نظرية الطبقة المترفة

عودة للموسوعة

نظرية الطبقة المترفة: دراسة اقتصادية للمؤسسات (1899)، لثورستين فيبلين، هي أطروحة عن الاقتصاد ونقد اجتماعي مشروح للاستهلاك المظهري، كنشاط من أنشطة الطبقة الاجتماعية والنزعة الاستهلاكية، مستمدة من التقسيم الاجتماعي للناس وتقسيم العمل، والتي تكون تعبير عن مؤسسات اجتماعية في الفترة الإقطاعية (منذ القرن التاسع تقريبا وحتى القرن الخامس عشر) التي استمرت حتى العصر الحديث.

يؤكد فيبلن حتى أرباب العمل المعاصرين، أي رجال الأعمال الذين يملكون وسائل الإنتاج، قد وظفوا أنفسهم في الممارسات غير المنتجة اقتصاديًا المتمثلة في الاستهلاك المظهري والرفاهية المظهرية، وهي أنشطة عديمة الفائدة لا تسهم في الاقتصاد ولا في الإنتاج المادي للسلع والخدمات المفيدة اللازمة لعمل المجتمع، في حين حتى الطبقة الوسطى والطبقة العاملة هم الموظفون بشكل مفيد في المهن الصناعية الإنتاجية التي تدعم المجتمع بأسره.

أثبتت تحليلات فيبلين الاجتماعية والاقتصادية لدورات الأعمال وسياسات الأسعار الناتجة عنها في الاقتصاد الأمريكي، والتقسيم الناشئ للعمل، التي أُجريت في أواخر القرن التاسع عشر، وفق المجال التكنوقراطي -عالم، مهندس، تقني، وما إلى ذلك –أنها تنبؤات اجتماعية دقيقة للهيكل الاقتصادي للمجتمع الصناعي.

خلفية

تعرض نظرية الطبقة المترفة: دراسة اقتصادية للمؤسسات (1899) التطور التدريجي للمؤسسات البشرية (الاجتماعية والاقتصادية) التي تُشكّل المجتمع، مثل كيف من الممكن أن يكسب المواطنون رزقهم، إذ تمثل التكنولوجيا والفنون الصناعية القوى الإبداعية للإنتاج الاقتصادي. مثل هذا الإنتاج للسلع والخدمات لم يكن مجرد وسيلة لتلبية الاحتياجات المادية للمجتمع، ولكن لكسب الأرباح لأصحاب وسائل الإنتاج. يحتاج نظام الإنتاج الصناعي من العمال (رجالا ونساء) حتى يتحلوا بالكفاءة والفعالية والتعاون، في حين حتى أصحاب الأعمال (رجال الأعمال وسيدات الأعمال) يهتمون بجمع المال مع العرض العام لثرواتهم المتراكمة؛ وأن مثل هذه السلوكيات (الاستهلاك المظهري والرفاهية المظهرية) قد نجت من الماضي الهمجي المفترس للفترة القَبَلية للمجتمع الحديث.

يُظهر فهم الاجتماع والاقتصاد الذي طبقه فيبلين التأثيرات الديناميكية الفكرية لكل من تشارلز داروين وكارل ماركس وآدم سميث وهربرت سبنسر؛ إلى غير ذلك، تؤكد نظرياته في الاقتصاد الاجتماعي على التطور والتنمية باعتبارهما من سمات المؤسسات البشرية. لذلك، انتقد فيبلن النظريات الاقتصادية المعاصرة (في القرن التاسع عشر) باعتبارها تلذّذية وجامدة من الناحية الفكرية، ونطق إذا على الاقتصاديين حتى يأخذوا في الحسبان سلوك الناس، اجتماعيًا وثقافيًا، بدلاً من الاعتماد على مقتطفات الاستنتاج النظري من أجل شرح السلوكيات الاقتصادية للمجتمع.

في حين حتى الاقتصاد النيوكلاسيكي يعرّف الناس باعتبارهم عملاء عقلانيين يسعون إلى الحصول على المنفعة والسعادة القصوى من أنشطتهم الاقتصادية، كان فيبلين ينظر إلى الناس على أنهم عملاء اقتصاديين غير عقلانيين يسعون إلى تحقيق المكانة الاجتماعية والمكانة الجوهرية لمكان ما في المجتمع (الطبقة والمستوى الاقتصادي) مع اهتمام أقل بسعادتهم الخاصة. لم يمثل هذا الاستهلاك المظهري تقدّمًا اجتماعيًا، لأن التنمية الاقتصادية الأمريكية كانت متأثرة على نحوغير مبرر بالاقتصاد الثابت للدولة الأرستقراطية البريطانية؛ لذلك، كان الاستهلاك المظهري نشاطًا غير أمريكي يتعارض مع ثقافة الفردانية الديناميكية في البلاد.

نُشر الكتاب في الأصل تحت عنوان نظرية الطبقة المترفة: دراسة اقتصادية للمؤسسات (1899)، وقد نشأ هذا الكتاب من ثلاثة منطقات نشرها فيبلين في المجلة الأمريكية لفهم الاجتماع: (1) «بداية الملكية» (2) «الوضع الهمجي للمرأة»، و(3) «غريزة الحرفية والملل من العمل» (1898-1899)، والتي قدمت الموضوعات الرئيسية للاقتصاد وفهم الاجتماع التي طورها لاحقًا في أعمال مثل: نظرية المنشأة التجارية (1904)، حول مدى عدم التوافق بين السعي لتحقيق الربح وصنع سلع مفيدة؛ غريزة الحرفية وحالة الفنون الصناعية (1914)، حول الصراع الجوهري بين الاستعداد البشري للإنتاج المفيد والمؤسسات المجتمعية التي تهدر المنتجات المفيدة من الجهد الإنساني.

علاوة على ذلك، فإن نظرية الطبقة المترفة هي أطروحة اجتماعية اقتصادية نتجت عن ملاحظة وتصور فيبلين للولايات المتحدة باعتبارها مجتمعًا ذومؤسسات اقتصادية واجتماعية سريعة النمو. كان نقاد تقريره حول فهم الاجتماع والاقتصاد في المجتمع الاستهلاكي، أي الولايات المتحدة خصوصًا يكرهون النبرة الساخرة في أسلوبه الأدبي، ونطقوا إذا منظور ثورستين فيبلين الثقافي قد تأثر سلبًا بطفولته في مجتمع نرويجي أمريكي عملي ومتسم بالثراء، والناس النفعيين الذين تحملوا تحيزات ضد المهاجرين في سياق الاندماج في المجتمع الأمريكي.

نقد

قدّم أنصار معاصرون لمدرسة الاقتصاد الكلاسيكي في القرن الثامن عشر (الأسواق الحرة والسعي الفردي للمصلحة الذاتية) آراء معارضة للأهمية الثقافية التي تتسم بها النظريات الاجتماعية الاقتصادية لـ ثورستين فيبلين (الاستهلاك المظهري والرفاهية المظهرية، إلخ) ومن أجل احالتهم إلى هامش الاقتصاد الحديث. من بين الحجج، عزل فيبلين لنظريات التسقط الرشيد التي تهيمن على الاقتصاد الكلاسيكي، وأن الطبقة المترفة الأمريكية تجازف بأن تصبح غير ذات صلة بالاقتصاد إذا لم تعمل. نطق مؤرخ الاقتصاد روبرت هيلبرونر حتى نظريات فيبلين الاجتماعية والاقتصادية كانت صالحة للعصر المُذهّب الأمريكي (حوالي 1870-1900) عن النزعة المادية الصافية والفساد السياسي، في أواخر القرن التاسع عشر، ولكنها غير صالحة لاقتصاد عالم القرن الحادي والعشرين، لأن نظرية الطبقة المترفة هي تاريخيًا خاصة بالمجتمع الأمريكي، بشكل عام، ومجتمع شيكاغوبشكل خاص؛ لذلك، نطق الصحفي المالي دانيال غروس في منطقة «لا راحة للأثرياء» (2009):

في الكتاب، قام فيبلين -الذي وصفه سي. رايت ميلز بـ «أفضل ناقد لأمريكا الذي أنتجته أمريكا على الإطلاق» -بتشخيص عادات وأعراف مجموعة مميزة كانت معفاة من الرسوم الصناعية ومتميزة بالنفقات السخية. تشير عبارته الشهيرة «الاستهلاك المظهري» إلى الإنفاق الذي لا يلبي أي حاجة سوى بناء المكانة، وهي مؤشر ثقافي يهدف إلى الترهيب والتأثير. في عصر اليخوت المعاد امتلاكها، والقصور النصف مبنية، والعمليات المتعثرة لشراء حصص شركة ما بالكامل، يثبت فيبلين حتى التشريح الاجتماعي الذي يبلغ عمره 110 عامًا للطبقة المالية العليا من الممكن حتىقد يكون مدركًا. ومع ذلك، في حين يقرأ فيبلين في كثير من الأحيان أنه ما يزال 100% مُحقًا في ما يخص نقاط الضعف عند الأغنياء، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بنظرية حقيقية للطبقة المترفة المعاصرة، فهوالآنقد يكون مُخطئًا بنحو90%. - دانيال غروس، «لا راحة للأثرياء»، نيويورك تايمز،خمسة يوليو2009.

مع ذلك، فإن نظرية «الاقتصاد ككائن حي» في اقتصاد الفراشة أثبتت حتى ثورستين فيبلين خبير اقتصادي ذوبصيرة وواعي، لأن ملاحظاته التجريبية قد أُعيد تأكيدها من قبل الاقتصاديين المعاصرين، مثل روبرت إتش. فرانك، الذي طبق التحليلات الاجتماعية الاقتصادية على اقتصاد القرن الحادي والعشرين. يفسر التطبيق التحليلي لبنية الاستهلاك المظهري على الوظائف التجارية والاقتصادية للإعلان لما لا تعاني الطبقات الاجتماعية الدنيا من الحراك الاجتماعي التصاعدي في مجتمعاتها، على الرغم من كونها الطبقات المنتجة في اقتصاداتها. وعن المنفعة الاجتماعية المحدودة وعدم الإنتاجية الاقتصادية للطبقة الاجتماعية للأعمال، نطق رجل الأعمال الأمريكي وارن بافيت حتى الأنشطة المالية غير المُنتِجة، مثل التداول اليومي (المضاربة في البيع والشراء للأوراق المالية) والمراجحة (التلاعب في فروق الأسعار بين الأسواق)، برهنت نظرية الطبقة المترفة: دراسة اقتصادية للمؤسسات (1899)، لأن هذه الأنشطة تنتج رأس المال فقط، ولكنها لا تنتج سلعًا وخدمات مفيدة للناس.

انظر أيضًا

  • حب المال
  • مناهضة النزعة الاستهلاكية
  • تنافس مع الجيران
  • توفير
  • الاستهلاك المفرط
  • نظرية الإشارات
  • حياة بسيطة

مراجع

  1. ^ Benét's Reader's Encyclopedia Third Edition (1987) p. 970.
  2. ^ "The New Encyclopædia Britannica", 15th Edition. Volume 12, p. 287.
  3. ^ Ritzer 2004
  4. Gross 2009.
  5. ^ Fine 1994، صفحات 160–1.
  6. ^ The New Encyclopædia Britannica 15th Edition. Volume 12, pp. 286–87.
  7. ^ Vernon 1974، صفحة 53.
  8. ^ "The New Encyclopædia Britannica", 15th Edition. Volume 12, pp. 286–87.
  9. ^ Fredrickson 1959.
  10. ^ Landsburg 2007.
  11. ^ James 2009
  12. ^ Heilbroner 2000.
  13. ^ James 2009، صفحة 62

وصلات خارجية

على مشروع غوتنبرغ

تاريخ النشر: 2020-06-01 20:55:48
التصنيفات: اقتصاد في 1899, اقتصاد مؤسسي, إيديولوجيات اقتصادية, كتب 1899, كتب اقتصاد, كتب علم الاجتماع, وقت فراغ, مقالات يتيمة منذ مارس 2020, جميع المقالات اليتيمة, جميع المقالات التي بحاجة لصيانة, مقالات تحتوي نصا بالإنجليزية, صفحات تستخدم خاصية P1476, صفحات بها بيانات ويكي بيانات, صفحات تستخدم خاصية P50, صفحات تستخدم خاصية P577, صفحات تستخدم خاصية P136, صفحات تستخدم خاصية P243, بوابة موضة/مقالات متعلقة, بوابة علم الاجتماع/مقالات متعلقة, بوابة الولايات المتحدة/مقالات متعلقة, بوابة كتب/مقالات متعلقة, بوابة الاقتصاد/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

زلزال جديد بقوة 6.4 درجات يضرب جنوب تركيا

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:17:10
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 94%

الحرس المدني يتعقب ممتلكات جنرال إسباني بالمغرب

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:15:23
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 37%

تحذير من زيادة في نسبة وفيات السود رهن الاحتجاز في بريطانيا

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:17:09
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 86%

موظفي الجماعات الترابية ينتقضون ضد الحكومة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:15:28
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 45%

عاجل.. زلزال جديد يهز تركيا ودول الجوار

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:15:30
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 48%

زلزال تركيا: عالقون تحت الأنقاض بعد زلزال جديد في هاتاي

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:17:01
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 98%

حوريا كوناكري يصل مبكرًا إلى المغرب تحسبًا لمواجهة الرجاء الرياضي

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:16:35
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 53%

الأسد يجري أول زيارة لعُمان منذ أكثر من عقد

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:17:22
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 100%

زلزالان جديدان يضربان جنوب تركيا

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:17:21
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 91%

هل سينتقل مارسيلو إلى النصر السعودي للعب مع كريستيانو من جديد؟

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:16:44
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 61%

الأهلي يشكو رئيس الزمالك وقناة ناديه ويتهمه بـ"التحريض العلني"

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:16:37
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 69%

تحميل تطبيق المنصة العربية