كيف تحول المغرب إلى عملاق في الطاقة المتجددة يزعج المنتجين التقليديين؟


 

شهدت التجربة على أن الطاقة تعتبر من أبرز العوامل السياسية والعسكرية والاقتصادية التي تؤدي إلى نشوب صراعات بهدف تحقيق المصلحة، حتى لو إن كانت تمارس بطريقة غير مباشرة وغير واضحة المعالم للمشاهد السياسي، لكن تجمع بين طياتها أحداث لها علاقة وثيقة بالطاقة وخاصة الاحفورية.

 

 

وبدأ المغرب يتوغل بشكل جدي وعميق في المشاريع الطاقية المتجددة، والتخلي بشكل تدريجي عن الطاقات الاحفورية التي تكلف خزينة الدولة مبالغ مالية خيالية لانتاج الطاقة وتساعد على توسيع الأزمة المناخية، الأمر الذي قد يضع المملكة المغربية في ضغوط مع الدول المنتجة للطاقة الأحفورية، علما أن المشاريع المغربية سواء المتعلقة بالطاقات الشمسية أو الريحية أو الهيدروجينية ستسفيد منها مجموعة من الدول الأوروبية والغربية.

 

 

 

إنزعاج إقليمي بذكاء

 

يرى موسى المالكي، أستاذ باحث في الجغرافيا السياسية والقضايا الجيواستراتيجية، ورئيس المنتدى الإفريقي للتنمية والأبحاث الجغرافية والاستراتيج، أن هذا “المنحى الطاقي السيادي للمغرب، يمكن أن يفاقم إنزعاج بعض القوى الإقليمية المجاورة التي حاولت توظيف سلاح الطاقة ضد المغرب، والدخول في منافسة شديدة لمشاريعه الطاقية الإستراتيجية غير أن المغرب يتعامل بذكاء ومرونة مع هذه المناورات”.

 

 

وأضاف موسى المالكي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “الأزمات السياسية والعسكرية المتكررة تسببت في ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعية وصعوبة التزود، بل واستعمال الطاقة كسلاح (حرب أفغانستان 2001، حرب العراق 2003، حرب لبنان 2006، انتشار وباء كورونا 2019-2020 وحرب روسيا وأوكرانيا 2022)”.

 

 

واستدرك الخبير في الجغرافيا السياسية أن “المغرب ظل يعيش لعقود طويلة منذ إستقلاله في ظل تبعية طاقية واضحة للخارج سواء على مستوى التزود بالنفط أو الغاز الطبيعي ومشتقاتهما، وأيضا في إنتاج الطاقة الكهربائية لتزويد القرى والمدن”، معتبرا أن “المملكة المغربية من أكبر المستوردين للوقود الأحفوري في شمال إفريقيا والشرق الأوسط معتمدة على مصادر أجنبية في تأمين أكثر من 97 في المائة من طاقتها وفق معطيات برنامج الأمم المتحدة للبيئة”.

 

 

“سنة 2009، ستشهد إحداث الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن)، والتي أطلقت تحت إشراف وتتبع قائد البلاد الملك محمد السادس، مجموعة من البرامج الهادفة لتطوير قدرة إنتاج كهربائي نظيف إضافي حددت في 3000 ميغا واط سنة 2020 و6000 ميغا واط في أفق سنة 2030″، يقول المتحدث، موضحا أن هذه”الخطوات جاءت بغرض المساهمة في تحقيق الهدف الوطني المتمثل في رفع حصة الطاقات المتجددة إلى 52 في المائة من الباقة الطاقية في أفق سنة 2030”.

 

 

 

وأردف المالكي أيضا أنه “تفاعلا مع الإنعكاسات الاجتماعية والاقتصادية لانتشار فيروس كورونا، أكد الملك محمد السادس مجددا سنة 2021، بأن الأزمة الوبائية أبانت عن عودة قضايا السيادة إلى الواجهة والتسابق من أجل تحصينها بمختلف أبعادها الصحية والطاقية والصناعية والغذائية”، داعيا إلى “ضرورة إحداث منظومة وطنية متكاملة تتعلق بالمخزون الإستراتيجي بما يعزز الأمن الإستراتيجي للبلاد”.

 

 

وزاد: “تكشف المشاريع الأخيرة التي تهم إنتاج الطاقات المتجددة بالمغرب، سواء تتعلق بالطاقة الشمسية أو الريحية، بأن الطموحات المغربية تتجاوز تحقيق السيادة الطاقية وتلبية الإحتياجات الوطنية، إلى أبعد من ذلك بما يعزز أدوارها الجيوسياسية والاستراتيجية على المستوى الإقليمي في ظل حاجة أوروبا الملحة للمصادر الطاقية المتجددة بسبب خلافاتها السياسية والأمنية والحصار الطاقي الذي فرضته عليها روسيا”.

 

 

وخلص موسى المالكي في حديثه إلى “المغرب شرع فعليا في تصور ودراسة مشاريع تصدير الطاقات المتجددة، من خلال مشروع الربط البحري الطاقي مع المملكة المتحدة (بريطانيا)، والذي سيمكن من تزويد ملايين المنازل البريطانية بالطاقة الكهربائية النظيفة، ويمكن القياس على ذلك، بتوقع استثمارات ومشاريع عملاقة إضافية لتصدير الطاقة نحو البلدان الأوروبية، بما في ذلك خط أنابيب الغاز الإستراتيجي المنطلق من نيجيريا مرورا بدول غرب إفريقيا وصولا إلى المغرب ومنه إلى أوروبا”.

 

 

 

 

 

حسابات اقتصادية

 

 

بالمقابل، قال بدر الزاهر الأزرق، الخبير الاقتصادي، “لا أعتقد أن المملكة المغربية ستدخل في صراع مع الدول المنتجة للطاقة الاحفورية، لأن النموذج الذي يسير عليه المغرب لتحقيق السيادة الطاقية بالمغرب هو نموذج متفرد لا ينافس أحد”، مؤكدا على أنه “يعتمد على الإمكانيات الذاتية للمملكة الشريفة، من أجل التحول التدريجي لإنتاج الطاقات المتجددة وتصديريها إلى الدول الراغبة في ذلك”.

 

 

وأورد بدر الزاهر الأزرق، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن هذا “الأمر كان واضحا في إستراتيجية المملكة المغربية المتعلقة بالطاقات المتجددة خلال السنوات الماضية، أو حتى في التوجهات المستقبلية التي بدأت في الانفتاح على التكنولوجيا الجديدة كالهيدروجين الأخضر والطاقات المتجددة”.

 

 

وتابع المتحدث عينه أن “المملكة المغربية هي تشق طريقها وتفتح المجال أمام المستثمرين الأجانب الراغبين في الاستثمار الطاقي، لأن هذا النوع من الاستثمار يتطلب مليارات الدولارات الأمر الذي يفوق إمكانية الدولة”، مبينا أن “المغرب له كل الإمكانيات من أجل الاستقطاب هذه الاستثمارات على مستوى القارة الإفريقية والبحر الأبيض المتوسط”.

 

 

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن “الإنتاج الطاقي المغربي سيكون وفق التطلعات نظرا للجو المشمس في المناطق الصحراوية، وبالنسبة للهيدروجين الأخضر وأيضا الطاقات الريحية، وتعمل المملكة المغربية على إقامة مشاريع كبيرة بشراكة معا لقطاعات الخاصة سواء كانت أجنبية أو محلية”.

 

تاريخ الخبر: 2023-10-26 21:13:15
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 72%

آخر الأخبار حول العالم

هجوم مسلح يخلف سبعة قتلى بالاكوادور

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:25:14
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 67%

رواد مركبة الفضاء الصينية “شنتشو-17” يعودون إلى الأرض في 30 أبريل

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:25:17
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 60%

أمطار مصحوبة بعدد من الظواهر الجوية على جميع مناطق المملكة السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:24:07
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 50%

الصين: “بي إم دبليو” تستثمر 2,8 مليار دولار اضافية شمال شرق البلد

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:25:11
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 58%

رصد 54 مخالفة في منشآت التدريب الأهلية في شهر مارس السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:24:06
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 65%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية