عودة الاشتراكيين إلى سباق تشكيل الحكومة في إسبانيا


الدار/ افتتاحية

تعيين زعيم الحزب الاشتراكي الإسباني ورئيس الحكومة المنتهية ولايته بيدرو سانشيز لإطلاق مشاورات جديدة لتشكيل الحكومة الإسبانية دليل جديد على التعقيد الكبير الذي يميّز الساحة السياسية الإسبانية بصراعاتها وتقاطباتها الإيديولوجية المتجذرة. الصراع بين اليمين واليسار وبين الأحزاب القومية والأحزاب الراديكالية يعرقل النظام السياسي في إسبانيا منذ عقود، وواهمٌ من يعتقد أن نتائج الانتخابات قادرة على حسم التحالفات الحكومية وإفراز مؤسسات تنفيذية منسجمة وقادرة على تحمّل مسؤولياتها وتنفيذ برامجها بصلاحيات واسعة وكافية. والدليل على ذلك أننا اليوم شهود على تعيين زعيم الحزب الذي حصل على المرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية الأخيرة من أجل تشكيل الحكومة بعد فشل زعيم الحزب الشعبي الفائز بالمرتبة الأولى في تشكيل التحالف الحكومي.

لكنّ الأهم في هذه التجربة الديمقراطية الإسبانية الفريدة هي الدروس التي ينبغي أن تستخلصها بعض الأنظمة المستبدة الباحثة عن استغلال نتائج الانتخابات في بعض البلدان الأوربية المجاورة لتوظيفها ضد الجيران. هذا حال نظام الكابرانات الذي أبدى سعادة بالغة بعد الانتخابات الإسبانية الأخيرة وهزيمة الحزب الاشتراكي واحتلاله المرتبة الثانية بعد الحزب الشعبي. كان إعلام العصابة العسكرية يروج منذ ذلك التاريخ مزاعم كثيرة عن احتمال تراجع إسبانيا عن موقفها الأخير المؤيد للحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية في أعقاب مصالحة تاريخية مع المغرب. وكان هؤلاء يلوحون بالتصريحات التي أدلى بها زعيم الحزب الشعبي ألبرتو نونيز فيخو خلال الحملة الانتخابية، واستعداده لمراجعة مواقف إسبانيا الدبلوماسية.

ها هو ذا فيخو يتراجع إلى الوراء ويترك المجال أمام خصمه زعيم الاشتراكيين الإسبان من أجل العمل وفقا للدستور الإسباني على تشكيل الحكومة الجديدة، وهو الأمر الذي أضحى وشيكا بسبب اتساع رقعة التحالفات السياسية لهذا الحزب مع حلفائه التقليديين من الأحزاب الأخرى. لقد ماتت المناورة التي كان الكابرانات يعوّلون عليها في حال صعود رئيس حكومة يميني، في مهدها، ولم يُكتب للأحلام والأوهام الانفصالية أن تجد صدى جديدا في الساحة الإسبانية. بيدرو سانشيز الذي سيعمل اليوم بعد تعيينه رسميا من طرف الملك الإسباني على تشكيل حكومة جديدة سياسي متّزن ومحنّك ويدرك جيدا أن استقرار العلاقات المغربية الإسبانية ونماءها مهم جدا بالنسبة إلى مدريد ومستقبلها ونموها أيضا.

في إسبانيا هناك إدراك كبير للتحوّلات الهائلة التي شهدها ملف الوحدة الترابية للمغرب في الأعوام القليلة الماضية، وتعرف مدريد أن مسؤوليتها التاريخية عن هذا النزاع يجب أن تنتهي نهاية سعيدة ببقاء الصحراء تحت السيادة المغربية وتمكين سكان الأقاليم الجنوبية من الحكم الذاتي لتدبير شؤونهم بأنفسهم. ولهذا كانت الرسالة التاريخية التي بعث بها بيدرو سانشيز إلى الملك محمد السادس في مارس 2022 بمثابة اتفاق رسمي بين البلدين تتعهد فيه إسبانيا بتجنّب كل ما يمكن أن يزعج المغرب ويهدد وحدته ويطعن في سيادته. لا يهم بالنسبة لنا في المغرب من يحكم إسبانيا، لأن التعهدات المسجلة سابقا ملزمة لجميع الأطراف لا سيّما أنها تتعلق بالعلاقات الخارجية.

لكنّنا عرفنا على الأقل بيدرو سانشيز على مدى ولاية حكومية كاملة ونفهم أن التيار الديمقراطي الذي يمثله ليس من مصلحته بأي حال من الأحوال أن يتراجع عن التزاماته على الأقل في الوقت الراهن. وفي أفق تشكيل الحكومة الجديدة بقيادة الحزب الاشتراكي الإسباني تهيمن الصدمة على المشهد في بلاد الكابرانات بعد أن هلّل الإعلام الرسمي وغير الرسمي شهورا طويلة للمحافظين الإسبان وروّج مزاعم وأكاذيب عن قرب تراجع مدريد عن مواقفها تجاه القضية الوطنية، بل ذهبت بعض هذه الادعاءات أبعد من ذلك عندما زعمت أن رئيس الحزب الشعبي ألبرتو نونيز سيضع يده في يد عصابة العسكر من أجل العمل على تحويل حلم الانفصال وجمهورية الأوهام إلى واقع.

تاريخ الخبر: 2023-10-04 09:25:16
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 55%
الأهمية: 69%

آخر الأخبار حول العالم

طقس الإثنين.. أجواء حارة وأمطار خفيفة ببعض مناطق المملكة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 03:08:25
مستوى الصحة: 64% الأهمية: 73%

16 قتيلا من عائلتين في غارات إسرائيلية على رفح

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 03:06:59
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 90%

تشمل “التقشف”.. تعليمات أخنوش حول الإحصاء الذي ينتظر المغاربة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 03:08:28
مستوى الصحة: 73% الأهمية: 81%

ميناء طنجة.. فحص حاوية قادمة من البرازيل يقود إلى مفاجأة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 03:08:35
مستوى الصحة: 69% الأهمية: 81%

النصيري يساهم في فوز إشبيلية

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 03:08:31
مستوى الصحة: 64% الأهمية: 85%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية