بحث كيفي نفسي
عودة للموسوعةفي فهم النفس، يعرّف البحث الكيفي بأنه بحثٌ لا يتوصّل لنتائجه عبر الإجراءات الإحصائية أوالكمية الأخرى. غالبًا ما يُعتبر بأنه واقعي. هدفه فهم السلوك في البيئة الطبيعية. يعزى للبحث الكيفي هدفين آخرين هما: فهم الظواهر من منظور المشارك في البحث وفهم المعنى الذين يعطيه الناس لتجاربهم. يحاول عمل ذلك عبر استخدام ما يدعى بالأساليب الواقعية مثل إجراء اللقاءات والمراقبات والإثنوغرافيا الوصفية ومراقبة المشاركين والمجموعات البؤرية. يسعى جميع من هذه الأساليب لفهم منظور المشارك في البحث في سياق حياته اليومية. هذا يعني حتى الباحث مهتم بطرح أسئلةٍ عريضةٍ تسمح للمجيبين بالإجابة عليها بلغتهم الخاصة. تسمح هذه الأساليب للباحث بمحاولة تعديل فهمه خلال عملية البحث من خلال طرح أسئلةٍ تحقيقيةٍ إضافيةٍ. بالإضافة لذلك، يسمح أسلوبٌ مثل المراقبة للباحث بمراقبة الناس البيئة الطبيعية خاصة أولئك الموجودون في أماكن عامة.
يُنطق أحيانًا حتى للبحث الكيفي هدفًا يتمثّل بفهم العينة المدروسة عوضًا عن التعميم من العينة إلى الجمهور العام للبحث. فمثلًا ستعطينا نتائج دراسة حالةٍ كيفيةٍ عن أطفال مدرسةٍ ابتدائيةٍ في مدرسةٍ معينةٍ واستخدامهم لهواتفهم المحمولة معلوماتٍ أكثر حول استخدام الأطفال للهواتف المحمولة في الجمهور العام للبحث منها حول استخدام الكبار لهواتفهم. بجميع الأحوال، يجب أخذ نوع المدرسة (خاصة أوعامة) ومكانها والخلفية الاجتماعية الاقتصادية للطلاب بعين الاعتبار عند تعميم أي نتائج على بيئة أخرى (سواء مدارس أخرى أوجماهير أخرى من الأطفال).
بالإضافة لأساليب جمع البيانات المذكورة في الأعلى، يضم البحث الكيفي طائفةً كبيرةً من طرق تحليل البيانات. أحد أكثرها شيوعًا هي نظرية الفهم التامة (grounded theory). وتضم أيضًا تحليل المحادثة وتحليل استعمال اللغة وتحليل الموضوع وكذلك التحليل التاريخي.
يشدد البحث النفسي الكيفي على العمل الميداني وهذا التشديد يُعتبر علامةً مميزةً. ويوصف البحث النفسي الكيفي أيضًا بأنه كلّي. أي حتى البحث النفسي الكيفي يؤمن بدراسة الظواهر في سياقها عوضًا عن الهجريز على نواحٍ ضيقةٍ من الظاهرة. هذا يعني أنهم إما يراقبون أويشاركون في الظواهر التي يدرسونها، مثل حضور مباراة كرة قدم لفهم سلوك المعجبين و/أوطرح أسئلة ذات نهايات مفتوحة حول سلوك المعجبين في مباراة كرة القدم. هذه الأسئلة كليّة لأنها مصممة لفهم سياق السلوك، وسيتبعون نمطًا تستنسخ فيه التجربة، مثلًا: ماذا تعمل عندما تصل،يا ترى؟ مع من جئت،يا ترى؟ ماذا عملت عندها،يا ترى؟ بجميع الأحوال، فإن طرقًا مماثلة تستخدم أحيانًا من قبل الباحثين الكميين أيضًا.
الأصول والأساليب
توجد الأسس الفلسفية للبحث النفسي الكيفي في فهم الظواهر وفهم الاجتماع والممضى السلوكي الواقعي. وتشتق أساليبه البحثية من الإثنوغرافيا الوصفية والأنثروبولوجيا.
في فهم النفس، تضم الأساليب البحثية المصنفّة بصورةٍ شائعةٍ على أنها وصفية:
- مراقبة المشارك
- المراقبة المباشرة
- إجراء اللقاءات غير المنظّمة
- دراسات الحالة
- تحليل المحتوى
- تحليل البروتوكول
- المجموعات البؤرية
تتألف البيانات التي يجمعها الباحثون باستخدام هذه التقنيات من:
- نتائج اللقاءات ذات الأسئلة مفتوحة النهاية
- ملاحظات المراقبة المباشرة
- الوثائق المكتوبة (أجوبة الاستبيانات والمذكرات وتسجيلات البرامج...إلخ)
بعد جمع البينات، يتمثّل هدف الباحثين النفسيين الكيفيين في فحص بياناتهم بعمقٍ وتفصيلٍ. تستخدم الأساليب الكيفية بصورةٍ واسعةٍ كأساليب استكشافية، وتستخدم نتائج التحليل الكيفي لتصميم بحثٍ كيفي يختبر فرضية العدم المشتقة من المراقبات الكيفية.
يجادل الباحثين النفسيين الذين يفضلون البحث الكيفي بأن البحث المعتمد على الإحصاء فيه نواقص لأنه أقل قدرة على أخذ سياق التصرف بعين الاعتبار. طوّر الباحثين الكيفيين معاييرهم الخاصة لتقييم الموثوقية والصلاحية. ويعتبر عمل ايفونا لينكولن وإيغون غوبا مثالًا على ذلك.
قابلية التأكد هومفهوم كيفي مماثل لمفهوم الحيادية في البحث الكمي، ويعبّر عن درجة تأكيد الباحثين الآخرين لنتائج البحث.
اقترحت قابلية الانتنطق كبديلٍ كيفي لقياس الصلاحية النفسية، وتكون نتائج البحث قابلة للانتنطق إلى الدرجة التي يمكن فيها تعميمها على بيئاتٍ أخرى غير التي حدثت فيها.
يمكن الجدل بأن أي مفهوم يحاول قياس درجة أومدى هوذوأصلٍ كيفي.
التطبيقات
فهم النفس التعليمي
يُستخدم البحث الكيفي في فهم النفس التعليمي للإجابة على الأسئلة المعنية بفهم معنى وجمع البيانات غير الرقمية ذات الصلة لإدراك ظواهر معينة. أساس البحث الكيفي الجيد هوالقدرة على الإضاءة على آراء المشاركين في البحث وأفعالهم وسياقهم الاجتماعي كما يفهمونه هم. يُستخدم المنطق الكيفي لفحص الأنماط بين الناس، ويستخدم بصورةٍ واسعةٍ في فهم النفس التعليمي. يستفيد فهماء النفس التعليمي من الأدب الكيفي في آخر 11 عام لتصميم دراساتهم البحثية. لا يظهر حتى هناك زيادة في عدد فهماء النفس التعليمي الذين ينشرون دراساتهم باستخدام أطر التصميم الكيفي في السنوات الخمس الأخيرة. باللقاء، للأمر نقاط ضعف كذلك. تساعد الصيغ الكيفية لتمثيل الفهم مثل النص على إدراك فهم المتفهم، لكن يصعب جمعها في ملخص يظهر بصورة مختصرة تطور المتفهم أويسمح بالمقارنة بين المتفهمين أوبين المجموعات. الفرق الأساسي والجوهري بين أسلوب البحث الكيفي وأسلوب البحث الكمي هوكيفية جمع البيانات وتحليلها. لذلك سهجرز هذه الموضوعة على أساليب البحث وكيفية جمع البيانات وتحليلها من قبل الباحثين الكيفيين.
فهم النفس الصحي
أصبحت الأساليب الكيفية في فهم النفس الصحي طريقةً أكثر شيوعًا للمقاربة البحثية بهدف زيادة فهم الصحة والسقم وكيفية تأصّل هذه الظواهر اجتماعيًا في الحياة اليومية للناس. جرى الدفاع عن قيمة هذه المقاربة في عام 1998 من خلال قضية خاصة مكرسة للبحث الكيفي خطها ميشيل موراي وكيري تشامبرلين ونشرت في دورية هيلث سايكولوجي. وأتبع ذلك عام 1999 بنص بعنوان «فهم النفس الصحي: النظريات والأساليب» خطه كلا الباحثين السابقي الذكر. منذ ذلك الوقت تبنّى فهماء النفس مجموعة كبيرة من أساليب البحث الكيفي منها: تحليل الحوار وتحليل الموضوع وتحليل السرد والتحليل التفسيري للظواهر. نشرت دورية هيلث سايكولوجي في عام 2015 قضيةً خاصةً حول البحث الكيفي خطها برندان غاووجانيت دياتريك.
البحث الترويجي
تبلور البحث النفسي الكيفي كواحدٍ من أكثر الطرق فعاليةً في إدراك سلوكيات المستهلكين والعملاء ومواقفهم وعمليات اتخاذ القرار لديهم. ستزعم معظم شركات البحث الكيفي في العالم بأنها توظف فهماء نفس وتبني نتائجهم على نظريات نفسية. تتغيّر المنهجيات التي يدعمها فهم النفس والمطبّقة في البحث الكيفي الترويجي وتخضع لمزيد من التطور باستمرار. أحد الأمثلة على النظريات النفسية التي طُورت خصيصًا للاستخدام في البحث الترويجي هي «فهم النفس المورفولوجي».
جمع البيانات
يعتبر الباحث في البحث الكيفي أداة لجمع البيانات بصورةٍ أساسيةٍ، ويضم البحث الكيفي:
- البيانات المجموعة من المشارك
- المراقبات
- اللقاءات
- الاستبيانات
- المكالمات الهاتفية
- المجموعات البؤرية
وتعتبر اللقاءات والمجموعات البؤرية ومراقبة المشارك أشيع طرق جمع البيانات الكيفي.
تُوظّف مراقبة المشارك بصورةٍ خاصةٍ من قبل فهماء الإثنوغرافيا الوصفية في تنطقيد الأنثروبولوجيا، إذ تستخدم لفهم عادات مجموعة معينة من الناس وتفاعلاتهم وممارساتهم التي تحدث بصورةٍ طبيعيةٍ في بيئاتهم الاجتماعية بهدف فهم ثقافتهم. عندما يصبح الباحث جزءًا من المشاركين في الموقف قيد المراقبة فإنه يدعى المشارك المراقب.
يمكن حتى تُستخدم البيانات الكيفية لتقوية تصاميم البحث الكيفي وتصاميم البحث التداخلي. فمثلًا، في فهم النفس التعليمي يمكن حتى يقوم الباحثون بدراسة ٍتجريبيةٍ كيفيةٍ من خلال مراقبة أوإجراء لقاءات مع مجموعاتٍ مختلفةٍ من الطلاب لتحديد أي مجموعةٍ يجب حتى تُختار من أجل الدراسة الكيفية.
المجموعات البؤرية
اكتسب نقاش المجموعة البؤرية شعبيةً في العلوم الاجتماعية في القرن الأخير. قبل سبعينات القرن العشرين كانت المجموعات البؤرية تستخدم بصورةٍ أساسيةٍ في الترويج والدراسات في مجال إدارة الأعمال، لكنها أصبحت فيما بعد أشيع في مجالات أخرى مثل التعليم والاتصالات والإعلام والبحث المناصر للنسوية وفهم الاجتماع وفهم النفس الاجتماعي. وتُعهد المجموعات البؤرية بأنها لقاءة مجموعات. يُشجّع الأعضاء فيها على التفاعل والنقاش. ونادرًا ما تنتج اللقاءات والمراقبات بياناتٍ غنيةٍ كتلك التي تنتج عن النقاش في المجموعات البؤرية والتي تزودنا بقوةٍ معهديةٍ كبيرةٍ.
هجرز المجموعات البؤرية أيضًا على ما أبعد من ذاكرة الفرد ورغباته. يجب أخذ غنى وتعقيد ديناميكا المجموعة بعين الاعتبار. يمكن حتى تعطي المجموعة البؤرية معلوماتٍ عن ديناميكا التفاعل الاجتماعي التي تنتج ذكريات ومعتقدات وممارسات معينة بين أفراد المجموعة.
بحسب ليدرمان فإن المجموعة البؤرية هي تقنية تضم استخدام لقاءات عميقة للمجموعة يجري فيها اختيار المشاركين بناء على كونهم عيناتٍ مستهدفةٍ من جمهورٍ معينٍ، وتكون المجموعة مركزةً حول موضوعٍ معينٍ. وبحسب بويل فإنها مجموعة الأفراد المختارين من قبل الباحثين للنقاش والتعليق من خبرتهم الشخصية على موضوع البحث.
بعض أبرز ميزات المجموعات البؤرية حتى المجموعة الواحدة تضم عددًا يبلغ 4-10 أشخاص، ويعتمد حجم المجموعة على الموضوع. يجب حتىقد يكون حجم المجموعة قليلًا بما يكفي ليحصل جميع أعضائها على فرصة مشاركة آرائهم وبنفس الوقت كبيرًا بما يكفي ليحصل الأعضاء على وجهاتٍ نظرٍ مختلفة. وكذلك يجب حتىقد يكون المشاركين في جميع مجموعة متجانسين ولا يعهدون بعضهم البعض أي أنهم من أعمارٍ وخلفياتٍ عرقيةٍ متماثلةٍ وذلك كي لا يحدث الكثير من الصدامات في الجلسة، وبنفس الوقت يجب ألا تكون المجموعة متجانسة جدًا لأن بعض التغاير مهمٌ للحصول على معلوماتٍ مفيدةٍ عندما يتعلق الأمر بتذكر أحداثٍ ماضيةٍ أوبالمجموعات الدينية. المجموعات البؤرية هي إجراء لجمع البياناتقد يكون فيه الغاية الأساسية تحديد الإدراك والمشاعر وطرق التفكير، وليس الغاية منها الوصول إلى اتفاق حول أمرٍ معينٍ. تستفيد المجموعات البؤرية من البيانات الكيفية التي جُمعت باستخدام أدواتٍ وصفيةٍ بحاجة لأشخاص ماهرين مما يساعد على فهم عوالم الأفراد مع أخذ مواقفهم وإدراكهم وأفكارهم بعين الاعتبار. ولكل مجموعةٍ بؤرية نقاش مركّز يبقى فيه القائد مركزًا على موضوعٍ معينٍ مما يساعد في بقاء النقاش على مساره السليم في الوقت الذي يطرح فيه الأفراد أفكارًا مختلفة حول نفس الموضوع.
المراجع
- ^ For example see Hutchins, Edwin (1995), Cognition in the Wild, Cambridge, Mass: MIT Press, ISBN CS1 maint: ref=harv (link)
- ^ For an example of a historical approach to psychology see Wertsch, James (1998), Mind as Action, New York: Oxford University Press, ISBN CS1 maint: ref=harv (link)
- ^ Lincoln, Y., & Guba, G. (2003). Paradigmatic controversies, contradictions, and emerging confluences. In N. Denzin, & Y. Lincoln (Eds.). The landscape of Qualitative Research – Theories and issues (2nd ed.) (pp. 253–276). Thousands Oaks, CA: Sage
- ^ Fossey, E., Harvey, C., McDermott, F., & Davidson, L. (2002). Understanding and evaluating qualitative research. Australian and New Zealand Journal of Psychiatry, 36(6), 717-732. doi:10.1046/j.1440-1614.2002.01100.x.
- ^ Butler, D. (2006). Frames of Inquiry in Educational Psychology: Beyond the Quantitative-Qualitative Divide. Handbook of educational psychology (pp. 903-927). Mahwah, NJ US: Lawrence Erlbaum Associates Publishers.
- ^ Gough, B., & Deatrick, J.A. (eds.)(2015). Qualitative Research in Health Psychology [special issue]. Health Psychology, 34(4)
- ^ Leech, N., & Onwuegbuzie, A. (2007). An array of qualitative data analysis tools: A call for data analysis triangulation. School Psychology Quarterly, 22(4), 557-584. doi:10.1037/1045-3830.22.4.557.
- ^ lather, 2001
- ^ Gibbs, A. (1997). Focus Groups. Retrieved from Social Research Update: http://sru.soc.surrey.ac.uk/SRU19.html
التصنيفات: بحث نوعي, فروع علم النفس, منهجية نفسية, CS1 maint: ref=harv, بوابة علم النفس/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات
