الزجل هوفن من فنون الأدب الشعبي يعود أصله إلى جزيرة العرب قبل الإسلام؛ (ولكن بعض الباحثين يعتبرون حتى أصول الزجل ترجع إلى الأندلس). وهوشكل تقليدي من أشكال الشعر العربي باللغة المحكية. وهوارتجالي، وعادة ماقد يكون في شكل مناظرة بين عدد من الزجالين (شعراء ارتجال الزجل) مصحوباً بإيقاع لحني بمساعدة بعض الآلات الموسيقية. ينتشر الزجل بشكل كبير في لبنان وشمال فلسطين وشمال الأردن وغرب سورية. يضعف الاهتمام الأكاديمي به ويعتقد حتى السبب في ذلك يرجع إلى انعدام تقيده بالإعراب، وبالتالي عدم وصوله إلى الفهم المشهجر للعرب.

تعريف الزجل

لغويا

استخدمت مفردة (زجل) في اللغة العربية قبل حتى يصطلح على استخدامها لفن الزجل الشعري، وسنستفيد من تتبع بعض المواضع التي وردت فيها قبل نشوء فن الزجل الشعري، لندرك السبب في اختيار مفردة (زجل) اسما لهذا الفن الشعري.

1- الدلالة الأولى: الرمي، عهد ابن المنظور مفردة (الزجل) بتسكين الجيم بقوله: "الرمي بالشيء تأخذه بيدك فترمي به"، ومنه زجل الشيء يزجله وزجل به زجلا وزجلت به، ومن الأقوال الدلالة على استخدام مفردة (زجل) بهذا المعنى الحديث: "أخذ الحربة لأبي بن خلف فزجله بها فقتله" أي رماه بها، وحديث الصحابي عبد الله بن سلام: "فأخذ بيدي فزجل بي" أي رماني ودفع بي، ونطق الشاعر: بتنا وباتت رياح الغور تزجله... حتى استتتب تواليه بأنجاد الغور: تهامة، وأنجاد: جمع نجد، وتزجله: أي تدفعه ، وينطق: "لعن الله أما زجلت به"، "وزجلت الناقة بما في بطنها زجلا" أي رمت به.

2- الدلالة الثانية: (الزجل) بفتح الجيم، الصوت الصادر من الجمادات، وعهدتها الموسوعة العربية العالمية بـ"درجة معينة من درجات شدة الصوت، وهي الدرجة الجهيرة ذات الجلبة والأصداء"، ومن ما ورد في ذلك من الأقوال، قولهم: "سحاب زجل": إذا كان فيه الرعد، و"غيث زجل": لرعده صوت، و"نبت زجل": صوتت فيه الريح، ونجد شعرا للأعشى منه قوله: تسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت كما استعان بريح عشرق زجل، أي ريح مصوته، وقول أبوالرضا المعري

عبرت بربع من سياث فراعني به زجل الأحجار تحت المعاول

أي الصوت الصادر من جراء ضرب الأحجار بالمعاول.

3- الدلالة الثالثة: اللعب والجلبة وحمل الصوت، وخص به التطريب، كما اتى في معجم لسان العرب لابن المنظور، أوحمل الصوت المرنم كما اتى في الموسوعة العربية العالمية، فكان يطلق على صوت الحمام، ثم الصوت البشري المطرب. ومما ورد فيه من الأقوال، حديثالرسول محمد: "نزلت علي سورة الأنعام جملة واحدة، وشيعها سبعون ألفا من الملائكة لهم زجل بالتسبيح والتحميد"، وأنشد سيبويه: له زجل كأنه صوت حاد إذا طلب الوسيقة أوزمير، وربما قصد به الغناء، فقيل: وهويغنيها غناء زاجلا، "وقد يؤكد هذا الارتباط الدلالي بين حدثة زجل ومعنى الصوت العالي المنغم حتى حدثة زجالة مازالت تطلق، في بعض الواحات المصرية، على جماعة من الشباب الذين يجتمعون في مكان بعيد ليؤدوا الرقص والغناء الصاخب بمصاحبة آلاتهم الموسيقية"

اصطلاحا

يحاول صفي الدين الحلي في كتابه (العاطل الحالي والمُرخَص الغالي) إيجاد تعليل للربط بين الاستعمال اللغوي والاستعمال الاصطلاحي، فيقول: "وإنما لا يلتذ به ويفهم مقاطع أوزانه ولزوم قوافيه حتى يغنى به ويصوت فيزول اللبس بذلك".

إلى غير ذلك غدت حدثة زجل في الدوائر الأدبية والغنائية مصطلحا يشير على شكل من أشكال النظم العربي، وأداته اللغوية هي إحدى اللهجات العربية الدارجة، وأوزانه مشتقة أساسا من أوزان العروض العربي، وإن تعرضت لتعديلات وتنويعات تتواءم بها منظوماته مع الأداء الصوتي للهجات، ويتيح هذا الشكل من النظم تباين الأوزان وتنويع القوافي وتعدد الأجزاء التي تتكون منها المنظومة الزجلية، غير أنه يلزم باتباع نسق واحد ينتظم فيه جميع من الوزن والقافية وعدد الشطرات التي تتكون منها الأجزاء، في إطار المنظومة الزجلية الواحدة .

ونجد تعريفا أكثر تحديدا لأحمد مجاهد يعهد فيه الزجل بـ"شعر عامي لا يتقيد بقواعد اللغة، وخاصة الإعراب وصيغ المفردات، وقد نظم على أوزان البحور القديمة، وأوزان أخرى مشتقة منها" .

ويظهر حتى تعريفات الزجل لا تختلف عن تعريفات الشعر، والجدل الدائر حولها، إلا باستخدامها اللهجات العامية، وهجر الفصحى، وهوما عبر عنه صفي الدين الحلي بقوله -متحدثا عن موضوع كتابه (العاطل الحالي) وهوالفنون العامية- : "هذه الفنون إعرابها لحن، وفصاحتها لكن، وقوة لفظها وهن، حلال الإعراب فيها حرام، وصحة اللفظ بها سقام، يتجدد حسنها إذا زادت خلاعة، وتضعف صناعاتها إذا أودعت من النحوصناعة، فهي السهل الممتنع، والأدنى المرتفع" .

أصله

يعود أصل الزجل إلى العصر الجاهلي، وكان من أشهر الزجالين الشاعرة الخنساء. حدثة زجل بالعربية تعني "الصوت". والزجل في اللغة هوالتصويت والتطريب، وهواسم أطلقه الأندلسيون على شعرهم العامي الذي شاع واشتهر في القرن الثاني عشر الميلادي، خاصة على يد ابن قزمان وجماعته، وانتشر بعد ذلك في لهجات الأقطار العربية الأخرى في المشرق. في بدايات القرن العشرين، أطلق اللبنانيون وصف "الزجل" على شعرهم العامي، إذ كان يعهد قبل ذلك في سوريا ولبنان، بـ "القول" أو"المعنّى". كما كان يسمى الشاعر "بالقوّال". وكان يعهد في فلسطين، بـ "الحدا" أو"الحدادي" وعهد الشاعر بال"حادي"، وخاصة في الجليل والكرمل..ودام بقاء الزجل حتى آخر أيام الوجود العربي في الأندلس.

يقول صفي الدين الحلي حتى مخترعي الزجل هم أهل المغرب العربي، ثم انتقل إلى العراق وباقي الدول العربية. ويعتبر الأندلسيون السبّاقون في مجال الشعر المحكي، إلا أنّ الشعب الذي عاش في جبال لبنان، مما عنده ثروة طبيعية ضخمة وفنون متعددة أضاف الكثير من ألوان الشِّعر الشعبي. و"لئن كان الشعر الشعبي نتيجة طبيعيّة لظهور اللّغة العاميّة، فإنّه من الثابت أنّ تطورّه في لبنان كان بتأثير الألحان السريانية الكنسية".

أنواع الزجل

النوع الشكل مثال
معنى وهوعلى بحر الرجز: مستعملن مستعملن مستعملن (أوالكامل: متفاعلن متفاعلن متفاعلن)
يا بيرق الشعر لمجدك ما انطوى رفرف مع النسمات وتمايل غوى
زند اللي شالك زند ماكن ما التوى سلاحوعقل من معجن الحكمة ارتوى
عتابا البحر المتناهيتسعة مقاطع جميع شطر، أوالسريع وهوالشائععشرة مقاطع في جميع شطر، والبسيط 11 مبترا في جميع شطر
لا تظني عن ربوعك بعدنـا على درب الهوى مشينا بعدنا
تعالي انظري انشـغلي بعدنا تريني براس قايمة الحبـاب
ميجانا الوزن اليعقوبي الذي تتألف نادىمتيه من 24 حركة صوتية 12 في جميع شطر
يا ميجانا يا ميجانا يا ميجانا اعطينا عيونك تا نسـل سيوفنا
قد الحلوما يوم قدامي خطر الا ما حبه مر عَ بالي وخطر
وشوهم حبوقد يكون مرصود بخطر ما دام جميع الحب تعتير وهنــا
قلبي انا كيف من الممكن أن شكل فيني احملو وكل ما حلوقبالومرق بشعلو
وحتى اذا بنوم الهنا بيبصر حلو بيشعل حريق الحب بنوم الهنا
أبوالزلف الوزن المزدوج الذي يتألف من 13 مبتر صوتي –سبعة حركات في الشطر الأول و6 حركات في الشطر الثاني،
هيهات يا بوالزلف عيني يا موليا
قلبي أماني معـك لا تنكروعليـا
يا حلوحاجي بقا تسرق غفا مني
تمرّد علي الشـقا في غيبتك عنـي
كنا بليل النقـا عا ليلنا نغني
ما عدت بعد اللقا شــفتك بعينيـــا
الشـروقي من البحر الوفائي، صدوره من قافية وأعجازه من قافية أخرى ويتألف جميع شطر من 13 حركة
يلِّي هديتك قلب حـب ووفـا مليان وغنيت فيكـي بِكر شـعر والهـامي
ياما وياما نظمت بمحاسنك قصدان وما كان وادي الوفا يردد صدى هيامي
الروزانا البيت مبنٍ على 13 مبتر صوتي، فالشطر الأول منسبعة مقاطع والشطر الثاني منستة مقاطع (حركات). أما الدور فيتألف من أربعة أبيات، قافية صدورها واحدة وكذلك قافية اعجازها ما عدا عجز البيت الأخير إذ يعود إلى القافية العامة للمطلع ويبنى علىسبعة حركات في الشطر الأول و6 حركات في الشطر الثاني
عَ الروزانا عَ الروزانا كل الحلا فيها
شوعملـت الروزانا حتّـى نجافيها
الندب وطريقة الندب جعل القافية فيه على طريقة المعنى ويأتي من البحر المتفاوت الذي تتألف جميع من نادىمتيه منثمانية حركات
دموعكم لا تحجبوها من المحاجر اسكبوها
واهجروالزهرة اللطيفة الباكيي تودع أبـوها
زغرودة كناية عن بيتين تكون القافية في الصدر والإعجاز واحدة. وتبدأ على الغالب بلفظة "أويها" وتنتهي بـ"لي لي لي لي لي". وأوزانها من البحر البسيط الذي تتألف جميع من نادىمتيه من 11 حركة ومجموع حركات البيت 22
اويها مبروك يابني انشال الهم من بالك اويها اليوم عرسك كنار الأرز غنّالك
اويها حقك تشوف بعروسك عالمدى حالك اويها بالحسن اخت البدر يا ألف نيّالك
لي لي لي لي لي

أنواع أخرى

القرادي هوعلى البحر المتدارك. يرتكز هذا البحر على شطرين ومجموع عدد حركات البيت بكامله هي 14،سبعة في الشطرالأول و7 في الشطر الثاني مثال:

ضيعتنا عمْ بتنادي أهلا وسهلا يا ولادي

إن حدثة قرّادي مصدرها القَردَ أي "لجلجة اللِّسان" بحيث يتلجلج اللِّسان عند غنائها لسرعة وزنها وأنواعها كثيرة، بحيث يتألف البيت من أربعة عشر مبتراً صوتياً، سبعة مقاطع في الصدروسبعة مقاطع في العجز. منها المثناة المسمّاة عند عامة الشَّعب (قرادي عالحرف) ومنها المربعّة أي(قرّادي عالحرفين). للقرادي فنون عديدة منها ما أهمل النظم فيه، وقد ذكره رشيد نخله في ديوانه: القلاّب، وكرج الحجل، ومشي الست، والمطبق، والشلوقي، والكناري، والمسجع، ودق المطرقة، والمربع، والمجوز، والشوفاني (نسبة إلى جبل الشوف) والشوفاني القديم، ونقلة العروس، والمربوط.

وهناك الكثير من أنواع الزجل الأخرى، خاصة الزجل الغنائي اللبناني ومنها: سكابا، عاليادي اليادي، عالالاولالا، عالماني، ليا وليا، ويا غزيل والمعنى.

أشهر الزجالين

تعد المصادر الأندلسية عددا من الزجالة، فابن سعيد الأندلسي تحدث عن سبعة عشر زجالا في كتابه (المغرب في حلي المغرب)،وعن ثمانية زجالين في كتابه (المقتطف من أزاهر الطرف)، وعن ثلاثة زجالين في كتابه (اختصار القدح المحلى في التاريخ المحنى)، ولم يفته التحدث عن ابن قزمان، في كتابه "رايات المبرزين وغايات المميزين"، وهؤلاء الزجالة يمثلون القرنيين السادس والسابع الهجريين. ولسان الدين ابن الخطيب نص على ذكر ستة زجالين من القرون السادس والسابع والثامن، توفي آخرهم سنة 761هـ، وذلك في كتابه (الإحاطة في أخبار غرناطة).

وسوف نخط في هذا الفصل نبذا عن أبرز الزجالة في الأندلس، نبدأها بإمام الزجالة، أبوبكر ابن قزمان:

ابن قزمان (ت550)

  • منطقة مفصلة: ابن قزمان

"اسم ابن قزمان غير عربي وجرسه أسباني بحت، ويخبرنا أصحاب التراجم حتى بني قزمان يرتفع نسبهم من غير شك إلى مولد عهد باسم ابن قزمان الزهري، وكان مقام بني قزمان في قرطبة منذ القرن الرابع على الأقل.

وأصحاب التراجم مقلون جدا في أخبار ابن قزمان، فلا مناص من جمع حياته من آثاره، ولوحتى الذي نجمعه قليل.

اسمه أبوبكر محمد بن عيسى بن عبد الملك ويلقبه بعضهم بلقب الأصغر، تمييزا له عن سمي له هوعمه أبوبكر محمد بن عبد الملك الأكبر، وكان العم شاعرا كلاسيكيا على شيء من الشهرة ووزر لبني الأفطس ببطليوس، ومات في عام 508هـ.

والغريب أنه سقط خلط بين العم وابن أخيه سقط في هذا الخلط ابن الأبار وابن الخطيب والهولندي دوزي والتشيكي نيكل، ولقد نبهت إلى هذا الخلط في منطقة عنوانها (شيء من حديث ابن قزمان) نشرتها في القاهرة ولندن ومدريد في وقت واحد، وأثبت فيها حتى ما يوصف به ابن قزمان من التعمير اتى من إضافة عمره إلى عمر عمه، ومن جعل مولده في أوائل القرن الخامس بدل آخره وبالتدقيق عام 480هـ.

ولد ابن قزمان بعد معركة الزلاقة (479هـ)، ببضع سنين، وهي المعركة التي بدأ بها تدخل المرابطين في الحياة السياسية الأندلسية.

وقضى ابن قزمان حياته في قرطبة، ولكنه ارتحل لزيارة مدن الأندلس الكبرى، واتصل في غرناطة بشاعرة مشهورة هي نزهون، وكان في قرطبة وفي جميع المدن التي زارها مقربا من حماة الأدب الأندلسي، فمدحهم بمدائح، ومات في قرطبة عام 550هـ، بعد حتى جاوز الستين، وهجر على ألأقل ولدا واحدا اسمه أحمد، وأقام أحمد هذا بمالقة، ومات بها أول القرن السادس الهجري، وتدلنا بعض أشعار ابن قزمان على صفاته الجسمية: كان أشقر الشعر، أزرق العينين، يتحدث الرومانية كما يتحدث العربية، وعلى حظ من الثقافة القديمة، لأنه حاول في شبابه قرض الشعر على الطريقة القديمة، وقد نقل لنا ابن سعيد أمثلة من هذه المحاولات.

وكان ابن قزمان أول عمره يقرض بلغة معربة، ثم رأى أنه لم يبلغ في ذلك مبلغ كبار الشعراء في زمانه، كـابن خفاجة، فعمد إلى طريقة لا يمازجه فيها أحد منهم فأصبح إمام الزجل المنظوم بكلام عامة الأندلس وكان عزمه على صرف جهده وصنعته الشعرية إلى اللغة العامية عزما حكيما، وشاهد ذلك ما لقي من توفيق وما كان من ذيوع فنه إلى ما وراء الأندلس وبلوغ صيته إلى بغداد نفسها.

وقد بقيت آثار ابن قزمان العامية محفوظة كاملة تقريبا إلى الآن في مخطوط وحيد نسخ بصفد بفلسطين منتصف القرن السادس ومحفوظ فيمتحف ليننغراد الآسيوي، ونشر عدة مرات نشرا غير جيد، ولكن المستشرق الفرنسي ج.س.كولان نشره أخيرا بشكل محكم".

مدغليس

وهذا الاسم مركب من حدثتين، وأصله مضغ الليس، والليس جمع ليسه وهي ليقة الدواة، وذلك لأنه كان صغيرا بالمخط يمضغ ليقته، والمصريون يبدلون الضاد دالا فانطلق عليه هذا الاسم وعهد به وكنيته في ديوانه أبوعبد الله ابن الحاج، وعهد بمدغليس.

ومدغليس من أهل القرن السادس، وهوالخليفة الأوحد لابن قزمان في زمانه وقد سقطت له العجائب في هذه الطريقة، ونقل العلامة المقري فينفح الطيب عن أهل الأندلس قولهم: ابن قزمان في الزجالين بمنزلة المتنبي في الشعراء، ومدغليس بمنزلة أبوتمام، بالنظر إلى الانطباع والصناعة، فابن قزمان ملتفت إلى المعنى، ومدغليس ملتفت إلى اللفظ، وكان أديبا معربا في كلامه مثل ابن قزمان، ولكنه رأى نفسه في الزجل أنجب فاقتصر عليه.

ومن قوله في زجله المشهور:

ورزاذ دق يـــنـــــزل وشعاع الشمس يضـــــرب

فترى الواحـد يفـضـض وتـرى الآخـــــــــر يذهـب

والنبات يشرب ويسـكـر والغصون ترقص وتطرب

وبـريد تـجـي إلـينــــــا ثم تــــــــستـحـي وتـهـرب.

إبراهيم بن سهل الإشبيلي(ت649)

  • منطقة مفصلة: ابن سهل الأندلسي

وقد عَدَّه المقري في نفح الطيب من شعراء اليهودية وقيل إنه توفي على الإسلام، وبعضهم ينفي ذلك كأبي الحسن علي بن سمعة الأندلسي فإنه نطق: ’’شيئان لا يصحان: إسلام إبراهيم بن سهل، وتوبة الزمخشري من الاعتزال’’ وله أزجال ذكرها ابن حجة الحموي في بلوغ الأمل لكنَّهُ نبغ في فن الموشحات وبه اشتهر وفيه مهر.

أبوالحسن الشستري(610-668)

  • منطقة مفصلة: أبوالحسن الششتري

وكان باقعةً في الزجل والشعر والتصوف، وصفه لسان الدين ابن الخطيب في الإحاطة بقوله:’"عروس الفقراء، وأمير المتجردين، وبركة الأندلس، لابس الخرقة، أبوالحسن. من أهل شستر، قرية من عمل وادي آش معروفة، وزقاق الشستري معروف بها. وكان مجوداً للقرآن، قايماً عليه، عارفاً بمعانيه، من أهل الفهم والعمل".

وقد خَلُص بعض الباحثين إلى حتى الشستري هذا كان أوَّلَ من استخدم الزَّجل في المعاني الصوفية، كما كان محي الدين بن عربي أوَّلَ من استخدم الموشح في ذلك.

وقد أكثر الشستري التَّطواف في البلاد الأندلسية، ورحل إلى المغرب واجتال أنطقيمها، حتى ألقى عصى التَّجوال في دمياط من بلاد المشرق ودفن بها. وقد أولعَ المشارقة لهذا العهد بمقاطيع من أزجاله وتغنوا بها في مجالسهم، حتى إذا رائعته الشهيرة (شويخ من أرض مكناس) اشتهرت في أقطار المشرق وتنفَّقت بين المشارقة أكثر من حواضر المغرب.

وهذه بترةٌ منها كما وردت في إيقاظ الهمم لابن عجيبة وقدم لها بقوله:

’’الشستري كان وزيراً وعالماً وأبوه كان أميراً فلما أراد الدخول في طريق القوم نطق له شيخه لا تنال منها شيئاً حتى تبيع متاعك وتلبس قشابة وتأخذ بنديراً وتدخل السوق فعمل جميع ذلك فنطق له ما تقول في السوق فنطق قل بدأت بذكر الحبيب فدخل السوق يضرب بنديره ويقول: بدأت بذكر الحبيب فبقي ثلاثة أيام وخرقت له الحجب فجعل يغني في الأسواق بعلوم الأذواق ومن كلامه

شويخ من أرض مكناس في وسط الأسواق يغني

آش علي من الـنـاس وآش على الناس منـي

ثم نطق:

اش حـد مـن حــد أفهموا ذي الأشـاره

وأنظروا كبر سـنـي والعصا والـغـراره

هكذا عشـت بـفـاس وكـد هـان هـونـي

آش علي من الـنـاس وآش على الناس مني

وما أحسـن كـلامـه إذا يخطر في الأسواق

وترى أهل الحوانـت تلتفت لوبالأعـنـاق

بالغرارة في عنـقـو بعكيكـز وبـغـراف

شيخ يبني على سـاس كأنشاء اللـه يبـنـي

اش علي من الـنـاس واش على الناس مني.

أبوعبد الله اللوشي

وكان من المجيدين لهذه الطريقة وله فيها قصيدة طويلة الذيل يمدح فيها السلطان ابن الأحمر ذكرها ابن خلدون في المقدمة منها:

تحت العكاكن منها خصر رقـيق من رقتويخفي إذا تـطـلـبـو

أرق هومن ديني فيمـا تـقـــــول جديد عتبك حـق مـا أكـذبـو

أي دين بقا لي معاك وأي عـقـل من يتبعك من ذا وذا تسـلـبـو

تحمل أرداف ثنطق كـالـرقـــــيب حين ينظر العاشق وحين يرقبـو

قلت:والعكاكن مأخوذة من عُكَن الثوب أوالدرع وهوما تثنى منها على اللابس إذا كانت واسعة. والمعنى حتى هذه العُكن المتثنية من الثوب تخفي تحتها خصراً رقيقاً لطيفاً.

الحسن بن أبي النصر الدباغ

أغرم بالزجل إنشاء وجمعا، فنطق كثيرا من قصائد الزجل وبخاصة في الهاتى، كما جمع مختارات للزجالين في مجموعتين، أطلق على المجموعة الأولى عنوان (مختار ما للزجالين المطبوعين) وجعل عنوان الثانية (ملح الزجالين).

  • من لبنان: اسعد الخوري الفغالي، محمد محمود الزين، زين شعيب الملقب أبوعلي، جوزيف الهاشم الملقب بزغلول الدامور، موسى زغيب، خليل روكز، طليع حمدان، خليل شحرور، السيد محمد مصطفى، إدوار حرب، جريس البستاني،أسعد سعيد، حسون الأخضر، نايف تلحوق.
  • من فلسطين: يوسف الحسون "أبوالعلاء" الذي يعتبر رائداً في فن العتابا والشروقي ، موسى حافظ ، نعمان الجلماوي ، اكرم قعوار ، صالح رباع، شادي البوريني ،... الخ.
  • من سوريا: فؤاد حيدر وسمير هلال وشفيق ديب وعصام يوسف وفراس زودة
  • من الأردن: نايف أبوعبيد، الدوقراني، حسن عبد الفتاح ناجي، رزق الله المناع، روضة أبوالشعر، سليمان عويس، عادل مصطفى الروسان، سليم خليل النمري، عيسى عباسي، موسى نزال الأغرسي، يعقوب نصر عازر
  • من المغرب:أحمد لمسيح ،ادريس المسناوي،احميدة بلبالي، محمد الراشق، عبد الحفيظ المتوني، نهاد بنعكيدا، أسماء بنكيران

علاقة الموشح والشعر الملحون بالزجل

الموشح والشعر الملحون (القصيدة الزجلية) والزجل، جميعها فنون أندلسية مترابطة.

فالموشح هوكلام منظوم في بنية مختلفة عن الشعر العمودي الموحد الوزن والقافية، وهوفي مبناه هذا مشابه للزجل، كما أنه مشابه له في غلبة استخدامه للغناء، وارتباطه بالآلات الموسيقية.

وأما الشعر الملحون ويسمى أيضا القصيد الزجلي، فهوشعر موحد الوزن والقافية، إلا أنه بلغة مختلفة، لغة عامية، غير معربة.

ويبدوحتى الشعر الزجلي أوالشعر الملحون أقرب إلى الزجل من الموشح، حتى إذا بعض المراجع لا تفرق بينهما، مثل صفي الدين الحلي الذي عد قصائد مدغليس الثلاث عشرة التي وجدها في ديوانه أزجالا، ولم ينتبه لتسمية الأندلسيين لهذا اللون "شعرا ملحونا"، وأن الزجل لديهم ذودلالة مخالفة، أما ابن سعيد الأندلسي فيورد لأحدهم زجلا ثم يورد للزجال نفسه نموذجا يميزه باسم الشعر الملحون والفرق بينهما في ابتعاد الزجل عن شكل القصيدة، لا بقاؤه قصيدة سقطت منها الروابط الإعرابية، فإن كانت آية الزجل إسقاط الإعراب، فليس جميع ما جرد من الإعراب سمي زجلا.

إلا حتى في رأي صفي الدين الحلي ما يستعين به بعض النقاد في تأييد القول بأسبقية الشعر الزجلي على الزجل، واشتقاق الزجل منه وليس من الموشح، مستشهدين بقول الحلي: "وهذه القصائد لما كثرت واختلفت، عدلوا عن الوزن العربي الواحد إلى تفريع الأوزان المتنوعة، وتضعيف لزومات القوافي، ليكون ذلك فنا لهم بمفردهم، وذلك لأنهم لما لحنوا تلك القصائد بألحان طيبة السماع، رائقة في الأسماع، متناسبة في الأنغام والإيقاع، اضطر جدول جميع منهم إلى شط ينتهي إليه، ومبتر يقف الدور عليه، وكانت همتهم الشريفة، وطباعهم اللطيفة، ناهضة بالجمع بين أصول الطرب، وصحة أوزان العرب، ولم يكن لهم اطلاع على ما اخترعته الأعاجم من تلفيق الترانات والأوزان والأوانكشتات، المتمم به نقص الأدوار والسربندات"، والذين يستدلون بنص الحلي يرون حتى طبيعة الأمور هي التي تقرر حتى الانتنطققد يكون عادة من السهولة إلى الصعوبة، تدرجا، ومن البساطة إلى التعقيد، من بساطة في الهجريب متمثلة بوحدة الوزن والقافية في القصيدة الزجلية، إلى ما اتصف به الزجل من تعقيد تمثل بتعدد الأوزان واختلاف القوافي في الأقفال والأدوار، مع اشتراك الفنيين في الأغراض وفي اللغة وأساليب التعبير، وبتأكيد قاطع، يقول مقداد رحيم: "ومهما يكن من أمر، فإن الشعر الزجلي أسبق من الزجل في النشأة".

والقول بهذا الرأي يبنى عليه أسبقية الزجل على الموشح، فإذا كان اختراع الزجل مر بهذه المراحل، فإن الموشح بالتأكيد لم يبدأ من حديث بنفس الحكاية، فيكون مشتقا من الشعر العمودي، ليصل إلى نفس هيكل الزجل تماما، فهذه ستكون صدفة صعبة، بل الأقرب حتى الموشح سيكون فقط تعريبا للزجل، وهذا ما لا يتفق مع رأي فريق آخر من المؤرخين، كابن خلدون، الذي يرى الموشح سابقا للزجل، وندرك هذا في قوله: "ولما شاع فن التوشيح في أهل الأندلس، وأخذ به الجمهور لسلاسته، وتنميق كلامه، وترصيع أجزاءه، نسجت العامة من أهل الأمصار على منواله، ونظموا في طريقته بلغتهم الحضرية، من غير حتى يلتزموا فيه إعرابا، واستحدثوا فنا سموه بالزجل، والتزموا اللفظ فيه على مناحيهم، لهذا العهد، فاتىوا فيه بالفرائد، واتسع فيه للبلاغة مجال بحسب لغتهم المستعجمة".

ويدعم قول ابن خلدون ما صرح به ابن قزمان بنظم زجلة له على عروض موشح معروف واستعار الخرجة منه، ومنه قوله:

ريت وحد النهار خرج بالكميت وفي قلب من اجل مما دريت

قلت فيه ذا الزجل كما قد رويت عرض التوشيح الذي سميت

عقد الله راية النصر لأمير العلا أبوزكري

وهي خرجة مأخوذة من موشح لابن باجة "عقد الله راية النصر لأمير العلا أبي بكر".

وإذا كان المعتاد في الموشحة حتى تكون خرجتها عامية أوأعجمية، فإن المعتاد في الزجلة حتى تكون خرجتها معربة، وهوما كان يعمله ابن سناء الملك حيث يفرق بين الزجل والموشح بقرينة لطيفة، وهوأنه جعل في آخر غالب موشحاته خرجة مزجلة تكون من نظم أئمة الزجالة، وغالب أئمة الوشاحة عملوا ذلك ليظهر الفرق، وذلك لأن الفنيين يتداخلان أحيانا بسبب عيب يسمى التزنيم، وهوفي الزجل الإعراب، وفي الموشح اللحن.

"وعند الجميع حتى التزنيم في الموشح أقبح منه في الزجل، لأن من أعرب في الملحون فقد رد الشيء إلى أصله، ومن لحن في المعرب فقد زل وخالف".

موضوعات الزجل

رغم حتى الزجل ابتدأ كفن للعامة في الأندلس، إلا حتى موضوعاته تعددت حتى ضمت جميع موضوعات الشعر العربي التقليدي، حتى الجليل منها، كمديح الملوك والحكام، والرثاء، ووصف القصور والضياع، ثم الزهد والزجل الصوفي في وقت لاحق.

وقد كان الزجل في بدايته مقصورا على الغزل واللهووالمجون والأحماض، ثم كان للزجالين في جميع عهد معين وبيئة معينة، مجالات يرتبطون بها، ومن ثم كان مركز اهتمامهم ينتقل من موضوعات بعينها، -تلقى قبولا في هذا المجال أوذاك- إلى موضوعات أخرى، تختلف باختلاف العهود والبيئات الثقافية التي ينتمون إليها.

ومن ذلك ما نقرأه في أزجال زجالي الأندلس من انشغال بالعشق والشراب ووصف الرياض ومجالس الصحاب، نتيجة للالتفاف زجالي ذلك العصر حول دوائر الخاصة، والتحاقهم بمجالسهم التي كان مدارها الغناء والتنافس في إظهار المهارة والتأنق والتظرف.

ثم صار فن الزجل وعاء لـالشعر الديني والتصوف، وبلغ ذروته على يد الشيخ المتصوف الأكبر محيي الدين بن عربي الأندلسي، ومن بعد الشيخ أبوالحسن الشوستري، الذي استطاع نقل الزجل إلى مكانة رفيعة في الوسط الأدبي منذ القرن السابع الهجري، وأدخله في حلقات الذكر، وغناء الصوفية.

كما كان الهاتى أيضا من موضوعات الزجل، ويحتوي ديوان ابن قزمان على الهاتى، إلا حتى الدباغ يعتبر رائد الهاتى في الزجل.

وقد مزج الزجل في الزجلة الواحدة بين موضوعين أوأكثر، فالـغزل يمتزج بالخمريات، والمدح يأتي معه الغزل أووصف الطبيعة ومجالس الشراب، ووصف الطبيعة تصحبه مجالس الطرب والغناء، وأما الأزجال التي اختصت بغرض واحد فقليلة، ويعد الزجل الصوفي من الأزجال ذات الغرض الواحد.

وسنعرض نموذجين لأزجال من الخمريات ووصف الأماكن:

نطق أبوبكر بن صارم الأشبيلي:

حقاً نحب العقار فالدير طول النهار نرتهن خلع أنا لس قدا عن فلان

نشرب بشقف القدح كف ما كن

للدير مر وتراني عيان

قد التويت فالغبار وماع كانون بنار فالدكان

وممضىي فالشراب القديم

وسكرا من هُ المنى والنعيم

ولس لي صاحب ولا لي نديم

فقدت أعيان كبار واخلطن مع ذا العيار الزمن

لا تنصت من يقول كان وكان

وانظر حقيق الخبر والعيان

بحال خيالي عاد ذا الزمان

فأحلى ما يوريك ديار غيبها واخرج جوار اليمن

وصف الأماكن

وخرج ابن قزمان إلى منتزه مع بعض أصحابه، فجلسوا تحت عريش وأمامهم تمثال أسد من رخام يصب الماء من فمـه على صفائح منالحجر متدرجة فنطق:

وعريش قد قام على دكــان بحال رواق

وأسد قد ابتلع ثعبــــان من غلظ ساق

وفتح فمه بحال إنســـــان بيه الفراق

لغة الزجل

كانت الأندلس بلادا متعددة الثقافات، ونتيجة لهذا التعدد تكونت لغات أندلسية كريولية، مختلطة من اللغات الرومانية والبربرية والعربية، والتي بدورها تتفرع إلى لهجات عديدة، ومستويات متفاوتة، فكانت العاميات المتكونة "بعيدة بعدا شديدا عن اللغة العربية الفصحى".

نشأت من هذه العاميات فنون شعبية فلكلورية، منها الفنون اللغوية، مثل الغناء للأطفال، والغناء للأعراس، وظاهرة التروبادوأي الشاعر الجوال أوالشاعر المنشد الذي يلقي أناشيده العامية في القصور، وأفنية الكنائس، والأسواق، والساحات الشوارع، وغيرها من الفلكلور.

وأحد الآراء يمضى إلى حتى الزجل كان من هذه الفنون الشعبية في مرحلته الأولى، وأنه ابتدع ليرضي النهم الفني للعامة من سكان الأندلس.

ويبدوحتى الزجل بعد فترة الأغنية الشعبية ولج في فترة من التفصح بعض الشيء، وأخذ نظامه يتشبهون بالموشحين، حتى كاد يمحى الفرق بين الزجل والموشح، ولولا ذلك ما انتشرت أزجال الأندلسيين في العراق وبلاد الشام، واستعذبها المشارقة ونسجوا على منوالها، حتى نطق ابن سعيد: "ورأيت أزجاله - ابن قزمان – مروية ببغداد أكثر مما رأيتها بحواضر المغرب"، بل وإننا اليوم، وباستخدام لغتنا العربية المعيارية، نجد أننا نفهم الكثير من الزجل الأندلسي، وهذا ما أدركه الأولون عندما أسموا الزجل فنا غير معرب، ويقصدون بهذا الاسم: أشكال النظم العربية التي ظهرت في العصر الأدبي الوسيط، والتي لم يلتزم ناظموها باللغة الفصحى المعيارية، وخاصة بالنسبة لقواعد الإعراب، واعتماد ذلك التصنيف على هذا الفارق اللغوي يشير على إدراك نافذ، فالواقع حتى هذه الأشكال غير المعربة ظلت على صلة وثيقة بالأشكال المعربة، وتتبنى تنطقيدها الفنية، رغم فارق مستوى الأداء اللغوي، بل إذا لغة الزجل، وإن كانت غير معربة، كانت تقترب من الفصحى بقدر كبير، فلغة المنظومات الزجلية كانت لهجة دارجة خاصة بالزجالين، بوصفهم أفرادا يلتحقون بالدوائر الأدبية السائدة، وتتحد أطرهم المرجعية في داخل نوع الثقافة العربية التي تقرها هذه الدوائر.

وقد ظل هذا الفارق في مستوى الأداء اللغوي أحد مقومات تمايز الزجل عن الموشح، كما كان في الوقت نفسه أحد مقوّمات تمايز الزجل عن أشكال الشعر الشعبي (الفولكلوري) وعن حركة شعر العامية واختلافه معها، فقد "خط بلغة ليست عامية بحتة بل هي مهذبة وإن كانت غير معربة".

ويبدوا حتى خشية الزجالة من غلبة التعريب على الزجل، وجعله فنا خاضعا لـقواعد اللغة العربية المعيارية، جعلهم يشددون على اشتراط اللحنفي الزجل، حتى نطق ابن قزمان: "الإعراب في الزجل لحن"، فالزَّجل لون من الكلام لا يحتمل الإعراب عند الزجالة فهوملحون أبدا، ولا يجيزون فيه حتى يختلط اللحن والإعراب فتكون بعض ألفاظ البيت معربة وبعضها ملحونة، وقد قرر هذه القاعدة واضع هذا الفن أبوبكر بن قزمان في مقدمة ديوانه لما نطق:

وجردت فني من الإعـراب كما يجرد السيف من القراب

فمن ولج علي من هذا الباب فقد أخـطـأ ومـا أصـاب

ومن أعرب في الزجل فقد أساء وسموا ذلك منه تزنيما، وعدوه عيبا فاحشا.

ونطق صفي الدين الحلي: "وهذه الفنون إعرابها لحن، وفصاحتها لكن، وقوة لفظها وهن، حلال الإعراب فيها حرام، وصحة اللفظ بها سقام، يتجدد حسنها إذا زادت خلاعة، وتضعف صناعتها إذا أودعت من النحوصناعة، فهى السهل الممتنع، والأدنى المرتفع"، ونطق أيضا: " فإذا أحكم عليهم – الزجالة - فيها لفظة معربة غالطوا فيها بالإدماج في اللفظ والحيلة في الخط كالتنوين فإنهم يجعلون جميع منون منصوباً أبدا، فيخطون اللفظة بمفردها مجردة من التنوين، وبعدها ألفا ونونا، كأن يخطوا (رجلا) على هذه الصورة (رجلن)".

ويجب حتى نشير أيضا إلى حتى الزجالة لم يولوا اهتماما لأعجمية أهل الأندلس، فلا نجد من اللهجة الرومانسية إلا بعض الألفاظ، متناثرة في أزجال ابن قزمان، وما اتى على لسان العجم والأعجميات في أزجال الحوار، ولم نجد خرجة أعجمية في الزجل كما هوالشأن في بعض الموشحات، لكون لغة الزجل غير معربة، فيلجأ الزجال إلى الفصيح بدلا من الألفاظ الأعجمية، أوإلى التحايل، كأن يمهد للخرجة بألفاظ تدل على حتى الزجل قد أوشك على النهاية.

لقد استخدم ابن قزمان في أزجاله بعض المقطوعات بالأعجمية، ومن المؤكد أنه ورث هذه الطريقة عن الوشاحين الذين كانوا يستعملون الأعجمية في خرجات موشحاتهم، فمن ذلك قوله في الخرجة من زجل له:

نمضي إذا شاء الله من سرور لسرور والسعاد بشاشتْ إذ مطور

وعدوك يذاق فشوال طــــتلـور لعن الله من لا يقول نعم

لقد استخدم ابن قزمان في هذه المقطوعة لفظة "إذ ماطور" (d'amator)، وهي عجمية بمعنى "للعاشق"، كما استخدم أيضا – وهويتوعد الفقيه بعد شهر رمضان – لفظة "طلور" (dolor)، وهي أعجمية بمعنى الألم.

أما المستشرقون فقد أولوا اهتماما بالغا بالأزجال الأندلسية، وبالأخص ديوان ابن قزمان، وزعموا حتى أزجاله تمثل ذروة الشعر العربي وواقعالمجتمع الإسلامي، إذ ركزوا بحوثهم على الألفاظ الأعجمية التي استخدمها ابن قزمان في أزجاله، وقد زعموا حتى الزجال الأندلسي نظم بعض الخرجات الزجلية باللغة الأعجمية.

لكن خرجات الزجل لم تخط بالرومانسية كما يمضى هؤلاء المستشرقون، وإنما وجدت بعض الألفاظ في ثنايا أزجال ابن قزمان لا علاقة لها بالوزن أوالموسيقى أوالقافية، وهي ألفاظ تعوّد الأندلسيون على استخدامها في حديثهم اليومي مع المسيحيين، ولم نجد ألفاظا أعجمية عند الزجالة الذين تقدموا ابن قزمان أوعاصروه أوخلفوه، فيما وصل إلينا من أزجالهم.

نقابات وجمعيات

للحفاظ على الزجل بصفته تراثاً شعبياً ونوعاً من أنواع الأدب ولتوحيد شعراء الزجل في مؤسسة تجمعهم ومتخصصة في الزجل أطلق في لبنان "عصبة شعراء الزجل" والتي أصبحت فيما بعد "نقابة شعراء الزجل". كما أطلق في سوريا "جمعية شعراء الزجل" والتي يترأسها الشاعر السوري فؤاد حيدر.

انظر أيضاً

  • زجل أندلسي
  • عتابا
  • روزانا
  • أبوالزلف
  • بيرم التونسي

روابط خارجية

  • زجل مصري يتحدث عن العادات القديمة والحديثة (فيديو)
  • زجل عن حقيقة الحياة في مصر (فيديو)
  • تلالت حدثات جوه قلوب المصريين (فيديو)
  • مصرى يتحدث (فيديو)
  • كتاب تاريخ الفن الزجلي - سعيد عسيلي
  • كتاب الزجل في أصله وفصله - الشاعر أسعد سعيد
  • كتاب فرائد الزجل - يوسف النصار

مصادر

  1. ^ مزوري، مومن (2014) الخصائص الشكلية لفن الزجل في الأندلس. رسالة الدكتوراه نسخة محفوظةعشرة أكتوبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
  2. ^ الجوهري، محمد. نشأة الزجل، وطبيعته، وموضوعاته ورائده: درس في الأدب والنصوص نسخة محفوظة 29 أغسطس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  3. ^ الزجل في بلاد الشام حتى القرن الخامس عشر، أقوال وقوّالون قبل القوّال الأوّل، أول دراسة أكاديمية في العالم العربي تبحث في الموضوع نسخة محفوظة 02 ديسمبر 2010 على مسقط واي باك مشين.
  4. ^ الخلي، صفي الدين، "الأدب الشعبي العراقي" صفحة 164
  5. ^ مارون، عبود: الشعر العامي، دار الثقافة، ودار مارون عبود، بيروت، 1968، ص 53
  6. ^ أمين القاري: روائع الزجل، جروس، برس، طرابلس، 1998، ص 5.
تاريخ النشر: 2020-06-01 18:36:57
التصنيفات: زجل, أدب أندلسي, أدب سوري, أدب فلسطيني, أدب لبناني, ثقافة أردنية, ثقافة جزائرية, جنس شعري, شعر عربي, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, جميع المقالات التي بها عبارات بحاجة لمصادر, مقالات ذات عبارات بحاجة لمصادر منذ أبريل 2019, بوابة أدب عربي/مقالات متعلقة, بوابة اللغة العربية/مقالات متعلقة, بوابة شعر/مقالات متعلقة, بوابة لبنان/مقالات متعلقة, بوابة الجزائر/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

«القباج»: اكتشاف مواهب ذوي الإعاقة لتمثيل مصر بالمحافل الدولية

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-21 03:19:33
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 51%

اليوم.. ختام الدورة التدريبية الثانية للكوادر المحلية الأفريقية

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-21 03:19:21
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 50%

بسبب الحرب.. صحفي روسي يعرض ميدالية "نوبل" للبيع

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-06-21 03:20:39
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 62%

التضامن: 40 مليون جنيه لمشروعات تمكين المرأة الريفية بقري «حياة كريمة» 

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-21 03:19:19
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 58%

التضامن تدرس منح مساعدات نقدية للحاصلين على محو الأمية

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-21 03:19:19
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 68%

مهرجان الضحك في المغرب.. رياض محرز يغضب الجزائريين (فيديو)

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-21 03:17:11
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 92%

طقس الثلاثاء..أجواء حارة في معظم مناطق المملكة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-21 03:19:37
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 85%

سعفان: أزمة كورونا كشفت قدرة الإدارة المصرية وحرفيتها في التعامل معها

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-21 03:19:25
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 51%

البدراوي يوضح سبب غياب تمثيلية الرجاء في العصبة الاحترافية

المصدر: راديو مارس - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-06-21 03:20:20
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 66%

ختام فعاليات «رواق» لشباب الباحثين الأثريين وتكريم المشاركين

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-21 03:19:34
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 51%

لقجع يوجه رسالة شكر إلى الناصري

المصدر: راديو مارس - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-06-21 03:20:18
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 64%

ليتوانيا تحاصر منطقة روسية وتمنع الوصول إليها عبر أراضيها

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-21 03:17:23
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 91%

مراكش..الأمن يعيد تركيب فصول جريمة قتل شخص لشقيقه “الثلاثيني”

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-21 03:19:40
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 73%

قادة الاتحاد الأوروبي يعتزمون منح أوكرانيا صفة العضو المرشح

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-06-21 03:20:39
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 67%

البطولة.. برنامج الجولة 28

المصدر: راديو مارس - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-06-21 03:20:15
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 51%

ارتفاعه 187 متراً.. انتحار شاب مصري من برج القاهرة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-21 03:17:43
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 94%

بعد ذبح طالب لزميلته.. شاب يدهس فتاة بسيارته أمام "جامعة المنصورة"

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-06-21 03:20:37
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 68%

تحميل تطبيق المنصة العربية