ان 600 مليون شيكل من أموال المقاصة يتم اقتطاعها بدون شرعية مما يصعب دفع رواتب الموظفين، وينعكس ذلك على الحقوق الاقتصادية الاجتماعية، وترتفع نسبة الفقر بسبب سياسية إسرائيل الرامية لتفتتيت الاقتصاد الفلسطيني، هذا بالاضافة الى حصار غزة الممتد منذ 16 عاماً يصاحبه انتهاكات جسيمة منها الحق في الغذاء، وقد تخطت خسائر قطاع غزة 16.5 مليار. وفقا لتقرير الاونكتاد.

تل السلطان عالمية

واستعرض د.عمر عوض الله أمام اللجنة اهم الانجازات التي قامت بها دولة فلسطين لتتفيذ وصيانة الحقوق الواردة في العهد الدولي، والتي كان آخرها نشر أحكام العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الجريدة الرسمية وبالتالي أصبحت جزءاً من المنظومة التشريعية الفلسطينية، بالإضافة إلى اضافة تل السلطان في مدينة اريحا على قائمة التراث الثقافي لدى منظمة اليونسكو، والاستمرار في مراجعة احكام القوانين والتشريعات السارية لتتوائم مع احكام الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.

ومن جهتها، أعربت اللجنة الاممية عن تقديرها للجهود الفلسطينية المبذولة في سياق تنفيذ أحكام العهد الدولي والإجراءات التي تتخذها دولة فلسطين بشكل مستمر للارتقاء بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وابدت اللجنة تفهمها وقلق إعطائها من الأوضاع في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، في ظل الاحتلال الإسرائيلي.

وتركزت اسئلة أعضاء اللجنة الأممية على الجهود الوطنية المبذولة لتتفيذ أحكام العهد، والاطار التشريعي المنظم للحقوق والحريات، بالإضافة إلى التدابير والسياسات التي تتبعها حكومة دولة فلسطين لضمان صيانة واحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

واختتم الوفد كلمته بالتأكيد على أن أساس أعمال حقوق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير والاستقلال والعودة للاجئين اساسه إنهاء الاحتلال الاستعماري الاسرائيلي، وتفكيك منظومة الابارتهايد، وتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.