أرجع متخصص في علم البيئة وقوع فيضان الكورنيش الشمالي بمدينة جدة، أول من أمس، إلى تأثيرات مناخية بعيدة عن منطقتنا (synoptic scale)، والمسبب لها هو المرتفع الجوي الذي يسيطر على شبه القارة الهندية في فصل الشتاء. ومن المعروف أن اتجاه الرياح المصاحب للمرتفع الهندي يكون في اتجاه دوران عقارب الساعة، وهذا شأن جميع المرتفعات الجوية في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. أما المنخفضات الجوية في نصف الكرة الشمالي فيكون اتجاه الرياح فيها عكس اتجاه دوران عقارب الساعة.

أحزمة الرياح

قال أستاذ علم البيئة الدكتور علي عشقي: «لمعرفة تفاصيل الظواهر المناخية مثل ظاهرة فيضان الكورنيش في مدينة جدة يتطلب الإلمام ببعض المصطلحات الجوية، منها: الأرصاد الجوية الكلية Macro meteorology مثل دراسة أحزمة الرياح التي تهب على مناطق معينة من الكرة الأرضية مثل الرياح النفاثة Jet stream، والرياح التجارية المختلفة التي تهب على طول خطوط العرض في النصف الشمالي والنصف الجنوبي من الكرة الأرضية، وتمتد لآلاف الكيلومترات. أما الظواهر المناخية التي في مناطق معينة يزيد طولها على 1000 كيلومت كالتي في النشرات الجوية التي تحدث على السهل الأمريكي أو الروسي أو الهندي، فيطلق على هذه الظاهرة اسم «مقياس سنوبتك» Synoptic scale، ومثل ذلك تأثير كل من: المنخفضات الجوية، ومنخفضات البحر الأبيض المتوسط، والمنخفضات الإفريقية على منطقتنا في جميع فصول العام، والظواهر المناخية المتوسطة mesoscale، وهي الظواهر الصغيرة المحلية التي لا يزيد طولها على 10 كيلومتر».

المرتفع الجوي

أرجع «عشقي» فيضان الكورنيش الشمالي بمدينة جدة في فصل الشتاء، وبالتحديد في ديسمبر ويناير وفبراير، لسيطرة المرتفع الجوي على شبه القارة الهندية، الذي يمتد لآلاف الكيلومترات، حيث تكون اتجاه الرياح فيه باتجاه عقارب الساعة، أي أنه يمر بمنطقة بحر العرب، فيدفع بكميات كبيرة من المياه السطحية لكل من بحر العرب وخليج عدن إلى داخل البحر الأحمر عن طريق باب المندب، لافتا إلى أن الرياح الموسمية التي نشأت عن هذا المرتفع كانت شديدة، فدفعت بكميات كميرة من المياه السطحية لخليج عدن وبحر العرب إلى داخل البحر الأحمر، ما تسبب في ارتفاع المياه السطحية في البحر الأحمر لأكثر من متر، وذلك السبب الرئيسي في فيضان الكورنيش الشمالي. وفي فصل الصيف، ينعكس اتجاه الرياح باتجاه عكس اتجاه عقارب الساعة، فيتسبب ذلك في دفع المياه السطحية خارج البحر الأحمر، ما يتسبب في انخفاض المياه السطحية في البحر الأحمر في يوليو وأغسطس لأكثر من متر.