تُمْبُكْتُو
—  مدينة  —
مسجد سنغور الشهير، بتمبكتو
اللقب: جوهرة الصحراء
تُمْبُكْتُو
تُمْبُكْتُو
البلد  مالي
المنطقة منطقة تمبكتو
الدائرة دائرة تمبكتو
التأسيس القرن العاشر
الارتفاع 261 م
عدد السكان (2009)
 - المجموع 54٬453
مخطوطة تنبكتية في الفرائض.

تُمْبُكْتُو مدينة في مالي، وهي من أبرز العواصم الإسلامية في غرب أفريقيا. سُميت قديماً تنبكت ، وتلقب بجوهرة الصحراء المتربعة على الرمال، وهي بوابة بين شمال أفريقيا وغرب أفريقيا، وملتقى القوافل البرية للقادمين من النيجر وليبيا، وكذلك تجار الملح القادمين من تودني، أنجبت الكثير من الفقهاء والفهماء، وازدهرت فيها الحركة الثقافية، وتعاقب عليها الغزاة وآخرهم الفرنسيون الذين قاومتهم قبائل المنطقة بقيادة محمد علي الأنصاري. واحة تمبكتوهي حاضنة الإسلام في الصحراء الكبرى ومنارة للفهم فيها ومجمع الفهماء وهي من أشهر المدن في غرب أفريقيا خاصة منذ القرن الثالث عشر، وسكانها جميعهم مسلمون وأشهر القبائل التي تقطن المنطقة هم قبيلة الأنصار جميع أنصر التي ظهر فيها محمد علي والذي اغتيل في عام 1897، وقبيلة السنغاي ذات الأغلبية السكانية وكذلك القبائل المتفرعة من الأشراف اللفسة الذين أشتروا منطقة شمال النهر من أحد ملوك مالي السابقين وبعض القبائل ذات الأصول العربية والطوارق والبرابيش.

أصل التسمية

يجمع المؤرخون على حتى معنى حدثة تمبكتوهوحافظة الأمانات وهومأخوذ من اسم امرأة من الطوارق اسمها (تن بكتاون) أي حافظة الأمانات، كانت تقطن في المسقط الذي تأسست عليه المدينة فيما بعد. كانت هذه المرأة تحفظ للسكان الرحل الأمانات والودائع والأمتعة فاشتهر بها المكان وغلبت التسمية على المدينة بعد ذلك. وإذا كان الطوارق قد سموا تمبكتوبهذا الاســـم لارتباطها عندهم بالعجوز بكتوحافظة الأمانات، فإن القواميس الإنكليزية تفسر هذه التسمية بأنها المكان القصي الذي لم تطأه قدم البشر ولم يدركه بصر.

التاريخ

تأسست مدينة تمبكتوبداية القرن الحادي عشر الميلادي، إلا أنها لم تكتسب شهرة واسعة بوصفها حاضرة للثقافة الإسلامية إلا في منتصف القرن الخامس عشر، وتعاقبت عليها ممالك كبيرة مثل مملكة مالي ومملكة السونغاي. لم يرد ذكر المدينة في المصادر العربية قبل زيارة ابن بطوطة لها سنة 1353، إثر زيارة سلطان مالي منسا موسى للمدينة عند عودته من الحج 1325 واتخاذه سكناً فيها، حيث بنى ما يعهد اليوم بالجامع الكبير.

العصر المضىي وأنتهاءه

وشهدت المدينة عصرها المضىي من الناحية السياسية والفهمية في القرن السادس عشر، وتحديداً في عهد السلطان الحاج أسكيا محمد الذي كان يهتم بالفهماء، وخرجت عددا كبيرا من الفهماء الموسوعيين الذين ذاع صيتهم في الآفاق مثل أحمد بابا التنبكتي الذي توفي عام 1036هـ. كان الغزوالمغربي لتمبكتوعام 1591 - أيام السلطان السعدي أحمد المنصور المضىي - بداية النهاية لعصر ازدهارها، إذ بدأت أهمية تمبكتوالفهمية والتجارية تنحدر تدريجيا إثر ذلك حتى كادت تضمحل. تخلّص حكام المدينة العسكريون المغاربة من تبعيتهم لدولة السعديين في المغرب، وسقطت تمبكتوتحت سيطرة قبيلة الفولب في النصف الأول من القرن التاسع عشر إلى حتى احتلها الفرنسيون 1893، واستمروا في حكمها حتى إعلان استقلال مالي 1960.

المساجد التأريخية

تضم المدينة أيضا مجموعة من المساجد الأثرية منها

  • مسجد جينكريبر الذي يقع في أقصى غربها، وقد وهومسجد بناه المعماري أبوإسحاق الساحلي الذي استقدمه سلطان مالي منسا موسى معه من الحجاز عند عودته من الحج، فكان ذلك بداية الفن المعماري الأندلسي في المنطقة، ويقع هذا المسجد في اقصى غرب المدينة.
  • مسجد سنكَري وهوأحد أقدم معالم المدينة، وكان أيضا من أبرز مؤسسات التعليم في المدينة.
  • مسجد سيدي يحيى وهومسجد اثري يقع في قلب المدينة، اسس في عام 1400م على يد الشيخ المختار.

انضمام تمبكتوإلى لائحة المواقع الاثرية

بعد ان تم ادراج تمبكتوعلى [[مسقط تراث عالمي |قائمة التراث العالمي للإنسانية]]، أصيبت في عام 2012 بخسارات ثقافية جسيمة إثر تدمير جهاديين لأضرحة الأولياء الصالحين، أعيد بناؤها كما كانت بإشراف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونيسكوولكن تدميرهم دفعها إلى إعادة تصنيف المدينة ووضعها على قائمة مواقع التراث العالمي المعرضة للخطر. شيدت هذه الاضرحة بغية حماية المدافن، تم تشييدها عمومًا من الطين في تمبكتو، بعض المدافن موجودة في المدينة أوفي مقابر وأخرى في مساجد، وتضم حاليًا 22 ضريحًا سليمًا في الإجمال، أدرج 13 منها على لائحة اليونيسكوللتراث العالمي، وكانت هذه القائمة تعد في الأساس 16 ضريحًا ولكن ثلاثة منها اندثرت بعمل تراكم الرمال. وأكتسبت تمبكتولقب مدينة ال333 وليا بسبب هؤلاء الأولياء الذين دفنوا في الأضرحة، وهم يعادلون القديسين لدى المسيحيون، تدل هذه الأضرحة مع المساجد التاريخية في المدينة على انها كانت أماكن حج إلى مالي وإلى البلدان المجاورة في غرب أفريقيا.

دمرت جماعات جهادية مرتبطة بتنظيم القاعدة بينها جماعة أنصار الدين 14 ضريحًا بحجة محاربة عبادة الأوثانفي 2012، سيطرت هذه الجماعات على شمال مالي لمدة سنة واحدة تقريبآ إلى ان تم إطلاق عملية عسكرية دولية بمبادرة فرنسية لا تزال متواصلة، لكن مناطق باكملها لا تزال خارجة عن سيطرة القوات المالية والأجنبية. تم اعادة بناء الاضرحة في إطار برنامج تابع لليونسكوفي تطبيقه بتمويل من عدة دول ومؤسسات، وقد أوكلت مهمة إعادة البناء إلى مجموعة من المعماريين المحليين الذين أعادوا تحت إشراف إمام المسجد الكبير بناء المقامات وفق هندستها الأصلية من خلال استعادة بقايا الجدران والاطلاع على الصور والاستعانة بكبار السن. اصدرت المحكمة الجنائية الدولية حكمآ على جهادي من الطوارق من مالي يشتبه بارتباطه بتنظيم القاعدة، بارتكاب جرائم حرب لقيادته عملية تدمير تسعة أضرحة للأولياء وجامع سيدي يحيى.

المدينة الأسطورة

فبفضل جهود أبنائها أزمعت عدة شركات تجارية داخل وخارج مالي على القيام ببناء أول مطار دولي في هذه المدينة العتيقة، التي يقصدها السياح من جميع أنحاء العالم بغية الوقوف على أطلال المدينة الأسطورة التي امتلأت بها الخط الأدبية في شتى الثقافات العالمية، حيث أضحى اسمها «بامكو» مثالاً يضرب لكل ناءٍ وبعيد. إقامة جسر جوي مباشر بين تمبكتووالعواصم العالمية هوالأمل الوحيد أمام هذه المدينة، التي عهدت بمدينة الفهم والتجارة، لتستعيد دورها بين الأمم.[ما هي؟]


ليون الأفريقي

حينما قصد حسن الوزان الشهير بـ (ليون الأفريقي) مدينة تمبكتوفي بدايات القرن السادس عشر الميلادي، كانت تلك ولا شك هي الفترة المضىية التي جعلت من تمبتكوأسطورة الصحراء وجوهرته، حتى عادت مضرب الأمثال، ومثار الخيال عند الرحالة الأوروبيين، الذين اقترنت في أدبياتهم بأقصى مكان في الأرض وأبعده. واليوم لا تكاد تجد أوروبيا واحدا، لا يعهد تلك الجوهرة التي تغوص وسط رمال الصحراء الأزوادية شمالي جمهورية مالي، فحسن الوزان نفسه الذي افتتن «بتمبكتو» يقول عنها: إنها هي المنطقة التي تفجرت فيها صبابته[هل المصدر موثوق؟]، حيث أعرس بها وكانت له بها منادمات، لم ينسه إياها بلاط البابا في روما، ولا رحلاته إلى الآستانة أوالقاهرة، فكما يقول: إذا الوصول إلى تمبتكوهوسر أسرارها، فقد كانت ملتقى القوافل الذي يربط أهل أفريقيا غربا وشرقا، وكان الوصول بحد ذاته يعني نوعا من المغامرة، حيث لا يربطها بأي من عواصم التجارة المشهورة أية محطات لمن يؤمها.

عاصمة للفهم

ولا شك حتى أكثر ما تزدهر به تمبتكوفي ذلك الوقت هوالتجارة فقط أكثر من أي شيء آخر، ولكن الأهمية ازدادت يوما بعد يوم، حينما صارت إلى جانب تلك الخاصية عاصمة للفهم، فصار فيها ذلك التزاوج الذي جعلها في مصاف كبريات مدن العصر في ذلك الوقت كقاهرة المعز، والآستانة، وفاس وغيرها من المدن. ويعتقد البعض حتى ذلك النشاط تضاعف كثيرا بعد سقوط آخر معاقل الأندلس وهومملكة غرناطة، وقد ظلت تمبتكومع ذلك التميز صامدة أمام جميع الأهوال التي تعصف بها على الدوام على يد أهلها خاصة. وقد خط للوزان الذي رأى عزها حتى يرى كذلك جزءا من نكباتها. ترقد تمبكتوبمحاذاة نهر النيجر الذي يلتف بها من جهة الجنوب، وعدا تاريخها الممزوج بكثير من المآسي فإنها اليوم مدرجة في سلم الماضي السحيق، إذ لم يتبق منها سوى تاريخها المجيد، ولعل آخر فتراتها المضىية كانت في عهد السعديين، وبالتدقيق في عهد منصور المضىي، ورغم محاولات الانتفاضة التي تحاول تمبكتوالقيام بها بين فترة وأخرى، فإنها تظل كالعجوز التي سميت عليها (تين – بتكو) تقتات من تاريخها، وتساير الزمن بما تظل لها من ذكريات الماضي، وقد أعيد اكتشاف تمبكتومرات الواحدة تلوالأخرى بفضل المستكشفين الأوروبيين، أمثال البريطاني «الماجور غوردون لينغ» الذي استمات حتى دفع حياته ثمنا لاستكشاف معشوقته تلك في 1826. وكذلك المستكشف الفرنسي «رينيه كاييه» الذي سكنها أسبوعين في 1828. ولعل الجمال كله يتمثل في تلك الكثبان الرائعة التي تحيط تمبكتوويشقها النهر الذي يحيط بها أحد أجمل المناظر الأسطورية في الصحراء.

خطا شائع

وعود على بدء، فقد تأسست «تين بكتو» وليست «تمبكتو» وهوالخطأ الشائع، في أوائل القرن الخامس الهجري الموافق لسنة 1080 ميلادية، ولذلك (أي تأسيسها) سيرة، وهي حتى الطوارق كانوا يعيشون أثناء موسم الأمطار في ربوع صحرائهم ويعودون في فترات الجفاف إلى المناطق الخصبة حول نهر النيجر الشهير، وهوما دفعهم إلى اختيار مسقط تينبكتوحذاء ثنية نهر النيجر، كمكان مناسب لتخزين احتياطي الغذاء. والمسقط كانت تسكنه امرأة عجوز من الطوارق من قبيلة «ايمقّشرن» اسمها بتكو، وعليها سمى المكان بـ«تين» بمعنى (صيغة ملكية يخص كذا) «بتكو». وقد ظلت تمبكتوفي البداية تعبير عن مخيم للطوارق، ثم تحولت مع مرور الأيام إلى قرية، وظلت تنموباضطراد إلى حتى تحولت بفضل مسقطها من ملتقى للطرق التجارية إلى مدينة يؤمها آلاف التجار والزائري؛ ووصل ذلك أوجه في بداية القرن الرابع عشر الميلادي، حيث انتزعت وبكل جدارة مكانة مدن كبيرة في ذلك العصر مثل «ولاتة» في موريتانيا و«برنو» في غانا، اللتان كانتا من أبرز أسواق التجارة في الغرب الأفريقي آنذاك.

إنفاق سخي

وقد بدأت تمبكتوبلفت الأنظار إليها كمركز إشعاع فهمي بعد رجوع امبراطور مالي «مانسا موسى» من رحلة الحج الشهيرة التي قام بها عام 1325 م ووزع في طريقه إليها آلافاً مؤلفة من سبائك المضى، خاصة في القاهرة. مما تسبب في هبوط أسعار المضى، وقد أمر السلطان الشاعر الغرناطي الملقب بالسهيلي بتصميم جامع كبير والأشراف عليه (هوجامع تينبتكوالقائم إلى يومنا هذا)، وكانت تلك النواة الأولى لبناء صرح فهمي في تينبتكوحيث صار مع مرور الأيام مركزا للفهم، خاصة تبرع امرأة من سركولو(إحدى القبائل المالية) ببناء جامع آخر فيما بعد، وقد ازدهر الفهم مع تقاطر الطلبة من شمال وغرب أفريقيا على تينبتكو، وقد ساعد على ذلك الإنفاق السخي الذي قام به التجار على دور الفهم فكان أروع تزاوج بين المال والفهم في عروس الصحراء، إذ وصل عدد المدارس في ذلك الوقت 180 مدرسة، تضم أكثر من 25.000 طالب، كما وصل مستوى التعليم في تينبتكوذلك الوقت إلى نفس المستوى الذي وصل إليه في قرطبة وتلمسان، والقاهرة – كما يؤكد «شاربون». وقد ظلت حركة الفهم تلك في نمووازدهار، وكان عمرها واستمرارها مقرون بازدهار التجارة التي تمولها، وأي تجارة تلك.

حرير وتوابل

كانت أكثر البضائع الرائجة في تينبتكوذلك العصر من أفخر بضائع الدنيا فكان التجار يقايضون فيها الحرير والتوابل والنحاس الأحمر، ببضائع مملكة مالي الفاخرة التي اشتهر سلاطينها بملوك المضى، حيث كانت تينبتكومن أكثر مدن أفريقيا التي تصدر الألماس والمضى والعاج وريش النعام، إضافة إلى ملح صحراء «أزواد» الذي اشتهرت قوافله حتى عصرنا هذا، وكانت مثار إعجاب الأوروبيين الذين صوروا عن رحلة «أزلاي» شمال تينبتكوأجمل الأفلام، وهي حقا من أحب الرحلات، حيث كان تجار الملح ينطلقون من تمبتكوفي قوافل تضم عادة أكثر من 300 جمل أصيل يبترون مسافة شهر في الذهاب والإياب في صحراء «أزواد» الملتهبة، التي لا ماء ولا عشب ولا ظل فيها ثم يعودون منها بألواح الملح الصخري البلّوري من « تودَنيّ » إنها عملاً أرض الأساطير والأحلام كما وصفها أحدهم. واستطرادا في وصف تلك الفيافي التي هي جزء من حضارة منطقة تينبتكوفلنقرأ ما خطه«جان كلود كلوتشكوف »من مجلة « جون إريك »حيث يصف الصحراء «الأزوادية » أنها كانت من الأزمنة السحيقة تعبير عن منطقة خالية من البشر، وظل مسقطها على الخرائط خاليا من أي إشارة يقول: إذا الطوارق أنفسهم كانوا يتجنبونها ويخشون حتى يصيبهم ما أصاب تلك (القافلة المفقودة) التي كانت تضم حوالي 100 إنسان وضلت طريقها، وعندما أيقنوا الضياع وهبوا واحداً منهم جميع ما بحوزتهم. ولكنها رغم تلك القوة التي تجعل الضائع يفقد الأمل في الحياة تظل سحرا يستهوي عشاق المغامرة، فيصفونها بأنها صحراء ساحرة بل ملعونة! وينقل كلوتشكوف حتى الصحراء في الأساطير كانت مقرا لملكة الساحرات، كما تذكر القصص الأسطورية فإن تلك (الملكة) سحرت عددا من تجار الطوارق ووجهائهم. ولاشك حتى الشبه هنا كبير مع ملكة « أنتينيا » الشهيرة التي استوحى منها الروائي «بييربينوا» روايته المعروفة، غير حتى الأسطورة دوما تنطوي على جزء من الحقيقة. وكما أسلفت فإنه رغم حالة الاحتضار، كما سيأتي، فإن أسطورة تمبكتوإلى يومنا هذا مرتبطة بالذهنية الغربية، ولعل أكبر أعداد السياح الذين يتجهون إلهيا هم من ألمانيا واليابان وأمريكا وكندا.

مدينة عجيبة

أحد شوارع تمبكتو.

ولعل أكثرهم ولعا بها الأمريكان الذين يأتي أحدهم خصيصا لختم جواز سفره في تمبكتو! ورغم تواضع هذه المدينة اليوم، فإن معظم وكالات السفر تقدمها دائماً بـ(المدينة العجيبة) أو(جوهرة الصحراء)، وتمبكتو- لمن لا يعهد- متوأمة مع مدينة (سانت) الفرنسية مدينة المستكشف الفرنسي «روني كاياي» أول فرنسي ولج تمبكتووخط عنها ووصفها وصفاً دقيقاً في كتاباته عام 1828 م. ولعل الخيال الأوروبي الواسع هوالذي جعل هذا الاهتمام يتضاعف رغم حالة الاحتضار التي تشهدها هذه المدينة، فرغم حتى هذه الاكتشافات بدأت واستمرت بعد أفول شمس تمبتكو، إلا حتى كتابات أصحابها تتحدث دوما عن سحر غامض، وانبهار دائم بمعشوقتهم تلك! ولكن يظهر حتى الوضع اليوم يتلخص في المثل القائل (أن تسمع بالمعيدي خير من حتى تراه) إلا أنه رغم الأمل الذي يحدوالكثيرين في حتى يتحسن الوضع، فإن شيئا لا يلمح في الأفق في الوقت الراهن على الأقل، خاصة في غياب أية مبادرات جادة في إنقاذ تلك الجوهرة الغامضة، التي يحاول أهلها تأخير نهاية العالم بوضع حصيرة سميكة لسد الثغرة التي حدثت في باب متآكل قديم في ساحة الجامع الكبير، الذي يعنى فتحه نهاية العالم حسب اعتقاد بعض الأهالي. ولا يظهر أيضا حتى الفاورق (الرجل الأسطوري) الذي يوجد تمثاله في وسط المدينة والذي يعتقد بعض أهل المدينة أنه يحلق جميع ليلة فوق منازلهم ليحميها، قد بقي له ما يقوم بحمايته، فحتى أكثر كنوز المدينة وأغلاها اليوم والمتمثل في مركز أحمد بابا (العالم التينبكتي الشهير) تعب القائمون عليه من تكرار النداءات للعالم لإنقاذ مخطوطاته التي تشهد حالة احتضار مريرة بسبب غياب أي دعم للحفاظ عليها، ولا ريب أنها خيبة كبيرة تلك التي عاشها العالم الإسلامي في بداية الثمانينات عندما اختيرت تمبتكوضمن عدد من المدن الإسلامية الشهيرة للاحتفال بدخول الألفية الخامسة عشرة للهجرة النبوية فيها، إذ لم تكن المدينة تتوفر على أدنى الإمكانيات التي تساعدها على ذلك. ويبقى السائح الغربي القادم من بلاده في حالة ذهول وخيبة أمل طيلة فترة مكوثه فهي هذه المدينة إذ يجد نفسه بدل الاستمتاع واستكشاف الإثارة التي ما لبث كتاب الغرب يشوقونه إليها، يجد حتى العزاء أكثر ما يمكنه القيام به لأهل هذه المدينة ذوي الوجوه الغائرة، الذين يرتسم البؤس على تام هيئاتهم، ناهيك عن المدينة التي هي اليوم أطلال ماض سحيق، وعظام بالية لا أثر ولا أمل لإعادة الحياة إليها.

ظاهرة التصحر

وأهم ما يلاحظه سانت لويس الزائر لهذه المدينة اليوم هوالأثر المدمر لظاهرة التصحر، حيث أتت الرمال على الغطاء النباتي الذي كان يحيط بالمدينة، وردم فرع النهر الذي يبلغ طوله حواليسبعة وقع والذي يصل المدينة بالمجرى الرئيسي لنهر النيجر الذي كان يسهل نقل البضائع إلى قلب المدينة بواسطة الملاحة النهرية. وبالرغم من استغلال الحكومة المالية للسمعة التاريخية الواسعة للمدينة في جلب السياح الغربيين، ((إلا حتى نصيبها من مشاريع البنية التحتية لا يكاد يذكر))، مما أثر على السياحة في المدينة نفسها، هذا فضلا عما نتج عن ذلك من مظاهر الفقر والبؤس، وبالرغم من هذه الصورة القاتمة إلا حتى تنبتكوتبدوعلى الدوام شامخة ومصدر اعتزاز ومتعة إذا ما نظرنا إلى واقعها الثقافي، إذ أنها من المناطق القليلة في العالم التي حافظت على ذلك النوع الثقافي الكوزموسي، حيث استطاعت المدينة صهر عدة ثقافات في بوتقة واحدة، لتصنع منها ثقافتها التي قلما تجدها في مكان آخر. فسكان تنبتكويجيد معظمهم سبع لغات ويعني ذلك أنه يعيشون سبع ثقافات امتزجت عبر تاريخ شعوب المنطقة، وهم: الطوارق، والعرب، والفلان، والبمبارا، والسنغاي، إض سانت لويس افة إلى الفرنسية كلغة رسمية. المهتمون بتينبتكووالمثقفون تحديدا ما فتئوا يطلقون صيحات ونداءات.. وأكثر من مرة حاولوا تأسيس لجان تحت اسم (أنقذوا تينبتكو) أو(جميعة أصدقاء تمبتكو) وغيرها محاولة منهم للفت أنظار العالم لمساعدتهم، وانتشالهم من الاندثار الذي يهددهم. ولا شك حتى لموجة الجفاف التي استمرت عقدي السبعينات والثمانينات، والتي كانت إحدى نتائج (الرعي والأحتطاب الجائر) حيث دأب سكان المنطقة على تربية المواشي بأعداد ضخمة تفوق على الحاجة في الأسرة الواحدة أوللفرد الواحد بالأسرة وأهمال الزراعة نتيجة لعدم وجود وعي بيئي كافي يوضح خطر مثل هذه الممارسات عند أهل المنطقة من سكان البوادي، وخصوصا بالأزمنة السابقة وما تلاها من أزمنة معاصرة لبدايات عصر الوقود الأحفوري الذي أجهز على ما تظل وكان وما يزال له الأسهام الأوسع وعلى مستوى العالم في ظاهرة الأحتباس الحراري و(التصحر). مما أسهم في تكريس الفقر والسقم بين سكان تلك المنطقة، ناهيك عن التجارة التي توقفت فيها، خاصة بعد تهجير أهلها وسكانها الأصليين وبالتدقيق التجار العرب والطوارق الذين فروا من القتل بعد اندلاع الثورة بين حكومة مالي والمقاتلين الطوارق، ومن آخر المآسي والنكبات التي عهدتها تمبكتوفهي تتمثل في أنها بعد حتى كانت من أكبر مقابر الغزاة الذين حاولوا السيطرة عليها قروناً عدة، تحولت كذلك اليوم إلى مقبرة لأهلها الذين أُفنىٰ معظمهم إثر النزاع السياسي الذي اندلع بداية هذا العقد، ولعل الرئيس المالي عمر كوناي يظل واحدا من الحادبين على المدينة إذ حرر بعد توقيع اتفاقية سلام بين حكومته وشعب الطوارق على إقامة نصب سلام فيها، إذ يعتبرها – تينبتكو– رمز سلام وتعايش بين أبناء شعبه، ويبقى الحلم في المدينة الأسطورة أملا يراود جميع سكان المدينة.

حياة عتيقة

ويجاهد هذا الخليط من الناس في الاستمرار بالحياة ما أمكن، عبر اشتغال جميع قبيلة منهم في تحصيل لقمة العيش بنشاط معين يقوم به ويجيده، ففي الوقت الذي يشتغل فيه الطوارق والفلان بالرعي، تجد العرب منكبين على التجارة عبر قوافلهم وسياراتهم العتيقة، بينما ينصرف السنغاي الزراعة والصيد النهري والملاحة عبر النهر يجوبون أطراف نهر النيجر بتجارتهم التي غالبا ما تكون في بيع الحبوب، والبهارات، والأقمشة..الخ. إنها حياة جهاد، حاول الجفاف الذي يهدد النهر فضلا عن الصحراء التي دمرها لمدة عقدين أويزيد حتى يقضي عليها، وكان تعاون السكان ذاته يشكل نوعا من التحدي في لقاءة الحياة وإثبات الذات للاستمرار في العيش، فهل سينجح أهل عروس الصحراء في إنقاذ مدينتهم.

طالع أيضاً

  • مخطوطات تمبكتو

وصلات خارجية

  • مسقط التمبكتي
  • مسقط يهتم بالتعريف بقبائل اللفسة من سكان المنطقة
  • مسقط يهتم بالتعريف بقبائل الأنصار من سكان المنطقة

المراجع

  1. ^ صـ320 ـ كتاب تاريخ السودان لعبد الرحمن السعدي
  2. ^ صحيفة ألقدس ألعربي نسخة محفوظة 20 ديسمبر 2016 على مسقط واي باك مشين.
  3. ^ تقرير عن مدينة - الجزيرة نت نسخة محفوظة 26 نوفمبر 2018 على مسقط واي باك مشين.
  4. ^ بوابة ألعين ألأخبارية نسخة محفوظة 20 ديسمبر 2016 على مسقط واي باك مشين.


مواقع التراث العالمي في غرب إفريقيا
القصور الملكية في أبومية · أطلال لوروبيني · سيدادي فيلها · المباني التقليدية الخاصة بشعب أسانتي · محمية جبل نيمبا الطبيعيية المتكاملة · كوتاماكووطن باتاماريبا · تمبكتو · حوض آركين · شنقيط · وادان · تيشيت · جزيرة جيمس  · الدوائر الحجرية في سينيغامبيا  · أهوكرو · منتزه كوميه الوطني
انظر أيضاً : مواقع التراث العالمي ·
تاريخ النشر: 2020-06-01 20:40:58
التصنيفات: تمبكتو, أماكن مأهولة في منطقة تمبكتو, بلديات مالي, تاريخ الصحراء الكبرى, صنغاي, عواصم إقليمية في مالي, عواصم ثقافة إسلامية, مجتمعات على نهر النيجر, مدن قديمة, مملكة مالي, مواقع التراث العالمي المعرضة للخطر, مواقع التراث العالمي في مالي, صفحات تستعمل قالبا ببيانات مكررة, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, مقالات بحاجة لإعادة الكتابة منذ أكتوبر 2015, جميع المقالات التي بحاجة لإعادة كتابة, مقالات بحاجة لإعادة الكتابة منذ 2015, جميع المقالات التي بحاجة لصيانة, مقالات ذات عبارات بحاجة لمصادر, مقالات ينقصها مصادر موثوقة, مقالات للتدقيق العلمي منذ يوليو 2016, جميع المقالات التي تحتاج لتدقيق علمي, بوابة أفريقيا/مقالات متعلقة, بوابة الأمازيغ/مقالات متعلقة, بوابة الإسلام/مقالات متعلقة, بوابة التراث العالمي/مقالات متعلقة, بوابة الطوارق/مقالات متعلقة, بوابة تجمعات سكانية/مقالات متعلقة, بوابة مالي/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات, صفحات تستخدم خاصية P214, صفحات تستخدم خاصية P244, صفحات تستخدم خاصية P227

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

غدا.. أولي فعاليات مهرجان العسل بأرض كوته بالإسكندرية

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-10 00:21:24
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 63%

نائب رئيس القاهرة الجديدة: تسليم أول دفعة من "سكن مصر" الثلاثاء المقبل

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-10 00:21:40
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 50%

وفاة أكبر معمرة بالقليوبية عن عمر يناهز “108” أعوام

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-10 00:21:25
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 69%

إطلاق نار على حافلة ركاب فى القدس.. فيديو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-10 00:21:42
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 35%

جامعة بنها تنظم قوافل بيطرية وتوعوية بقرية الحصة بطوخ

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-10 00:21:22
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 61%

تكريم الصحفية سلوي ستيفن

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-10 00:21:23
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 56%

تراجع طفيف في الإصابات والوفيات.. «الصحة» تعلن بيان كورونا اليومي

المصدر: المصري اليوم - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-10 00:21:27
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 65%

بعد اعتماد نتيجة الشهادة الإعدادية.. خطوات التظلم على النتيجة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-10 00:21:42
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 37%

إبراهيم عيسى: الرئيس السيسي المخلص الوحيد للدولة المدنية

المصدر: المصري اليوم - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-10 00:21:29
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 56%

“الفيفا”: تشيلسي يلاقي بالميراس للحصول على كأس العالم للأندية

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-10 00:21:23
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 50%

تحميل تطبيق المنصة العربية