نشكرك لأنك … [ 16 ] نعمة القبول (جـ)
نشكرك لأنك … [ 16 ] نعمة القبول (جـ)
من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله هي نشكرك. وحسب تقليد كنيستنا, فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي نفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات, بعد أن نتلو الصلاة الربانية.
ثالثا: الله يقبل الأطفال:
وليس الأفال فقط, بل أيضا يعيش بروح الأطفال, كما قال الكتاب: دعوا الأولاد يأتون إلي ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السماوات (مت19:14), ولعلنا جميعا نتذكر صورة جميلة, كنا نأخذها في مدارس الأحد للسيد المسيح وهو فاتح ذراعيه للأطفال.
فالمسيح يحب ويقبل كل من يعيش بقامة الأطفال, كما علمنا الكتاب قائلا: إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات (مت18:3), وهذه القامة تتميز بالبساطة.. والنقاوة.. والبراءة.. وبالحياة البعيدة عن أية خطية.
رابعا: الله يقبل الضعفاء:
يقول معلمنا بولس الرسول: با اختار الله جهال العالم ليخزي الحكماء. واختار الله ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء. واختار الله أدنياء العالم والمزدري وغير الموجود ليبطل الموجود (1كو1:27-28), فالله يستخدم الضعفاء والصغار لكيما يتمجد فيهم ويقبلهم.
ففي زمن السيد المسيح, كان العالم ينقسم إلي فئتين: أمم ويهود, وكان اليهود يطلقون علي الأمم لفظا صعبا وهو أنهم كالكلاب!! ونري هذا بوضوح في قصة المرأةا لكنعانية, التي طلبت من السيد المسيح شفاء ابنتها, فقال لها المسيح: ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب (مت15:26). ولكن هذه الأم بإيمانها القوي بشخص المسيح, أجابته قائلة: نعم, يا سيد! والكلاب أيضا تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها! (مت15:27), وقد استجاب لها الرب وشفي ابنتها, وهذا يبين كيف قبل السيد المسيح الأمم!!
لذلك عندما نتأمل في قصة ميلاد السيد المسيح, نجد أنه قد أتي لزيارته مجموعتان: مجموعة الرعاة وهم يمثلون اليهود, ومجموعة المجوس وهم يمثلون الأمم, لكن للأسف رفض اليهود أن يعيشوا في المسار الصحيح, كما قال الكتاب: إلي خاصته جاء, وخاصته لم تقبله (يو1:11), فهناك إنسان يرفض النور, ويفضل أن يعيش في الظلمة!!
خامسا: الله يقبل الأعمال الصغيرة:
فكما يعلمنا الكتاب أن كأس ماء بارد لا يضيع أجره ومن سقي أحد هؤلاء الصغر كأس ماء بارد فقط باسم تلميذ, فالحق أقول لكم: إنه لا يضيع أجره (مت10:42), فمجرد أن يقوم إنسان بتقديم كأس ماء إلي شخص يشعر بالظمأ, الله يكافئه!! إنه عمل بسيط جدا, ومع هذا الله لا يضيع أجره, وليس هذا فقط بل وأيضا يفرح به!!
ومن أمثلة ذلك, قصة الأرملة صاحبة الفلسين, لقد امتدحها السيد المسيح وقال عنها: الحق أقول لكم: إن هذه الأرملة الفقيرة قد ألقت أكثر من جميع الذين ألقوا في الخزانة, لأن الجميع من فضلتهم ألقوا. وأما هذه فمن إعوازها ألقت كل ما عندها, كل معيشتها (مر12:43-44), فالله يقبل ويستخدم حتي الأمور الصغيرة ويحقق بها نجاحات كبيرة.
ويذكر لنا تاريخ الكنيسة, قصة القديس الأنبا باخوميوس أب الشركة, وكيف آمن وأصبح من آباء الرهبنة العظام؟!! فيقول التاريخ عنه: إنه عندما كان جنديا في الجيش, عسكرت كتيبته بجانب مدينة إسنا, وهناك فوجئ أن أهل إسنا خرجوا إليهم بالطعام والشراب!! فتعجب وبدأ يسأل من هؤاء الناس؟!!.. ولماذا يفعلون لنا هذا, وهم لا يعرفوننا؟!!
وكانت الإجابة: إنهم مسيحيون. والمسيحية تعلمهم فضيلة إضافة الغرباء!! كنت غريبا فآويتموني (مت25:35), إن من قام بإعداد كل هذا الطعام هم سيدات القرية البسطاء, وهم لا يعلمون من هم هؤلاء الجنود!! ولكنهم أعدوا هذا الطعام بكل أمانة وإخلاص, وربما بصلواتهم أيضا.
وقد اصطاد هذا العمل البسيط نفس الجندي الشاب باخوميوس, الذي قرر أن يصير مسيحيا, إن عاد سالما من الحرب!! لقد قبل الله العمل البسيط, الذي قامت به السيدات من إعداد الطعام, وقبل أيضا هذا الشاب الصغير, الذي صار فيما بعد مؤسس حياة الشركة الرهبانية!!