احتضنت كلية علوم التربية بجامعة محمد الخامس السبت الماضي ندوة علمية حول واقع الإعلام الثقافي في المغرب، وعرفت الندوة، التي افتتحها عميد كلية علوم التربية عبد اللطيف كيدايي ومنسق شعبة التربية الجمالية الأستاذ عبد الكريم شباكي وحضرها جمهور غفير من الطلبة والإعلاميين، مداخلة للجامعي البحريني الدكتور نوح خليفة الذي تابع جزءا من دراسته الجامعية بالرباط قبل أن يتقلد مهمة التدريس بها، حيث استهل مداخلته بقوله إن الشعب المغربي تذوق قوة الثقافة عبر الإعلام من خلال تجربة ملوك المغرب منذ عهد الملك محمد الخامس والملك الحسن الثاني والآن بعهد الملك محمد السادس.
واستطرد أن الشرارة الأولى التي أشعلت النضال الوطني لاستقلال المغرب كانت عبر الصحافة من خلال الدعوة آنذاك إلى الاحتفال بعيد العرش في تحد لسلطات الحماية الفرنسية، وكانت انطلاقة قوية للإعلام المغربي في خلق الوعي وقيادة التغيير والانخراط فيه، مبينا أن ذلك خلق التعاون وروح التحدي والكثير من الوعي عند المغاربة ووجد امتداده من خلال الدعوات التي أطلقها المغفور له الحسن الثاني إلى المسيرة الخضراء واستجابة المغاربة المنقطعة النظير، مما ساعد الثقافة في التدفق عبر فكر المغفور له الملك الحسن الثاني المؤثر والعالمي.
ووقف خليفة عند الانتقال الكبير الذي يحصل في المملكة المغربية في عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس والمتمثل في المشاريع التنموية الكبيرة بما تتضمنه من خطط وتوجهات تمر عبر الإعلام والمشاركة والديمقراطية. وربط الجامعي البحريني بين الوعي الثقافي والوعي الديمقراطي موضحا أن “ما نجده اليوم من وعي ديمقراطي في المملكة المغربية عبر المشاركة والتعبير عن الرأي يتميز بطابع حضاري ملفت جدا، ومشابه للتحضر الغربي كما يتميز بقوة استيعاب عالية عند صاحب الجلالة الملك محمد السادس لهذا الحراك الديمقراطي وهذه المشاركة وحرية الإعلام وقوة إرادة التقدم التي تؤكد على الوعي والمستوى الثقافي المغربي المتبادل بين القيادة والشعب.
واسترسل موضحا أن سقف الحريات في المملكة المغربية عالي جدا والحرية الإعلامية أيضاً كبيرة مضيفا أن المغرب منطقة الآمنة وعصرية الآن في ظل العالم المتغير نتاج انخراط الإعلام والفكر في تنمية الثقافة وتشكيلها.
ووقف خليفة عند مستوى التطور الذي يعرفه المغرب على مستوى التنمية والمشاريع الكبيرة التي يقودها صاحب الجلالة والتي ولدت الحاجة فعلا إلى منظومة إعلام رقمي ضاربة تقود إلى الوعي الثقافي المأمول وإلى التغيير والتطوير، خصوصا في ظل الجهود الكبيرة والزيارات المتتالية والمتعاقبة التي يقوم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لمناطق عديدة في المغرب، وإطلاقه مشاريع ثقافية وتنموية طموحة تؤكد على أهمية الانتشار الثقافي ودور الإعلام على اعتبار أ، بروز الثقافة يسهم في تحقيق التطلعات التنموية المأمولة ويرفع من مستوى المشاركة.
وعبر المتدخل عن أمله الكبير في طلبة اليوم ومنهم نخبة من الإعلاميين والإعلاميات من تخصصات مختلفة، في أن يلعبوا أدوار جديدة في المستقبل على اعتبار أن جامعة محمد الخامس على وجه الخصوص والجامعات المغربية عموما تلعب دورا ثقافيا كبيرا يجب أن يكون موصولا بالاهتمام والتسويق الإعلاميين. لأن هذه المكتسبات تحتاج اليوم إلى جيل جديد مسلح بامكانيات تكنولوجيا الإعلام ومنظومة رقمية مؤثرة، مثلما هي في حاجة إلى جيل جديد لصناعة التغيير، مستطردا أن الأمل كبير بوجود هذه البرامج بكلية علوم التربية التي تطلق طاقات جديدة من مختلف التخصصات في الحقول والمؤسسات الإعلامية المختلفة. موضحا أن التربية الإعلامية مجال مهم جدا لذلك يشغل اهتمام الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة التي أنشأت شبكة التلفزيون التربوي القومي، التي تقدم برامج تلعب دورا فعالا في الاندفاع نحو التقدم والاكتشافات والابتكارات والاختراعات، كما أنشأت في معظم الجامعات قناة تلفزيونية تربوية وإذاعة تربوية، كما عرج في هذا الصدد على التجربة اليابانية المتمثلة في إطلاقة الإذاعة اليابانية برنامج (المدرسة الثانوية بالمراسلة).
وكان خليفة قد نوه ببداية محاضرته إلى الجهود الحثيثة التي تبدلها كلية الآداب في خدمة المملكة المغربية وتعزيز طاقات الطلاب والأساتذة بفتح الفرص أمامهم للإبداع ولعب أداوار تثري العملية التعليمية الفكرية والتربوية، مهنئا الطلاب بحصولهم على هذا الاهتمام اللافت من الكلية. كما ثمن جهود منظمي الندوة من الطلبة والطالبات الذين بادروا وألحوا على عقد هذه الندوة كتتويج للجهود المبذولة من قبلنا خلال تدريسهم مقرر الإعلام الثقافي معتبرا أن ذلك ينم عن قيم تربوية عليا تميزوا بها.
جدير بالذكر أن نوح خليفة باحث ومفكر مرموق في مملكة البحرين يخوض الآن خطوات جادة في كلية علوم التربية بجامعة محمد الخامس، كما عرف عنه مواقفه القوية المدافعة عن المملكة المغربية في قضاياها الوطنية وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية وحراكه الإعلامي البارز في هذا الشأن عبر الإعلام البحريني والمغربي.
