"تصدّع" علاقات الطائفتين المسلمة واليهودية، والنجمة الصفراء "استفزاز رخيص" - صحف بريطانية وإسرائيلية

صدر الصورة، EPA

مع تواصل اهتمام الصحف العالمية، ومن بينها البريطانية والإسرائيلية، بالحرب الدائرة في غزة، نقف اليوم عند ثلاث مقالات.

أوّلها مقالة الصحفية، ريمونا علي، في صحيفة الغارديان البريطانية، التي تقول في مستهلها إن "التصدع الذي أصاب علاقات الطائفتين المسلمة واليهودية في بريطانيا خاصة، وفي العالم قاطبة، هو أحد ضحايا الحرب في غزة".

وتعبر عن خشيتها من أن يؤدي هذا الصدع إلى "تآكل الحرص على حماية العلاقات الدينية بين الطوائف، مما يهدد بدفع موجة حادة بالفعل من معاداة السامية وكراهية الإسلام".

عواقب الحرب

وتشير ريمونا إلى بعض الأمثلة مما وقع بالفعل من حوادث عقب الحرب. منها:

  • قتل طفل أمريكي فلسطيني في السادسة من عمره، يدعى وديع الفيومي، على يد صاحب المنزل الذي تسكن فيه أسرته، بـ 26 طعنة، وكان صاحب البيت يصرخ "أنتم أيها المسلمون، يجب أن تموتوا"
  • واقتحام حشد من "الغوغاء"، كما وصفتهم الكاتبة، في مطار داغستان، بحثا عن ركاب يهود قادمين من إسرائيل
  • وارتفاع الهجمات المعادية للسامية بنسبة 1350 في المئة، والجرائم المعادية للإسلام بنسبة 140 في المئة في النصف الأول من شهر أكتوبر/تشرين الأول.

ماذا كانت آخر كلمات الصبي المسلم الذي قتل طعنا في إلينوي الأمريكية؟

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
  • إسرائيل وضعت خطة سرية لترحيل آلاف الفلسطينيين من غزة إلى العريش في سيناء عام 1971- وثائق بريطانية
  • "غزة تحولت من سجن مفتوح إلى مقبرة!" - الغارديان
  • ما النصر الذي يريده نتنياهو؟ ولماذا يُتهم من يذكر "فلسطين" في ألمانيا بمعاداة السامية؟ - صحف بريطانية
  • أين تقع قضية الأسرى الإسرائيليين في غزة ضمن خطط العملية البرية الإسرائيلية؟

قصص مقترحة نهاية

وتقول ريمونا إنها ومجموعة من النساء من ديانات مختلفة يحاولن "إنقاذ العلاقات بين الطوائف" التي ينتمين إليها.

"مساحة أخرى بعيدا عن المؤسسات الدينية والسياسية"

وتشير إلى أنها في الأسبوع الماضي "دُعيت إلى تجمع خاص استضافته امرأة يهودية وأخرى مسلمة. وكان اللقاء في حرم كنيسة وستمنستر في لندن في قاعة (القدس) التي تحمل اسما مناسبا".

وعبرت السيدات المجتمعات عن "الحاجة إلى إنشاء مساحة ثالثة خارج المؤسسات الدينية والمنظمات السياسية".

وأشرن إلى أن "العلاقات تُختبر خلال الأوقات العصيبة، وأضفن: "نحن الآن بحاجة إلى إظهار الصداقة والتضامن والثقة" أكثر من ذي قبل.

غياب أصوات النساء

وتقول ريمونا إن "أصوات النساء تكاد تكون غائبة دائما عن عملية صنع القرار".

وتنقل عن إحدى المشاركات، وهي ناشطة سلام مخضرمة وخبيرة في العلاقات الدينية، أن النساء بين عامي 1992 و2019، "لم يشكلن سوى 13 في المئة فقط من المفاوضين، و6 في المئة من الوسطاء، و6 في المئة من الموقعين في عمليات السلام في العالم"، وذلك على الرغم من أن القوة التي تتمتع بها المرأة "عامل للتغيير الاجتماعي وحل النزاعات في جميع أنحاء العالم".

وقالت إن هناك "أمثلة متعددة لنساء يعملن من أجل السلام. وهناك مبادرة شعبية في إسرائيل وفلسطين تضم آلاف النساء الفلسطينيات والإسرائيليات، اللاتي يواصلن حتى الآن العمل من أجل السلام على الأرض. وفي المملكة المتحدة، هناك أيضا شبكة (نيسا ناشيم)، وهي شبكة نسائية مسلمة-يهودية، عملت على بناء صداقات دائمة".

انتقادات من الداخل

وأشارت الكاتبة إلى تعرض بعض من التقت بهن في الاجتماع إلى الانتقاد في طائفتهن.

إذ تلقت ناشطة في مجال حقوق المرأة واللاجئين، أطلقت عليها ريمونا اسما مستعارا هو "عائشة"، تهديدات عندما أدانت هجمات حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، على المدنيين الإسرائيليين. وقال لها أحدهم: "تستحقين أن تحرقي".

وقالت "عائشة" إن "التعاطف مع الطرف الآخر" في رأي هؤلاء يعتبر خيانة، وهم يتجاهلون نشاطها "من أجل حرية وحقوق الفلسطينيين لعقود من الزمن".

وروت "عائشة" كيف أخبرتها صديقة يهودية مقربة أنها "طلبت من كنيسها الصلاة من أجل شعب غزة ودعت إلى وقف إطلاق النار". وأضافت أن "رسالة جميع نصوصنا المقدسة واحدة، وهي: أحب جارك. فلو كانت النساء موجودات على الطاولة، لما وصلنا إلى الوضع الذي نحن فيه الآن".

وتقول ريمونا إن صديقة يهودية لها تناشد قادة الجالية اليهودية أن "يعبروا عن تعاطفهم مع آلاف القتلى في غزة.. ولا ينبغي أن يقتصر حزننا على واحد دون الآخر".

إحياء الأمل

وتعترف الكاتبة بأنها كادت تفقد الأمل، لكن من تحدثت إليهن خلال ذلك اللقاء أعدن لها الأمل من جديد بتعاطفهن وبكائهن وصلاتهن.

وتختتم الكاتبة مقالتها بالحض على "بذل كل الجهد .. من أجل التفاهم والسلامة، وسط هذا المناخ السياسي الملتهب، ومع انتشار العنف في جميع أنحاء العالم". وتقول: "إذا أحرقنا كل جسر، فلن ينتهي القبح أبدا، ولكن إذا بنينا الجسور على أمل مستقبل أفضل، فقد تتاح للبشرية فرصة".

صدر الصورة، PA Media

"استفزاز رخيص من مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة" - هآرتس

أما المقالة الثانية فهي افتتاحية تعبر عن رأي صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية فيما فعله مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة، غلعاد إردان، الذي وضع نجمة صفراء تحمل شعار "لن يحدث ذلك مرة أخرى" خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي.

وتقول الصحيفة إن تصرفه هذا "أضعف إسرائيل وأحرجها".

لكن المندوب قال إن هذه هي "طريقته في الاحتجاج على ما وصفه بـ 'الصمت العالمي' بشأن قتل حماس للأطفال اليهود في إسرائيل، تماما كما صمت قبل 80 عاما عندما قتل النازيون الأطفال اليهود في أوروبا".

النجمة الصفراء "رمز لليهودي الضعيف الخائف المضطهد"

وترى هآرتس أن "أردان كان مخطئا ومضللا في الوقت نفسه"، فوضع النجمة الصفراء، في رأيها، "استفزاز رخيص"، لأن فيه، كما تقول الافتتاحية "حط من شأن ضحايا المحرقة".

وتشير الصحيفة إلى فرق جوهري بين "المذبحة التي ارتكبتها حماس.. والمجازر التي ارتكبها النازيون والمتعاونون معهم.. خلال الحرب العالمية الثانية".

إذ يتمثل هذا الفرق في أنه عند وقوع "المحرقة، لم يكن لليهود دولة خاصة بهم، ولم يكن لديهم جيش. إذ ترك اليهود لمصيرهم من جيرانهم، الذين اضطهدوهم أو غضوا الطرف عما يحدث لهم".

وتقول الصحيفة إن ما ترمز إليه النجمة الصفراء، التي ارتداها إردان "هو اليهودي الضعيف والخائف والمضطهد الذي اضطر إلى رفع يديه بلا حول ولا قوة في مواجهة بنادق الجنود الألمان والمتعاونين معهم".

"العالم لم يترك إسرائيل بعد 7 أكتوبر"

وتضيف أنه لم يكن من المفترض في 7 أكتوبر/تشرين الأول أن يحدث في إسرائيل ما حدث من مشاهد مروعة.. لأن من تَرك اليهود لمصيرهم – وغيرهم من الجنسيات الأخرى في الكيبوتسات – لم يكن العالم، بل بلدهم".

وتنحي الصحيفة باللوم في ذلك على "فشل" رؤساء جهاز الأمن في مهمتهم"، والحكومة ورئيس الوزراء، الذين وصفتهم "بعدم تحمل المسؤولية".

وتنهي الصحيفة افتتاحيتها قائلة: "العالم لم يصمت يا إردان .. بل العكس هو الصحيح"، مستشهدة بمواقف قادة مثل الرئيس الأمريكي جو بايدن، والمستشار الألماني أولاف شولتز، ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

صدر الصورة، Reuters

"يجب إقناع نتنياهو بوقف إطلاق النار" - الإندبندنت

ونختتم هذا العرض بافتتاحية صحيفة الإندبندنت البريطانية، التي ترى أن وقف إطلاق النار المؤقت والفوري أمر ضروري.

تتناول الصحيفة أولا تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على عدم الموافقة على وقف القتال مع حماس، مقارناً هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول بفظائع 11 سبتمبر/أيلول.

وقال: "لم توافق الولايات المتحدة على وقف إطلاق النار بعد قصف بيرل هاربر[الهجوم الذي شنته قوات اليابان عام 1941 مما دفع الولايات المتحدة للدخول في الحرب]، أو بعد الهجوم الإرهابي في 11 سبتمبر/أيلول، وكذلك لن توافق إسرائيل على وقف الأعمال العدائية مع حماس بعد الهجمات المروعة في 7 أكتوبر/تشرين الأول".

ووصف الدعوات إلى وقف إطلاق النار بأنها "دعوة إلى إسرائيل للاستسلام لحماس، والاستسلام للإرهاب، والاستسلام للهمجية. وهذا لن يحدث."

الخلفية التي يجب تذكرها

تخطى البودكاست وواصل القراءة

بودكاست أسبوعي يقدم قصصا إنسانية عن العالم العربي وشبابه.

الحلقات

البودكاست نهاية

وتوضح افتتاحية الصحيفة بعد ذلك أسباب تبنيها للرأي القائل بضرورة وقف إطلاق النار فورا وإن كان هذا الوقف مؤقتا، فتقول إن كلمات نتنياهو تأتي "وسط أعمدة من الدخان، وصور الدبابات التي تتدفق عبر الأنقاض .. والأطفال الذين قتلوا أثناء القصف، وشهادات وسائل الإعلام الموثوق بها، ووكالات المعونة الدولية، كل ذلك يؤكد أن محنة غزة تتفاقم يوما بعد يوم".

وتأتي كلماته أيضا وسط "نهب بعض المساعدات الضئيلة التي تتدفق عبر معبر رفح من مستودع الأمم المتحدة، بسبب حالة الانفلات الأمني المدفوعة باليأس.. ووسط الضغوط الاقتصادية التي تمارسها إسرائيل .. والحصار .. وحرمان السكان باسم الحرب الشاملة من أجل البقاء وبحق الدفاع عن النفس .. من الغذاء والماء والأدوية والكهرباء."

وتتوقع الصحيفة أن يزداد الأمر سوءا إذا خاضت إسرائيل وحماس حربا لا هوادة فيها، معتبرة أن دوامة العنف قد تتصاعد وتنتشر وتخرج عن نطاق السيطرة.

وجاءت كلمات نتنياهو مع توسيع الجيش الإسرائيلي "لاجتياحه البري وتحذيراته لسكان غزة بضرورة التحرك جنوبا .. وأمره لإدارة مستشفى القدس بإخلاء المرضى المتبقين".

"وحتى لو كان ذلك مبررا قانونيا .. وفي إطار السعي إلى تحقيق أهداف الحرب الإسرائيلية المتمثلة في تدمير حماس، التي قيل إنها تتمركز تحت المستشفى أو بالقرب منه، فإنه غير عملي .. بالرغم من قول الجيش إنه سيتجنب وقوع إصابات في صفوف المدنيين ما استطاع .. لكن سيكون هناك دماء"، وفقا للصحيفة.

الدعم الدولي

وفي ضوء هذه الأسباب تقول الصحيفة إنه "من الضروري وقف إطلاق النار المؤقت والفوري.. للسماح لمستشفيات مثل القدس بمعالجة المرضى وتجهيزهم للنقل.. والسماح بإيصال المساعدات بشكل منظم.. وتوفير مساحة للجهود الدبلوماسية لمحاولة إبقاء الصراع ضمن قواعد الحرب وإنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح البريئة.. وبذل جهود لتحرير الرهائن".

وتختتم الصحيفة افتتاحيتها بالقول بأنه ليس من الحكمة أن تضع إسرائيل نفسها "في موقف تفقد فيه الدعم الدولي .. ولا أن تتوهم أنها يمكنها هزيمة الإرهاب عسكريا بشكل كامل وإلى الأبد".

وتضيف أنه "إذا كان واجب المقاتلين الأول هو حماية المدنيين الأبرياء، فلا بد من إيجاد طريقة، عبر القطريين أو المصريين، لدفع حماس وإسرائيل إلى التوصل إلى ترتيب ضمني لتوفير المساعدات والإمدادات.. لإنقاذ أرواح الفلسطينيين، إذا لم يتحقق ذلك، فستظل الكارثة أكثر فداحة، وسيكون الخروج منها أصعب بكثير".