الدينامية الدبلوماسية تمهّد الطريق نحو مشروع المنفذ الأطلسي


 

الدار/ افتتاحية

الزيارة التي يقوم بها الوزير الأول بجمهورية النيجر مهامان لامين إلى المغرب خطوة جديدة في سياق تفعيل مبادرة “من أجل إفريقيا مزدهرة” التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس من خلال إعلان مبادرة فتح منفذ على المحيط الأطلسي لدول الساحل الإفريقي. تأتي هذه الزيارة في سياق خاص جدا يتميز بمجموعة من التحوّلات الاستراتيجية التي شهدتها المنطقة. تخلّص جمهورية النيجر من الوجود العسكري الفرنسي لِتنضاف إلى دول أخرى من المنطقة حققت هذا المطلب، وانكشاف المساعي الجزائرية لاستثمار التوترات الداخلية في كل من مالي والنيجر، ثم قرار بوركينا فاسو ومالي والنيجر أيضا الانسحاب بمفعول فوري من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس)، المنظمة الإقليمية التي تضم 15 عضوا.

الوزير الأول جاء إلى المغرب رفقة وفد مهم وهو يحمل رسالة من الجنرال دو بريكاد عبد الرحمان تياني رئيس المجلس الوطني لحماية الوطن، ورئيس الدولة. النيجر البلد المترامي الأطراف الذي يحتلّ موقعا استراتيجيا في منطقة الساحل في حاجة ماسّة إلى تعزيز استقراره الأمني سواء في مواجهة التوترات الأهلية أو التهديدات الإرهابية التي تهدد المنطقة، كما أن نيامي أكثر بلدان الساحل حاجة إلى مبادرة منفذ الأطلسي التي أطلقها الملك محمد السادس. من هنا فإن الرسالة الأساسية التي تنطوي عليها هذه الزيارة المهمّة تؤكد أهمية تعميق جهود التنسيق الدبلوماسي بين البلدين من أجل السير قُدما في تعزيز المبادرات الهادفة إلى إنجاح برامج التعاون الثنائي والإقليمي وتشكيل تكتّل جديد مبنيّ على أسس المصالح المتبادلة.

لقد كشفت الشهور القليلة الماضية لبعض دول المنطقة وعلى رأسها مالي والنيجر أن النظام الجزائري لا يتردد في استغلال الخلافات الداخلية في هذه الدول لدفعها نحو المزيد من التصعيد والتوتر، وقد أدى ذلك إلى أزمة دبلوماسية صريحة بين مالي والجزائر على سبيل المثال. المصادر الإعلامية النيجرية تحدثت عن مناقشة هذه الزيارة سبل تطوير علاقات طويلة الأمد بين المغرب والنيجر. بعبارة أخرى يعمل البَلَدان اليوم بجد واجتهاد من أجل بلورة إطار شراكة استراتيجية، والبعد الأهم في هذه الشراكة هو التوصل إلى صيغة واضحة ونهائية بخصوص تفعيل مبادرة المنفذ على المحيط الأطلسي. سيمثّل الإعلان عن هذا الاتفاق بين دول الساحل والصحراء إنجازا مذهلا على صعيد برامج التعاون جنوب-جنوب.

ومن المرتقب أن يكون دور موريتانيا في إنجاح هذه المبادرة حاسما للغاية، بالنظر إلى موقعها الجغرافي الذي يجعلها رابطا مباشرا بين المغرب ودول الساحل المعنية بهذه المبادرة. ولعلّ الانفتاح الكبير الذي شهدته علاقات المغرب وموريتانيا في الأشهر القليلة الماضية يؤكد المساعي الحثيثة التي تبذلها بلادنا لتفعيل مبادرة ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي وفك العزلة الجغرافية عنها. منطقة الساحل منطقة الفرص الاقتصادية الهائلة التي تنتظر الإرادة السياسية لِدولها من أجل تسريع وتيرة التعاون ومبادرات الشراكة التي من شأنها أن تساعد هذه البلدان على تخطّي الصعوبات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية التي تعانيها بسبب نقص الموارد وتغيّر المناخ ومعضلة المديونية.

من المرتقب إذاً أن تسفر الدينامية الدبلوماسية الجارية في غضون هذا العام عن بلورة إعلان مشترك بين الدول المعنية حول تفعيل مبادرة ولوج المحيط الأطلسي، وسيُسهم هذا المشروع لا محالة في إحداث تحوّل استراتيجي كبير في المنطقة، سيفاجئ الكثير من القوى التي كانت تَعتبر إلى حدود الأمس القريب منطقة الساحل والصحراء حديقة خلفية لِسياساتها التوسعية التي أكل عليها الدهر وشرب. ملامح إفريقيا المزدهرة بدأت تلوح في الأفق ووتيرة العمل المشترك المتسارعة تؤكد ذلك لا سيّما أنه لم يعد هناك مجال لهدر المزيد من الوقت بعد أن هدمت الانقلابات الأخيرة الكثير من الحواجز والمعوّقات التقليدية.

تاريخ الخبر: 2024-02-15 18:25:37
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 53%
الأهمية: 51%

آخر الأخبار حول العالم

هذه أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق هدنة في غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 12:25:18
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 70%

هذه أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق هدنة في غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 12:25:24
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 66%

دورة مدريد لكرة المضرب: الروسي روبليف ي قصي ألكاراس حامل اللقب

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 12:24:39
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 51%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية