هولاكوخان (1217 –ثمانية فبراير 1265) هوحاكم مغولي احتل معظم بلاد جنوب غرب آسيا بعد حتى اغتال الملايين من أهلها، وتوسع جيشه كثيرا بالجزء الجنوبي الغربي للإمبراطورية المنغولية، مؤسسًا سلالة الخانات بفارس، وتوالت السلالات بعد ذلك إلى حتى انتهت إلى إيران الحديثة، وقد اجتاح المغول تحت قيادته بغداد عاصمة الخلافة العباسية، كما تحول المؤرخون من الكتابة العربية للفارسية في عهده.

نسبه ونشأته

هوهولاكوخان، بن الإمبراطور تولوي بن الإمبراطور جنكيز خان وأمه سرغاغتاني بكي، وهوشقيق جميع من الإمبراطور منكوخان والإمبراطور قوبلاي خان والإمبراطور إريك بوك. في عام 1217م ولد هولاكو لأبيه تولوي خان (أصغر أبناء جنكيز خان) وأمه سرقويتي بيجي التي كانت تنتمي لإحدى قبائل الهجر المعتنقة للممضى النسطوري للديانة المسيحية في منغوليا، وكذلك أيضا كان ممضى زوجته دوقوز خاتون حفيدة طغرل خان ملك قبائل الكيرايت الهجرية الذي كان ملك الصين قد لقبه بوانغ خان، وكان أقرب صديق لهولاكوهوخطغا.

كان هولاكوشديد الولع بالحضارة الفارسية وثقافتها، فما إذا أصبح خان لبلاد الفرس، ومؤسس لعهد الخانات فيها حتى اجتمع إليه في ديوانه الكثير من الفلاسفة والفهماء والحكماء من بلاد فارس التي كانت مسلمة وتتبع الدين الإسلامي.

كان لدى هولاكوالكثير من الزوجات والكثير من المحظيات. أما زوجته الرئيسة فكانت دوقوز خاتون المسيحية، والتي كانت في الأصل خليلة أبيه تزوجها من بعده.

العمليات العسكرية

قام مونكوخان حفيد جنكيز خان الذي أصبح خانا عظيما في 1251، بتكليف أخيه هولاكوفي 1255 بقيادة الجيش المغولي الضخم لغزوأوتحطيم الدول الإسلامية الباقية في جنوب غرب آسيا. أرادت حملة هولاكوإخضاع اللور -وهم جماعة يستوطنون جنوب إيران- والقضاء على طائفة الحشاشين وإخضاع أوتدمير الخلافة العباسية في بغداد. أمر مونكوأخاه هولاكوبمعاملة من يستسلمون برحمة، والقضاء تماما على من يقاومون. وقام هولاكوبتطبيق الجزء الأخير من هذه الأوامر بمنتهى الشدة والقسوة.

خرج هولاكومع ما ينطق إنه أكبر جيش مغولي تم تكوينه على الإطلاق بأمر من مونكوخان؛ حيث خرج ضمن هذا الجيش مقاتل من جميع عشرة مقاتلين في تام الإمبراطورية. وبدأت العمليات العسكرية بهزيمة اللور بسهولة، ونتيجة لسمعته أصاب الحشاشين خوف كبير لذا قاموا بتسليم قلعتهم الحصينة ألموت إليه بدون معركة.

قام جيش هولاكوبعد فوزه على اللور والحشاشين بالانطلاق إلى بغداد وأوفد رسالة تهديد إلى الخليفة يطالبه فيها بالاستسلام، إلا حتى الخليفة رفض ذلك وبدلا من هذا أوفد رسالة إلى هولاكوينذره فيها بعقاب الله إذا هاجم خليفة المسلمين.

بعد رد الخليفة، انطلق الجيش المغولي إلى بغداد بقيادة هولاكو، وعندما اقترب من المدينة قام بتقسيم جيشه إلى قسمين لكي يحاصروا كلا الجانبين من المدينة في الجهتين الشرقية والغربية من نهر دجلة. نجح جيش الخليفة في رد بعض القوات التي هاجمت من الغرب، لكنه انهزم في النهاية، وفيعشرة فبراير عام 1258 استسلمت بغداد.

الحملة على إيران

لم يكن هولاكوقد تجاوز السادسة والثلاثين من عمره حين عهد إليه أخوه "منكوخان" بهذه المهمة فخرج على رأس جيش هائل قُدّر بنحو250 ألف جندي من أقوى جنود ومقاتلي المغول، بالإضافة إلى كبار القادة والفرسان، وحرص الخان الأكبر حتى يوصي أخاه قبل التحرك بأن يلتزم بالعادات والتنطقيد ويطبّق قوانين جده جنكيز خان، وأنقد يكون هدفه هوإدخال البلاد من ضفاف نهر "جيحون" حتى مصر في دولة المغول، وأن يعامل من يخضع لسلطانه معاملة طيبة، ويذيق الذل من يبدي المقاومة حتى ولوكان الخليفة العباسي نفسه، عمليه حتى يزيحه ويقضي عليه إذا ما اعترض طريقه.

وحقق هولاكوهدفه الأول بالاستيلاء على قلاع الطائفة الإسماعيلية سنة (654هـ = 1256م) بعد معارك عديدة واستماتة بذلها أفراد الطائفة في الدفاع عن حصونهم وقلاعهم، لكنها لم تُجدِ نفعا إزاء قوة الجيش المغولي.

هولاكوفي بغداد

مضى هولاكوفي تحقيق هدفه الآخر بالاستيلاء على بغداد والقضاء على الخلافة العباسية، فأوفد إلى الخليفة المستعصم بالله يتهدده ويتوعده، ويطلب منه الدخول في طاعته وتسليم العاصمة، ونصحه بأن يسرع في الاستجابة لمطالبه حتى يحفظ لنفسه كرامتها ولدولته أمنها واستقرارها. رفض الخليفة الانصياع إلى مانطقه هولاكوعلى الرغم من ضعف قواته وما كان عليه قادته من خلاف وعداء، فضرب هولاكوحصاره على المدينة المنكوبة التي لم تكن تملك شيئا يدفع عنها قدَرَها المحتوم، فدخل المغول بغداد سنة (656هـ = 1258م).

اهتز العالم الإسلامي لسقوط بغداد عاصمة الخلافة العباسية التي دافعت عن العالم الإسلامي أكثر من خمسة قرون، وبلغ الحزن الذي ملأ قلوب المسلمين مداه حتى أنهم ظنوا حتى العالم على وشك الانتهاء، وأن الساعة آتية عما قريب لهول المصيبة التي حلّت بهم، وإحساسهم بأنهم أصبحوا بدون خليفة، وهوأمر لم يعتادوه منذ وفاة الرسول محمد .

دمار بغداد

• كانت المخطة الكبيرة ببغداد تحتوي على وثائق تاريخية ثمينة وخط فهمية كثيرة تتراوح مواضيعها من الطب لفهم الفلك، وقد تم تدميرها كاملة ونطق المتبقون على قيد الحياة حتى مياه نهر دجلة أصبحت سوداء نتيجة لكمية الحبر الهائلة من الخط التي ألقي بها في النهر.
• حاول الكثير من مواطني بغداد الهرب ولكن تم اعتراضهم من قبل قوات المغول، وتراوحت أعداد القتلى من مائتي ألف حتى مليون قتيل.
• المساجد، القصور، المخطات العامة، المستشفيات والبنايات الضخمة التي استغرق بناؤها وقتا كبيرا نهبها المغول جميعها ثم أحرقوها بعد ذلك.
• تم أسر الخليفة وأجبر على مشاهدة دمار المدينة، ثم أمر هولاكوجنوده فقاموا بلفه بسجاد وأوسعوه ضربا ودهسا بالخيول حتى توفي لأنهم كانوا يعتقدون أنه لا ينبغي حتى يتم إراقة دماء ملكية.
• اضطر هولاكولتحريك معسكره بعيدا عن المدينة نتيجة للرائحة الكريهة التي كانت تتصاعد من الموتى والمدينة المدمرة.
• ظلت المدينة بعد ذلك مدمرة وخالية من السكان لعدة سنوات.

الهجوم على دمشق

شرع هولاكوبعد سقوط بغداد في الاستعداد للاستيلاء على بلاد الشام ومصر، وفق الخطة المرسومة التي وضعها له أخوه "منكوخان" فخرج من أذربيجان في رمضان (657هـ = 1259م) متجها إلى الشام، ونجح في الاستيلاء على "ميافارقين" بديار حلب، وهي أول مدينة ابتدأت بها الحملة المغولية، ولم تسقط إلا بعد عامين من الحصار، نفدت خلالها المؤن، وهلك معظم سكان المدينة، وبعد سقوط "ميافارقين" واصل هولاكوزحفه نحو"ماردين" فسقطت بعد ثمانية أشهر، وفي أثناء حصار "ميافارقين" كانت قوات من جيش هولاكوتغزوالمناطق المجاورة فاستولت على "نصيبين" و"حران" و"الرها" و"البيرة".

بعد ذلك تقدم هولاكوعلى رأس قواته لمحاصرة حلب، ونصب المغول عشرين منجنيقا حول المدينة وصاروا يمطرونها بوابل من القذائف حتى استسلمت في (التاسع من صفر 658هـ= الحادي والثلاثين من يناير 1260م) وبعد حلب سقطت قلعة "حارم" و"حمص" و"المعرة"، وأصبح طريق الحملة مفتوحا إلى دمشق.

ولما وصلت الأنباء باقتراب المغول من دمشق فرَّ الملك "الناصر يوسف الايوبي" مع قواته، تاركاً مدينته لمصيرها المحتوم، ولم يكن أمام أهالي دمشق بعدما عهدوا ما حل بحلب بعد مقاومتها لهولاكوسوى تسليم مدينتهم، حتى لا تلقى مصير حلب، فسارع عدد من أعيانها إلى زعيم المغول يقدمون الهدايا ويطلبون منه الأمان، في لقاء تسليم مدينتهم فقبل هولاكوذلك، ودخل المغول المدينة في يوم الأحد (السابع عشر من صفر 658هـ= 2 من فبراير 1260م).

تهديد المماليك وهزيمة المغول في معركة عين جالوت

وقبل حتى يغادر هولاكوالشام (سنة 658هـ = 1260م) أوفد رسالة كلها وعيد وتهديد للمماليك، يدعوهم فيها إلى الاستسلام وإلقاء السلاح، وأنه لا جدوى من المقاومة أمام قوة كُتب النصر لها دائما، غير حتى السلطان قطز لم يهتز لحدثات هولاكووخرج ليخطب بالجيش وهويبكي وذكر أنه كان يبكي في القتال ليحرك مشاعر جيشه الذي كان يقاتل ويبكي أيضا.

وقتها عاد هولاكوإلى تبريز كيقد يكون قريبا من اختيار الحاكم الأعظم الجديد للمغول (الذي سيكون أخاه قوبلاي خان)، وأما قطز فلم ينتظر قدوم المغول وخرج يوم الإثنين الخامس عشر من شعبان سنة 658 هـ - 1260م بجميع عسكر مصر ومن انضم إليهم من عساكر الشاميين وغيرهم من المصريين بقلعة الجبل في القاهرة. والتقى الفريقان في (25 من رمضان 658هـ = 24 من أغسطس 1260م) في مسقطة "عين جالوت" بفلسطين، وحمل المسلمون على المغول الذين كانوا تحت قيادة خطغا حملة صادقة، وقاتلوهم باستبسال وشجاعة من الفجر حتى منتصف النهار، فخط الله لهم النصر، وهُزِم للمرة الرابعة ومحي فيها الجيش التتاري المهاجم عن بكرة أبيه بعد حتى كانت القلوب قد يئست من النصر عليهم. والسبب الأكبر بعد نصر الله دهاء المظفر قطز وشجاعة الظاهر بيبرس، وكان لهذا النصر أثره العظيم في تاريخ المنطقة العربية والعالم الإسلامي، وطرد المغول من دمشق، وأصبحت بلاد الشام حتى نهر الفرات تحت حكم المماليك، وخلّصت أوروبا من شر عظيم لم يكن لأحد من ملوكها قدرة على دفعه ومقاومته. وكما تحالف بركة خان (المتوفي سنة 1266)، وهوزعيم القبيلة المضىية وقد كان ابن عم لهولاكو، مع الملك الظاهر بيبرس سلطان مصر والشام أحد سلاطين دولة المماليك البحرية في معركة عين جالوت. وبالعمل اتفق 'بركة خان' و'بيبرس' على محاربة 'هولاكو' وخط 'بركة خان' برسالة إلى 'بيبرس' يقول له فيها: [قد فهمت محبتي للإسلام وفهمت ما عمل هولاكوبالمسلمين، فاركب أنت من ناحية حتى آتيه أنا من الناحية الأخرى؛ حتى نهزمه أونخرجه من البلاد، وأعطيك جميع ما كان بيده من البلاد.

هولاكوبعد الهزيمة

حاول هولاكوحتى يثأر لهزيمة جيشه في عين جالوت، ويعيد للمغول هيبتهم في النفوس؛ فأوفد جيشا قويا إلى حلب فأغار عليها ونهبها، ولكنه تعرّض للهزيمة بالقرب من حمص في المحرم (659هـ = ديسمبر 1260م) فارتد إلى ما وراء نهر الفرات.

اتصالاته مع أوروبا

حاول هولاكوإنشاء تحالف مع أوروبا ضد المسلمين، ففيعشرة أبريل 1262 أوفد رسالة للملك لويس عن طريق جون الهنغاري. إذ كانت الرسالة قد وصلت للملك لويس، كما حتى النسخة الوحيدة المعروفة من الرسالة بقيت في فيينا بالنمسا. على أية حال فلقد أظهرت الرسالة نية هولاكوفي حتى يقوم بغزوالقدس من أجل البابا، وطلب من لويس حتى يهاجم مصر عن طريق البحر المتوسط بواسطة أسطوله.

وفاته

في عام 1265 م، توفي هولاكوودفن في جزيرة جزيرة أسلامي في بحيرة أورميا، وكانت جنازته هي الجنازة الوحيدة لأحد الخانات التي شهدت التضحية بنفس بشرية. وخلفه ابنه أباقا.

المصادر

• جامع التواريخ، تاريخ المغول - المجلد الثاني - الإيلخانيون - تاريخ هولاكوخان، رشيد الدين الهمذاني، دار إحياء الخط العربية، القاهرة، 1960م.
• فؤاد الصياد - المغول في التاريخ - دار النهضة العربية – بيروت - 1970.
• عباس إقبال – تاريخ المغول- ترجمة عبد الوهاب علوب – المجمع الثقافي – أبوظبي – 1420هـ= 2000م.
• السيد الباز العريني – المغول – دار النهضة العربية – بيروت – 1981م.
• عبد السلام عبد العزيز فهمي – تاريخ الدولة المغولية في إيران – دار المعارف – القاهرة – 1981م.

انظر أيضا

• جنكيز خان
• مغول
• إمبراطورية المغول
• إلخانات
• الياسا
• أوقطاي خان
• مونكوخان
• قوبلاي خان
• منغوليا
• أحمد تكودار بن هولاكوخان
• بايدوبن طرقاي بن هولاكو
• بيرك خان