كيف وصل نظام الكابرانات إلى مرحلة الهيستيريا الدبلوماسية؟


الدار/ افتتاحية

لقد فقدوا البوصلة تماما. هذا هو حال كابرانات الجزائر الذين أدخلتهم الهزائم الدبلوماسية المتوالية في عزلة وانفلات بل هيستيريا من ردود الأفعال المتشنجة والهوجاء. بعد خسارة الحليف الإسباني وفشل مناورة أنبوب الغاز والاندحار في القمة العربية وفشل استقطاب موريتانيا وإغرائها وتراجع الحضور المشوش في قلب القارة الإفريقية ومراكمة الخيبات على مستوى الإشعاع الدولي في الرياضة والثقافة وغيرها، يبدو أن كابرانات الجزائر وصلوا إلى نقطة اللاعودة وشرعوا رسميا في اتخاذ قرارات جنونية كان آخرها فتح دكان لأربعة موتورين بزعم أنهم يمثلون ما يسمى “جمهورية الريف”. هذه النكتة السخيفة المضحكة تمثل في الوقت نفسه علامة توتّر وتشتّت ذهني ونفسي وسياسي تعانيه عصابة العسكر.

لن ندخل في تفاصيل هذه المزاعم التي يعلم المغاربة جميعا أنها مجرد أوهام تسكن قلوب بعض الحاقدين هداهم الله، لكن الذي يهمّنا هنا هو التأكيد على أن قرار السلطات الجزائرية فتح الباب أمام هذا النوع من المناورات الخبيثة سينقلب عليها تماما. لأن المغرب الذي لم يتردّد قبل سنتين طبعا في التذكير بمعاناة الشعب القبائلي وحقّه في الإنصاف الثقافي والحكم الذاتي، لم يتخذ أبدا قرار فتح مقر للحركة من أجل تقرير المصير بمنطقة القبائل المعروفة اختصارا بحركة الماك، والتي تعد من أقدم الحركات الثقافية المطالبة بالحقوق الإقليمية والجهوية في منطقة شمال إفريقيا. على الرغم من دفاع السفير الدائم للمغرب بالأمم المتحدة عمر هلال عن حقوق الشعب القبائلي في العديد من خطاباته إلا أن بلادنا كانت دائما تتحفّظ بشأن أيّ مبادرة لفتح مقرات لمجموعات كهذه. بل لقد سبق لفرحات مهني زعيم هذه الحركة أن طلب من السلطات المغربية السماح للحركة بفتح تمثيلية لها في الأقاليم الجنوبية، ومع ذلك لم تتجاوب بلادنا مع هذا الطلب.

لكن ما دمنا قد وصلنا اليوم بحمد الله إلى مرحلة تتبنّى فيها الدبلوماسية المغربية نهجا متنوعا يتغيّر وفقاً لما تفرضه الظروف والشروط السياسية الدولية والمصالح الوطنية فإن اللجوء إلى المعاملة بالمثل وفتح مقرّ رسمي لحركة الماك في بلادنا لم يعد قرارا يحتاج إلى الكثير من التفكير أو التردّد. نحن نعلم أن التوقيت الذي جاء فيه الترويج لهذا الدكان الانفصالي المزعوم في الجزائر مثير لحفيظة الجنرالات ومستفز لهدوئهم وأعصابهم. إنه يتزامن مع ترأس المغرب الدورة الثامنة عشرة لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بعد انتخابه بأغلبية الأصوات مؤخرا. ولعلّ هذا الحضور المغربي الوازن في مجلس حقوق الإنسان الدولي هو الذي سرّع اتخاذ نظام شنقريحة هذه الخطوة الغبيّة التي تُظهر للعالم مرة أخرى مع من حشرنا الله فعلا في هذا الركن من شمال إفريقيا. إنه نظام صبياني يبني قراراته على الانفعالات والمشاعر السلبية والأحقاد لا أقلّ ولا أكثر.

نريد إذاً أن نطمئن الكابرانات بأن الصحيفة الحقوقية في الجزائر ستخضع للدراسة والتحليل في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة كما كان ذلك مقرّراً، ليس لأن المغرب يريد أن ينتقم مما فعله هذا النظام، وإنما لأن هذا هو الواجب وهذه هي المسؤولية التي تحمّلها في هيئة أممية بهذا الحجم تفرض عليه أداء مهمّته بنجاح وفعالية. وإذا كان لدى نظام الكابرانات مخاوف أو قلق من احتمال فضح الممارسات والانتهاكات التي يرتكبها هذا النظام ضد أبنائه وبناته من النشطاء الحقوقيين والصحافيين والمعارضين فإن المطلوب منه هو الردّ على ذلك في إطاره الضيق والمحدود وليس اللجوء مرة أخرى إلى نهج الهروب إلى الأمام وتجاهل مسؤولياته أمام المنتظم الدولي. ومن المؤكد أن المغرب سيدافع انطلاقا من موقعه في هذا المجلس عن حقوق الشعب القبائلي الذي يتعرّض منذ قرون طويلة لإقصاء وتهميش كبيرين على الرغم من عراقته التاريخية باعتباره أحد أقدم شعوب المنطقة.

فتح دكان للجمهورية المزعومة سينضاف إلى دكان آخر في تندوف، ولن يغيّر من واقع الهزيمة والعزلة والفشل شيئا. ولعلّ تناسل الدكاكين الانفصالية على التراب الجزائري سينقلب لا محالة يوما ما على هذا النظام. نظام الكابرانات يمثل دولة فاشلة بكلّ المقاييس، ولعلّ الأزمات الدبلوماسية التي تسبّبت فيها هذه العصابة مع جيرانها في مالي والأصدقاء مؤخرا في الكونغو وغيرها من المناطق دليل آخر على أن التدخل في شؤون البلدان الأخرى ومحاولة استدامة بؤر التوتّر وخلق بوادر الانفصال لا يمكن أن يغطي أبدا هذا الفشل الذي أضحى الشعب الجزائري يدفع ثمنه اليوم باهظا من تنميته واقتصاده ورفاهيته. والأدهى من هذا أنه الثمن سيكون أكثر فداحة في المستقبل.

تاريخ الخبر: 2024-03-04 21:25:04
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 50%

آخر الأخبار حول العالم

عبد اللطيف حموشي يجري مباحثات ثنائية مع عدد من نظرائه الإسبان

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-10 00:26:04
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 51%

أكادير.. افتتاح فعاليات الدورة الثالثة للمعرض الدولي للأركان

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-10 00:25:19
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 58%

عبد اللطيف حموشي يجري مباحثات ثنائية مع عدد من نظرائه الإسبان

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-10 00:25:55
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 61%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية