ما علاقة الزلازل بالجفاف الذي استقر في كنف المغرب؟


 

 

بعد حدوث زلازل متوسطة القوة في مختلف المدن المغربية، والتي حددت بؤرتها في مناطق تعرف نشاطا زلزاليا، ربطت فئة مهمة من المجتمع المغربي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، هذه الظاهرة الطبيعية التي تحدث نتيجة حركة الصفائح الصخرية في القشرة الأرضية، بالتغيرات المناخية والجفاف الذي اشتد بالمملكة المغربية في الأشهر الماضية.

 

ومنذ زلزال الحوز بدأت تشهد مناطق عديدة داخل المغرب، زلازل وهزات إرتدادية بدرجات مختلفة، في الوقت الذي تعاني فيه المملكة المغربية من أزمة مائية حقيقية وغير مسبوقة، الأمر الذي أدى إلى طرح تساؤلات حول “إمكانية حدوث زلازل بسبب ظاهرة الجفاف”.

 

إجابة على هذا السؤال، قال عبد الرحمان الحرادجي، أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الأول بوجدة سابقا، إن “قلة التساقطات، مطرية كانت أو ثلجية، لها بعد نسبي يربطها بدرجة الحرارة لتحديد مدى وجود عجز مائي بدرجة معينة بسبب التبخر الفعلي والمتاح، ويعبر عن هذا العجز بالقحولة التي تسم بعض المناخات. والقحولة ظاهرة مستديمة على مدى زمني طويل، بحيث يعتمد في حساب حدتها على المعدلات. أما الجفاف فهو وضع ظرفي ومؤقت وظاهرة عابرة في الزمن حتى ولو استمر لعدة سنوات، بحيث له بداية ونهاية”.

 

وأضاف عبد الرحمان الحرادجي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “بلادنا تعيش على واقع هذه الظاهرة منذ أربع أو خمس سنوات، ولابد أن تنتهي بعودة التساقطات الاعتيادية آجلا أو عاجلا. لكن القحولة لا يحدث فيها تغير إلا على المدى الزمني الطويل، قوامه عدة قرون، إن لم يكن آلاف السنين. وكلا الظاهرتين لهما منشأ في الغلاف الجوي المحيط بالكرة الأرضية”.

 

 

وتابع المتحدث عينه أن “الهزات الأرضية والتي تسمى الزلازل هي ارتجاجات ناتجة عن حركية باطنية لها منشأ في القشرة الصخرية للكرة الأرضية، حتى وإن كان لها ارتباط بما يحدث تحتها على مستوى الصهارة من ضغوط واندفاعات تتحكم أساسا في حركية الصفائح المكونة للقشرة الأرضية. ومن هذا المنظور، لا وجود لأي علاقة بين حدوث الزلازل وبين ما يحدث من ظواهر مناخية. فالقحولة لا جديد فيها، بينما الجفاف متردد واعتيادي، غير أن حدته قد تترتب عنه ممارسات مثل الإجهاد المائي باستغلاله المفرط من حقينات السدود ومن الفرشات الجوفية، وهو ما قد يؤثر في بعض التوازنات المحلية في القشرة الأرضية إذا ما كانت هذه الممارسات بالقوة المؤثرة، وهو ما يبدو مستبعدا في حالة بلدنا”.

 

 

وأشار الأستاذ الجامعي إلى أنه من “منظور زمني جيولوجي، قد توجد علاقة بين الزلازل وبين المناخ، إذ تترتب عن تغيراته الكبيرة بعض الظواهر المؤثرة في هذا الصدد. فالانتقال من فترة جليدية إلى فترة بيجليدية يعني ذوبان كتل جليدية ضخمة وممتدة فوق القارات، مما يعني تخفيف وزنها وضغطها، وبالتالي الإسهام في حركية البحث عن توازنات تضاغطية جديدة ترافقها الزلازل حتما. وهذا ما يحدث كذلك في عكس الظاهرة، عندما يتم التحول من عصر بيجليدي إلى عصر جليدي”، مؤكدا على أن هذه “التحولات المناخية تتطلب مددا زمنية تبلغ عدة آلاف من السنين، بموجب حدوث تغيرات مستديمة في معدل الحرارة بعدة درجات على مستوى الكرة الأرضية، ويكون تأثيرها في المناطق المعنية بتراكم الجليد ولا سيما في الكمات الجليدية الكبيرة بالمناطق القطبية ومحيطها أو المرتفعات الشديدة، وكيفما كان الحال، يبقى المغرب في منأى عنها”.

 

 

“أما ما نعيشه حاليا من “تغيرات” مناخية أو “احترار الفترة المعاصرة” فهو في الواقع تقلبات لا ترقى إلى مستوى التغير الحقيقي للمناخ بالمفهوم العلمي المتعارف عليه (وهذا موضوع آخر)، إذ لم تتجاوز ظواهرها عتبات التغايرية المناخية (الطبيعية)، لا من حيث الحدة ولا من حيث التردد. كما أن وقعها لا يمكن أن يكون له أي أثر من شأنه التسبب في هزات أرضية، رغم وجود بعض التصريحات التي تفتقر إلى ما يعزز صوابها وصدقيتها”، يقول المتحدث.

 

 

ولفت الحرادجي إلى أن “بعض الظواهر الخارجية التي قد يكون لها ارتباط بالزلازل وهي تغير الثقل موضعيا في بعض الأماكن نتيجة استخراج كثير للمعادن أو ضخ كثير للنفط أو المياه الجوفية، أو ملء بحيرات السدود الكبرى أو تفريغها بسرعة كبيرة، إذ يمكن لهذا التغير أن ينتج عنه تهدل أو خسف. لكن هذه الحركية تكون عادة تدريجية وضعيفة تتوزع قوتها مدة زمنية ممتدة، بحيث من النادر أن ترافقها هزات حقيقية محسوسة، وحتى وإن حدثت تكون عادة عابرة وخفيفة جدا ومحلية، ولا ترقى إلى مستوى الهزات ذات المنشأ التكتوني المعروف لكل الزلازل”.

 

 

وأوضح أيضا أن أي “محاولة لتفسير الهزات الأرضية التي تحدث في بلادنا بانعكاسات الجفاف المحتملة في هذا السياق قد تكون تأويلا خاطئا. وما يفند أي مزاعم في هذا الاتجاه أيضا هو عدم تسجيل هزات ذات المحدودية في الامتداد المجالي الترابي وبخاصيات تثبت ذلك من خلال تحليل منحنيات الذبذبات. فكل الهزات الرئيسة هي قوية ومتوسطة، أما الارتدادات فمن الطبيعي أن تكون في الغالب ضعيفة، تؤكد ذبذبات منحنياتها البيانية أنها مختلفة عن الذبذبات المحدودة المحتملة محليا”.

 

 

وزاد: “موجات الهزات الناتجة عن تفجيرات التجارب النووية تكون محدودة في الزمن ودون ارتدادات حقيقية عموما بالرغم من قوة الطاقة المفرغة فيها، يمكن التعرف عليها من قبل المختصين. ومن جانب آخر، لم يصدر عن المعهد الوطني للجيوفيزياء أي معلومات غير التي تؤكد باستمرار أن الهزات التي نعيشها جيولوجية”.

تاريخ الخبر: 2024-01-05 09:10:38
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 64%
الأهمية: 84%

آخر الأخبار حول العالم

رئيس ريال مدريد يهاتف مبابي عقب التتويج بالدوري الفرنسي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 15:26:13
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 63%

الشعباني: "سنواجه فريقا متمرسا في نهائي الكونفدرالية"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 15:27:21
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 60%

الشعباني: "سنواجه فريقا متمرسا في نهائي الكونفدرالية"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 15:27:20
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 57%

سانشيز يتراجع عن قرار الاستقالة ويقرر البقاء في منصبه

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 15:26:31
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 53%

سانشيز يتراجع عن قرار الاستقالة ويقرر البقاء في منصبه

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 15:26:37
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 50%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية