من هو القديس القديس انطونيوس الكبير؟


وُلد القديس انطونيوس الكبير ” كوكب البرية ” في بلدة صغيرة تدعى كوما في صعيد مصر حوالي عام ٢٥١ . من والدين غنيين . مات والده فوقف أمام الجثمان يتأمل زوال هذا العالم، فالتهب قلبه نحو الأبدية. وفي عام ٢٦٩م دخل ذات يوم الكنيسة وسمع الإنجيل يقول : ” إن أردت أن تكون كاملًا اذهب وبع كل مالك ووزعه على الفقراء، وتعال اتبعني ” فشعر أنها رسالة شخصية تمس حياته. عاد إلى أخته الشابة ديوس يعلن لها رغبته في بيع نصيبه وتوزيعه على الفقراء ليتفرغ للعبادة بزهد، فأصرت ألا يتركها حتى يسلمها لبيت العذارى بالإسكندرية.

سكن الشاب أنطونيوس بجوار النيل، وكان يقضي كل وقته في الصلوات بنسك شديد، لكن إذ هاجمته أفكار الملل والضجر صار يصرخ إلى الله، فظهر له ملاك على شكل إنسان يلبس رداءً طويلًا متوشحًا بزنار وعلى رأسه صَليب مثل الإسكيم ( القلنسوة او الإسكيم الرهباني ) ، وكان يجلس يضفر الخوص.

قام الملاك ليصلي ثم عاد للعمل وتكرر الأمر. وفي النهاية، قال الملاك له : ” إعمل مثل هذا فتستريح. فصار هذا الزي هو زي الرهبنة، وأصبح العمل اليدوي من أساسيات الحياة الرهبانية حتى لا يسقط الراهب في الملل.

في أحد الأيام نزلت سيدة إلى النهر لتغسل رجليها هي وجواريها، فحَول القديس نظره عنهن منتظرًا خروجهن فبدأن في الاستحمام. ولما خرجن عاتب السيدة على هذا التصرف، فأجابته للحال : ” لو كنت راهبًا لسكنت البرية الداخلية، لأن هذا المكان لا يصلح لسكنى الرهبان “. ولما سمع القديس هذه الكلمات قال في نفسه : ” إنه صوت ملاك الرب يوبخني “، وفي الحال ترك الموضع وهرب إلى البرية الداخلية، وكان ذلك حوالي عام ٢٥٨ م.

استقر القديس في هذه البرية، وسكن في مغارة على جبل القلزم شمال غربي البحر الأحمر، يمارس حياة الوحدة. هناك حاربته الشياطين علانية تارة على شكل نساء ، ومرةً أخرى على شكل وحوش مرعبة.

حوالي عام ٣٠٥ م . اضطر أن يكسر خلوته ليلتقي بتلاميذ جاءوا إليه يُريدون التدرب على يديه، فكان يساعدهم ويرشدهم ، وإن كان قد عاد إلى وحدته مرة أخرى.

في آخر أيام حياته، زار أديرة رهبانه مُحَرِّضاً الجميع على الثبات في طريق الكمال. ورقد بسلامٍ الرّبّ في ١٧ يناير / كانون الثاني سنة ٣٥٦ م ، وله من العمر مئة وخمس سنين. من تركته الروحيَّة سبع رسائل شهيرة كان قد وجَّهها إلى بعض أديرة المشرق. وقد نقلت من القبطيَّة إلى اليونانيَّة واللاتينيَّة وطبعت مندمجة بين تآليف الأباء القديسين .

اشتهر القديس انطونيوس بمعجزاته في طرد الشياطين لذلك كثيرٌ من الشبان إقتدوا به متخذين طريقته في الحياة النسكية ، وهذا دليل على ما لهذا القدِّيس من الشفاعة لدى الله ومن الثقة والكرامة في قلوب المؤمنين . ولذلك حقّ له أن يدعى ” كوكب البرية ” ومجد الحياة الرهبانيَّة وشفيع الجماعات والأفراد في كلِّ مكان وزمان .

هذا القديس العظيم بين القديسين هو مؤسس نظام الرهبنة التنسكية (الوحدة)، فإن حياته تكشف عن مفهوم الرهبنة المسيحية ، خاصة نظام الوحدة :

أوّلاً : خرج للرهبنة بلا هدف كهنوتي، وكانت حركته شعبية لا كهنوتية، لا يطلب التدخل في التنظيم الكنسي، وحتى حينما أرسل إليه الإمبراطور قسطنطين يطلب بركته أرجأ الرد عليه، ولما سأله تلاميذه عن السبب؟ أجاب أنه مشغول بالرد على رسالة الله ملك الملوك، وبعد إلحاح بعث بالرد من أجل سلام الكنيسة.

ثانياً : حبه الشديد للوحدة لم يغلق قلبه نحو الجماعة المقدسة، بل كان في عزلته يؤمن بعضويته الكنسية. لذلك عندما استدعى الأمر نزل إلى القديس أثناسيوس الرسولي الذي تتلمذ على يدي القديس أنطونيوس وعندما دخل الإسكندرية ارتجت المدينة، وخرج الكل متهللين لأن رجل الله قادم، وبالفعل عاد كثير من الأريوسيين إلى الكنيسة ، ويبَّين لهم أنَّ المسيح إلهٌ حَقٌّ وإنسانٌ حَقٌّ.

مرة أخرى نزل إلى الإسكندرية يسند المعترفين في السجون ويرافقهم حتى ساحة الاستشهاد.

ثالثاً : مع محبته الشديدة للوحدة تلمذ القديس مقاريوس الكبير الذي أسس نظام الجماعات، كما فرح جداً بأخبار باخوميوس مؤسس نظام الشركة ومدحه… هكذا لم يحمل روح التعصب لنظام معين!

رابعاً : عزلته لم تكن ضيقاً وتبرماً ، لذا كان الكل يدهش لبشاشته وتهليله الداخلي، وقد اتسم بصحة جيدة حتى يوم وفاته ، وكان قد بلغ المائة وخمسة عاماً .

خامساً : قيل أنه كان أُمياً لا يعرف القراءة والكتابة، لكنه كان يفحم الفلاسفة اليونانيين ببساطة قلبه، وقد جذب بعضهم إلى الإيمان. وعندما سأله بعضهم كيف يتعزى وسط الجبال بدون كتاب، قال لهم إن الله يعزيه خلال العقل الذي يسبق الكتابة.

سأله أحد الأشخاص ليجربه عن عبارة كُتبت في سفر العبرانيين، فاتجه القديس انطونيوس ببصره نحو البرية، ثم رفع صوته وقال : اللَّهم أرسل موسى يفسر لي معنى هذه الآية ، وفي الحال سُمع صوت يتحدث معه، وكما يقول أحد الأباء القديسين : ” إنهم سمعوا الصوت ولم يفهموه ” .

من كلماته القديس انطونيوس الكبير :

* حياتنا وموتنا هما مع قريبنا، فإن ربحنا قريبنا نربح الله، وإن أعثرنا قريبنا نخطئ ضد المسيح.

* أحزن البعض أجسادهم بالنسك، وبسبب عدم التمييز فهم بعيدون عن الله.

* يأتي وقت فيه يصاب البشر بالجنون، فإن رأوا إنسانًا غير مجنون، يهاجمونه، قائلين: أنت مجنون، إنك لست مثلنا.

* الطاعة مع الزهد يهبان البشر سلطاناً على وحوش البرية.

صلاة للقديس انطونيوس الكبير :

أيها القديس أنطونيوس، كوكب البرية، يا من تمّمت المشورات الانجيلية، وصرت أبًا وراعيًا لخراف المسيح الناطقة، وجعلتهم يحفظون كمال الأمانة الرسولية، أنت الذي رددت كثيرين الى التوبة الصادقة، وسلكت الطريق الضيّق الموصل الى الملكوت السماوي، نطلب إليك أيها القديس المعظّم، أن تستمد لنا من الله بأن نماثل سيرتك، فنتمّم إرادته القدّوسة بأفكارنا وأقوالنا وأعمالنا، ونسلك في سبله المستقيمة.

وإذ قد اتخذناك لنا شفيعًا في كل وقت، فنحن واثقون بأن ننال النّعمة (أذكرها) فأرسخ بإيماني ورجائي وأسبّحه معك الى الأبد. آمين .

تاريخ الخبر: 2024-01-21 09:21:40
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 64%

آخر الأخبار حول العالم

تبسة: اتفاقية للتقليل من تأثيرات منجم الفوسفـات ببئر العاتـر

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 03:24:18
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 53%

قالمة: 45 رخصـة استغـلال واستكشـاف للثـروة المنجميـة

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 03:24:16
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 59%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية