افتتاحية الدار.. متى يعلن المنتظم الدولي ميليشيا البوليساريو تنظيماً إرهابياً ؟


الدار/ افتتاحية

إلى متى سينتظر المنتظم الدولي كي يصنف ميليشيا مسلحة مثل البوليساريو باعتبارها منظمة إرهابية؟ لقد تأخرت الهيئات والقوى الدولية كثيرا في اتخاذ هذا القرار. الولايات المتحدة الأميركية نفسها التي تعدّ أكثر البلدان حرصا على هذا النوع من التصنيفات لم تتردد في اعتبار منظمات موروثة عن حقبة الحرب الباردة في أميركا اللاتينية باعتبارها تنظيمات إرهابية. فما الفرق بين جبهة البوليساريو التي أسسها مجموعة من الواهمين ومن ورائهم أزلام الاتحاد السوفياتي مثل الجزائر وليبيا وبين منظمة مثل حركة “فارك” الكولومبية التي تعتبرها الولايات المتحدة الأميركية رسميا منظمة إرهابية؟ الجهود التي بدأت تظهر مؤخرا في هذا الإطار يجب أن تسير بوتيرة أسرع لأن كل المقومات والحيثيات متوفرة وواضحة.

أولا هذا تنظيم مسلح خارج إطار أيّ شرعية يمكن أن تمثلها الدولة. حمل السلاح والعتاد الحربي هو في القوانين الدولية سلطة محتكرة من طرف الدول التي تمثل شعوبا وتجمعات بشرية في إطار حدود جغرافية واضحة وإطار ثقافي وتاريخي معروف. ماذا يمثّل بضعة انفصاليين تمكنوا من الحصول على مدرعات وقذائف وصواريخ يمكن أن تحدث أذىً كبيراً في البنيات المدنية والتجمعات البشرية؟ لا شيء غير أنهم تمكنوا بفضل دعم قوى أخرى من فرض رواية انفصالية وتبرير الدفاع عنها بقوة السلاح. جبهة البوليساريو ليست دولة عضوا في هيئة الأمم المتحدة يمكن للمنتظم الدولي محاسبتها أو تحميلها المسؤولية عمّا قد يحدث من انحرافات أو تجاوزات أو خروقات.

ثانيا ألا يمثّل ارتكاب جرائم ضد المدنيين كما حدث في أواخر شهر أكتوبر الماضي بمدينة السمارة ممارسة إرهابية مقيتة ينبغي التصدي لها؟ من المعروف أن الإرهاب باعتباره سلوكا إجراميا يركز على ترويع الآمنين وترهيب الأبرياء، وهذا ما حدث تماما في السمارة عندما استهدف انفصاليو البوليساريو مجموعة من السكان المدنيين وتسببوا في مقتل شاب مقيم بالديار الأوربية جاء لزيارة أقاربه في المدينة. وليست هذه هي العملية الإرهابية الأولى التي تقترفها الميلشيا الانفصالية في الأقاليم الجنوبية. لقد سبق لهذا التنظيم الماركسي أن مارس فظاعات وجرائم ضد الإنسانية في هذه المناطق وكان أقربها إلى الذاكرة بشاعة أحداث اكديم إيزيك التي رأى فيها العالم عن قرب المعنى الحقيقي للإرهاب المدعوم الحقد والسلاح.

ثالثا ليس من الممكن في الوقت الراهن تجاهل الروابط التي لم تعد مجرد شبهات بين ميليشيا البوليساريو ونظام الملالي في إيران. الوساطة الجزائرية بين الطرفين وحصول العصابة الانفصالية على طائرات مسيرة من طهران أمر كشفته العديد من وسائل الإعلام وتقارير أجهزة المخابرات الإقليمية والدولية. بل إن جبهة البوليساريو نفسها ما فتئت تطلق التهديدات باستخدامها ضد المغرب. ومن ثم فإن التهديد الإرهابي لم يعد شأنا مغربيا وإقليميا خالصا. بل تمثل هذه الصلات الخطيرة بين الجبهة وإيران خطرا على المنطقة برمتها وتهدد باستنساخ تجارب التنظيمات التي تحارب بالنيابة عن إيران كما هو حال تنظيم الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان.

ليس من الضروري انتظار تحوّل هذا التنظيم إذاً إلى قاعدة خلفية معلنة للممارسات التي تهدد المنطقة التي تستقر أصلا فوق برميل بارود، لا سيما في منطقة الساحل والصحراء. ومن حقنا نحن في المغرب أن نترافع عن هذه الغاية الأمنية الحيوية بالنسبة إلينا. لن ننتظر حتى تداهمنا الأعمال التخريبية والإجرامية في عقر الدار كي نحسم هذه المقاربة الدبلوماسية. لن نبالغ إذاً إذا دعونا في الوقت الراهن إلى تعزيز الجهود الدبلوماسية الهادفة إلى تصنيف هذا التنظيم باعتباره منظمة إرهابية في أقرب وقت. ولعل ملف جريمة السمارة الذي كان موضوع إدانة دولية يمثل سندا واقعيا ينبغي استثماره على نحو مكثف للحصول على المبتغى في أقرب وقت ممكن.

تاريخ الخبر: 2023-12-28 15:26:10
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 59%
الأهمية: 56%

آخر الأخبار حول العالم

هل يمتلك الكابرانات شجاعة مقاطعة كأس إفريقيا 2025؟

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 00:25:42
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 69%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية