المكتبات العامة في مواجهة المكتبات الإلكترونية..صراع المعرفة والبحث


تعتبر المكتبات العامة هي الوسيلة الأولى فى كافة دول العالم التي تقوم بنشر الثقافة والمعرفة بين أفراد المجتمع ، وذلك بفضل ما تقتنيه من كتب وموسوعات ووثائق ومصادر المعلومات المختلفة في شتى فروع الثقافة والمعرفة، وقد أهتمت الدولة منذ عشرات السنين بالمكتبات العامة أهتماما بالغا ، وعملت على تطوريها من حين الى أخر حتي اصبحت تناسب جميع الفئات العمرية ومختلف المستويات الفكرية ، كما بدات العديد من المكتبات في ابتكار عوامل جذب لمختلف فئات المجتمع في محاولة منها لنشر الثقافة والمعرفة بشكل واسع ، كما تلعب المكتبات العامة دورا مهم بشكل خاص في حياة الباحثين حيث أنها تعد المقصد الأول لهم لإتمام أعمالهم البحثية ، وخلال السنوات الاخيرة لم تعد المكتبات العامة هي المقصد الوحيد للطلاب والباحثين ومحبي المعرفة، حيث انتشرت المكتبات الالكترونية والرقمية ، فأصبح البحث والأطلاع أسرع وأسهل مما كان عليه سابقا، ولكن استمرت المكتبات العامة في تقديم خدماتها الجليلة للباحثين والقراء ، وفي ظل دعم الدولة المصرية للتحول الرقمي بشكل عام ، اهتمت الدولة بتقديم الخدمات التعليمية والثقافية الالكتورنية ، ومثلا على هذا تم تدشين ” بنك المعرفة ” الذي يعد المرجع الأول والأكبر لكافة الطلاب المصريين ، مع كل هذا التطور لا يزال هناك من يفضل اللجوء إلى المكتبات العامة وقاعاتها العريقة عن استخدام المكتبات الرقمية .

ويقول أحمد عبد المجيد – مشرف بإحدى المكتبات العامة :-

في ظل التطور التكنولوجي الملحوظ أصبح التواجد فى المكتبات العامة أمر قليلا ما يحدث، فأغلب الباحثين حاليا يفضل الاعتماد على المكتبات الرقمية التي توفر الوقت والجهد ، خاصة أنها لا ترتبط بمواعيد عمل ولا تتطلب قطع المسافات وغيرها من الأمور ، لكن هناك العديد من الباحثين والمهتمين بالقراءة والاطلاع لا يزالون يفضلون التواجد داخل المكتبات العامة وقاعتها واستخدام الكتب الورقية ، ربما لما يتوافر بها من الهدوء والجو العام الملائم للبحث والتأمل والاطلاع ، فأنا اعمل منذ اثني عشر سنة مشرفا بالمكتبات العامة، حتي وإن لم يعد الإقبال عليها كما كان قديما ، لكنه يظل قائما حتي الأن وأعتقد انه سيستمر باستمرار الحياة لأن المعرفة هي دافع إنساني يسعى له كل فرد بطريقته الخاصة .

وفي هذا الصدد يقول مجدي أحمد – باحث بالتاريخ :-

على الرغم من انتشار المكتبات الالكترونية والرقمية واحتوائها على ملايين الكتب والمراجع والمصادر الأ أن الباحث الحقيقي لا يستطيع الاستغناء عن المكتبات العامة التي اعتاد التردد عليها، بالمكتبات العامة التراثية مثل ” دار الكتب ” تحتوي على وثائق ودوريات وغيرها من مصادر المعلومات لا توجد في أي مكتبة رقمية، لذلك لا يجب أن نعتمد على ما نجده بالمكتبات الرقمية دون السعي للمزيد، والتجارب البحثية المختلفة تؤكد على أهمية البحث بالمكتبات العامة وقاعاتها فكلما بحثنا وجدنا العديد من المصادر والوثائق التي ربما لم نكن نعلم عنها أي شي في السابق ، أرى أنه من الممكن الاعتماد على المكتبات الرقمية في البحث عن المراجع الحديثة، للطلاب فى مراحل التعليم الأولى ,لكن بالنسبة للباحثين الذي يجب أن يقدموا أعمال بحثية تقدم نتائج جديدة وسليمة لا يجب عليهم البحث فى الطريق السهل ، لكن يجب بذل بعض المجهود حتي تكلل أعمالهم بالنجاح، هذا بالطبع بالاضافة إلى ما يتوافر بالمكتبات العامة من جو ملائم للبحث و الهدوء اللازم لتنسيق الافكار وترتيبها ولكل هذه الاسباب أرى أنه لا يمكن الاستغناء عن وجود المكتبات العامة .

كما قال جابر الزهيري رئيس نادي أدب أبي قرقاص بالمنيا، مدير دار نشر وادي عبقر:-

أن الكتاب الورقي ما زال محتفظا بقوته رغم انتشار الثورة التكنولوجية، مؤكدا عند تقديم العضوية في الأندية الأدبية أو غيرها لا بد من وجود الكتاب الورقي، وكذلك عند توثيق أي كتاب وأخذ رقم إيداع من الهيئة العامة للكتاب لا بد من وجود نسخ ورقية مع النسخة الألكترونية، وأوضح أنه لا يمكن الاستغناء عن الكتاب الورقي لامتلاكه العديد من المميزات أهمها أن له متعة خاصة في القراءة عكس الكتاب الإلكتروني، ويمكن الرجوع إليه في أي وقت تريده، وأنه غير مجهد للعين.

وأشار رئيس دار نشر عبقر أن سوق الكتب الورقية تراجعت خاصة بعد زيادة سعر الحبر والورق وظهور الكتاب الإلكتروني وظروف انتشار فيروس كورونا، وأكد أن الكتاب الإلكتروني سريع الانتشار وسهل التحميل من المواقع الإلكترونية، بالإضافة إلى وصوله لملايين المستخدمين لشبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، لافتا إلى أن الكتاب الإلكتروني لا يوفر في الجهد ولا الوقت مثله مثل الورقي لأنه يحتاج إلى مراجعة وتصحيح وتصميم غلاف ثم رفعه على المنصة.

ولفت الزهيري إلى أن دور النشر تأثرت كثيرا بالتطور التكنولوجي وتنافس الكتاب الإلكتروني لأن المؤلفين والكتَّاب يحتاجون عدد قليل من النسخ الورقية ويعتمدون أكثر على النسخ الإلكترونية مما أدى إلى تراجع نسبة المبيعات، مضيفا أن هناك الكثير من الطلاب من يشكون من صعوبة التعامل مع الكتاب الإلكتروني وأنهم يقومون بطبع الكتب الدراسية بعد صدور قرار بتحويل الكتب إلى إلكترونية في عدد من الجامعات وهذا يثبت أن الكتب الورقية أفضل منها في الوقت الحالي.

قال الروائي محمود رمضان الطهطاوي عضو اتحاد كتاب مصر :-

إن رغم سهولة الكتاب الإلكتروني من حيث الحصول عليه، وسهولة البحث بداخله عن المعلومة ،وقدرته على تجاوز الحدود بسرعة البرق ، إلا أن الكتاب الورقي ما زال يحتل مكانة سامية ، وله بهجته ورونقه ومازالت الأرفف المكتبية في المنزل والمكتبات العامة عامرة به، وأوضح الطهطاوي أنه لا يمكن الاستغناء عن الكتاب الورقي بسهولة، فهو يريح العين، ويسهل الرجوع إليه وقتما تشاء، عكس الكتاب الإلكتروني، وأشار عضو اتحاد كتاب مصر أن الكاتب يشعر بأن النشر الإلكتروني لكتبه هى مرحلة تأتي بعد النشر الورقي ، بل إن الإتحادات الخاصة بالكتاب مازالت لا تعترف بالكتاب الإلكتروني باستثناء اتحاد كتاب الإنترنت، مشيرا إلى بقاء الكتاب الورقي هو الأهم رغم الانتشار الكبير للكتاب الإلكتروني، فمازال الكثير من الناس لا تجد متعة في القراءة إلا من خلال الكتاب الورقي إلى أن الباحثين يميلون للكتاب الإلكتروني لسهولة الحصول على المعلومة، على رغم من أهمية الكتاب الورقي الذي لا يمكن أن يستغني عنه القارئ الحقيقي، مشيرا إلى الكتاب الورقي والإلكتروني سوف يسيرا جنبا إلى جنب لحقبة طويلة من الزمن، مكملان لبعضهما في خط متوازي.

بينما يرى الكاتب مصطفى مسعود أن الكتاب الورقي له رونقه الخاص ومتعته التي لا يمكن الاستغناء عنها إلا أن التكنولوجيا ساعد على وجود الكتاب الإلكتروني البديل الذي يمتاز بسهولة الحصول عليه وسرعة انتشاره، وأوضح مسعود أنه من الصعب حمل أكثر من كتاب ورقي أو كتابين في حين أنه يمكن تحميل مكتبة إلكترونية تتسع لآلاف الكتب الإلكترنية، بالإضافة إلى ارتفاع سعر الكتاب الورقي مقابل الكتاب الإلكتروني، مشيرا إلى أن ربح الكاتب من الكتاب الإلكتروني أكبر بكثير من الورقي، علاوة على سهولة التسويق الالكتروني له بأرخص الأسعار.

بينما يقول عبد الحافظ متولي، مدير عام النشر بالهيئة العامة لقصور الثقافة، أن تأثير الكتاب الإلكتروني على الكتاب الورقي تأثير بسيط، لأن تراثنا كله مرتبط بالكتاب الورقي الذي يمكن الحفاظ عليه أكثر من الكتاب الإلكتروني الأكثر عرضة للضياع، والشئ الاهم في ذلك الجانب هو الحميمية بين التي تربط القارئ المصري بالكتاب الورقي لأن حضارتنا المصرية هي حضارة “مكتوبة” وبالتالي فرضت علينا الارتباط بالكتاب الورقي، وأبرز دليل على ذلك هو معرض الكتاب الذي يقام كل عام، ويأتي إليه الآلاف من القراء يبحثون عن الكتاب الورقي في حين ان هواتفهم تحتوي على الكتب الالكترونية، فالقارئ المصري تربى على الكتاب الورقي خلال مراحل عمره المختلفة لذلك تربطه به علاقة قوية، وفي الوقت ذاته لا ننكر دور وأهمية الكتاب الالكتروني ولكن يظل الكتاب الورقي هو الأكثر التصاقا بوعي القارئ المصري.

كما يوضح مدير عام النشر بالهيئة العامة لقصور الثقافة أن توجه الدولة إلى التحول الإلكتروني هو توجه عالمي ، حيث ان العالم كله يتجه نحو الرقمنة ولكنها في الأساس رقمنة إدارية لن تقضي على الكتاب الورقي كما قال ” نحن في الهيئة العامة لقصور الثقافة لا زلنا نطبق الآلاف من الكتب – ويكون بعضها متاح إلكترونيا مثل كتب التراث – وتباع كافة نسخها، وهذا مؤشر على أن الكتب الورقية والمكتبات العامة ستظل تقوم بدورها بجوار المكتبات الإلكترونية “

تاريخ الخبر: 2024-01-29 00:21:22
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 48%
الأهمية: 59%

آخر الأخبار حول العالم

أخنوش يمثل الملك في القمة العربية بالمنامة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-15 18:26:05
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 66%

أخنوش يمثل الملك في القمة العربية بالمنامة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-15 18:26:00
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 63%

الغلوسي: هل من حكماء لإنهاء أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة؟

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-15 18:26:09
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 57%

الغلوسي: هل من حكماء لإنهاء أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة؟

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-15 18:26:14
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 64%

مبابي يغيب عن مواجهة سان جرمان أمام نيس بداعي الإصابة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-15 18:25:58
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 64%

مبابي يغيب عن مواجهة سان جرمان أمام نيس بداعي الإصابة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-15 18:25:51
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 68%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية