أكاديمي: العلاقات المغربية الإماراتية دخلت مرحلة جديدة من التنسيق


 

فاطمة الزهراء الجلاد 

 

تجمع المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة، علاقات استراتيجية متينة ومستدامة بأبعاد متعددة، تقوم على إرادة سياسية قوية، عبَّر عنها قائدا البلدين في أكثر من مناسبة، لجعلها ترقى إلى شراكة نموذجية.

 

 

وتأتي الزيارة الرسمية، التي قام بها الملك محمد السادس إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، في سياق الدينامية التي تطبع التعاون الثنائي على جميع المستويات، وتأكيدا على عزم الرباط وأبوظبي، على السير قدما من أجل تقوية وتنويع شراكتهما على أساس قيم الأخوة الأصيلة والاحترام والتقدير المتبادلين.

 

الرباط وأبوظبي علاقة تاريخية متينة

تربط الرباط وأبوظبي علاقات تاريخية متميزة، سواء على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، أو على المستوى الإنساني، وهو ما يُترجمه تطابق مواقف البلدين في عدد من القضايا، أهمها التأكيد على دعم الوحدة الترابية لبعضهما البعض، إلى جانب القضايا الشائكة في العالم.

 

 

وعلى غرار القضية الفلسطينية التي أكدا على مركزيتها في سياستهما الخارجية، وسعيهما إلى إحلال سلام دائم في الشرق الأوسط ومواجهة كل الأجندات الخارجية التي تروم تقويض الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، دون أن ننسى أن هذه الدولة الخليجية كانت من الدول القلائل التي قبلت الرباط مساعداتها عقب زلزال الحوز الأخير.

 

 

في هذا الصدد، قال عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، ورئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات بالرباط، في تصريح لـ”الأيام 24″، إن “الأهمية والآفاق الاستراتيجية لهذه العلاقات، هو الاستمرارية للعلاقات المثالية، التي تربط بين البلدين منذ استقلال الإمارات العربية المتحدة، والأهم هو العلاقة الشخصية التي كانت تجمع بين مؤسس الدولة الإماراتية الشيخ زايد بن سلطان والمغفور له الحسن الثاني، والتي استمرت في العهد الجديد مع رؤساء الامارات المتعاقبين، آخرهم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع الملك محمد السادس”.

 

 

وتابع المتحدث: “وهذا يعني أننا أمام مستويات متعددة، أولا، المستوى الشخصي والعلاقة بين قيادة البلدين، ثانيا، الأساس التاريخي الذي يمنح لهذه العلاقة نفسا متجددا، وثالثا، الالتزام المتبادل، وذلك حينما نتحدث عن الاستثمارات الإماراتية في المغرب، والتي كانت لها جدوى ونوعا من الاستقرار والتطور أيضا”.

 

 

الجاذبية الاستثمارية بين الإمارات والمغرب

أوضح الخبير في العلاقات الدولية البلعمشي، أن “هناك ملاحظات أساسية في القمة الثنائية، التي عقدت بالإمارات العربية المتحدة، بين الملك محمد السادس والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على اعتبار أن الاتفاقيات ومخرجات هذه القمة، سواء فيما يتعلق بالإعلان المشترك ومذكرات التفاهم، التي وقعت أمام قيادة البلدين هي مؤشر على أننا أمام جيل جديد من الاتفاقيات، يضع آجال محددة ويبرز قطاعات محددة”.

 

وأضاف أن “القطاعات هي متنوعة، وذلك حينما نتحدث عن النقل أو عن الأسواق المالية أو عن النقل البحري والاقتصاد الأزرق، وميادين كالطاقة والماء، بالإضافة إلى الأمور المرتبطة بالسياحة والبنيات التحتية”.

 

وأردف البلعمشي أن “الإمارات اليوم بإرادة كاملة، هي تنخرط انخراطا كاملا في استراتيجية المغرب، بالخصوص في التحضير لنهائيات كأس العالم 2030، وأيضا الانخراط في الاستثمارات الكبرى التي برمج لها المغرب استراتيجيات واضحة في إفريقيا، وهيأ لها بنية تحتية معينة تتعلق بالقطاع البنكي، والقطاع الخدماتي والتأمينات، وبقطاع ما يمكن اعتباره دبلوماسية الفوسفاط”.

 

وتابع رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات بالرباط، أن “الاجتهاد الذي قام به المغرب طيلة هذه الفترة، يؤدي اليوم نوعا من الجاذبية الاستثمارية للإمارات العربية المتحدة، والتي بدورها هي الأخرى، مهيئة من جانب الوعاء الاستثماري الذي تقوم به، والذي تتفاعل معه على المستوى الدولي”، مؤكدا على أن “ما تراكم لكل من المغرب والإمارات في هذه الفترة، هو ما يمنح الفرصة لأن تكون هناك شراكة نموذجية، أو ما يمكن اعتباره تحالف اقتصادي بين البلدين”.

 

 

ضعف الاستثمارات الدولية بسبب الحروب

وعلى اعتبار الأمور المرتبطة بالارتباك الذي يعرفه الاستثمار على المستوى الدولي، وبعض الإشكالات التي أدت إليها الأزمات الدولية والحروب الموجودة، قال عبد الفتاح البلعمشي، في حديث له مع “الأيام 24″، أن “هناك تراجع كبير في الاستثمارات خاصة في مرحلة كوفيد-19، وكذلك الحروب التي شهدها العالم، جراء الحرب الروسية على أوكرانيا…الخ، أدت إلى ارتباك في الاستثمارات الدولية”.

 

وقد تحدث الإعلان المشترك بين البلدين عن مسألة الثقة، كمسألة مهمة وأساسية في هذه الشراكة والعلاقات المغربية الإماراتية، والتي أوضح من خلالها أستاذ العلاقات الدولية، أن “هذه الثقة المتبادلة بين القيادتين والحكومتين، هي أرضية للاستمرارية وعدم التأثر بما يجري ويدور في هذا العالم، الاستمرارية في توازنات جيواستراتيجية جديدة، ويمكن أن تؤدي السياسات المعتمدة في كلا البلدين إلى نوع من التطور ونوع من التداخل والتكامل”.

 

وتابع البلعمشي، أن “كلا البلدين لهما قضايا وطنية، بالخصوص فيما يتعلق بالمسألة الترابية، فالمغرب يدافع عن الوحدة الترابية الإماراتية، وكان هذا في مناسبات متعددة، وكذلك الإمارات هي من الدول التي تقر بمغربية الصحراء، وتقف موقفا ثابتا إلى جانب دول مجلس التعاون الخليجي”.

 

وأكد رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات بالرباط، أن “بالحديث عن مذكرة التفاهم التي أبرمت، والتي تعنى بميناء الداخلة الأطلسي، يمكن من خلالها أن نفسر أن الامارات المتحدة العربية، تضع نوع من التجسيد العملي والفعلي للأبعاد الاقتصادية للعمل القنصلي، الذي أقيم في الأقاليم الجنوبية في الصحراء المغربية”.

 

وتابع: أن “هناك تطوير لهذه الدائرة القنصلية لتقوم بالتنسيق فيما يتعلق بالتمويلات وبالشراكة الاستراتيجية، في تهييء واستكمال إنشاء هذا الميناء الأطلسي، الذي يراد له أن يلعب أدوارا كبيرة على مستوى مجموعة من الدول، وذلك في ما يتعلق بالتفاعل التجاري الدولي، انطلاقا من افريقيا نحو الولايات المتحدة الامريكية وأمريكا اللاثينية، وأروبا أيضا”.

 

 

الشراكة المغربية الإماراتية في منحنى الانتعاش الاقتصادي

أفاد الخبير في العلاقات الدولية في حديثه لـ”الأيام 24″، أن “المغرب يوفر نوعا من الاستراتيجيات، ونوعا من المبادرات المبتكرة، على اعتبار التحالف الجديد/التنظيم الجديد للدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي، والذي يبشر بتنسيق على مستوى استثمارات معينة، ومن بينها أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب”.

 

وأردف المتحدث ذاته أن “المملكة المغربية والإمارات العربية المتحدة، كلاهما راكما من ناحية التجربة، ومن ناحية الإشعاع الدولي، ومن ناحية التفاعل على مستوى تنويع الشراكات الاقتصادية الدولية، والأكثر من ذلك في المجال الذي ينتظره المغرب انطلاقا من تنظيم كأس العالم 2030، على اعتبار المغرب نقطة تماس اقتصادية بين أوروبا وإفريقيا”.

 

وخلص أستاذ العلاقات الدولية، إلى أن “كل هذه الأمور ستؤدي إلى جاذبية اقتصادية، وسياحية، جاذبية يراد لها أن تتطور انطلاقا من المعطيات الجديدة، خصوصا تنظيم كأس العالم وجعل المغرب سوقا دولية للسيارات، وغير ذلك من المعطيات التي يمكن أن تنعش مجال البنية التحتية والمجال السياحي والفلاحي أيضا، بالإضافة إلى الاقتصاد الأزرق”.

 

 

تاريخ الخبر: 2023-12-08 12:10:09
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 66%
الأهمية: 72%

آخر الأخبار حول العالم

كييف تعترف بتفوق موسكو على الغرب في الإنتاج العسكري

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 06:06:53
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 91%

أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 06:07:34
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 88%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية