خبراء ينوّهون بانتهاج الجزائر الاستغلال الموازي للطاقات التقليدية والمتجدّدة

توجه للطاقات المتجددة لتحقيق ريادة إفريقية وضمان سوق أوروبية

تتجه الجزائر في السنوات الأخيرة، إلى انتقال طاقوي تدريجي باعتماد الطاقات المتجددة البديلة، على الرغم من احتياطاتها من الغاز والبترول، وذلك من أجل ضمان أمنها الطاقوي وهو ما أكده رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بأن «الجزائر، بامتلاكها للمؤهلات والقدرات الطبيعية والمالية، تعمل على تنويع مصادر الطاقة، لا سيما النظيفة منها، ما يفتح المجال أمام المؤسسات الناشئة لاقتحام هذا المجال، من خلال المناولة، في مختلف التخصصات»، وأجمع خبراء في الطاقة لـ"النصر" على أن موقع الجزائر الاستراتيجي وإمكانياتها، عاملان يجعلانها تحافظ على مكانتها في توريد المواد الطاقوية، سواء التقليدية أو المتجددة إلى أوروبا، منوّهين بانتهاج الجزائر نموذج الاستغلال الموازي بين الطاقات الأحفورية والمتجددة في الانتقال الطاقوي.

ياسين عبوبو

مشاريع لتوليد 6000 ميغاواط كهروضوئية لتحقيق وثبة انتقال طاقوي
معلوم أن الجزائر تمتلك احتياطات  كبيرة من الغاز والبترول سمحت لها بضمان أمنها الطاقوي لعدة عقود من الزمن، وهي لاتزال كذلك، إلا أن الرهان لضمان الأمن الطاقوي بات يفرض استغلال الطاقات المتجددة حسبما يؤكده المختصون والخبراء في مجال الطاقة، خاصة والجزائر تتوفر على إمكانيات طبيعية هائلة لإنتاج الطاقات البديلة، وهو ما جعل الحكومة الجزائرية منذ 2019 تستهدف توليد 15 ألف ميغاواط من الطاقة المتجددة بحلول عام 2035، من خلال إنجاز المشاريع المتعلقة باستغلال الطاقة الشمسية، وقوة الرياح، والتوجه لتوليد الهيدروجين الأخضر، وأكد مختصون في الطاقات المتجددة والانتقال الطاقوي للنصر، أن إمكانيات الجزائر لإنتاج الطاقات المتجددة، ومنها الهيدروجين الأخضر، ستكون بديل تدريجي للانتقال الطاقوي  مستقبلا.
وتشير إحصائيات رسمية تتعلق بالطاقات المتجددة،   إلى نجاح الجزائر منذ ديسمبر 2019 في إضافة أزيد من 30 ميغاواط من المنشآت الجديدة للطاقة المتجددة، مسجلة بذلك نموا بنسبة 7 %، وبحسب بيانات رسمية، بلغ إجمالي سعة الطاقة المتجددة الموصلة بالشبكة نحو 401.3 ميغاواط، تضمنت 12 ميغاواط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية الجديدة التي دخلت حيز الاشتغال منذ سنتين.
وحسب إحصائيات لوزارة الطاقة، يأتي الجزء الأكبر من إجمالي إنتاج الطاقة المتجددة في الجزائر عبر محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية، مع اتصال أغلبها بالشبكة، وتمثل  الطاقة الشمسية الكهروضوئية ما نسبته 92 % من الطاقة المتجددة في الجزائر، كما يتصل 84 % من إجمالي الطاقة الشمسية الكهروضوئية بالشبكة وتمثل الطاقة الشمسية الحرارية 6 % والرياح 2 % من مصادر الطاقة المتجددة، وسمح التوجه باستغلال الطاقة الشمسية بتجهيز أزيد من ألف مدرسة بأنظمة شمسية، حسب ذات الإحصائيات وتُقدَّر سعة الأنظمة الشمسية في المدارس بنحو 09  ميغاواط، بالإضافة لتسجيل مشاريع لإضافة 2 ميغاواط جديدة تخصص لنحو 339 مدرسة، وباستمرار توسيع استخدام الطاقة الشمسية، توقّع تقرير لمنتدى الطاقة العالمي، التحول في استعمال الطاقة الشمسية بنسبة تتراوح ما بين 30 و40 % من الكهرباء المنتَجة في الجزائر بحلول عام 2030.
ومن بين أبرز مشاريع الطاقة المتجددة، التي تعكف الجزائر على تحقيقها، مشروع لإنتاج 2000 ميغاواط من الكهرباء الشمسية الكهروضوئية، حيث أكد الباحث في الطاقات المتجددة علي شقنان للنصر، أهميته ضمن برنامج الطاقة المتجددة بالجزائر، من خلال استهداف توليد 15 غيغاواط بحلول عام 2035، ويتضمن المشروع إنجاز محطات شمسية كهروضوئية بقدرة إجمالية 2000 ميغاواط، حيث كانت شركة سونلغاز قد أطلقت شهر جويلية من السنة الجارية مناقصة وطنية ودولية لإنجاز 15 محطة طاقة شمسية عبر 12 ولاية، بقدرة وحدة تتراوح بين 80 و220 ميغاواط علاوة على إنجاز منشات للربط بشبكة الكهرباء، وقد أثارت المناقصة اهتمام 140 مترشحا، قاموا بسحب دفتر الشروط من بينهم 34 مؤسسة جزائرية، و106 مؤسسات أجنبية يمثلون 20 بلدا.
وتؤكد الحكومة عزمها المضي على الاستثمار في الطاقات المتجددة حيث أشار عرقاب في كلمته بمناسبة افتتاح العروض ، إلى أن هذا المشروع يعتبر «مرحلة أولية لتجسيد برنامج طموح لتطوير الطاقات المتجددة في الجزائر يهدف إلى بلوغ 15 ألف ميغاواط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية في آفاق 2035». كما اعتبر الوزير، أن إتمام مشروع 2000 ميغاواط، يعد فرصة للمؤسسات الوطنية الخاصة والعمومية لمرافقة تطوير قطاع الطاقة المتجددة، سواء في مجال الإنجاز أو تصنيع التجهيزات أو الخدمات»، وقال أيضا بأن ذلك سيسمح بتجسيد الشراكات بين الشركات الوطنية والأجنبية.
ولتحقيق هذا المشروع وغيره من مشاريع الطاقة الشمسية، أكد المدير العام لسونلغاز «أن المؤسسة ستتبوأ مكانة رائدة في مجال الطاقة الشمسية من خلال إطلاق مشروع 2000 ميغاواط الذي يشكل جزءا من مشروع 15000 ميغاواط الذي بادر به رئيس الجمهورية» وفي هذا الشأن نوّه وزير الطاقة إلى الدور «الرئيسي» الذي تضطلع به سونلغاز «لمساندة قطاع الطاقة لتحديد أفضل نموذج للاستهلاك يضمن انتقالا طاقويا تدريجيا وناجحا وبالتالي فهي الشركة المؤهلة لتنفيذ البرنامج الوطني لتطوير الطاقات المتجددة والذي يتمثل في انتاج 15000 ميغاواط من الطاقة المتجددة «.
وثمن الباحث المختص في الطاقات المتجددة شقنان علي، نموذج الجزائر في التوجه التدريجي باستغلال الطاقات الأحفورية، وفي الوقت نفسه الاستثمار في الطاقة المتجددة، وقال بأن مشروع «سولار» 1000 للشركة الجزائرية للطاقات المتجددة «شمس» يعد هو الاخر من أهم وأبرز مشاريع تحقيق الانتقال الطاقوي، وهو المشروع الذي أعلن وزير الطاقة عزم سونلغاز إطلاقه إلى جانب مشروع 3000 ميغاواط ابتداء من شهر نوفمبر 2023، وهو ما يعكس حسب الوزير من خلال تحقيق 6000 ميغاواط «طموح سونلغاز، في أن تصبح الرائدة إفريقيا في مجال قدرات إنتاج الطاقات المتجددة».وما يعكس الاهتمام الدولي بإمكانيات الجزائر في إنتاج الطاقات المتجددة، تأكيد مدير الوكالة الدولية للطاقات المتجددة، بأن الجزائر تمثل شريكا للوكالة، وأنها ستواصل العمل جنبا إلى جنب مع وزارة الطاقة وسونلغاز، بغية تجسيد هذا المشروع.
إيطاليا بوابة الجزائر لتوريد الطاقة إلى أوروبا
كانت الجزائر قد عززت مطلع هذه السنة علاقاتها مع إيطاليا، بعد زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية للجزائر جورجيا ميلوني، وكللت الزيارة بتوقيع عدة اتفاقيات منها ما تعلق بالطاقة، وأكدت حينها ميلوني أنه يمكن للجزائر، في ظل الأزمة الطاقوية التي تعيشها أوروبا أن «تصبح رائدة طاقويا على الصعيدين الإفريقي و العالمي» و «أن إيطاليا هي باب دخول و توريد هذه الطاقة نحو أوروبا»، وفي ذات السياق أكد حينها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في الشأن ذاته، متحدثا عن مشروع الأنبوب الجزائري الجديد الذي يربط الجزائر بإيطاليا «إنه مشروع هام جدا سيجعل من إيطاليا موزعا لهذه المصادر الطاقوية عبر أوروبا»، منوها بالتعاون الاستراتيجي بين البلدين، لا سيما في المجال الطاقوي، معتبرا الجزائر ممونا أساسيا،  وأضاف «نتمنى من الإيطاليين أن ننتقل إلى مرحلة أخرى حيث ستصبح إيطاليا محطة لتوزيع الطاقة من كهرباء وغاز وامونياك وهيدروجين في أوروبا».
وضمن توجه الجزائر لتنويع صادراتها من المحروقات والمواد الطاقوية منها المتجددة، استطاعت شركة سوناطراك  منذ الاستقلال، استغلال الثروات الطبيعية الطاقوية بالجزائر خاصة منها البترول والغاز، ووجهت أيضا اهتمامها في الاستثمار بالطاقة المتجددة وتجسدت في أول مشروع للطاقات المتجددة في الجزائر في حاسي الرمل بإنشاء محطة هجينة لإنتاج الكهرباء تجمع بين الشمس والغاز والملاحظ أن سوناطراك تنتهج مواصلة البحث واستكشاف والتنقيب عن الطاقات التقليدية من بترول وغاز وفي آن واحد وجهت أيضا استثماراتها نحو الطاقة المتجددة. وتسعى سوناطراك لتوسيع استكشافاتها وأبحاثها مع الشريك الإيطالي، وهو توجه تدعمه إيطاليا حيث تطرقت رئيسة الوزراء الإيطالية ميلوني إلى «خطة ماتيي» لتطوير التعاون بين إيطاليا وإفريقيا مؤكدة أنه يتم التركيز، كمرحلة أولى، على منطقة المتوسط وأن «إفريقيا الشمالية لديها الأولوية والجزائر كذلك، لأنها الشريك الأساسي الأكثر استقرارا واستراتيجية»، وأضافت في تصريحها خلال زيارة الجزائر «نحن نعتبر أن الجزائر شريك بالغ الأهمية في إطار خطة ماتيي لإفريقيا، هذا المشروع الطموح الذي أطلقته الحكومة الإيطالية، وأعربت ميلوني عن رغبة الطرفين الجزائري والإيطالي في بناء نموذج للتعاون بين البلدين، يسمح لهما بتحقيق تعاون يرضي كلا الطرفين ، مبرزة أن الجزائر تعتبر أول شريك تجاري لإيطاليا في القارة الإفريقية.
الهيدروجين الأخضر خيار استراتيجي لضمان أسواق أوروبية
تظهر مؤشرات الانتقال الطاقوي في الجزائر من خلال الاتفاقيات التي باشرتها مع عديد الدول، منها بالخصوص دول الاتحاد الأوروبي ضمن التوجه الذي أعلن رئيس الجمهورية على انتهاجه في التحول الطاقوي، بعد أن أكد «أهمية ترشيد الاستهلاك الداخلي للغاز، من أجل المحافظة على الموارد الطاقوية للرفع من قدرات التصدير»، ومن جانب آخر دعا إلى «التعاون مع الدول المتقدمة عمليا، في البحوث حول تقنيات تعميم استعمال الطاقات المتجددة»، ويتجلى توجه الجزائر نحو الطاقات المتجددة، في الاتفاق الأخير مطلع شهر أكتوبر من السنة الجارية بالاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، خلال الاجتماع السنوي رفيع المستوى لحوار الطاقة، على اطلاق برنامج تعاون جديد لتطوير مشاريع في مجال الطاقات المتجددة بقيمة مالية تقدر ب15 مليون يورو، حسب ما أفاد به البيان المشترك للاجتماع.
وكانت وزارة الطاقة قد أعلنت أن هذا البرنامج، الذي تم اعتماده بالنظر إلى النتائج «الإيجابية للغاية» لمشروع «طاقة نظيفة»، يهدف إلى دعم مشاريع الطاقات المتجددة، ودمجها في الشبكة، بالاعتماد على التكنولوجيات الحديثة والربط الكهربائي، وتنمية الاقتصاد الأخضر للهيدروجين، وزيادة إنتاج الطاقات المتجددة ونقلها، بالإضافة إلى فعالية الطاقة في المنازل والهيئات العمومية، وهو البرنامج الذي كان قد تمخض عن مجلس الوزراء مؤخرا، بتوجيه رئيس الجمهورية  تعليمات تقضي بإلزام كل البلديات باستعمال الطاقة الشمسية في الإنارة العمومية، حيث كان قد أمر بـ «إلزام كل بلديات الوطن, باستعمال الطاقة الشمسية في الإنارة العمومية، بما فيها الطرقات السريعة والمناطق الجبلية، كالأوراس والونشريس وجرجرة». كما أمر بتحديد آجال، أقصاها ثلاثة أشهر، للتحول الطاقوي باستعمال الطاقة الشمسية في بعض مؤسسات ومرافق الدولة، خاصة قطاعي الصحة والتربية.
وحظي الهيدروجين باهتمام الجانبين الجزائري والاتحاد الأوروبي خلال الاجتماع الأخير،  حيث عبر الطرفان حسب بيان لوزارة الطاقة عن «إرادتهما المشتركة لاستكشاف إمكانية التوصل إلى اتفاق تعاون بشأن الهيدروجين من أجل تحديد الإجراءات الملموسة والمشاريع في هذا المجال من الشراكة» واتفق الطرفان على تسريع المحادثات حول التعاون وخاصة الربط بين الشبكات الكهربائية الأوروبية والجزائرية والتبادلات العابرة للحدود، على أن تناقش أيضا إمكانية إنشاء شراكات صناعية لإنتاج المعدات الخاصة بسوق الطاقات المتجددة.
وتتوجه الجزائر التي تمون السوق الأوروبية بالطاقات الأحفورية من نفط وغاز إلى ضمان مكانتها في توريد الهيدروجين الأخضر مستقبلا، باعتبار الاتحاد الأوروبي للهيدروجين مجالا ذا أولوية لتحفيز التحول الأخضر، وفي هذا السياق أكدت الباحثة في المجال الطاقوي البروفيسور ليلى مخناش للنصر، بأن الهيدروجين الأخضر يعد خيارا استراتيجيا خاصة بعد اعتماد الاستراتيجية الوطنية الجزائرية مؤخرا، لتطوير الهيدروجين بشكل أساسي.

* البروفيسور في الطاقات المتجددة عدوان نورالدين بلقاسم
يمكن استغلال أزيد من 200 مركز للنفايات في إنتاج البيوغاز
أكد البروفيسور عدوان نورالدين بلقاسم، المختص في الطاقات المتجددة، بأن التوجه للطاقات المتجددة الذي أصبح حتميا وليس خيارا بحكم أن الطاقات الأحفورية آيلة للزوال، يمكن أن تساهم في إطالة مدى استغلال طاقات مثل الغاز والبترول، خاصة وأن مؤشرات توحي لبداية نهاية الطاقات الأحفورية سيكون في الفترة الممتدة بين 2030 و2035، وقال البروفيسور عدوان، بأن الاستغلال الموازي بين الطاقات المتجددة والطاقات الأحفورية، يطيل المدى الزمني للانتقال الطاقوي تدريجيا.
وأضاف الباحث الذي يشتغل على دراسات وتجارب استخراج البيوغاز، الذي يمثل طاقة بديلة وصديقة للبيئة، بأنه إلى جانب الإمكانيات الطبيعية الكبيرة التي تزخر بها الجزائر لإنتاج الطاقات المتجددة، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فإنه بالإمكان استغلال استخراج البيوغاز من أزيد من 200 مركز ردم تقني متشبع بالنفايات عبر عديد الولايات بالوطن، مشيرا إلى أن إمكانية استغلال البيوغاز من مراكز الردم التقني للنفايات تصل إلى غاية 30 سنة.وأوضح البروفيسور عدوان، بأنه على الرغم من نقص الكثافة الطاقوية بالنسبة للطاقات المتجددة مقارنة بالطاقات الأحفورية التقليدية، إلا أن التوجه للطاقات المتجددة أمر حتمي ليس لكونها طاقات نظيفة صديقة للبيئة، ولكن باعتبارها طاقات زائلة، وأكد بأن الانتقال الطاقوي من خلال الاستغلال الموازي للطاقتين، يطيل أمد استخراج الطاقات التقليدية، وهو ما يعني ضمان الأمن الطاقوي مستقبلا، كما أكد على ضرورة استغلال الطاقات المتجددة بمختلف أشكالها ومصادرها من طاقة شمسية، وحرارية، ورياح وكذا الالتحام النووي، حتى يتم تعويض جزء مما نستهلكه من الطاقات التقليدية، فضلا عن ترشيد استهلاك الطاقة، كما أشار الباحث في الطاقات المتجددة إلى انخفاض تكلفة أنواع من الطاقات المتجددة منها الألواح الشمسية ،ما يسمح بالتوجه نحو استغلالها.
وقال البروفيسور عدوان، بأن الحديث عن الطاقات المتجددة يقود بالضرورة للحديث عن الهيدروجين الأخضر، الذي هو عبارة عن طاقة صديقة للبيئة، مؤكدا بأن إنجاز محطات تحلية مياه البحر يمكن أن يسهم في إنتاج طاقة الهيدروجين إلى جانب تحلية مياه البحر، ومن ثم بحث سبل نقله صلبا عبر الموانئ أو تحويله عبر أنابيب الغاز باتجاه أوروبا، كما أكد الباحث، على أهمية إنتاج الأمونياك أحد مشتقات الهيدروجين.
ي/ع

* البروفيسور ليلى مخناش مديرة المدرسة الوطنية للطاقات المتجددة
دول أوروبية مهتمة بتطوير واستيراد الطاقات المتجددة بالجزائر
أكدت البروفيسور ليلى مخناش، مديرة المدرسة الوطنية للطاقات المتجددة والتنمية المستدامة بباتنة، اهتمام دول أوروبية خاصة إيطاليا وألمانيا بتطوير الطاقات المتجددة بالجزائر تحضيرا لتصديرها إليها في آفاق 2030 و2035، خاصة ما تعلق بالهيدروجين الأخضر، وأوضحت البروفيسور مخناش بأن الاهتمام المتزايد بالهيدروجين الأخضر، ليس لكونه بديلا لضمان الأمن الطاقوي فحسب، وإنما لصلته أيضا بتحقيق الأمن الغذائي، من خلال توفير الأمونياك أحد مشتقات الهيدروجين التي تدخل في تصنيع الأسمدة المستعملة في معالجة عديد المنتجات الغذائية، واعتبرت المختصة الطاقوية بأن من تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية غلاء أسعار المواد الغذائية، ومن بين أسباب ذلك هو غلاء الأسمدة التي ترتبط كلفتها بكلفة الطاقة المنتجة لها، لهذا اعتبرت بأن تحصيل طاقة الهيدروجين الأخضر ستساهم لا محالة في خفض تكلفة الأسمدة، وبالتالي خفض أسعار مواد غذائية لوفرتها.
وأكدت أيضا المختصة طاقويا البروفيسور ليلى مخناش، بأن موقع الجزائر الجغرافي تحسد عليه، لتواجدها ضمن ما يعرف بالحزام الشمسي الممتد من دول الخليج إلى غاية شمال إفريقيا حيث يتمركز أكبر حجم من كثافة الطاقة الشمسية، وأوضحت بأن توجه الجزائر في تحلية مياه البحر بإنجاز محطات التحلية على ساحلها، من شأنه المساهمة في إنتاج طاقة الهيدروجين الأخضر الذي يستخرج من تفكيك المياه، وأكدت بأنه يجب اتباع التكنولوجيا الحديثة في ذلك، خاصة وأن الهيدروجين يتطلب تقنيات عالية في النقل، وقالت بأن المدرسة لها نفس تصور واتجاه وزارة الطاقة وشركة سوناطراك، لإنتاج الهيدروجين الأخضر مستقبلا، بنصب مراكز للهيدروجين بمناطق الهضاب العليا، أين يتم إنتاج الطاقة الشمسية وحتى يسهل استغلال المياه التي يتم تحليتها بمحطات التحلية، ومن ثم تحويل الطاقة المنتجة إلى الموانئ.
وكشفت مديرة المدرسة الوطنية للطاقات المتجددة عن إبرام اتفاقيات مع جامعات ومراكز بحث أوروبية في مجال الطاقات المتجددة، منها اتفاقيتين مع جامعتي بويت في برلين وهامبورغ بألمانيا وجامعة توربيرقاتا المتواجدة في روما الإيطالية، وهي الجامعة الوحيدة حسب البروفيسور مخناش التي حظيت على مصادقة بين دول أعضاء الاتحاد الأوروبي في الطاقات المتجددة، وأوضحت محدثتنا بأن العلاقات مع جامعات أوروبية، وخاصة الألمانية منها في مجال الطاقات المتجددة، تمتد لعقود من الزمن مع جامعة باتنة، بحيث ترجع إلى سنة 1981، وكان حينها الدكتور شعبان حمودة أول من اشتغل بالتنسيق مع جامعة برلين على الطاقة الشمسية.
كما كشفت مديرة المدرسة الوطنية للطاقات المتجددة، عن فتح تخصص لأول مرة وطنيا على مستوى مدرستها في الهيدروجين الأخضر، والتحاق طلبة لدراسة هذا التخصص وفي ذات السياق كشفت أيضا عن رسم شبكة موضوعاتية، بين جامعات ومدارس عليا عبر الوطن للبحث والتعاون العلمي حول الهيدروجين الأخضر، في إطار توجيهات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مؤكدة بأن خيار إنتاج الهيدروجين الأخضر يعد استراتيجيا بالنسبة للجزائر.
ي/ع

* البروفيسور علي شقنان خبير في الطاقات المتجددة والانتقال الطاقوي
أزمة الطاقة في أوروبا أبانت الحاجة إلى الجزائر لإنتاج الطاقات البديلة
أوضح الخبير في الطاقات المتجددة والانتقال الطاقوي، علي شقنان بأن الانتقال الطاقوي أو تحول استعمال الطاقة هدفه الرئيسي بيئي بحت، وأوضح للنصر بأن الانتقال الطاقوي الذي يحدث على ثلاثة مستويات من إنتاج الطاقة إلى توزيعها فاستهلاكها، يتكون أيضا من ثلاثة مكونات رئيسية للتحول، بحيث إن أولها الانتقال من النظام الذي يعتمد على الطاقات الأحفورية التي هي ملوثة للبيئة، إلى نظام يعتمد على الطاقات المتجددة، والمكون الثاني هو الفاعلية الطاقوية، والمقصود بها حسب الخبير الطاقوي، تحسين الطاقة فيما المكون الثالث هو الرصانة الطاقوية، التي يقصد بها التخفيض المنظم والطوعي في استهلاك الطاقة أو ما يُعرف بترشيدها.
وأوضح أيضا الخبير علي شقنان، الذي أبرز مفهوم الانتقال الطاقوي بأن ما تعلق بطريقة الانتقال الطاقوي له نماذج، وبالنسبة للجزائر التي ثمن فتحها لورشات الطاقة المتجددة، فإن النموذج الأمثل الذي يليق بها وتعمل عليه حسبه، هو الانتقال السلس أو التدريجي بمعنى استمرارية استغلال الطاقات الأحفورية من غاز وبترول، وفي الوقت نفسه العمل على استعمال الطاقات المتجددة بمختلف مصادرها وتطويرها لضمان أمنها الطاقوي، مضيفا في ذات السياق بأن الانتقال الطاقوي بالجزائر، لا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها بالاستغناء عن المصادر الطاقوية التقليدية، التي أكد على ضرورة ترشيد استهلاكها، كما أكد على تنويع مصادر الطاقة المتجددة من شمسة وحرارية وقوة الرياح، وحتى النووية، لتكون الجزائر قطبا طاقويا.
وتطرق شقنان للتداعيات الطاقوية للأزمة الروسية الأوكرانية، وما أبانته عن حاجة دول أوروبية للطاقة، والتفاتها بقوة إلى الطاقات المتجددة، وتوجهها للجزائر من أجل الحصول على الطاقة، من خلال إبرام اتفاقيات منها ما تعلق بتبادل الخبرات لإنتاج الطاقات المتجددة كالهيدروجين الأخضر، الذي أكد توفر الجزائر على مؤهلات طبيعية كبيرة لإنتاجه، وأشار الخبير في مجال الطاقات المتجددة والانتقال الطاقوي، إلى إمكانية توسيع ورفع طاقة الإنتاج من الطاقات المتجددة من خلال المشاريع التي أنجزت، والتي هي في طور الإنجاز على غرار محطات توليد الطاقة الكهربائية عن طريق الطاقة الشمسية بالأغواط، كما أشار إلى مشروع الطاقة الهجينة بمنطقة حاسي الرمل الذي ينتج 150 ميغاواط ومشاريع سولار 1000 ميغاواط ومشروع 2000 ميغاواط.     
واعتبر الخبير في مجال الطاقات المتجددة والانتقال الطاقوي علي شقنان، بأن الجزائر تنتهج نهجا صحيحا وحكيما نحو انتقال طاقوي تدريجي، أصبح حتمية لا مناص منها حسبما أكده في حديث مع النصر، مضيفا بأن الإمكانيات التي تمتلكها الجزائر من مصادر طاقوية متجددة، وموقعها الاستراتيجي، تؤهلها لتكون قطبا طاقويا بامتياز في منطقتها وفي العالم، ونوه شقنان بتنوع مصادر الطاقات المتجددة بالجزائر منها الهيدروجين الأخضر، بعد أن أصبح مشروع الدولة الجزائرية التي تبنته وفتحت ورشاته من أجل إنتاجه وتصديره نحو أوروبا، عبر بوابة إيطاليا خاصة بعد أن التفتت دول الاتحاد الأوروبي إلى الاستثمار في الهيدروجين الأخضر كمصدر للطاقة، بعد أن أبانت  الأزمة الروسية الأوكرانية عن الحاجة للطاقة.
وقال الخبير علي شقنان، بأن الحديث عن الهيدروجين الأخضر يقود بالضرورة للحديث عن مشتقاته ومنها بالخصوص الأمونياك أو غاز النشادر، لأهميته في الأسمدة، مثمنا تبني الدولة الجزائرية مؤخرا مشروع الهيدروجين الأخضر الذي تتسابق إليه الدول، وأكد بأن إمكانيات الجزائر الطبيعية منها شساعة الصحراء، تعد مؤشرا لتصبح قطبا طاقويا بتبني مشاريع لضمان أمنها الطاقوي، كما اعتبر الاتفاقيات التي  أبرمتها الجزائر في مجال الطاقات المتجددة مع دول رائدة في المجال، يعد مؤشرا على تبني مشاريع في الطاقات المتجددة لضمان أمنها الطاقوي.
ي/ع

 

تاريخ الخبر: 2023-10-09 00:24:31
المصدر: جريدة النصر - الجزائر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 52%
الأهمية: 68%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية