استخراج الماس من مجاري الحمم البركانية
استخراج الماس من مجاري الحمم البركانية
من إجمالي كمية الماس التي تستخرج من المناجم كل عام يذهب ربعه لصناعة المجوهرات ويذهب الباقي إلي المصانع المختلفة ويدخل في صناعة السيارات والطائرات وأجهزة اللاسلكي والتليفزيون, والماس ثمين ليس لأنه جميل بل لأنه نارد وغاية في الصلابة حتي إنه أشد صلابة من حجر الياقوت بثمانين مرة ولا شيء يستطيع أن يخدش الماس أو يتلفه, فإذا نظرت إلي ياقوتة قديمة أو إلي ياقوتة زرقاء صقير لاحظت وجود خدوش كثيرة علي سطحها وهو ما لا تراه علي سطح الماس مهما طال استخدامه.
يتساءل الناس كثيرا ما هو الماس؟ ويبدو الرد بسيطا, فالماس قطعة نقية من الكربون تماما كالسناج الذي تراه في مدخنة ولكن بطريقة مختلفة, فالكربون يوجد في كل مكان كما أن ثمن المجسم البشري (أي جزء علي ثمانية أجزاء) عبارة عن كربون, لكن الماس مختلف لأنه كربون في حالة متبلورة وهذا التبلور يجعله نادرا جدا. ويكاد يكون من المستحيل تعريض الكربون إلي درجة حرارة عالية جدا وإلي ضغوط شديدة حتي يتحول إلي غاز ثم يترك ليبرد ببطء, وفي النهاية نحصل علي بلورات. وهذا هو ما فعلته الطبيعة منذ ملايين السنين في أعماق الأرض عندما ثار بركان معين تكونت تلك البلورات ووجدت طريقها إلي أجزاء الأرض في مجري الحمم البركانية وكان ذلك في أفريقيا والهند وأمريكا الجنوبية.
إن الذين يبحثون عن الماس وكذلك عن الذهب يطلق عليهم المنقبون. وأول ما يفعلونه البحث عن بركان قديم حيث تكون قطع الماس قريبة منه ويسهل العثور عليها, ويطلق أيضا علي تلك المناطق الأنابيب لأنها عبارة عن مجاري حمم بركانية كأنابيب المجاري تهبط إلي أعماق في الأرض وأشهرها في كمبرلي بجنوب أفريقيا حيث يبلغ عمقها نحو ثلاثة آلاف قدم.. وحصل الإنسان أو المنقب منها علي خمسة وعشرين مليون طن من الطين والتراب لفحصها للعثور علي الماس, وفي كل خمسة آلاف طن عثر المنقبون علي ربع رطل من الماس.. ومن كمية الطين والأتربة هذه الهائلة حصل الإنسان علي ملء فنجان من قطع الماس, وهذا هو السبب في سر غلاء ثمن الماس في الأسواق.
وعثر علي الماس لأول مرة في الهند عام 200 قبل الميلاد وبعد مرور ألفي عام أي في 1726 عثر عليه في البرازيل وفي 1866 عثر علي كميات كبيرة منه في أفريقيا وفي هذه القارة العظيمة يوجد معظم الماس الموجود في باطن أراضيها, ولعل أول من لاحظ وجود الماس في أفريقيا رحالة رأي طفلا هولنديا يلعب بحجر لامع عثر عليه في ضيعة أبيه, وأثبت هذا الحجر أنه قطعة من الماس النادرة الوجود.
يعد الماس من الجواهر العظيمة التي زينت بها تيجان الملوك واستخدمه الأغريق القدماء في وضع قطع منه في عيون تماثيلهم الرخامية والحجرية لآلهتهم. وفي المتحف البريطاني تماثيل قديمة عيونها من الماس, ومن أعظم قطع الماس جوهرة كوهنور التي عثر عليها في الهند وقدمت هدية إلي الملكة فيكتوريا ملكة بريطانيا ولا تزال موجودة في التاج البريطاني الذي تضعه الملكة إليزابيث علي رأسها في المناسبات, أما أكبر ماسة وهي ماسة كولينان فقد عثر عليها في جنوب أفريقيا ووضعت قطعة كبيرة منها في صولجان الملك وقطعة أخري في التاج البريطاني.
إن أول سيدة استخدمت الماس كحلية في البلاط الملكي الفرنسي في عام 1430 هي جان دارك التي حاربت من أجل إنقاذ عرش فرنسا واستخدمته أوروبا من ذلك التاريخ.
يستخدم الماس علي نطاق واسع في الصناعة, وفي كل خمس أوقيات تستخرج من الماس تستخدم أوقية منه كجواهر والباقي الصناعة وعلي الأخص في الحرب العالمية الثانية حيث استخدمه الحلفاء في تحسين الآلات والمعدات وتفوقوا بذلك علي قوات المحور, والقدر الكبير من الماس الذي يستخدم في الصناعة نوع من الماس الرخيص يسحق ويستخدم مسحوقه في صناعة عدسات النظارات الطبية وعدسات التليسكوبات ولطلاء الزجاج والأحجار التي تستخدم في المجوهرات.
إن قوة صلابة الماس هو الذي يجعله يستخدم علي نطاق واسع في الصناعة حيث يمكن استخدمه لثقب الزجاج والمعادن والصخور بسرعات عالية عن أي مادة أخري. هناك مثل قديم يقول الماس فقط هو الذي يقطع الماس, وهذا حقيقي لأن صقل الماس وقطعه لا يتم إلا بقطعة ماسية أخري وأحيانة علي هيئة مسحوق.
استخدامات الماس
ليس هناك أداة في الصناعة مصنوعة كلها من الماس غير أن طرفها العلوي هو الذي يحتوي علي قطع من الماس, وفي حالة المثقاب فإن كسرا كثيرة من الماس توضع حول الجزء الذي يتصل بالصخرة أو أي جسم يراد ثقبه, وعلي فكرة لا يوزن الماس بالأوقية بل بالقيراط وأن 142 قيراطا يكونان أوقية بميزان تروي.
بسبب صلابة الماس يستخدم تقريبا في جميع العمليات الهندسية, ففي صناعة كرات البلياردو إذا استخدمت آلة مصنوعة من كربيد الطيخستان وهو عنصر فلزي يستخدم لتقسية الفولاذ وفي صنع السليكات التي تدخل في صناعة المصابيح الكهربائية.
فلابد من شحذ الأداة بعد صناعة كرة واحدة, ولكن باستخدام أداة بها طرف ماسي فيمكن شحذها بعد صناعة ثلاثة آلاف كرة من كرات البلياردو.
ومن أبرز استخدامات الماس في صناعة الأسلاك, ففي كل جهاز تليفزيوني يوجد خمسة عشر ميلا من الأسلاك بعد تمريرها عدة مرات في لقم لولبية من الماس, والسلك الرفيع فقط هو الذي يصبح رفيعا جدا باستخدام لقم الماس.
لقم الماس اللولبية
لصناعة لقم الماس لابد من حفر ثقب في الماس وذلك بوضع قطرة من زيت الزيتون وغبار الماس علي قطعة الماس وباستخدام إبرة رفيعة جدا كمثقاب وعندما يصبح الثقب قريبا من منتصف المسافة تقلب قطعة الماس علي وجهها الآخر وتثقب في ذلك الجانب وتستخدم بعد ذلك شرارة كهربائية لكي تجعل الثقبين يتقابلان وبذلك يصبح الثقب صغيرا جدا بدرجة أرفع من شعرة الرأس, وأحيانا يكون هناك أكثر من ست عشرة لقمة علي آلة واحدة فكل لقمة تجعل السلك أكثر رفعا.. وتستخدم هذه الأسلام في المصابيح الكهربائية وفي معدات الرادار وصمامات الراديو وفي ماكينات كهربائية أخري وعدادات شديدة الحساسية.
إن المناشير الكبيرة والدائرية لقطع الحجارة أسنانها مطعمة بالماس, ويقطع المنشار من هذا النوع الصخور كما يقطع السكين الجبن بسهولة ويسر, وليس هذا فقط بل إن المثاقيب ذات الرؤس الماسية تحفر الأرض وطبقاتها المختلفة ذات الصخور والحصي وذلك بحثا عن الفحم أو النحاس أو الذهب.
وأخيرا يمكن ثقب الأسنان لإنقاذها من التسوس بحبيبات دقيقة من الماس مثل الرمل توضع في مثقاب خاص.. ومن أشهر الماسات في العالم: ماسة فلورنتين والأمل وكوهنور ودرسن الخضراء ونجمة أست وماسة كولينان, وناساك وأورلوف وتيغاني البرتقالية وماسة اليوبيل.