فلسفة نسوية للعلم

الفلسفة النسوية للفهم هي فرع من الفلسفة النسوية، التي تسعى لفهم الكيفية التي تتأثر بها عملية اكتساب الفهم من خلال الوسائل الفهمية، بمفاهيم الجندر وأدواره داخل المجتمع. يتساءل فلاسفة الفهم النسوي عن كيفية تأثير الإطار الاجتماعي والمهني، والذي تتأسس وتوجد فيه تلك الفهم والبحث، على البحث والفهم الفهمية ذاتها، وربما تتضرر منه. يسمح التقاطع بين القضايا الجندرية والفهم، بإعادة نظر فلاسفة النسوية في الأسئلة والحقائق الأساسية في مجال الفهم، للكشف عن أي علامات على التحيز الجندري. وصِفت فلسفة الفهم النسوية بأنها تقع «عند التقاطع بين فلسفة الفهم وبين دراسة الفهم النسوية»، واجتذبت اهتمامًا كبيرًا منذ سبعينيات القرن العشرين.

عادة ما تؤكد الإبستمولوجيا النسوية على «الفهم المرتبطة بالموقف» التي تعتمد على وجهات نظر الشخص حول موضوع ما بشكل فردي. يسلط فلاسفة النسوية الضوء في الغالب على ضعف تمثيل العالمات في الأوساط الأكاديمية، وإمكانية وجود تحيز من جانب الفهم متمركز حول الذكور في الوقت الحالي. اتُهمت النظرية الفهمية بأنها أكثر توافقًا مع التفكير الذكوري وأساليبه المعهدية. تشير الإبستمولوجيا النسوية إلى حتى دمج أنماط الفكر والمنطق الأنثوي مع النظرية الفهمية الحالية، والتي تستهين بتلك الأنماط، يفترض أن يؤدي إلى تحسين وتوسيع المنظور الفهمي. يؤكد المدافعون حتى ذلك قد يحدث مرشدًا لابتكار فلسفة فهم قادرة على الوصول إلى الجمهور بشكل أكبر. يسعى المشتغلين بفلسفة الفهم النسوية إلى تعزيز التساوي بين الجنسين في المجالات الفهمية، ومزيد من الاعتراف بمجهودات العالمات.

حاجج النقاد بأن الالتزامات السياسية للمدافعين عن فلسفة الفهم النسوية تتنافى مع الموضوعية الفهمية في وقتنا الحالي، مؤكدين على نجاح المنهج الفهمي يعتمد على موضوعيته المشهود بها ومناهج اكتساب الفهم «الخالية من القيمة».

التاريخ

خرجت الفلسفة النسوية للفهم من دراسات الفهم النسوية في ستينيات القرن العشرين. ومع ذلك تعتبر ثمانينيات القرن العشرين هي التي أظهرت هويتها الفريدة، قبل نموالفلسفة النسوية للفهم. صدرت واحدة من أوائل وأكثر المنشورات أهمية من مجلة أكاديمية خاصة بالمرأة تسمى علامات، تحمل منطقًا بعنوان: «المرأة والفهم والمجتمع». نُشر هذا الموضوع في أغسطس 1978 من تأليف كاثرين ستيمبسون وجوان بورستين. عرضت تلك المجموعة الأولى لما يمكن اعتباره اليوم «دراسات الفهم النسوي» ثلاثة مجالات دراسية: نقد التحيز الجندري في الفهم، وتاريخ المرأة في الفهم، وتأثيرات بيانات الفهم الاجتماعية والسياسة العامة على مكانة المرأة في الفهم. بقيت تلك الموضوعات الثلاثة هي الموضوعات البارزة في دراسات الفهم النسوية لوقتنا الحالي.

بحلول ثمانينيات القرن العشرين، أصبحت دراسات الفهم النسوية أكثر طموحًا وأكثر ميلًا للطابع الفلسفي، بل إنها سعت لإعادة تعريف المفاهيم الإبستمولوجية الأساسية. كان سبب هذا التحول في دراسات الفهم النسوية، هوالتحول المتناظر في الكثير من مجالات النسوية الأكاديمية. أدى هذا التحول إلى افتراق أساليب الدراسة بين «المرأة في الفهم» و«النقد النسوي للفهم». وثَّقت الباحثات النسويات هيلين لونجيون وإيفيلين هاموندس هذا الأمر في كتابهما الصادر عام 1990 بعنوان صراعات وتوترات في الدراسة النسوية للجندر والفهم.

بحلول أواخر التسعينيات من القرن العشرين، أصبحت دراسات الفهم النسوية راسخة، وفيها الكثير من الباحثين البارزين في مجال دراستها. وصف الفيلسوف جون سيرل النزعة النسوية في عام 1993 باعتبارها «سببًا للتقدم» أكثر منها «مجالًا للدراسة».

الفلسفة النسوية للفهم

الموضوعية والقيم

شكك البعض في موضوعية الفلسفة النسوية للفهم. مع ذلك تُحاجج النسويات أنه عوضًا عن تقويض الموضوعية، فإن دمج القيم النسوية يمكنه المساعدة في ابتكار مناهج درس أكثر قوة وتطور، والتي بدورها قد تؤدي إلى نتائج أفضل. فمن خلال تضمين الأيديولوجيات النسوية في الفهم، فسوف يقضي ذلك على التحيزات الذكورية في مجال الفهم، وابتكار أبحاث أفضل، ورعاية صحية أفضل، ومزيد من الفرص أمام المرأة في التعليم العالي ومجالات البحث. تحاول الكثير من النسويات في هذا المجال حتى تتحدى فكرة «خلوالفهم من القيم»، مما يعني حتى الفهم خاضع لمؤثرات اجتماعية، ويُعتقد في وجود بعض التحيزات المرتبطة بالأبحاث التي تُجرى. لا يعتبر الفهم مستقل ذاتيًا، إذ تتطلب الأبحاث وجود تمويل، وهوالأمر الذيقد يكون للقرارات السياسية دورًا فيه. ومن هنا يأتي التأثير السياسي والاجتماعي على الفهم، والذي يجعله متمسكًا بمجموعة معينة من الأفكار.

الفهم ونظرية الموقف

من الناحية التقليدية، انتقدت بشدة فلسفة الفهم النسوية، عدم وصول المرأة إلى الفهم ونقص الفرص أمامها، وتعتقد حتى الفهم يستطيع ذلك، وأن «القيم الجنسية قد شوهتها». توضح شارون كراسنوكيف من الممكن أن يمكن حتى يؤدي «استبعاد المرأة باعتبارها باحثة وذاتًا عارفة» من البحث والدراسات والمشاريع الفهمية، إلى أساليب ومنهجيات غير مكتملة، وإلى نتائج غير موثوقة أوغير دقيقة في خاتمة المطاف. تتساءل بعض فلسفات الفهم النسوية حول ما إذا أمكن للفهم حتى يزعم «التجرد، والحياد، والاستقلال الذاتي، وعدم المبالاة تجاه المواقف والقيم السياسية» عند مقارنة الموقف «الحيادي» بالقيم التي تتبناها ثقافة واحدة، أي البطريركية الغربية، بين الكثير من الثقافات المشاركة في الفهم الحديث.

المراجع

^ Richardson, Sarah S. (2010). "Feminist philosophy of science: history, contributions, and challenges". Synthese (باللغة الإنجليزية). 177 (3): 337–362. doi:10.1007/s11229-010-9791-6. ISSN 0039-7857.
^ The Blackwell guide to the philosophy of science. Machamer, Peter K., Silberstein, Michael. Malden, Mass.: Blackwell. 2002. ISBN . OCLC 50661258. صيانة CS1: آخرون (link)
^ Kurki, Milja (2015). "Stretching Situated Knowledge: From Standpoint Epistemology to Cosmology and Back Again". Millennium: Journal of International Studies. 43 (3): 779–797. doi:10.1177/0305829815583322. hdl:2160/41924.
↑ Crasnow, Sharon (2013). "Feminist Philosophy of Science: Values and Objectivity". Philosophy Compass (باللغة الإنجليزية). 8 (4): 413–423. doi:10.1111/phc3.12023. ISSN 1747-9991.
^ Crasnow, Sharon (2008). "Feminist philosophy of science: 'standpoint' and knowledge". Science & Education (باللغة الإنجليزية). 17 (10): 1089–1110. Bibcode:2008Sc&Ed..17.1089C. doi:10.1007/s11191-006-9069-z. ISSN 0926-7220.
^ Stimpson, Catharine R.; Burstyn, Joan N. (1978). "Editorial". Signs: Journal of Women in Culture and Society. 4 (1): 1–3. doi:10.1086/493565. ISSN 0097-9740.
^ Searle, John R. (1993). "Rationality and Realism, What Is at Stake?". Daedalus. 122 (4): 55–83. JSTOR 20027199.
^ Anderson, Elizabeth (2000-08-09). "Feminist Epistemology and Philosophy of Science". مؤرشف من الأصل في 05 مايو2019.