ديمقراطية شاملة

عودة للموسوعة

الديمقراطية الكاملة مشروع يهدف إلى تحقيق ديمقراطية مباشرة؛ وديمقراطية اقتصاديةقد يكون الاقتصاد فيها من دون دولة وغير نقدي ومن دون سوق؛ وإدارة ذاتية (الديمقراطية في المجال الاجتماعي)؛ وديمقراطية بيئية.

ظهر مشروع الديمقراطية الكاملة بشكل نظري -بعيدًا عن المشروع السياسي الذي تقوم عليه حركة الديمقراطية الكاملة- في عمل الفيلسوف يوناني الأصل، السياسي والاقتصادي والناشط والأكاديمي الأسبق، تاكيس فوتوبولوس، في كتابه نحوديمقراطية شاملة، وطُور من قبله ومن قبل كتاب آخرين في مجلة الديمقراطية والطبيعة وخليفتها المجلة الدولية للديمقراطية الكاملة، وهي مجلة إلكترونية تنشرها الشبكة الدولية للديمقراطية الكاملة. بعبارة أخرى، المشروع النظري للديمقراطية الكاملة هومشروع ناشئ في الفلسفة السياسية حول التغيير الاجتماعي (مثل الماركسية ومشروع البيئة الاجتماعية ومشروع الاستقلال الذاتي ومشروع الديمقراطية الكاملة). من ناحية أخرى، المشروع السياسي للديمقراطية الكاملة (مثل أي مشروع سياسي للتحرر الاجتماعي) هومشروع ناشئ في تاريخ النضال الاجتماعي (مثل الحركة الاشتراكية، والحركة الماركسية الاستقلالية، والحركة الديمقراطية الكلاسيكية أوالمباشرة).

وفقًا لأران غاير، يقدم كتاب نحوديمقراطية شاملة «تفسيرًا جديدًا قويًا للتاريخ والديناميكيات المدمرة للسوق ويوفر رؤية جديدة ملهمة للمستقبل بدلًا من النيوليبرالية والأشكال الحالية للاشتراكية». يقول ديفيد فريمان إذا منهج فوتوبولوس في هذا الكتاب «ليس لاسلطويًا بشكل علني، ولكن يظهر حتى اللاسلطوية هي الفئة الرسمية التي يعمل ضمنها، نظرًا لالتزامه بالديمقراطية المباشرة والبلدية التحررية وإلغاء الدولة والمال واقتصاد السوق».

مفهوم الديمقراطية الكاملة

يصف فوتوبولوس الديمقراطية الكاملة بأنها «مفهوم حديث للديمقراطية، مستخدمًا التعريف الكلاسيكي لها كنقطة انطلاق، ويعبر عن الديمقراطية من حيث الديمقراطية السياسية المباشرة، والديمقراطية الاقتصادية (خارج حدود اقتصاد السوق وتخطيط الدولة)، بالإضافة إلى الديمقراطية في المجال الاجتماعي والديمقراطية البيئية. باختصار، الديمقراطية الكاملة هي شكل من أشكال التنظيم الاجتماعي الذي يعيد دمج المجتمع مع الاقتصاد والسياسة والطبيعة. يُشتق مفهوم الديمقراطية الكاملة من هجريب اثنين من التنطقيد التاريخية الرئيسية، الديمقراطية الكلاسيكية والاشتراكية، رغم أنها تضم أيضًا الحركات الراديكالية الخضراء والنسوية والتحريرية في الجنوب».

نقطة انطلاق مشروع الديمقراطية الكاملة هي حتى العالم، في بداية الألفية الجديدة، يقابل أزمة متعددة الأبعاد (اقتصادية وبيئية واجتماعية وثقافية وسياسية)، والتي يتضح أنها ناتجة عن هجرز السلطة في يد النخب المتنوعة. ينتج ذلك عن إنشاء نظام اقتصاد السوق (بالمعنى البولاني) في القرون القليلة الماضية، والتمثيل الديمقراطي، والأشكال ذات الصلة من الهيكل الهرمي. لذلك، لا يُنظر إلى الديمقراطية الكاملة على أنها مجرد فكرة طوباوية، ولكن تُعتبر السبيل الوحيد للخروج من الأزمة، على أساس التوزيع المتساوي للسلطة على جميع المستويات.

في هذا المفهوم للديمقراطية، لا يضم المجال العام فقط المجال السياسي، كما هومعتاد في الممارسة الجمهورية أوالمشروع الديمقراطي، بل يضم أيضًا المجالات الاقتصادية و«الاجتماعية» والبيئية. المجال السياسي هومجال خلق القرار السياسي، وهوالمجال الذي تُمارس فيه السلطة السياسية. المجال الاقتصادي هومجال خلق القرار الاقتصادي، وهوالمجال الذي تُمارس فيه القوة الاقتصادية فيما يتعلق بالخيارات الاقتصادية الواسعة التي يجب حتى تتخذها مجتمعات الندرة. المجال الاجتماعي هومجال خلق القرار في مكان العمل ومكان التعليم وأي مؤسسة اقتصادية أوثقافية أخرى والتي تشكل عنصًرا مكونًا لمجتمع ديمقراطي. يمكن توسيع المجال العام ليضم «المجال البيئي»، الذي يمكن تعريفه على أنه مجال العلاقات بين المجتمع والطبيعة. لذلك، يضم المجال العام، على عكس المجال الخاص، أي مجال من مجالات النشاط البشري الذي يمكن فيه اتخاذ القرارات بشكل جماعي وديمقراطي.

وفقًا لهذه المجالات الأربعة، قد نميز بين أربعة عناصر رئيسية للديمقراطية الكاملة: السياسية والاقتصادية و«الديمقراطية في المجال الاجتماعي» والبيئية. تشكل العناصر الثلاثة الأولى الإطار المؤسسي الذي يهدف إلى التوزيع المتساوي للسلطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية على التوالي. بهذا المعنى، تحدد هذه العناصر نظامًا يهدف إلى القضاء الفعال على هيمنة الإنسان على الإنسان. وبالمثل، تُعرّف الديمقراطية البيئية على أنها الإطار المؤسسي الذي يهدف إلى القضاء على أي محاولة إنسانية للسيطرة على العالم الطبيعي، وبعبارة أخرى، النظام، الذي يهدف إلى إعادة دمج البشر والطبيعة.

إطار مؤسسسي

الديمقراطية السياسية أوالمباشرة

ينطوي الشرط الضروري لتأسيس ديمقراطية سياسية على إنشاء مؤسسات مناسبة تضمن التوزيع المتساوي للسلطة السياسية بين جميع المواطنين. تُتخذ جميع القرارات السياسية (بما في ذلك تلك المتعلقة بصياغة وتطبيق القوانين) من قبل هيئة المواطنين بشكل جماعي وبدون تمثيل. تتكون هيئة المواطنين في منطقة جغرافية معينة من جميع المقيمين فيها وتجاوزوا سن النضج المعين بغض النظر عن جنسهم أوعرقهم أوهويتهم الثقافية. يجب تحديد سن النضج من قبل هيئة المواطنين نفسها.

يشير الشرط الكافي لإعادة إنتاج الديمقراطية السياسية إلى مستوى الوعي الديمقراطي لدى المواطنين، وكما يشير ديفيد غابارد وكارين أبليتون، «تقع مسؤولية تنمية الوعي الديمقراطي المطلوب لهذا المفهوم عن المواطنة على عاتق البايديا» والتي لا تنطوي فقط على التعليم بل وتطوير الشخصية والفهم والمهارات الكاملة، أي تعليم الفرد كمواطن، والذي وحده يمكنه حتى يعطي محتوىً جوهريًا للمساحة العامة. يُعد هذا الأمر ضروريًا لأن الديمقراطية لا يمكن حتى تقوم إلا على الاختيار الواعي للمواطنين للاستقلال الفردي والجماعي. بالتالي لا يمكن حتى تكون نتيجة أي «قوانين» أواتجاهات اجتماعية أواقتصادية أوطبيعية تؤدي جدليًا إليها، ناهيك عن أي عقائد ومفاهيم إلهية أوصوفية. بهذا المعنى، لا يلبي التمثيل الديمقراطي ولا الديمقراطية السوفيتية شروط الديمقراطية السياسية، وهي ببساطة أشكال من سياسات حكم الأقلية، التي تهجرز السلطة السياسية فيها ضمن أيدي النخب المتنوعة، أي السياسيين المحترفين والبيروقراطيين الحزبيين على التوالي.

تُعد الوحدة الأساسية لصنع القرار في الديمقراطية الكاملة هي الجماعات الشعبية، أي هيئة المواطنين في منطقة جغرافية معينة قد تضم بلدة والقرى المجاورة لها، أوحتى أحياء المدن الكبيرة. وهذا قريب جدًا من مفهوم «القرية الحضرية» الذي اقترحه أنصار اقتصاديات تراجع النمو. لكن وبصرف النظر عن القرارات المحلية، يجب اتخاذ الكثير من القرارات المهمة على المستوى الإقليمي أوالكونفدرالي. لهذا السبب، كما يلاحظ سيرج لاتوش، هدف الديمقراطية الكاملة «يفترض وجود كونفدرالية شعبية» مكونة من وحدات صغيرة متجانسة تضم نحو30 ألف شخص. لذلك، يمكن للديمقراطية الكاملة اليوم حتى تأخذ شكل ديمقراطية كونفدرالية فقط تقوم على شبكة من المجالس الإدارية التي يُنتخب أعضاؤها أومندوبيها من التجمعات الشعبية في مختلف الشعوب. بالتالي،قد يكون دورهم إداريًا وعمليًا بحتًا، وليس لهم دور خلق السياسات مثل دور الممثلين في التمثيل الديمقراطي.

المراجع

  1. ^ "International Journal of Inclusive Democracy" The Alternative Press Center نسخة محفوظة 23 يوليو2018 على مسقط واي باك مشين.
  2. ^ Arran Gare, "Beyond Social Democracy? Takis Fotopoulos' Vision of an Inclusive Democracy as a New Liberatory Project" نسخة محفوظة 2011-07-06 على مسقط واي باك مشين. Democracy & Nature, Vol. 9, No. ثلاثة (November 2003), pp. 345–58
  3. ^ Freeman, David, "Inclusive democracy and its prospects" review of book Towards An Inclusive Democracy: The Crisis of the Growth Economy and the Need For a New Liberatory Project, published in Thesis Eleven no. 69 (Sage Publications, May 2002), pp. 103–06. نسخة محفوظة 21 أبريل 2018 على مسقط واي باك مشين.
  4. ^ "Inclusive Democracy" entry in Routledge Encyclopedia of International Political Economy, ed. by R.J. Barry Jones, 2001, pp. 732–33.
  5. ^ Karl Polanyi, The Great Transformation, the Political and Economic Origins of Our Time, (Beacon Press, 1944/1957), pp. 43–44, 55–56.
  6. ^ Ingerid S. Straume, "A Common World? Arendt, Castoriadis and Political Creation," European Journal of Social Theory, Vol. 15, No. ثلاثة (August 2012), pp. 367–83. نسخة محفوظة 24 سبتمبر 2018 على مسقط واي باك مشين.
  7. ^ Murray Bookchin, Urbanization without Cities (Montreal: Black Rose, 1992), p. 11.
  8. ^ David Gabbard & Karen Appleton, "The Democratic Paideia Project: Beginnings of an Emancipatory Paideia for Today", The International Journal of Inclusive Democracy, Vol. 2, No. 1 (September 2005). نسخة محفوظة 21 أبريل 2018 على مسقط واي باك مشين.
  9. ^ Clement Homs, "Localism and the city: the example of "urban villages", The International Journal of Inclusive Democracy, Vol. 3, No. 1 (January 2007). Retrieved 21 April 2014. نسخة محفوظة 21 أبريل 2018 على مسقط واي باك مشين.
  10. ^ Serge Latouche, "How do we learn to want less? The globe downshifted", Le Monde diplomatique (January 2006). نسخة محفوظة 24 يونيو2016 على مسقط واي باك مشين.
تاريخ النشر: 2020-06-01 20:46:30
التصنيفات: أقصى اليسار, أنظمة اقتصادية, أنواع الديمقراطية, أيديولوجيات سياسية, النظرية اللاسلطوية, إيديولوجيات اقتصادية, ديمقراطية مباشرة, فلسفة سياسية, لاسلطوية اشتراكية, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, بوابة لاسلطوية/مقالات متعلقة, بوابة السياسة/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

أمن إيطاليا يطيح بمافيا تهريب الحشيش من المغرب

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-19 21:10:53
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 80%

تطورات مهمة في ملف اتفاقية الصيد البحري بين المغرب وبروكسل

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-19 21:11:03
مستوى الصحة: 69% الأهمية: 74%

زوجة ماكرون تستقبل أميرات المملكة بقصر الإيليزيه

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-19 21:10:58
مستوى الصحة: 71% الأهمية: 70%

بعد إسبانيا..أمريكا من قلب الجزائر تصدم “البوليساريو”

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-19 21:11:06
مستوى الصحة: 67% الأهمية: 82%

رجال طائرة الأهلي يفوز على إيسترن كومباني

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2024-02-19 21:10:29
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 40%

ميسي يرد على اتهامه بالتهرب من اللعب في الصين لأسباب سياسية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-19 21:08:33
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 88%

بايدن يعلن إمكانية فرض عقوبات جديدة ضد روسيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-19 21:08:26
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 100%

الاتحاد الإيفواري يثبت فاييه مدربا لمنتخب "الفيلة"

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-19 21:08:32
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 93%

ما حقيقة صورة الملك الأخيرة على مواقع التواصل؟

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-19 21:10:55
مستوى الصحة: 64% الأهمية: 84%

تحميل تطبيق المنصة العربية