ثورة السعر

كانت ثورة الثمن أوما يسمى أحيانًا بثورة الثمن الإسباني سلسة من الأحداث الاقتصادية التي حصلت بين النصف الثاني من القرن الخامس عشر والنصف الأول من القرن السابع عشر، وارتبطت على وجه الخصوص بمعدل التضخم المرتفع الذي وقع خلال تلك الفترة عبر أوروبا الغربية. ارتفعت الأسعار بمتوسط يناهز الستة أضعاف خلال 150 سنة. يصل مستوى التضخم هذا إلى 1-1.5% في العام الواحد، ويعتبر ذلك مستوى تضخم منخفض وفقًا لمعايير يومنا الحالي، لكنه عالٍ نسبيًا بالنظر إلى السياسة النقدية المستخدمة في القرن السادس عشر. وبشكل عام يُعتقد حتى سبب هذا التضخم العالي هوالتدفق الكبير للمضى والفضة من أسطول الكنز الإسباني من العالم الجديد، ويضم ذلك المكسيك وبيرووبقية الإمبراطورية الإسبانية. تدفق مال السلع في إسبانيا فزاد من الأسعار الإسبانية ومن ثم انتشر عبر العالم الغربي نتيجة لعجز ميزان المدفوعات الإسباني. سبب هذا الأمر تضخم العرض النقدي ومستويات الثمن في الكثير من البلدان الأوروبية. وبالإضافة لهذا التدفق من المضى والفضة، دامت ثورة الثمن بفضل نموالتعداد السكاني والتمدين. وفقًا لهذه النظرية، سعى عدد كبير من الناس الذين يتمتعون بفائض مالي نحوعدد قليل للغاية من البضائع.

الخلفية

ينظر الكثير من المؤرخين إلى حتى نهاية عصر النهضة هي بداية ثورة الثمن. اعتُبر عصر النهضة في الغالب بأنه فترة من السلام لسكان أوروبا الغربية، وكان فترة تمتعت فيها أوروبا بتوازن في ثمن السلع والعمالة. اعتُبرت أيضًا أنها فترة تتسم بهجريز عالٍ من الثروة في أيدي القلة (كان الطاعون قد أباد نحوثلث السكان في القرن السابق). وبالإضافة إلى ذلك، شهدت أوروبا تطورًا تكنولوجيًا في صناعة التعدين، وتدفق النقد من خلال الحط من قيمة العملة من قبل العائلة المالكة وظهور البروتستانتية. خف نقص المعادن الثمينة في أواخر القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر في النصف الثاني من القرن السادس عشر.

استخرج الإسبان المضى والفضة الأميركيين بتكاليف دُنيا وأغرقوا السوق الأوروبي بكميات وافرة من البتر النقدية. سبّب هذا التدفق انخفاضًا نسبيًا في قيمة هذه المعادن مقارنة بالمنتجات الزراعية والحرفية. وبالإضافة إلى ذلك، نجم عن انخفاض التعداد السكاني خصوصًا في جنوب إسبانيا معدل تضخم مرتفع. أدى فشل الإسبان في ضبط تدفق المضى وحالات تأرجح ثمن المضى والفضة من المناجم الأميركية بالإضافة إلى نفقات الحرب إلى ثلاث حالات إفلاس في الحكومة الملكية الإسبانية بحلول نهاية القرن السادس عشر. وفي القرن السادس عشر، زادت الأسعار بثبات في أراتى أوروبا الغربية، وبحلول نهاية القرن، وصلت الأسعار إلى مستويات أعلى بثلاث أوأربع مرات مما كانت عليه في البداية. تراوح معدل التضخم السنوي بين 1% إلى 1.5%. وبما حتى النظام النقدي في القرن السادس عشر كان مرتكزًا على البتر النقدية (في الغالب فضة)، كان معدل الارتفاع هذا بارزًا. كان للمنظمة النقدية المتمركزة على البتر النقدية خاصية تثبيت مستوى الأسعار الخاصة بها: أدى ازدياد أسعار السلع إلى هبوط في القوة الشرائية للمعادن النقدية وبالتالي حافز أقل لاستخراجها وحافز أكبر لاستخدامها لأغراض غير نقدية. أدى هذا التعديل الاستقراري للعرض النقدي إلى استقرار طويل الأمد في مستويات الثمن بغض النظر عن التحولات الدائمة في الطلب على النقود مع مرور الوقت. ولذلك، يمكن تفسير التضخم طويل الأمد إما بانخفاض قيمة العملات أوبالتحولات في عرض هذه البتر النقدية. أدى ازدياد إنتاجية التعدين في بيروإلى انخفاض ثمن المعادن بالنسبة للأسعار المرتفعة للسلع الأخرى في أوروبا. تُعالج هذه العملية فقط إذا كانت القوة الشرائية للمعدن مساوية لتكاليف الإنتاج.

الأسباب

تدفق المضى والفضة

من وجهة نظر اقتصادية، ترسخت ثورة الثمن بفضل اكتشاف مخازن جديدة من المضى والفضة بالإضافة إلى زيادة الإنتاجية في صناعة تعدين الفضة. عندما دخلت المعادن الثمينة إسبانيا، حمل هذا التدفق مستوى الثمن الإسباني وسبب عجزًا في توازن المدفوعات. حصل هذا العجز لأن الطلب الإسباني على المنتجات الأجنبية قد تخطى الصادرات إلى الأسواق الأجنبية. تم تمويل هذا العجز من خلال المعادن التي دخلت هذه البلدان الأجنبية، والتي سببت بدورها زيادة في العرض النقدي وحملت مستويات أسعارها.

بدأ استيراد البتر النقدية المتزايد إلى إسبانيا في أوروبا الوسطى نحوبداية القرن السادس عشر. وفقًا لمايكل نورث (1994)، تضاعف منتوج الفضة لأوروبا الوسطى بين عام 1470 وعام 1520، وزاد بشكل أكبر في عشرينيات القرن السادس عشر مع منجم جواكيمستال الجديد. وخلال هذه الفترة أيضًا، جلب البرتغاليون والإسبان كميات كبيرة من المضى إلى العالم الجديد إلى أوروبا. وبداية من أربعينيات القرن السادس عشر، شُحنت كمية متزايدة من الفضة إلى أوروبا، من المكسيك وجبل بوتوسي في بيرو. زاد إنتاج منجم بوتوسي بشكل كبير في ستينيات القرن السادس عشر بعد اكتشاف مخازن الزئبق في جبال الأنديز، وذلك لأن الزئبق كان ضروريًا لمعالجة الفضة. وبالاعتماد على سجلات إيرل جي هاميلتون (1934)، وصل إجمالي واردات البتر النقدية من الأميركيتين خلال القرن التاسع عشر إلى نحو210 مليون بيزو، تم استيراد 160 مليون بيزومنها في النصف الثاني من القرن السادس عشر. وصلت الكمية الكلية من الفضة المستوردة إلى 3,915 طن مكعب من الفضة. وعلى أي حال، تقدم هذه الأرقام تخمينًا أقل من الكمية الكلية المستوردة إلى إسبانيا لأن هاملتون حسبت فقط الواردات المسجلة من قبل كاسا دي كونتراك في سيفيل، ولا يضم ذلك البتر النقدية المشحونة مباشرة إلى قادس من قبل الشركات الهولندية وشركة الهند الشرقية. يساعد تدفق هذه المعادن الثمينة والعرض النقدي الناتج في تفسير زيادة الثمن في إسبانيا خلال القرن السادس عشر.

إنتاج الفضة الأوروبي

تؤكد بعض التقارير على دور زيادة إنتاج الفضة ضمن أوروبا نفسها الذي حصل في نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر.

النظرية الكمية للمال

يُفترض حتى أول عالم ربط النظرية الكمية بين تدفق «الثروة» الأميركية وثورة الثمن هوالفيلسوف الفرنسي جان بودين في رده عام 1568 على منطقة عام 1566 خطها عضوالمجلس الملكي جان دي ماليستروا. جادل ماليستروا بقوله إذا العملات منخفضة الجودة كانت السبب الرئيس لتدفق الثمن، ويتشابه ذلك مع التضخمات الدورية في القرنين الرابع عشر والخامس عشر. صرف بودين نظره عن هذا الجدال بحجة حتى تدفق الفضة المتزايد من الأميركيتين الإسبانيتين كان السبب الرئيس لتضخم الثمن. دافع بودين عن النظرية الكمية للمال وكان قادرًا على توضيح حتى تضخم الأسعار في فرنسا قد كان بسبب التدفق الأميركي الإسباني أكثر بكثير من أي تغيير في انخفاض قيمة العملة. عثر إيرل هاميلتون، الداعم المعاصر لنظرية ثورة الثمن، أنه لم يعبر أي محرر إسباني عن آراءٍ مماثلة لآراء جان بودين، وذلك على الرغم من إجراء درس دقيق في الرسائل والموضوعات الإسبانية وغيرها من الوثائق. وعلى أي حال لم يكن هذا الأمر سليمًا؛ فهناك منشور إسباني أقدم اتى في دراسة أقل شهرة في عام 1556 من قبل رجل الدين مارتن دي أزبيلكويتا عن مدرسة سالامنكا، ويُقدم عمليًا نفس الانادىء بشأن دور الفضة الإسبانية الأميركية في حمل الأسعار.

المراجع

^ Levack, Muir, Veldman, Maas, Brian (2007). The West: Encounters and Transformations, Atlas Edition, Volume 2 (since 1550) (2nd Edition). England: Longman. صفحة 96. ISBN . صيانة CS1: أسماء متعددة: قائمة المؤلفون (link)
^ Fischer, David Hackett (1996). . New York: Oxford University Press. مؤرشف من الأصل في 28 يناير 2020.
^ Munro, John (2008). "Money, Prices, Wages, and 'Profit Inflation' in Spain, the Southern Netherlands, and England during the Price Revolution era: ca. 1520 - ca. 1650". História e Economia Revista Interdisciplina. University of Toronto: 12–71.
^ Hamilton, Earl J. (1934). American treasure and the price revolution in Spain, 1501–1650. New York: Octagon Books.
^ Hamilton, Earl J. (1965). American Treasure and the Price Revolution in Spain, 1501-1650. New York: Octagon.
^ Greaves, Percy L.; Mises, Ludwig (1974). Mises Made Easier: A Glossary for Ludwig Von Mises' Human Action. Dobbs Ferry, N.Y.: Free Market.
^ Hutchinson, Marjorie (1952). The School of Salamanca; Readings in Spanish Monetary Theory, 1544-1605. Oxford: Clarendon.