اعتبارا من 28 ماي الجاري، سينتقل عدد الدول الأعضاء بالأمم المتحدة المعترفة بفلسطين دولة مستقلة، إلى 147، من بينها 11 دولة أوروبية من أصل 27، وذلك بعدما خالفت كل من إسبانيا والنرويج وإيرلندا موقفا سلبيا يتبناه باقي جيرانها في الاتحاد الأوروبي، معلنة، الأربعاء 22 ماي الجاري، اعترافها الرسمي بالدولة الفلسطينية، وهي الخطوة التي حظيت بترحيب فلسطيني وعربي واسعين، فيما لم يصدر عن الرباط أي تعليق بالرغم من مرور ساعات على هذا القرار الذي يعد انتصارا معنويا للقضية الفلسطينية ويحمل في طياته دعما قويا للشعب الفلسطيني تزامنا مع حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها في حقه إسرائيل.
ومن المرتقب أن تكشف الساعات القليلة القادمة عن موقف المغرب من القرار التاريخي الذي اتخذه جاره الشمالي وواحد من أبرز حلفائه الغربيين، إسبانيا، بمعية النرويج وإيرلندا، وفقا لما أكده لـ”الأيام 24″ مصدر مأذون بوزارة الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، لافتا إلى أن المملكة تبقى من الراعين الأوائل لأي مبادرة من شأنها تعزيز الوضع القانوني للأراضي الفلسطينية المحتلة.
وشدد المصدر ذاته، في حديث مع “الأيام 24” على أن المملكة المغربية التي يرأس عاهلها الملك محمد السادس لجنة القدس، “دأبت على الترافع من أجل التوصل إلى حل الدولتين، الذي ينص على إقامة دولة فلسطينية مستقلة، على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية”.
حلفاء الرباط ليسوا على قلب رجل واحد
ويظهر من خلال ردود الأفعال المتواترة لحلفاء الرباط حيال الإقرار بالسيادة الفلسطينية، أنهم ليسوا على قلب رجل واحد وهم يترجمون تموقعاتهم، فبينما بصمت إسبانيا على موقف تاريخي معلنة اعترافها بفلسطين دولة مستقلة، عارضت الولايات المتحدة الأمريكية ذلك وهي التي ترفع “الفيتو” أمام مساعي فلسطين للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، مثلما أفاد البيت الأبيض، قائلا إن جو بايدن يعارض “الاعتراف أحادي الجانب”.
أما فرنسا، فقد أعربت عن تحفظها كما جاء على لسان وزير خارجيتها ستيفان سيجورنيه الذي اعتبر أن اعترافا مماثلا “ليس من المحظورات بالنسبة لباريس لكنها تعتبر أن الظروف غير متوفرة الآن ليكون لهذا القرار تأثير فعلي على العملية الهادفة إلى قيام دولتين”.
من جهتها، قللت الحكومة الألمانية من شأن القرار، واستبعدت أي تأثير محتمل له على مسار النزاع ، وهو ما حملته كلمة المتحدث باسمها شتيفن هيبشترايت الذي قال: “لا يوجد حاليا طريق مختصر في هذا الصدد”، مضيفا: “لا ينبغي لأحد أن يأمل في أن يختفي هذا الصراع الصعب في الهواء فجأة عبر إجراء دبلوماسي أو بقرار”، مشددا على أن “تسوية قائمة على حل الدولتين، تتم من خلال التفاوض وبقبول جميع الأطراف، ليعيش الإسرائيليون والفلسطينيون جنبا إلى جنب في سلام، “هي الحل الوحيد لمثل هذا الصراع مهما طال أمده”.
ترحيب فلسطيني وإشادة عربية
وحظي القرار بترحيب واسع من السلطة الفلسطينية التي رأت فيه “لحظة تاريخية ينتصر فيها العالم الحر للحق والعدل بعد عقود من الكفاح”، كما جاء في بلاغ لوزارة الخارجية الفلسطينية، الذي أكد أنه “بهذه الخطوة المهمة، أثبتت هذه الدول التزامها الثابت بحل الدولتين”، داعية جميع الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى المضي قدما، كخطوة نحو إنهاء الظلم التاريخي الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني.
نفس الدعوة وجهتها حركة “حماس” إلى باقي الدول دعما لنضال الشعب الفلسطيني في التحرر والاستقلال وإنهاء الاحتلال، مبرزة أن الاعتراف الثلاثي “خطوة مهمة لتثبيت حقنا في أرضنا”.
من جهتها، أعربت جامعة الدول العربية على لسان أحمد أبو الغيط، عن إشادتها بـ”الخطوة الهامة التي قررت كل من النرويج وإيرلندا وإسبانيا اتخاذها”، وقال: “أحيي وأشكر الدول الثلاث علي تلك الخطوة التي تضعها على الجانب الصحيح من التاريخ في هذا الصراع، وأدعو الدول التي لم تفعل ذلك إلى الاقتداء بها”.
غضب إسرائيلي عارم
في المقابل، قررت إسرائيل استدعاء سفراء إسبانيا والنرويج وأيرلندا في تل أبيب ردا على اعتراف بلدانهم بالدولة الفلسطينية، كنوع من الاحتجاج على خطوتهم التي أثارت غضبها ودفعت وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إلى إلغاء ما يسمى قانون فك الارتباط بشمال الضفة الغربية المحتلة، إلى جانب إعلان وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش وقف تحويل أموال الضرائب إلى السلطة الفلسطينية، وإقدام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، على اقتحام المسجد الأقصى المبارك، وقال إن “الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية تعطي مكافأة للقتلة والمعتدين.. ولن نسمح بإعلان الدولة الفلسطينية”، حسب تعبيره.
