بين فلسطين وإسرائيل .. شهادات صارخة يتم التكتم عليها!! (2)
بين فلسطين وإسرائيل .. شهادات صارخة يتم التكتم عليها!! (2)
بعد أن شغلت بتوثيق وقائع انتصارات أكتوبر المجيدة عبر أسابيع ستة ماضية- بمناسبة اليوبيل الذهبي لحرب أكتوبر 1973- لست أغفل انشغالي ومتابعتي اللصيقة لأحداث غزة وتداعياتها خلال الأسابيع الستة المنصرمة, وهي التي أطلق عليها المحللون السيناريو رقم (2) لخطة الخداع التاريخية الأولي التي فعلها المصريون فقد عادت المقاومة الفلسطينية لتكرر خطة الخداع ذاتها وفي شهر أكتوبر أيضا بعد خمسين عاما -7 أكتوبر 2023- لتسجل ضربة قاضية ثانية لسائر أجهزة وأنظمة المخابرات والأمن والعسكرية الإسرائيلية, التي جن جنونها فانطلقت بكل حماقة وصلف وبطش -بمباركة وحماية أمريكية- توجه ضربات انتقامية عمياء لشعب غزة وبنيتها التحتية ومنشآتها ومرافقها, غير عابئة بالدمار الساحق وآلاف الضحايا الأبرياء من المدنيين.
لست هنا في معرض تناول الأحداث وتداعياتها, لأني أعترف أنني أتيت متأخرا -بعد إغلاقي ملف إبراهيم حجازي.. شاهد علي العمل الإعجازي ولأني لم أكن مغيبا عن إرهاصات كثيرة رصدتها بكثير من الاهتمام, مرتبطة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي, اخترت ملفا في غاية الأهمية أبدأ استعراضه اليوم, ولم أصادفه فيما تعرضت له وسائل الإعلام: إنه ملف كشف الحساب بين فلسطين وإسرائيل وما يتضمنه من شهادات صارخة يتم التكتيم عليها من جانب الصهيونية العالمية وكفيلاتها بقيادة أمريكا وتوابعها… ولعل ما تجدر الإشارة إليه قبل الخوض في هذا الملف أنه سبق لي التعرض له في 22 يناير من هذا العام تحت ذات العنوان الذي أكرره عنوانا لهذا المقال, وتناولت فيه شهادة القس الأمريكي ريك وايلز حول إنجيل 1905 -ويقصد نسخة الإنجيل المطبوعة بتاريخ 1905- والذي تداولته وتوارثته العائلات والكنائس المسيحية في أمريكا, وكان يحمل في صفحته رقم (13) خريطة الأماكن المقدسة تحت عنوان فلسطين, ولكن في عام 1913 الذي شهد بدايات البدع الماسونية الصهيونية تم إخفاء هذا الإنجيل وإحلال نسخة بديلة له تحمل خريطة الأماكن المقدسة ذاتها ولكن تحت عنوان إسرائيل, وكان ذلك بداية الخطة الشريرة التي استهدفت غسيل وتزييف عقول الشعب الأمريكي -وتوابعه الأوروبيين- بمحو الهوية الفلسطينية والدولة الفلسطينية والشعب الفلسطيني لحساب ترسيخ الهوية الإسرائيلية والدعوة لتأسيس دولة إسرائيل المزعومة فيما أطلق عليها أرض الميعاد محل فلسطين التي تم اغتصاب أرضها وترويع شعبها منذ عام 1917 حتي إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1947.
اليوم أبدأ تسجيل شهادات اليهود أنفسهم حول قضية فلسطين/ إسرائيل والتي تشير إلي أن فلسطين منذ الأزل كانت الدولة الحاضنة لسائر الأديان والأجناس, وأن إسرائيل ليست دولة إنما هي التسمية التاريخية التي أطلقها الله في العهد القديم علي شعب الله المختار الذي تأرجح عبر التاريخ بين طاعة وصايا الله وبين الحياد عنها, ونال جراء ذلك غضب الله وغفرانه عدة مرات حتي حكم الله عليه بالشتات في الأرض… كل ذلك دون تأسيس دولة باسم إسرائيل… فماذا قال أحد أبناء إسرائيل من اليهود المتشددين الذين يتشحون بالرداء الأسود والقبعة السوداء ويضفرون شعور رؤوسهم؟… إليكم شهادته:
** عندما كان نساؤنا يذهبن لأداء نسك صيام يوم الغفران, كان المسلمون جيراننا يتولون رعاية أطفالنا في غيابنا.. أغلي ما نملك كنا نستودعهم إياهم ليحموهم.. كيف يكون هذا لو كانوا هم أعداءنا؟.. إنهم ليسوا أعداءنا, وما يحدث الآن ليس صراعا دينيا, إنها خدعة صهيونية لتبرير ادعاء معاداة السامية.. ارجعوا بالذاكرة إلي الوراء وانظروا وأقروا بالحقيقة, فليست الحقيقة ما تم تزييفه بواسطة الدعاوي الصهيونية ولكن الحقيقة الثابتة علي أرض الواقع تثبت كيف عاش اليهود عبر مئات السنين في اليمن والمغرب وتونس وفلسطين ومصر.. في كل الأراضي العربية عاش اليهود مع المسلمين سويا في سلام واستقرار تربطهم الحقوق الإنسانية.. في إيران هناك أكثر من 25 ألفا من اليهود يعيشون ويعبدون ربهم بحرية.. لماذا؟.. لأن هذا ليس صراعا دينيا, إنما ما استجد هو نتيجة حركة سياسية دخيلة تم ابتداعها وتتعارض مع الديانة اليهودية السائدة عبر آلاف السنين.. اليهودية ديانة روحانية ربانية, بينما الصهوينة تم تكوينها قبل مائة سنة بواسطة مجموعات من الملحدين تريد تحويل اليهودية من ديانة إلي عصبية قومية وإلي قواعد مادية بحتة, الإلحاد هو صميمها.. هذه ليست اليهودية وليس لهم الحق في استغلال اسم إسرائيل لتحقيق هذا الغرض, لقد اغتصبوا اسمنا وسرقوا شعارنا وهويتنا, ومن أجل ذلك يقتلون ويدمرون من أكثر من سبعين عاما- يذبحون البشر أجسادا وقلوبا وأوراحا.. يغتصبون الأملاك ويشتتون حياة الناس.
** ماذا بوسعنا أن نفعل حيال ذلك؟.. فلنتراجع ونفكر فهناك حلول بإذن الله, لو أزحنا السياسة جانبا سندرك أننا عشنا دوما ونستطيع أن نتعايش مستقبلا بسلام.. ليس في دولة إسرائيلية بل في دولة فلسطينية موحدة كتلك التي عشنا فيها عبر مئات السنين.. فيها سيتحقق السلام ويحل محل السراب وكابوس الخوف والذعر الذي نعيشه منذ قيام إسرائيل.. الخوف والذعر الذي ينشده وينشره الصهيونيون لخدمة أجندتهم التي تروج لوجود أعداء ينبغي محاربتهم وإبادتهم دفاعا عن اليهود.. نحن لا نريد أعداء بل نريد التعايش بسلام.. ارجعوا وادرسوا التاريخ بصدق وتبصروا صوت اليهود الحقيقي الصادر عن يهود يعيشون في القدس أو في نيويورك أو في الكثير من أرجاء العالم- إن ما يجمعهم الصدق في ديانتهم ومعارضتهم لدولة إسرائيل ورفضهم لدعمها.. يجمعهم خوف الله الذي حرم عليهم أن تكون لهم دولة لأنهم منفيون وحرم عليهم الظلم والسرقة والقتل.. لذلك ليس لنا نحن اليهود أن نحيد عن التعاليم اليهودية الحقة, ليس لنا أن نحكم دولة فلسطين.. هذا ما تنص عليه تعاليمنا وهذا ما يقوله الأحبار اليهود الصادقون وهذا ما يجب أن يسود في القدس.