هل حان الوقت المناسب لفتح ملف الصحراء الشرقية؟


الدار/ افتتاحية

ليس حزب الاستقلال وحده من يحمل هذا المطلب منذ زمن طويل. كلّ المغاربة قاطبة مؤمنون بأن الصحراء الشرقية أيضا جزء لا يتجزأ من الوطن العزيز. لقد ارتكبت القوة الاستعمارية السابقة جريمة نكراء ما بين القرن التاسع عشر والقرن العشرين عندما قضمت أجزاء واسعة من تراب المملكة المغربية الشريفة وضمّتها إلى مستعمرتها الجزائرية، وارتكب المغرب بدوره خطأ فادحا عندما قرر الاتّكال على الأخوة المغربية الجزائرية وتأجيل استرجاع أراضيه في هذه المناطق وترسيم الحدود إلى حين استقلال الشقيقة الجزائر. استقلّت الجزائر وتحوّلت إلى “شقيقة” بمعنى الصداع المرَضي الذي يصيب الرأس عندما زرعت شوكة انفصالية وبدأت منذ استقلالها تعمل ضد الوحدة الترابية لبلادنا.

الإثباتات التاريخية الدالة على الروابط القائمة بين مناطق الصحراء الشرقية والمملكة المغربية الشريفة معروفة للجميع. هناك روابط الولاء والبيعة، وروابط أداء المكوس والضرائب، وروابط الثقافة بمكوناتها اللغوية والتراثية. وإذا كانت فرنسا التي احتلّت الجزائر أكثر من 132 عاما قد عملت على تغيير معالم هذا الواقع وفرض معطيات أخرى لا تريد اليوم أن تتحمّل مسؤولياتها التاريخية كي تؤكد هذه الحقيقة وتقدم شهادتها الحاسمة في الموضوع، فإننا في المغرب لا يمكن أن ننسى أبدا أن هذه المناطق المترامية الأطراف هي جزء من وطننا وأرضنا العزيزة. ولسنا مستعدين لا اليوم ولا غدا أن نفرّط فيها مهما كان الثمن.

الحقوق الترابية لا يمكن أن تموت بالتقادم أبدا. الوقائع تثبت ذلك في العالم بأسره. أوكرانيا التي كانت دائما جزء من روسيا التاريخية لم تنجح أبدا في تبديد الحقوق الروسية التاريخية، والشعور الوطني لموسكو الذي كان دائما يعتبر أن هذه الأرض مهد الإمبراطورية الروسية، على الرغم من الدعم الغربي اللامحدود. وبالمناسبة إن المثال الأوكراني جد معبّر لأنه يعبر عن إمبراطوريتين متشابهتين جدا من ناحية التطور التاريخي هما الإمبراطورية الروسية العظمى التي امتدت لآلاف الكيلومترات في أوربا وآسيا، والإمبراطورية المغربية الشريفة التي امتدت أيضا على نطاق واسع في شمال إفريقيا وغربها. نحن لا نقصد هنا تأييد الطرف الروسي أو الأوكراني في الحرب الدائرة اليوم، لكنّنا نضرب هذا المثال لنؤكد أن ما أُخذ على حين غرّة في لحظة من لحظات التاريخ الغادرة لا بدّ أن يعود يوما إلى أهله.

والذي يعزّز هذا الحقّ هو أن ما حدث في عملية اجتزاء الصحراء الشرقية لم يمض عليه زمن طويل. نحن لا نتحدث عمّا حدث في القرون الوسطى أو في عصر الأنوار، بل نتحدث عن جريمة استعمارية نكراء ارتكبت في القرن العشرين، وتتحمّل فرنسا مسؤوليتها كاملة، ولا بدّ أن تقدّم الحساب عن ذلك، ولو على المستوى العلمي والاعتباري والقضائي. لذلك نعتقد أن الوقت أضحى مناسبا أكثر من السابق لفتح هذا الملف والمطالبة بشكل رسمي باسترجاع هذه الأقاليم المحاذية لمناطق فكيك وبوعرفة والجنوب الشرقي للمملكة المغربية. وليس هذا المطلب ردّ فعل متشنج ضد الخطوة المضحكة التي قام بها نظام الكابرانات عندما قبل فتح تمثيلية لبعض المخبولين المطالبين بانفصال الريف.

لا علاقة لهذه بتلك، نحن نتحدث عن مطالب تاريخية شرعية ولدينا كل الأدلّة التي تثبت ذلك ويجب أن نسير في هذا النهج إلى أبعد مدى. أولى الخطوات في هذا الإطار ينبغي أن يقوم بها المجتمع المدني. المنظمات والهيئات والجمعيات الحقوقية والمهتمة بالشأن الثقافي والتاريخي يجب أن تتصدّى لهذه المشكلة وتعمل في إطار شبكات علاقاتها الإقليمية والدولية على التعريف بهذه القضية. وبعدها يأتي دور الدبلوماسية الموازية التي يجب أن تنبري لها الأحزاب السياسية. حزب الاستقلال يمتلك طبعا دراية كبيرة في هذا الموضوع، لكنّ ملف الصحراء الشرقية لا يمكن أن يفتح كما ينبغي على الصعيد الدولي والعربي والإفريقي بالاعتماد على مواقف وجهود حزب سياسي واحد. كل الأحزاب السياسية المغربية يجب أن تقدم مساهمتها في هذا الإطار.

تاريخ الخبر: 2024-03-10 18:25:27
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 46%
الأهمية: 66%

آخر الأخبار حول العالم

بطولة اسبانيا: ليفاندوفسكي يقود برشلونة للفوز على فالنسيا 4-2

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-30 09:25:28
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 58%

الصين تتخذ تدابير لتعزيز تجارتها الرقمية

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-30 09:25:33
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 57%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية