كيف أسهمت إدارة حكومة أخنوش لأزمة التعليم في تعزيز فعالية الحوار الاجتماعي؟


الدار/ افتتاحية

المفاوضات الماراثونية التي عقدتها حكومة عزيز أخنوش مع النقابات التعليمية والعروض التي قدمتها للشغيلة التعليمية من أجل حلحلة هذا الملف تمثل تقدما غير مسبوق في تاريخ الحوار الاجتماعي ببلادنا. لأول مرة نشهد تجاذبا صحيا من هذا النوع الذي يسِمه الكثير من الصراحة والوضوح وتحركه أساسا مصلحة الوطن والرغبة في تحسين أوضاع قطاع يعد الأوسع من حيث الموارد البشرية والموظفين. على الرغم من كل ما قيل حول تعثر وزارة التربية الوطنية في تدبير الملف إلا أن الحكومة أظهرت حسن نية كبير وإرادة سياسية منقطعة النظير، إذ تكاد المكتسبات التي حققتها شغيلة التعليم خلال هذه المفاوضات تضاهي كل ما تحقق في سنوات طويلة.

ماذا يعني إذاً هذا الجهد الحكومي الاستثنائي على الرغم من استمرار مؤشرات التضخم والأزمة؟ لا بد من الاعتراف في هذا السياق أن زيادة أجور موظفي التعليم وتعويضاتهم وتحسين ظروف عملهم التزام من التزامات حكومة عزيز أخنوش، وهي لم تحاول أبدا التهرب منه. لذا فإن ما تقدمه اليوم من مكاسب ينسجم إلى حد كبير مع توجهها السياسي المعلن منذ البداية. بعبارة أخرى ما تقدمه هذه الحكومة للقطاع هو جزء من برنامجها الحكومي الذي وضعته قبل تحمل مسؤولياتها، ويكفي أن نذكّر أن حزب التجمع الوطني للأحرار كان من بين الأحزاب السياسية القليلة التي قررت في برنامجها الانتخابي الرسمي تحسين الأوضاع الشاملة للعاملين في هذا قطاع التربية الوطنية بل دعا في مسار الثقة الذي أصدره إلى مراجعة مبدأ التعاقد.

لا بد من التنويه إذاً بالشجاعة السياسية التي تحلت بها حكومة عزيز أخنوش في إدارة هذا الملف. الذين ركزوا على أخطاء التواصل وسوء التدبير يتناسون أن الأمر يتعلق بأكبر قطاع في الوظيفة العمومية. ما ورد في النظام الأساسي الذي أثار الجدل يهم أكثر من 300 ألف موظف، وأكثر من 6 ملايين تلميذ ومئات الآلاف من الأسر. لذلك فإن نهاية هذه الأزمة الوشيكة تعتبر إنجازا حقيقيا يستحق التوقف عنده. بدلا من التركيز على المواجهة والاصطدام الطبيعي في أي صراع اجتماعي أو طبقي من الأولى تأمل النزعة المنفتحة والإيجابية والتعامل الحذر الذي عبرت عنه الحكومة طوال هذا الصراع حرصا على استمرار المرفق العمومي واستقرار البنية الاجتماعية.

وبغض النظر عن تفاصيل الاتفاق الذي عقدته الحكومة مع النقابات وهي بالمناسبة تفاصيل كثيرة، فإن تحليل مسار هذه الأزمة تحليلا عقلانيا ومنطقيا لا يمكن إلا أن يخرج بنتيجة واحدة: إنصاف الحكومة والتنويه بنهجها السياسي الناضج. لم تقع في فخ ممارسة العنف والردود الانفعالية والتعاطي بمنطق قمع الحق في الاحتجاج والإضراب والتظاهر. وفي الوقت نفسه حرصت على تبليغ الرسالة الجوهرية التي تتعلق بمسؤولياتها الدستورية التي تفرض عليها ضرورة حماية الحق في التعليم والتمدرس. وفوق هذا وذاك قدمت كل ما تستطيعه من موارد مالية وحلول تشريعية وإمكانات تفاوضية من أجل عودة رجال ونساء التعليم إلى فصول الدراسة معززين مكرمين.

ماذا تستحق هذه المقاربة إذاً غير التنويه والتعزيز؟ لعلّ في طيّ هذه الأزمة الاستثنائية الكثير من المكاسب والفوائد للمنظومة التربوية. نحن نعيش في قلب عملية إصلاح هيكلية ومن الطبيعي أن تؤدي إلى تضاربٍ في مصالح الفرقاء والمتدخلين، ومن حق هؤلاء أن يدافعوا عن مكتسباتهم وأن يسعوا إلى تحسين مواقعهم. وهذا ما كان يتفاعل خلال الأسابيع الأخيرة. إنه ذلك الصراع الاجتماعي الصحي والطبيعي الذي يجب ألّا نرى فيه غير وجهه المتأزم والمحتقن، بل أن نستخلص منه أيضا دروس الإنجاز والمبادرة والفعل السياسي الحريص على المصلحة العامة والحقوق الفئوية والفردية في الوقت نفسه. ولكن أهم ما حققته هذه الأزمة وإدارة الحكومة لها هو تعزيز فعالية الحوار الاجتماعي وإخراجه من دائرة الحوار السياسي إلى دائرة الحوار المثمر والفعّال.

تاريخ الخبر: 2023-12-24 15:29:02
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 70%

آخر الأخبار حول العالم

القيامة‏…‏والمجد

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-07 09:21:49
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 50%

«ستاندرد آند بورز»: الاقتصاد السعودي سينمو 5 % في 2025 - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-07 09:23:49
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 65%

الأرصاد: لاتزال الفرصة مهيأة لهطول الأمطار بعدد من المناطق السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-07 09:23:53
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 54%

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (٧)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-07 09:21:47
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 55%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية