عبد الرحمن الجبرتي
عودة للموسوعةعبد الرحمن بن حسن برهان الدين الجبرتي (ولد في القاهرة عام 1753 - وتوفي في القاهرة عام 1825). وهومؤرخ مصري عاصر الحملة الفرنسية على مصر ووصف تلك الفترة بالتفصيل في كتابه «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» والمعروف اختصاراً بـ«تاريخ الجبرتي» والذي يعد مرجعاً أساسياً لتلك الفترة الهامة من الحملة الفرنسية. قدم أبوجده من قرية جبرت - والّتي تقع الآن في أرتيريا - إلى القاهرة للدراسة في الأزهر، واستقر بها.
أصله
يذكر المؤرخون أنه من أصل هاشمي النسب، نزح أسلافهم من الجزيرة العربية إلى اريتريا والصومال ومصر وغيرها من البلاد العربية.
والده
كما يذكرون حتى والد المؤرخ ( حسن بن إبراهيم بن حسن بن علي بن محمد بن عبد الرحمن الجبرتي العقيلي الهاشمي ) كان من أعلام فهماء الأزهر الشريف في عصره، وكان يقوم بالتدريس فيه وفي مدرسة السنانية ببولاق بجامع سنان باشا، وكان على جانب كبير من الثراء، فكان له ثلاثة بيوت في القاهرة (بالصنادقية وعلى النيل ببولاق وبمصر العتيقة)، وكانت مخطته عامرة بالخط القيمة والمخطوطات النادرة، كما كانت دوره آهلة في جميع وقت بالفهماء والمجاورين (طلاب الأزهر كان يطلق عليهم المجاورين نظراً لتجاورهم في السكنى جنب بعضهم البعض ومنهم سليمان الحلبي)
ميلاده
في هذا البيت العامر بالفهم والدين والأدب ولِد الشيخ عبد الرحمن الجبرتي في عام 1167 هـ أي في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري الموافق لعام 1754م أي في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي. وهوالابن الوحيد الذي عاش من أبنائه الذكور، فاهتمّ به كثيراً بعد حتى لمس فيه الذكاء والفهم ورجاحة العقل، فقد حفظ الشيخ عبد الرحمن القرآن الكريم وهوفي سن الحادية عشرة وهي سن صغيرة، وكان يحفظ الكثير من الأحاديث والروايات والأخبار التي كان يقصها والده على المشايخ والفهماء الذين كانوا دائمي التردد على منزله. ولهذا صار والده يخصه بأن يروي له أحداث العصر وأخبار الولاة والفهماء الذين عهدوه وعهدهم.
وفاة والده
توفي والده وهجر له أموالاً طائلة وصداقات عديدة أكثرها من المشايخ والمريدين والأمراء والحكام؛ وواصل عبد الرحمن دراسته إلى حتى تخرج في الأزهر بعد حتى تفهم علوم الفقه واللغة. ثم عكف على خزانة والده يستزيد من علوم الفلك والحساب والهندسة وغير ذلك.
حياته
صار الشيخ الجبرتي يعقد حلقات التدريس كما جرت عادة فهماء الأزهر في هذه الحقبة وهنا خَبرَ الشيخ عبد الرحمن الجبرتي أخبار الفهماء وأخلاقهم، وكان في داخله لايشعر بالرضا عن أعمال وأخلاق زملائه في الأزهر ولعل عدم الرضى هذا هوالمسؤول عن ملكة النقد والتحليل الذي عهد به الجبرتي عند كتاباته لتراجم الرجال. فقد أخذ على هؤلاء الفهماء عدة مآخذ منها افتتناهم بالدنيا وعدم إخلاصهم للفهم وحرصهم على جمع الأموال، واستخدامهم لكثير من الخدم والمقدمين والأعوان، ومخاصماتهم الكثيرة مع بعضهم البعض ومن هنا تولدت عند الشيخ الجبرتي جذور الإدراك والفهم لأخلاق الرجال، وطبيعة المشكلات التي يمرون بها في تلك الفترة.
رحلاته في بلدان مصر
بعد حتى توفي والده وهوفي سن الحادية والعشرين من عمره أخذ الجبرتي يتنقل في أنحاء مصر ليعهد مواقعها،ويتصل بفهمائها وكبارها وليعهد كيفية الحياة في القرى، وما يعانيه الفلاح من شظف العيش وقد كان بطبيعته محباً للرحلة، وقد ساعده على ذلك ثروته الكبيرة، ورغبته في الفهم والاطلاع التي كانت تدفعه دائماً.
وقد كان هذا أحد الأسباب البارزة التي مكنته من تأليف كتابه الكبير فيما بعد، ولا شك حتى الجبرتي قد أحاط بكثير من أخبار البلاد والعباد، مما جعله صادق الأحكام دقيقاً في تحليل الأمور مستوعباً لكل صغيرة وكبيرة من حياة الشعب المصري في الفترة التي تحدث عنها وتعامل معها.
لاشك حتى الجبرتي قد استغرق في هذا العمل ليله ونهاره، واستمر يبحث عن مصادره ومراجعه، وبدأ يدون الأسماء، وكان من الطبيعي حتى يبدأ بالمشايخ، ومن كان منهم شيخاً للأزهر، ومشايخ آخرين. من كان أبوه يطلق عليهم الطبقة العليا، ثم الطبقة التي تليها ممن اشتهروا بالعلوم الفقهية والعقلية والنقلية والشعر والأدب والخطابة وغير ذلك. كما شرع يدوّن أسماء الأمراء ومن بلغ منهم مشيخة البلد ومن شاركه في الحكم. استعان الجبرتي في فهمه هذا بكل من افترض حتى عندهم عوناً. ومن هؤلاء صديقه المشهور إسماعيل الخشاب الذي التحق شاهداً بالمحكمة، وكان من المشهورين بالفهم والأدب في عصره.
كان الجبرتي يشكومن غموض المئة سنة الماضية عليه، أي من عام 1070 هـ حتى 1170 هـ، لأن هذه السنوات سابقة على حياته، ولذلك حرص على حتى يدون الأسماء من الدواوين الرسمية، أما بعد ذلك فهوعليه هيّن. يقول في شرح ذلك: " إنها تستبهم عليّ (المئة الماضية إلى السنة السبعين) وأما ما بعدها فأمور شاهدتُها، وأناس عهدتهم، على أني يفترض أن أطوف بالقرافات (المقابر) وأقرأ المنقوش على القبور، وأحاول جهدي حتى أتصل بأقرباء الذين ماتوا، فأطلع على إجازات الأشياخ عند ورثتهم، وأراجع أوراقهم إذا كانت لهم أوراق، وأسأل المعمرين ماذا يعهدون عمن عايشوهم، ولا أرى بعد ذلك مرجعاً أعتمده غير ما طلبتُ منك (أي من الخشاب)".
كان دقيقاً لا يخط عن حادثة إلا بعد حتى يتأكد من صحتها وقد يؤخر التدوين الرقمي حتى يحيط بالمصادر التي تصححها سواء بالتواتر أوبالشهادة.
الحملة الفرنسية على مصر
ظل الجبرتي مشتغلاً بجمع أخباره وتقييدها حتى فاجأته وفاجأت المصريين جميعهم الحملة الفرنسية على مصر سنة 1798م. كان الجبرتي في وقتها في الرابعة والأربعين من عمره، ولذلك فهولم ينبتر خلال فترة بقاء الفرنسيين في مصر عن تسجيل أعمالهم، ورصد تحركاتهم، والتعليق على أقوالهم وأفعالهم، وكان أكثر الفهماء الأزهريين دقة في تدوين ملاحظاته على نظام الحياة في مجتمع الجنود الفرنسيين وطرائقهم في تنظيم حياتهم.
وقد انقسمت ملاحظات الجبرتي إلى قسمين
أولاً الملاحظات السياسية
تتعلق بنظم الحكم الذي اتبعه الفرنسيس ومنشوراتهم وتقاريرهم وتحليل أقوالهم ورصد أهدافهم من الحملة ووجودهم في مصر. وفي هذا القسم لم يكن الجبرتي على إلمام تام بالحياة الفرنسية وبالعالم الخارجي، فلم يستطع تحليل الأحداث تحليلاً عميقاً مثل ما عمل في القسم الثاني من ملاحظاته وهي الملاحظات الاجتماعية خلال تلك الفترة.
ثانياً الملاحظات الاجتماعية
ففي هذا القسم يتحدث الجبرتي عن مشاهداته الشخصية وتجاربه العملية الحياتية، وقد تفاوتت مواقفه من الحياة الاجتماعية والثقافية للفرنسيين فأحياناً كنتَ تراه معجباً ببعض مظاهر السلوك ولا سيما ما يتعلق بالفهم وحب الفهم وإجراء التجارب واستخدام الأجهزة والأدوات. وأحياناً كنتَ تراه ساخطاً خاصة فيما يتعلق بتصرفات النساء منهم وخروجهن للعمل سافرات على غير المعهود في المجتمعات الإسلامية في ذلك الوقت.
موقفه من الفرنسيين
كان الجبرتي يتردد على بعض المنشآت الفرنسية في مصر، وكان يلتقي ببعض رجالهم، ولعل أبرز احتكاكه بالفرنسيين مما أهله لما صار عليه من الفهم بأحوالهم، إنه كان عضواً في الديوان الوطني الذي أنشأه الجنرال مينو.
الاتهامات التي تعرض لها الجبرتي
تعرّض الجبرتي إلى النقد في موقفه من الفرنسيين من المصريين ومن الفرنسيين كذلك، فقد اتهمه المصريون بالتعاون مع الفرنسيين والولاء لهم في سياق تأريخه، كما اتهمه الفرنسيون بالتعصب ضد مظاهر الحضارة الحديثة التي كانوا يدعون تقديمها للعالم الإسلامي والمجتمع المصري.
نال كتاب الجبرتي ثناءً كبيراً في أوساط الشعب ومن الحكام الأتراك. فقد حمله الوزير العثماني إلى الآستانة بهجريا وعرضه على السلطان العثماني سليم الثالث الذي أمر كبير أطبائه مصطفى بهجت بنقله إلى اللغة الهجرية فتمّ ذلك في عام 1807م.
عجائب الآثار في التراجم والأخبار
حفز هذا الثناء والتكريم الذي قوبل به كتاب الجبرتي، على حتى يجمع تاريخ مصر الذي انشغل به منذ خمسة عشر عاماً في كتاب واحد. ولذا فقد عقد العزم على كتابة تاريخ مصر الكامل جاعلاً كتابه (مظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس) أحد فصوله الرئيسية. فقسم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء. الجزء الأول حتى آخر عام 1189 هـ، والثاني حتى آخر عام 1212 هـ، وبالثالث حتى آخر عام 1220 هـ وأسماه (عجائب الآثار في التراجم والأخبار) والمعروف "بتاريخ الجبرتي"، وقد انتهى الجبرتي من تدوين هذه الأجزاء الثلاثة في عام 1236هـ 1822م
دفع الجبرتي الاشتغال بكتابة تاريخه حتى وقف موقف المعارضة لحكم محمد علي باشا منذ بداية حكمه لمصر وانشقاقه على الدولة العثمانية. وظل سنوات يترقب ما ستؤول إليه الأحداث في عهد هذا الرجل وكان خلال ذلك يرصد جميع شيء، ويدوّن الحوادث والمتفرقات، ويسند جميع ما يقول ويدون إلى مصدر ثقة أوشاهد عيان سماع عاصر الحدث أوسمع عنه. وكان يحرص حتى يعاين الأحداث العامة بنفسه ليتوخى الصدق ويتجنب نقل الأخبار الكاذبة، لقد تعرّض الجبرتي في سياق ذلك لكل شيء، فقد ذكر الأحوال الاقتصادية من زراعة وتجارة وفلاحة، وإلى أنواع النقود المتداولة في الدولة وإلى الأسعار وأنواع المقايضات التي كانت تحكم العلاقات التجارية. وتعرض إلى الحياة الاجتماعية بكل ما فيها من أحوال شخصية وعادات أسرية وقيم سائدة في المجتمع آنذاك. كما تعرض إلى الحياة الدينية والثقافية وأخبار الأدباء والفهماء المشهورين والمشايخ البارزين.
حادثة مقتل ابنه خليل
ظل الجبرتي دؤوباً في عمله حتى عام 1237 هـ عندما فاجأته فاجعة لم تكن بالحسبان، فقد قُتِل ولده خليل. تلك الحادثة التي قصمت ظهره. وقد كثرت الأحاديث حول مسببات وظروف اغتال الابن، ولكن أغلبها تشير إلى حتى سبب ذلك هوموقفه المعارض من حكم محمد علي وثورته على الدولة العثمانية. حيث قد أمره محمد على بكتابة كتاب لمدحه فرفض الجبرتى فهدده فرفض أيضا مما جعل محمد على يقوم بقتل ابنه خليل .
وفاته
لكن عبد الرحمن الجبرتي هدّته هذه الحادثة الفاجعة، فلم يجد القدرة على استكمال تاريخه وفقد دافعه لاستكمال المسيرة التي بدأها. وظل يبكي ابنه حتى كف بصره. ولزم هذا المؤرخ الكبير بيته بعد تلك الفاجعة التي ألمت به لا يقرأ ولا يخط ولا يتابع الأخبار حتى توفي عام 1240 هـ بعد مقتل ولده بحوالي ثلاث سنوات.
مراجع
- ^ http://data.bnf.fr/ark:/12148/cb13524264m — تاريخ الاطلاع:عشرة أكتوبر 2015 — الرخصة: رخصة حرة
وصلات خارجية
- كيف غير فهماء المسلمين وجه العالم،يا ترى؟ - منطقة مترجمة
- [1]
- [2]
- [3]
التصنيفات: أشخاص صوماليون في القرن 18, أشخاص صوماليون في القرن 19, أشخاص مصريون في القرن 18, أشخاص من القاهرة, أشخاص من محافظة البحيرة, الحملة الفرنسية على مصر, إريتريون, خريجو جامعة الأزهر, علماء دين سنة صوماليون, علماء دين سنة مصريون, مصريون في القرن 19, مصريون من أصل صومالي, مواليد 1167 هـ, مواليد 1754, مواليد 1756, مواليد في القاهرة, مؤرخون صوماليون, مؤرخون مسلمون, مؤرخون مصريون, وفيات 1240 هـ, وفيات 1825, وفيات في القاهرة, صفحات بها بيانات ويكي بيانات, صفحات تستخدم خاصية P27, صفحات تستخدم خاصية P69, صفحات تستخدم خاصية P106, صفحات بها مراجع ويكي بيانات, صفحات تستخدم خاصية P1412, صفحات تستخدم خاصية P101, صفحات تستخدم خاصية P108, جميع المقالات التي بها عبارات بحاجة لمصادر, مقالات ذات عبارات بحاجة لمصادر منذ أبريل 2016, مقالات أعلام ذات عبارات بحاجة لمصادر, بوابة القرن 18/مقالات متعلقة, بوابة القرن 19/مقالات متعلقة, بوابة الدولة العثمانية/مقالات متعلقة, بوابة أعلام/مقالات متعلقة, بوابة التاريخ/مقالات متعلقة, بوابة مصر/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات, صفحات تستخدم خاصية P214, صفحات تستخدم خاصية P244, صفحات تستخدم خاصية P213, صفحات تستخدم خاصية P227, صفحات تستخدم خاصية P906, صفحات تستخدم خاصية P268