كيف نستفيد من أسبوع الآلام؟
كيف نستفيد من أسبوع الآلام؟
الذي لا يستفيد روحيا من أسبوع الآلام, من الصعب أن يستفيد في الأيام العادية, لأن الآلام تكون أعمق تأثيرا في النفس. إن مشاعر الفرح قد تكون سطحية, ولكن مشاعر الألم عميقة, وتصل إلي داخل الإنسان, وتمس القلب والشعور والعاطفة والإحساس. فكيف تكون مشاعرنا في أسبوع الآلام؟
ينبغي أن يكون أسبوعا مثاليا في روحياته.
فهو أقدس أيام السنة.. والإنجليز يسمونه The Holy Week.
فإن كان البعض يدربون أنفسهم علي أيام مثالية, يسلكون فيها بكل تدقيق, وبكل روحانية, فليكن هذا الأسبوع هكذا. وكيف يكون ذلك؟ بالتداريب الآتية:
1- الاعتكاف:
إن كان الكتاب قد قال: قدسوا صوما, نادوا باعتكاف, فعلي الأقل حاول أن تتفرغ لله بقدر إمكانك..
أيام البصخة لا يليق بها السمر والترفيه والتسلية.
ولا يليق بها المتعة مع الأصدقاء باللقاءات والكلام والحكايات. وليست هي أياما للجدل والمناقشات في شتي الموضوعات. لذلك أبعد عن كل حديث غير ضروري, وابعد عن جو الفكاهة والمرح, ولا تضيع وقتك إلي جوار الراديو والتليفزيون, ولا في تتبع الأخبار والتعليق عليها. كما أن البصخة ليست وقتا لزيارة الأصدقاء أو أفراد الأسرة, إلا لضرورة ملزمة.. لذلك حاول أن تتفرغ للعبادة في هذا الأسبوع.
علي الأقل التفرغ الممكن, بإعطاء وقت فراغك للرب.
الرهبان يعطون وقتهم كله للرب. كذلك يستطيع أرباب المعاشات, والذين لا يوجد عمل يقيدهم, وغالبية النساء غير العاملات, أما الباقون فيقدمون كل ما هو في إمكانهم من وقت, والله لا يطالبهم بأكثر من هذا..
2- التفرغ للعبادة والتأمل:
الاعتكاف خلال هذا الأسبوع وسيلة وليس هدفا. أما الهدف فهو التفرغ للصلاة, ولحضور الكنيسة, وللقراءات المقدسة, وللألحان. وكل هذه وسائل عميقة الأثر في النفس. وتعطيها عمقا تلك المشاعر الروحية التي تأتي نتيجة للتأمل في آلام المسيح.
هذا الأسبوع الذي نحتفل فيه بالمسيح كذبيحة حب:
نتأمل ليس في آلام الصلب فقط, وإنما في حياة الآلام التي عاشها السيد منذ تجسده كرجل أوجاع ومختبر الحزن (إش53:3), منذ أن فكر هيرودس في قتله وهو طفل. وكيف عاش مضطهدا من شيوخ اليهود, وما تحمله من شتائم واتهامات, وكيف حاولوا مرة أن يرجموه (يو10:31), وأخري أن يلقوه من الجبل (لو4:29), وكيف أنه جرب الجوع والعطش والتعب, ولم يكن له أن يسند رأسه (لو9:58), وجرح في بيت أحبائه (زك13:6), وقيل عنه إنه حزن واكتأب (مر14:33), وأنه بكي أكثر من مرة (يو11:35), (لو19:41). وعلي الصليب أحصي مع أثمة (إش53:12), وهو مجروح لأجل معاصينا, مسحوق لأجل آثامنا (إش53:4, 5).
مسيحنا تحمل الألم لأجلنا, واستطاع أن يقدس الألم بآلامه.
ونحن حينما نتذكر آلامه, نتألم ليس من أجله هو, إنما من أجل أنفسنا, لأننا كنا ومازلنا السبب في ألمه, فهو لم يعمل شيئا يستحق عليه الألم, ولكنه افتدانا بنفسه كلنا كغنم ضللنا. ملنا كل واحد إلي طريقه, والرب وضع عليه إثم جميعنا (إش53:6). كذلك بموته استطاع أن ينقذنا من الموت..
أسبوع الآلام هو أسبوع تأملات. وهو أيضا خزانة عجيبة من الألحان المؤثرة, والقراءات المفيدة.
3- القراءات المقدسة:
إننا نتتبع خطوات السيد المسيح في هذا الأسبوع الأخير, خطوة خطوة, كل ما تقدمه لنا الأناجيل, وما يناسبها من المزامير ومن نبوءات وفصول العهد القديم. ونقرأ الأناجيل الأربعة, وسفر مراثي إرميا, وكل تسابيح وصلوات الكتاب, وكذلك سفر الرؤيا (في ليلة أبوغالمسيس).
ليتك تتخذ من كل هذه القراءات ما يغذي نفسك وما يشبعك روحيا, علي أن تكون القراءة بعمق وبفهم روحي, وبمحاولة للاستفادة, تتخذ آيات للحفظ وللتأمل.
وإلي جوار القراءة المقدسة, اقرأ التأملات الخاصة بهذا الأسبوع.
ما أكثر الكتب التي وضعت عن هذا الأسبوع المقدس. لقد نشرت لك خمسة كتب عن التأملات في أسبوع الآلام وتسبحة البصخة وكلمات المسيح علي الصليب صدرت أيضا مجموعة في كتاب واحد. وهناك كتاب أصدرته كنيسة تكلاهيمانوت بالإسكندرية, وكتاب يسوع المصلوب لمنسي يوحنا, وكتب أخري. فاقرأ وركز في آلام المسيح..
4- تتبع خطوات المسيح
حينما نحتفل بالسيد المسيح كملك يوم أحد الشعانين, ويرفض هو الملك الأرضي لأن مملكته ليست من هذا العالم (يو18:36), اسأل نفسك عن مملكة المسيح في قلبك, وأي عضو فيك لم يملكه المسيح بعد؟ وحينما تحضر الجناز العام, كن فيه مستعدا لأبديتك.
وحينما تمنع الكنيسة التقبيل, تذكار لقبلة يهوذا الخائنة:
قل في نفسك كم مرة يارب, سجدت قدام هيكلك, وقبلت أعتابه, وأنا أخونك بخطاياي؟! كم مرة علقت صليبا علي صدري, بينما صدري بعيد عن محبتك؟!, كم مرة قلت لك في صلواتي عبارات الحب, وأنا أخونك بكسر وصاياك؟! ليتك تعطيني أمانة الحب فاتصرف معك بإخلاص.