الكلمة المتجسد يغيثنا بكلمته
الكلمة المتجسد يغيثنا بكلمته
أعطاني السيد الرب لسان المتعلمين لأعرف أن أغيث المعيي بكلمة (إش50:4).
النص من النشيد الثالث من أناشيد العبد المتألم في سفر إشعياء النبي, أربعة أناشيد يمكنك مطالعتها في (42: 1ـ4), (49: 1ـ9), (50: 4:10), (52:13ـ53:12).
نحن في ميلاد ربنا يسوع نتذكر حركة السماء نحونا نحن, البشرية التي صارت في إعياء فظيع قاتل جراء العصيان والخطية والضعف والفساد الذي صرنا إليه, بل والموت الذي طغي علينا بحسد إبليس. لقد دخل يسوع كلمة الله عالمنا كيما يغيثنا وهو الكلمة, بكلمة منه تحيينا وتوقظ فينا الرجاء الذي خمدت فينا شعلته, رجاء يتجدد دوما في قلوبنا بأن السماء لم تنسنا وأن الله لم ولن يهملنا أو يتركنا عنه إلي الانقضاء بل سيعمل معنا وفينا مهما كان حالنا.
لقد سطرت لنا الأناجيل أخبار تجوله كصانع الخيرات في رحلة تجسده وتأنسه, كيف افتقد المتألمين, فكتب البشيرون روايات عن عينات من بشريتنا صارت إلي الإعياء الكامل, فأدركها يسوع بكلمة منه ردت فيها الروح وأشعلت فيها الحياة من جديد فانطلقت إلي وجود جديد رائع بقوة الكلمة. ها هو يخاطب امرأة أمسكت في الفعل الرديء وأحضروها مساقة إلي الموت رجما: أين هم المشتكون عليك؟ أما دانك أحد؟.. ولا أنا أدينك, اذهبي بسلام (يو 8) لقد رآنا كلنا فيها, تضبطنا الملائكة وتسوقنا إليه في حكم الموت والهلاك, لكنه وهو ديان الأرض كلها انحني وتجسد في اتضاع عجيب وكأنه يعلن استعداده لتحمل العقوبة عنا, أحني رأسه للرجم عوضا عنها وعنا, وهكذا مات حاملا عنا العار. ولما رفع رأسه, لما قام أطلقنا أحرارا إلي حياة جديدة كلها سلام بلا دينونة علينا. إنه الكلمة وقد أغاثنا بكلمة من فيه كلها حب وحنان, أنا لا أدينكم اذهبوا بسلام وانطلقوا إلي أجيال كلها سلام وفرح.
ومعيي آخر أتوقف أمامه متعجبا من سيدي العجيب يسوع الكلمة, هذا المعيي الجديد هو اللص اليمين, كل زمانه كان لصا في غابات أورشليم وبكلمة واحدة قالها للرب سمع من السيد مقابلها كلمة أنعشت قلبه وأغاثت روحه وأرسلته إلي الفردوس: اليوم تكون معي. رجل في الجحيم والأخري علي الأرض, والهلاك أمام عينيه, ولكن لما انفتحت عيناه علي المصلوب في الوسط رآه المنقذ الوحيد فأسرع يطلب منه المعونة, مستغيثا به بثقة لا يمكن أن يتجاهلها الرب برغم معاناة الصليب, ألم يأت لتلك الساعة ولهذا الغرض; إغاثة المعيي بكلمة؟ فأغاثه فعلا.
إنها بشريتنا يا محبوب, كلنا كنا في هذا اللص مثلما كنا في الممسوكة في الفعل الفاضح, وقد أخذ الإعياء منا كل مأخذ, والموت مصيرنا المرعب كان أمام أعيننا تلوح أعلامه السوداء. وإذ كنا نلمسه في أعماقنا, أغاثنا الرب بكلمته المتجسد وأغاثنا الكلمة بكلمة محبته ورحمته وتحننات تجسده, سمع صراخنا فأجاب: تكونون معي… لقد أتيت لاصطحابكم في ومعي وبي, إلي الفردوس لتفرحون. يا لعظم محبته.
والآن دعني أسوق لك أخبار المعيي الثالث الذي أغاثه السيد بكلمته, في الأول كانت المرأة التي أمسكت في ذات الفعل, والثاني كان اللص اليمين الذي كان قاب قوسين من مغادرة الحياة إلي الهاوية ليهلك. والثالث الآن هو عظام يابسة لنفوس ماتت وشبعت موتا, حكي عنها حزقيال النبي (حز 37: 1ـ14) رويا العظام اليابسة فقال لي: يا ابن آدم, أتحيا هذه العظام؟ فقلت: يا سيد الرب أنت تعلم. فقال لي: تنبأ علي هذه العظام وقل لها: أيتها العظام اليابسة, اسمعي كلمة الرب: هكذا قال السيد الرب لهذه العظام: ها أنذا أدخل فيكم روحا فتحيون. رعشت العظام وتجمعت وقامت وصارت جيشا عظيما جدا.
إنها بشريتنا التي تعتقت في الموت والفساد ولكن أغاثها السيد بكلمة منه فقامت إلي حياة جديدة بعدما كان لسان حالها يبست عظامنا وهلك رجاؤنا, قد انقطعنا (حز 37:11).
القارئ المحبوب, كانت هذه عينات من الذين أعياهم واقع الخطية والمرض والفساد والموت, وها أنت تري كيف أغاثهم الرب بكلمة, فيسوع هو كلمة الله المتجسد الذي نحتفل به اليوم فنشكره علي نعمته ومحبته, هو الكلمة الأزلي المتجسد, والإنجيل وسيرته الحية هو كلمته المغيثة لنا متي تمسكنا بها, فيا لسعدنا به في تجسده وميلاده له كل المجد.
لو أحببت تغوص أكثر في تعزيات الكلمة: أغيث المعيي بكلمة, هناك عينات أخري: يايروس قال له يسوع: لا تخف! ولأرملة نايين عزاها: لا تبكي, وأقام ابنها وحيدها بكلمة. للأبرص الذي ناشد تحنناته قال: أريد فاطهر, فجري طاهرا! لمرثا الباكية موت لعازر قال: سيقوم أخوك, للمجدلية الحائرة الحزينة قال: لماذا تبكين؟… يا مريم. وللتلاميذ في العلية خائفين ومختبئين قال: سلام لكم.وغيرها يا صديقي, خذ لك منها نصيبك يعزيك ويملأ قلبك سلاما وفرحا.
كل عام وشعب الرب في نعمة ومعونة وسلام الفادي.