تحولت مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة الصفحات “الفايسبوكية” في الآونة الأخيرة إلى مساحة لنشر “الحقد والكراهية” بين الجماهير المغربية، وبالخصوص بين الفصائل المشجعة للفرق البيضاوية، الأمر الذي أثار امتعاض متتبعي الشأن الرياضي والحقوقي بالمغرب.
وفي الوقت الذي كانت صفحات إفتراضية تحمل اسم الفرق البيضاوية تقوم بنشر المستجدات الإخبارية الخاصة بفريقها، انتقلت اليوم إلى منصة لـ”تهييج” القاصرين، وذلك بنشر فيديوهات توثق بعض “الصراعات” داخل أزقة العاصمة الاقتصادية، والتي تدور بشكل مألوف بمنطقة سيدي مومن والبرنوصي وحي مولاي رشيد، على غرار منطقتي ليساسفة والرحمة، مرفوقة بتعاليق تشجع على ارتكاب أعمال الشغب والعنف.
على هذا النحو، فإن تصفية الحسابات بين الفصائل المشجعة للفرق المغربية بشكل عام والبيضاوية بشكل خاص باتت تطبخ على نار حامية على بعض الصفحات الرياضية بمواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي أدى إلى مطالبة الفعاليات الحقوقية والرياضية يفرض رقابة معلوماتية صارمة على هذه المواقع التي تسير من طرف مجهولين.
عقوبات جنائية قاسية
في هذا الصدد، قال هشام حرثون، محامي بهيئة الدار البيضاء، إنه “هناك مجموعة من الخصومات الجنائية باتت تعمر رفوف المحاكم الوطنية بسبب تهييج القاصرين ودفعهم إلى تخريب الممتلكات العامة والخاصة”، مشيراً إلى أن “هذه الظاهرة تقض مضجع المجتمع المغربي الذي أصبح يعاني من تهور بعض الفئات المحسوبة على الجماهير البيضاوية”.
وأضاف حرثون، في تصريح لـ”الأيام 24″، أنه “بعدما كان الشغب يقتصر فقط داخل الملاعب المغربية أصبحنا نشاهد منذ مدة أعمال شغب إجرامية يتم تصريفها في الأحياء البيضاوية”، مضيفا: “نحن لا نحدد ذلك في شغب الملاعب وإنما نسقطه كمثال في هذا السياق”.
وتابع المتحدث عينه أنه “هناك تعريفات كثيرة للقاصر وذلك على المستوى الجنائي والمدني، وأن تعريف القاصر في القوانين والأنظمة الجنائية المغربية هو شخص يبلغ من العمر 18 سنة، وأن الشخص خلال هذا السن يمكن أن يستهلك أي معطى شاهده أو سمعه عبر مواقع التواصل الاجتماعي”.
وأردف أيضا أنه “لا يجوز للقاصرين وفق القانون أن يقومون بتخريب الممتلكات العامة أو الخاصة، أو ممارسة أعمال العنف سواء في الشوارع أو الأزقة، وأن القانون يعاقب المحرضين والمهييجين وفق الفصل 594 من القانون الجنائي”.
“فإن هذه الفئة التي تقوم بتحريض القاصرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي فهي تخالف التشريع الجنائي ومهددة بعقوبة سجنية تتراوح بين 5 إلى 10 سنوات”، يقول المتحدث، مردفا: “المحرضين يستغلون ضعف القاصرين ودفعهم إلى ارتكاب جرائم كبيرة تصل عقوبتها إلى المؤبد”.
وأشار المحامي إلى أن “فعل التهييج أخف من التحريض من الناحية القانونية، حيث يمس المسائل المعنوية للأشخاص، وبالتالي فإنه هناك اختلاف بين المصطلحين، الأول له علاقة بما هو مادي والثاني يرتبط بالأشياء المعنوية”.
خارجة عن القانون
من جهته، يرى محمد السعيدي، المحلل الرياضي وعضو سابق في الخلية الأمنية الرياضية بالدار البيضاء، أن “الصفحات الفايسبوكية التي تقوم بتهييج القاصرين وتحريضهم على الشغب تسير من طرف مجموعة من الأشخاص، حيث تقوم بنشر بعض الأفكار والمعتقدات التي تجيش الجماهير بإيعاز من عدة مسؤولين داخل الفصائل المشجعة للفرق المغربية”.
وأردف السعيدي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “هذه الأعمال خارجة عن الإطار القانوني وبعيدة كل البعد عن الروح الرياضية”، مشددا على أن “العمل الذي تقوم به الصفحات الفايسبوكية غير مقبول ويجب فرض رقابة معلوماتية صارمة”.
وزاد: “المواقع الإفتراضية تنشر أفكارا رجعية حيث تساهم في زرع الفتنة والحقد بين الجماهير المغربية وخاصة البيضاوية”، مردفا: “يجب على السلطات أن تضع حلا لهذه المشاكل نظرا للاستحقاقات الرياضية التي تشهدها المملكة المغربية في السنوات المقبلة”.
وأكد أيضا أنه “يجب تغيير فكر الحركية داخل المغرب لأنه يتخذ مجرى آخر بعيد عن الرياضة”، مضيفا أنه “هناك أرواح تسقط بسبب هذا الأعمال الإجرامية التي انتشرت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، علما أن السلطات تتخذ اجراءات أمنية مكثفة للحد من هذا النزيف المجتمعي”.
