بينما اختتمت الجمعية التاريخية السعودية معرض «المخطوطات والوثائق الأحسائية الأول» في قلعة أمانة الأحساء، أكد رئيس قسم المخطوطات في مكتبة الملك فهد الوطنية، إبراهيم اليحيى، أن الأرقام في المخطوطات تختلف باختلاف الجغرافيا والتاريخ، موضحًا أن الترقيم عند المغاربة يختلف عن المشارقة، وعند الهنود وبعض ديار العجم يختلف عنه في ديار العرب، ولافتًا إلى أن الأزمان المتقدمة لها تقاليد معينة، وكذلك الأزمان المتأخرة لها ما يخصها من التقاليد.

قلب التاريخ

قال اليحيى: «من الأرقام ما يسمى «القلم الفاسي» نسبة إلى بلد فاس بالمغرب، حيث إن له رسمًا خاصًا به، وعلى من يفهرس ويشتغل بالمخطوطات المغاربية أن يكون على إطلاع بهذا الأمر، فضلًا عن معرفته بخطوط الغرب الإسلامي عمومًا»، مشيرًا إلى أن «المخطوطات المغاربية بعضها عسير حتى على المتمرس عليها، لذلك لا بد من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في سؤال خبير مخطوطات من أهل تلك البلاد».

وأوضح أن من بين تقاليد المخطوطات في تعمية التواريخ قلب التاريخ، سواء تاريخ نسخ أو قيد، مستشهدًا في ذلك بمخطوط كتب سنة 764 هجري في مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض، وجاء فيه قيد تملك مؤرخ بشكل مقلوب، حيث كتب هكذا «سنة 578»، وهذا لا يستقيم أن يكون تاريخ التملك قبل تاريخ النسخ، ثم فسّر تحته هكذا «875»، فزال الإشكال بمعرفة القلب، وزادت الطمأنينة لذلك بتفسيره بالقلم نفسه أو قريبًا منه.

يحسبها طلسم

شدد اليحيى على أن أهمية صحة قراءة التواريخ والأرقام تكمن في معرفة تاريخ النسخ، وأحيانًا معرفة تاريخ التأليف كأهمية ثانوية، حيث إن التاريخ يوجد في قيد ختام المخطوط «حرد المتن»، وحتى تواريخ القيود إذا كانت قريبة من قرن النسخ، فإنها تفيد في تأريخ النسخة، وهناك التأريخ بحساب الجمل، سواء المشرقي أو المغربي، وهناك تواريخ مرموزة، بحيث تختصر حروف القرن وكأنها توقيع، فيشاهدها غير المختص فلا يعرفها، وربما يهملها وهي مهمة، وقد يحسبها بعضهم أنها طلسم من الطلاسم، لكن مَن طالع نماذج لهذه القرون المرموزة سهل عليه أمرها غالبًا، وهذه المعرفة تأتي بحسب التتبع والسبر في الملاحظة، ومطالعة ما كتب في الموضوع، وسؤال من هو أخبر منه، فهناك تواريخ كتبت بالحروف الواضحة، وهناك تواريخ كتبت بالحروف المتداخلة أو المكتوبة على عجل.

صبيحة وعصرية وعشية

أوضح أنه بحسب التتبع والسبر والملاحظة، فإن النساخ هم من أكثر الناس بذلًا للجهد في تدوين المخطوطات، وهم أقل الناس عناية بها، بل إن بعض النسخ الخطية كتّابها لا يدونون أسماءهم في ذيل النسخ كما جرت العادة، ربما ذلك لأنهم يكتبون بأجرة كما يفعل النساخ والمصححون في دور النشر اليوم، وعدم معرفتنا بتراجم لهم ربما يعود إلى أنهم ليسوا ممن لهم مؤلفات، وعليه فهم لا يعدون من العلماء عند أصحاب التراجم، أو الورع عند بعض النساخ، مبينا أنه من العبارات التي يفضل أن يعتني بها من له اشتغال بالمخطوطات عبارات «أوقات النسخ» مثل: صبيحة، وضحى، وبين الظهر والعصر، وعصرية، وعشية.